◗❙ «IFPMA» يطالب بضرورة توزيع اللقاحات بأسرع ما يمكن على البلاد النامية والفقيرة
يجتمع هذا الأسبوع وزراء الصحة لأكثر من 100 دولة فى جنيف بسويسرا فى الاجتماع الـ 75 لمنظمة الصحة العالمية (WHO) التابعة لمنظمة الأمم المتحدة لأول مرة منذ ظهور وباء كوفيد 19 منذ حوالى 3 سنوات لاتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الهجوم الفيروسى الجديد بعد تزايد الإصابات بمرض جدرى القردة الذى انتشر فى أكثر من 16 دولة فى غضون أيام قليلة.
وأعلن تيدوس أدهانوم المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أنه يستهدف تحديد دور المنظمة فى مستقبل سياستها العالمية للتصدى للفيروسات شديدة العدوى التى تنقل الأمراض المميتة بسرعة هائلة وخصوصا بعد إصابة أكثر من 130 شخصا بجدرى القردة منذ الأسبوع الماضى، وتوقع تزايد الحالات خلال الأيام القادمة فى دول أخرى.
وأصدر توماس كوينى المدير العام للاتحاد الدولى لمصنعى الأدوية ورابطات الصيادلة (IFPMA) بيانا هذا الأسبوع طالب فيه المشاركون بضرورة توزيع لقاحات جدرى القرود وكوفيد 19 بأسرع ما يمكن على البلاد النامية والفقيرة التى ما زال العديد منها ينتظر وصولها، كما اجتمعت شركات الأدوية العالمية وطالبت الدول الغنية بضرورة ابتكار ميكانيزم لتمويل التطعيمات اللازمة لإرسالها لهذه البلاد بدون تأخير حتى لا تنتشر الأوبئة عند سفر الأغنياء إليها وعودتهم وهم مصابين بالعدوى.
وذكر موقع فاينانشيال إكسبريس أن الدول التى ظهر فيها أشخاص تأكد إصابتهم بمرض جدرى القردة تضم بريطانيا وإسبانيا والبرتغال وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا وهولندا والسويد والنرويج والنمسا وسويسرا وأستراليا وكندا والولايات المتحدة والأرجنتين وإسرائيل.
وأكد وزير الصحة الأرجنتينية أن السلطات الصحية اكتشفت حالة مرض جدرى القردة فى بوينس أيرس وسط تزايد التحذيرات من ارتفاع حالات العدوى من هذا المرض الفيروسى فى أوروبا واستراليا وأمريكا الشمالية رغم أنه من المعروف أنه شائع فقط فى غرب ووسط أفريقيا.
الجدرى يفاجئ العلماء
وترى هيئة الصحة الوطنية البريطانية (UKNHS) أن الفيروس النادر الجديد فاجأ العلماء الذين ما زالوا يحاولون التصدى لوباء كورونا الذى أودى بحياة أكثر من 6 ملايين ضحية حتى الآن على مستوى العالم وفقا للإحصائيات التى تعلنها الدول غير أن دراسة نشرتها مجلة “ذى لانسيت” العلمية الطبية البريطانية أوضحت أن العدد الحقيقى للوفيات المرتبطة بفيروس كورونا يفوق بثلاث أضعاف الأرقام الرسمية ويصل إلى ما يقرب من 18 مليون شخص على كوكب الأرض.
وجاء فى تحذيرات منظمة (WHO) أن أى شخص معرض للعدوى من شخص مصاب بمرض جدرى القرود يجب أن يعزل نفسه لمدة 21 يوما رغم أن المصاب نفسه بهذا المرض الذى يشوه الوجه وبقية الجسم بطفح جلدى وبثور خطيرة وتعب العضلات وانتفاخ الغدد الليمفاوية وارتفاع درجة الحرارة يمكن الشفاء منه فى غضون أسبوعبن إلى أربعة أسابيع بعد تلقى العلاج بالأدوية التى يجرى تعاطيها عادة مع الجدرى العادى.
علاقات حميمية
وتنصح هيئة التأمين الصحى البريطانية (UKHSA) الأفراد القادمين من دول أجنبية بتقديم معلومات بالتفصيل عن المدن الذين زاروها وحالة الأشخاص الذين أقاموا معهم علاقات حميمية منها القبلات والأحضان والممارسة الجنسية وتطلب منهم أيضا عدم التواصل مع الأفراد الذين أجهزتهم المناعية ضعيفة ومع السيدات الحوامل ومع الأطفال أقل من 12 عاما وعدم السفر إلى الدول التى ظهر فيها حالات العدوى بهذا المرض الخطير.
وقالت د. سوزان هوبكينز الاستشارية الصحية بهيئة (UKHSA) إن مرض جدرى القردة ينجم عن فيروس نادر منتشر فى المناطق النائية بوسط وغرب أفريقيا ويوجد فقط بين القرود ولكنه ينتقل منها إلى البشر عند ملامستها ولا ينتقل بين البشر إلا من خلال العلاقات الجنسية والمداعبات الحميمية وخصوصا بين الشواذ والمثليين.
