توقعت منظمة التجارة العالمية تباطؤ حركة التجارة السلعية في العالم خلال العام المقبل، وأرجعت ذلك إلى أن “صدمات متعددة”، تشمل الحرب الروسية في أوكرانيا، وارتفاع تكاليف الطاقة في أوروبا، وتشديد السياسة النقدية الأمريكية، ترفع من تكاليف التصنيع وتضغط على ميزانية الأسر.
قالت المنظمة، ومقرها جنيف، إنها تتوقع انخفاض معدل نمو التجارة بشكل حاد في عام 2023 إلى 1% مقارنة بتوقعاتها السابقة بمعدل نمو 3.4%، بحسب تقرير صادر الأربعاء. ورفعت منظمة التجارة العالمية توقعاتها لمعدل نمو تجارة البضائع في العام الحالي إلى 3.5%، صعوداً من توقعاتها السابقة البالغة 3%.
تباطؤ حركة التجارة السلعية
تماشيا مع توقعات صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تشير توقعات منظمة التجارة العالمية إلى تباطؤ كبير عن نمو التجارة العالمية بنسبة 9.7% العام الماضي، الذي اعتمد على شراء المستهلكين للمنتجات المنزلية بينما كانت خدمات السفر والخدمات الأخرى محدودة أثناء الانتشار الكبير لجائحة كوفيد.
قالت نغوزي أوكونجو إيويلا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ: “إننا ندرس وضعا سيضغط فيه تباطؤ الاقتصاد العالمي على ميزانية الأسر ضغطا شديدا، ويعتصر الأعمال التجارية، وربما أننا اقتربنا من الركود، ويبدو الأمر قاتماً للغاية، بل أكثر قتامة مما كنا نعتقد”.
إلى جانب المخاطر الاقتصادية التي تتعرّض لها الولايات المتحدة وأوروبا، قالت منظمة التجارة العالمية إن الدول الفقيرة ستعاني كذلك، مضيفة أن “الزيادة في تكاليف استيراد الوقود والأغذية والأسمدة قد تتسبّب في انعدام الأمن الغذائي وتُعرّض الدول النامية لأزمات الديون”.
وقالت منظمة التجارة العالمية إن المخاطر المحتملة الأخرى تشمل رفع البنوك المركزية أسعار الفائدة إلى مستوى أعلى مما ينبغي أو التأخر كثيرا في إجراءات مواجهة الضغوط التضخمية، التي “ربما بلغت ذروتها”.
مخاطر الإسراف
وأضافت أن “الإسراف في تشديد السياسة النقدية قد يؤدي إلى ركود في بعض البلدان مما يؤثر سلبا على الواردات. أو من ناحية أخرى، قد لا تتخذ البنوك المركزية ما يكفي من إجراءات لخفض التضخم مما قد يستدعي تدخلات أقوى مستقبلاً”.
اعترفت منظمة التجارة العالمية بالموازنات الصعبة التي تعاني منها الحكومات بهدف خفض الأسعار المرتفعة.
قالت أوكونجو إيويلا في بيان صحفي: “يواجه صناع السياسات اختيارات لا يحسدون عليها ويحاولون إيجاد توازن مثالي بين معالجة التضخم، والحفاظ على التوظف الكامل مع دفع أهداف سياسية هامة مثل الانتقال إلى الطاقة النظيفة”.
حذّرت أوكونجو إيويلا من ضغط وتقليص سلاسل التوريد العالمية قائلة إن مثل هذه التحركات ستزيد من الضغوط التضخمية وتباطؤ النمو الاقتصادي، و”ما نحتاجه هو قاعدة أعمق وأكثر تنوعاً وأقل تركيزاً لإنتاج السلع والخدمات”.
يُمثِّل التباطؤ في التجارة تحدياً للصناعات اللوجستية مثل شحن الحاويات، حيث حقّق العمالقة أرباحاً قياسية في الأرباع الأخيرة بسبب ارتفاع أسعار الشحن البحري. غير أن بعض هذه الشركات تعيد هيكلة أعمالها تحسُّباً لانخفاض حجم النشاط.
أعلنت أكبر ناقلة للحاويات في العالم، “ميديترينيان شيبينغ” (Mediterranean Shipping)، ومقرها جنيف، الأسبوع الماضي، تعليق خدمتها العابرة للمحيطات مشيرة إلى “انخفاض كبير في الطلب على الشحنات للساحل الغربي في الولايات المتحدة خلال الأسابيع الماضية”.