في بحث حديث لها، تتوقع شركة ميونخ ري العالمية لإعادة التأمين، بناءً على تحليل للظروف المناخية وعلى توقعات من معاهد بحثية رائدة، وجود هامش معين من عدم اليقين المناخي يؤدي إلى حوالي 12 عاصفة استوائية مؤكدة (مسماة) في شمال المحيط الأطلسي بموسم 2023، ويمكن أن يتطور حوالي 6 منها إلى أعاصير، و2 إلى أعاصير كبرى بسرعة رياح تزيد عن 110 ميل في الساعة (177 كم/ساعة)، ويتطابق ذلك التقدير إلى حد ما مع توقعات معاهد التنبؤ الرائدة، كما يتوافق مع المتوسط السنوي طويل الأجل من 1950 إلى 2022، والذي أسفر عن 12.2 عاصفة مؤكدة (مسماة)، منها 6.4 أعاصير و2.6 أعاصير شديدة.
وأضافت “ميونخ ري” في بحث أجراه آنيا رادلر وأندرياس لانج، بعد سلسلة من السنوات مع الظروف السائدة التي تعزز تطور العواصف الاستوائية، أنها تتوقع أن يتوافق موسم الأعاصير لعام 2023 تقريبًا مع المتوسط طويل الأجل، ومع ذلك، لم يتضح بعد أي من التأثيرات المناخية المتناقضة ستكون لها اليد العليا، حيث ظاهرة النينا، التي تميل إلى منع تشكّل الأعاصير، ومن المتوقع أن تتطور بحلول أواخر الصيف، بينما درجات حرارة المياه في شمال الأطلسي مرتفعة بشكل غير عادي، ما يمثل عاملًا يمكن أن يغذي الأعاصير المدارية.
ويعني النينا أو إل نينو، التذبذب الجنوبي (ENSO)، وهو تغير دوري غير منتظم في الرياح ودرجات الحرارة في المحيط الهادي الاستوائي الشرقي، مؤثرًا على المناخ في كثير من المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، وتُعرف مرحلة زيادة درجة حرارة البحر بـ”إل نينو”، بينما تُعرف مرحلة التبريد بـ”لا نينا”، ويصحب “إل نينو” ضغط سطحي مرتفع للهواء في المحيط الهادي الغربي، بينما يأتي “لا نينا” مصحوبًا بضغط سطحي منخفض للهواء هناك، وتستمر كلتا الفترتين لأشهر، وعادة ما تحدثان كل عدة سنوات مع اختلاف شدة كل فترة.
وبيّنت الباحثة أنه منذ منتصف التسعينات، كان نشاط العواصف خلال المرحلة الدافئة الدورية في شمال المحيط الأطلسي أعلى قليلًا، بمتوسط 15.7 عاصفة استوائية، منها 7.7 أعاصير و3.6 أعاصير شديدة، بينما يبدأ موسم الأعاصير رسميًا في الأول من يونيو ويستمر حتى نهاية نوفمبر من كل عام.
والجراف التالي يبين عدد العواصف الاستوائية المؤكدة “المسماة” في شمال الأطلسي منذ 1950 حتى آخر 2022:
عوامل مناخية متضاربة
وأفادت “ميونخ ري” أن نشاط الإعصار يتأثر بشكل أساسي بعاملي درجة حرارة الماء في شمال المحيط الأطلسي والتذبذب الطبيعي للمناخ ENSO (النينا أو التذبذب الجنوبي) في المحيط الهادي، حيث تتوقع الشركة لهذا العام أن تصل درجات حرارة سطح البحر إلى 1 درجة مئوية فوق المتوسط خلال الأشهر الرئيسة لنشاط الإعصار من أغسطس إلى أكتوبر، وقد أظهرت درجات الحرارة في شمال المحيط الأطلسي زيادة كبيرة، ومن المعروف أن شمال المحيط الأطلسي أكثر دفئًا من المعتاد، ويخلق ظروفًا أكثر ملاءمة بشكل عام لتطور الأعاصير وتكثيفها، كما أنه يضمن ضغطًا جويًا أقل، ورياحًا تجارية أضعف، مما يساهم في خلق بيئة مواتية للأعاصير.
والجراف التالي يبيّن عدد الأعاصير متوسطة الخسائر في شمال غرب المحيط الهادي منذ 1950 وحتى 2022:
بينما التذبذب الطبيعي للمناخ ENSO (النينيا/التذبذب الجنوبي)، فعلى الرغم من تأرجح درجة حرارة المحيط الهادي، إلا أنه يمارس تأثيرًا قويًا على الطقس المتطرف في مناطق بعيدة جدًا، بعد 3 سنوات مع ظروف النينيا، والتي تفضل الأعاصير، ومن المتوقع أن يتأرجح إلى ما قد يصبح مرحلة قوية من ظاهرة النينيا في أواخر الصيف، مصحوبة برياح قوية على ارتفاعات عالية فوق شمال المحيط الأطلسي، والمعروف باسم قص الرياح العمودي، والذي يمنع الأعاصير، لأنه يمزق أنظمة العواصف حرفيًا، وفقًا للتنبؤات الحالية، ومن المرجح أن يرتفع القص الرأسي للرياح إلى مستوى عالٍ خلال الفترة الرئيسية لموسم الأعاصير.
وجاء في تقرير “ميونخ ري”، أنه على الرغم من النماذج التنبؤية بمرحلة قوية من ظاهرة النينيا في أواخر الصيف مع يقين نسبي، إلا أن مستوى نشاط الأعاصير سيعتمد أيضًا بشكل كبير على درجات حرارة المحيط المرتفعة الحالية، وتلك الإشارات المتضاربة تجعل من الصعب تقديم توقعات موثوقة لموسم الأعاصير هذا العام.