ناقوس الخطر
ودق مسؤولو الصحة فى أنحاء العالم ناقوس الخطر مع ارتفاع إصابات جدرى القردة بعد أن حذرت منظمة (WHO) أنها تتوقع اكتشاف المزيد من الإصابات بهذا المرض وتتوسع فى نطاق المراقبة فى البلدان التى لا يوجد فيها المرض عادة، وأنها ستقدم المزيد من الإرشادات والتوصيات فى الأيام المقبلة عن كيفية الحد من انتشاره.
وأوضح د. مارتن هيرش من مستشفى ماساتشوستس العام فى الولايات المتحدة أن المخاطر على عامة الناس من العدوى بفيروس جدرى القردة الذى يسبب أعراضا تشمل ارتفاع درجة الحرارة وآلاما ويظهر بشكل طفح جلدى مميز- منخفضة فى الوقت الحالى وأن معدل الوفيات الناجمة عنه لاتزيد عن %1 على عكس فيروس كورونا الذى ينتقل بسرعة عن طريق الجهاز التنفس.
ويعتقد خبراء الصحة فى منظمة (WHO) أن التفشى الحالى لمرض جدرى القردة ينتشر من خلال الاحتكاك المباشر بجلد شخص مصاب بطفح جلدى نشط وأن ما يحدث الآن هو أن انتشاره بسرعة من بلد لآخر بسبب العلاقات الجنسية العشوائية وأنه ينتقل مثل الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسى، مما أدى إلى تضخيم انتقاله فى جميع أنحاء العالم من أوروبا إلى الأمريكتين وحتى أستراليا بسبب السفر بين هذه القارات بسرعة بالطائرات.
حالات غير نمطية
ولذلك فإن حالات التفشى التى تم تسجيلها مؤخرا غير نمطية لأنها تحدث فى دول لا ينتشر فيها عادة هذا الفيروس ويسعى العلماء إلى فهم أصل الإصابات الحالية وما إذا كان أى شيء يخص الفيروس قد تغير أو تحور أو ظهرت له طفرات وراثية جعلته يصيب الإنسان بسهولة وسرعة مما جعل مسؤولى منظمة (WHO) يشعرون بمخاوف من احتمال تفاقم العدوى بين عدد أكبر من الإصابات مع تجمع الناس فى مهرجانات وحفلات وعطلات خلال أشهر الصيف المقبلة فى الدول الغربية وسفرهم إلى دول فى آسيا وأفريقيا.
وبدأت بريطانيا فى تطعيم العاملين فى مجال الرعاية الصحية، الذين قد يكونوا معرضين للخطر أثناء رعاية المرضى، بلقاح الجدرى والذى يمكن أن يقى أيضا من جدرى القردة، بينما أعلنت الحكومة الأمريكية أن لديها ما يكفى من لقاح الجدرى المخزن فى مخزونها الوطنى الاستراتيجى لتطعيم جميع سكان الولايات المتحدة ولكن الرئيس بايدن يرى أن جدرى القردة لا يمثل نفس مستوى الخطورة التى يتسم بها فيروس كورونا.
وأشار متحدث باسم وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية فى بيان، إلى أن هناك أدوية مضادة للفيروسات للجدرى يمكن استخدامها أيضا لعلاج جدرى القرود فى ظل ظروف معينة ولكنه ينصح الناس بتجنب المخالطة الحميمية لشخص مصاب بطفح جلدى أو يبدو مريضا ويجب على الأشخاص الذين يشتبهون بإصابتهم بجدرى القردة عزل أنفسهم وطلب الرعاية الطبية.
وشرحت د. أنجيلا راسموسن عالمة الفيروسات فى منظمة اللقاحات والأمراض المعدية بجامعة ساسكاتشوان بكندا أن الفيروسات ليست شيئا جديدا ومن المتوقع ظهورها، لاسيما أن هناك عددا من العوامل عجل من انتشارها من بينها زيادة السفر على مستوى العالم وتغير المناخ مما جعل الحكومات فى حالة تأهب قصوى بسبب الانتشار السريع لأى نوع من الفيروسات فى أعقاب وباء كورونا الذى دخل عامه الثالث.
تعاون «G7» مع «G20»
وطالب قادة مجموعة السبع الكبار G7 حكومات العالم بضرورة الاستعداد لمواجهة أى وباء، كما اتفق زعماء مجموعة العشرين G20 الذين يمثلون أغنى دول العالم على إنشاء صندوق لعدة مليارات دولارات لتوفير اللقاحات للبلاد الفقيرة للحد من انتشار العدوى بالأمراض المميتة الناجمة عن فيروسات كورونا والكبد الوبائى والإيدز والسرطانات وغيرها.
ولكن الحواجز التجارية عرقلت توزيع اللقاحات إلى البلاد النامية أثناء العامين الماضيين منها مثلا أن شركات الأدوية فى الهند حظرت تصدير اللقاحات معظم شهور السنة الماضية حتى يتم تطعيم العدد الضخم من سكانها، كما أن قانون الإنتاج العسكرى الأمريكى الذى يعطى أولوية قصوى للاستجابة للأزمة المحلية أدى إلى إبطاء تصدير الأجهزة اللازمة لشركات إنتاج التطعيمات فى أنحاء العالم.
أول إصابة فى 1970
وكشفت المراكز الأمريكية للرقابة على الأوبئة والوقاية منها (USCDCP) عن ظهور أول حالة لجدرى القرود فى العالم عام 1958 وانتشرت كالوباء بين القرود، بينما ظهرت أول إصابة بين البشر فى عام 1970 فى جمهورية الكونغو الديموقراطية ثم انتقلت العدوى إلى بعض الدول فى وسط وغرب أفريقيا لتظهر مرة أخرى منذ 13 مايو الجارى فى العديد من دول العالم.
وتشمل الدول الأفريقية التى تعانى من مرض جدرى القرود الذى ينتقل من الحيوان إلى الإنسان الكونغو وبينين والكاميرون وجمهورية وسط أفريقيا والجابون وغانا وساحل العاج وليبيريا ونيجيريا وسيراليون وجنوب السودان.
المنطقة العربية نظيفة
ورغم أن مرض جدرى القردة لم يظهر فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلا فى إسرائيل فقط إلا أن حكومة المغرب أعلنت حالة طوارئ بسبب انتشار هذا الوباء فى جارتيها إسبانيا والبرتغال والعديد من دول أوروبا واتخذت تدابير مكثفة للمراقبة الصحية على الحدود البرية والبحرية والجوية تأهبا لأى طارئ يرتبط بالمرض الفيروسى.
واتخذت وزارة الصحة المغربية كل الاحتياطات اللازمة على مستوى المطارات والموانئ والمنافذ البرية بهدف منع تسلل المصابين بهذا المرض الفيروسى الجديد من دخولهم المملكة المغربية.
وتحاول المغرب تنفيذ خطة استباقية من خلال مراقبة حدودها بشكل دورى للكشف عن الحالات الحاملة للمرض قبل دخولها البلاد ولم يتم رصد أى حالة إصابة بفيروس “جدرى القرود”، الذى يعتبر من الأمراض النادرة التى تنتقل من الحيوان إلى الإنسان وبين البشر أثناء العلاقات الحميمية.
طوارئ فى المغرب
ويتابع المركز الوطنى لعمليات الطورائ الصحية بوزارة الصحة المغربية الوضع الوبائى العالمى لهذا الفيروس ويواصل بدقة انتظام إصدار التوصيات من منظمة الصحة العالمية وآخر المستجدات فى مختلف دول العالم مع اتخاذ المحاذير رغم عدم تسجيل أى حالة إصابة فى المملكة.
وأكدت د. مادونا مطر رئيسة قسم الأمراض الجرثومية فى مستشفى سيدة المعاونات فى لبنان، إن منظمة الصحة العالمية تحذر من مرض جدرى القرود بسبب ظهوره المفاجئ والسريع فى عدة دول غربية خلافا عن المناطق المتعارف عليها من غرب ووسط قارة إفريقيا، وأن هذا الفيروس ينتقل عبر السعال واللّمس واستعمال الأغراض الشخصية للمريض كالمناشف والاتصال الجسدى به ولكنها مع ذلك تهدئ الناس بأنه لا ينبغى القلق لأن اللقاح الذى يعالج مرض الجدرى العادى فعال أيضا بنسبة %85 فى علاج جدرى القردة.
وكان مرض الجدرى اختفى من العالم فى فترة سبعينات القرن الماضى بفضل تضافر الجهود العالمية لنشر اللقاح ولم يتم تطعيم أى شخص أقل من 50 سنة بلقاح الجدرى وأن معدل الوفيات الناتجة عن جدرى القردة لا يتعدى %1 فى البلدان الفقيرة بأفريقيا.
صراع جديد
ويبدو أن العالم يواجه صراعا جديدا مع فيروس قد يتحول فى أى لحظة إلى وباء عالمى وخصوصا أن منظمة (WHO) تحذر منه وتطالب بتوزيع اللقاحات على الدول الفقيرة، لاسيما أن هناك لقاحا سريعا لجدرى القرود وتطالب بتوزيعه على جميع الدول عل حد سواء وليس فى الدول الكبرى أولًا ثم الدول الفقيرة كما حدث فى لقاح كورونا.
وخصصت الحكومة الأمريكية حوالى 300 مليون دولار لشراء 13 مليون جرعة من لقاح الجدرى لتطعيم المعرضين للإصابة بفيروس جدرى القردة واشترت السلطات الصحية البريطانية كميات من لقاح الجدرى وبدأت بإعطائه لأولئك الأشخاص المعرضين بمستويات عالية للإصابة بمرض جدرى القرود.
كما اشترت السلطات الصحية فى إسبانيا آلاف الجرعات من لقاح الجدرى العادى من أجل التعامل مع حالات انتشار المرض، بينما أعلنت هيئة الصحة فى ولاية فيكتوريا الاسترالية أن أولى حالات الإصابة بالمرض فى استراليا اكتشفت لدى رجل شعر بالأعراض بعد عودته من رحلة إلى بريطانيا.