جمعت شركة “ثندر” (Thndr) نحو 20 مليون دولار، حصيلة ضخ المستثمرين رؤوس أموال نظير الحصول على حقوق ملكية في الشركة، كمحاولة منها لدمقرطة الاستثمار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
يعيش في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا) نحو 400 مليون نسمة ممن لديهم مدخرات سنوية تقدر500 مليار دولار، لكن معظم تعدادها السكاني الذي يغلب عليه الشباب يستحوذون على حقوق ملكية سوقية متدنية ولديهم انكشاف متواضع على الاستثمار.
وتحاول بعض المنصات تكرار النجاح الذي حققته ” روبنهود” في الولايات المتحدة، فتنحو نحو إنشاء مستثمرين من المنطقة. وتعد ثندر التي تتخذ من مصر مقرا لها واحدة من هذه المنصات.
.
الأسواق المتقدمة مقابل النامية
وفي الأسواق المتقدمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا، فإن أكثر من نصف السكان يستثمرون في أدوات مالية. ومقابل هذا، لا يتم تزويد الناس في الأسواق النامية مثل شمال أفريقيا والشرق الأوسط بخدمات لائقة، إذ أن نسبة تقل عن 3% منهم يستثمرون بنشاط في الأصول المالية في المنطقة كلها.
السبب الشائع لانحسار نفاذية الاستثمار في منطقة مينا هو هو أن فتح حساب سمسرة يتطلب سداد مصاريف باهظة. تحاول شركة ثندر، التي تم تدشينها أواخر عام 2020 على يد أحمد حمودة وسيف عمرو ملء الفجوة عن طريق تيسير فتح حسابات الاستثمار وإدارتها، لتحل بالتالي محل عمليات بطيئة متقادمة ينفذها المدراء.
وقال مدير التشغيل عمرو لموقع تيك.كرانش عبر مكالمة هاتفية:” الاستثمار الأول الذي يشكل نسبة 75% من عملائنا تم تنفيذه باستثمارات تقل عن 500 دولار. وبدون ثندر، فإن هؤلاء الناس لن يكون بوسعهم فتح حساب سمسرة في أي مكان أخر لأن هذا المبلغ يقل عن الحد الأدنى لرصيد الحساب المطلوب لفتح الحساب.”
وبرغم حصولها على لقب ” روبنهود مصر والشرق والأوسط،” فإن ثندر كان يتعين عليها أن تتحلى بالأصالة وهي تضع استراتيجيتها الخاصة التي تستند على أربعة محاور، بحسب ما قاله المؤسسون.
محاور شركة “ثندر”
المحور الأول يتمثل في مراعاة أن عملائها ليسوا على دراية بالأمور المالية تناظر تلك التي يتمتع بها العملاء في البلدان المتقدمة، وأنه يجب تعليمهم باستخدام أساليب المحاكاة والمقالات والفيديوهات والندوات عبر الإنترنت والنشرات الصوتية ( البودكاست) والرسائل الإخبارية اليومية.
يتمثل المحور الثاني في بناء تطبيق ملائم حدسي، وثالثا، تيسير فتح حساب عبر الإنترنت بدون الحاجة لزيارة الفرع، وأخيرا، تطبيق مفهوم سوبرماركت الاستثمار لتلبية احتياجات مختلف أنواع المستثمرين.
لا يستطيع العملاء حاليا الوصول إلى الأسهم الأمريكية، فهم لا يستطيعون سوى استخدام المنصة للاستثمار في سوق الأسهم المصرية وصناديق الاستثمار. الأمر مختلف تماما بخصوص الاستخدام بالنسبة ل “بامبو” و” تشاكا،” اللتان تعدان عبارة عن منصتين متماثلتين تعملان في نيجيريا التي تعتبر أن إتاحة الأسهم الأمريكية والأجنبية هو أفضل حافز لكسب العملاء، ممن يحرص معظمهم على التحوط ضد التضخم وخفض قيمة العملة.
كيف استطاعت “ثندر،” إذا، جمع ما يزيد على 300 آلاف تحميل وهي لا تتيح سوى أسهما محلية؟ يستنتج عمرو أن العملاء يحبون ما توفره “ثندر” لهم من الوصول إلى الماركات ” البرندات” التي يستثمرون فيها والتواصل معها وسهولة الاستثمار على منصة “ثندر.”
وتابع:” المحور الحاسم جدا بالنسبة لنا هو الصلاحية طويلة الأجل لما يستثمر الناس فيه، وهذا هو ما نعاينه في الكثير من المصريين.”
جزء من منحنى نمو الماركات
وأردف:” هم يرون هذه الماركات يوميا، وهم يستخدمون ويحبون ويريدون أن يكونوا جزءا من منحنى النمو الذي تحققه هذه الماركات. نحن ندرك هذا، إنطلاقا من ناحية تفهمها والارتباط بها. المصريون منجذبون نحو المنتجات المصرية.”
لكن هذا لا يعني أن “ثندر،” لن تطرح أسهما أمريكية، فهذا واحدا من الأسباب العديدة التي تدفع شركة الاستثمار المدعومة من “دبليو.سي” لممارسة نشاطها. وبالإضافة إلى إتاحة الأسهم الأمريكية، فإن “ثندر” تخطط لطرح أصولا أجنبية أخرى من بورصات محلية في منطقة “مينا،” وهي تسعى لاستخراج رخصة من أحدى الجهات الرقابية العاملة في مجلس التعاون الخليجي، بعد رخصة السمسرة التي حصلت عليها في مصر عام 2020 – الرخصة الأولى من نوعها التي تم استصدارها في البلاد منذ عام 2008.
وقال الرئيس التنفيذي حمودة:” نحن نسعى جاهدين لبناء سوبرماركت استثمارات. وما نسعى إليه في نهاية المطاف هو أن يتمكن أي شخص في الشرق الأوسط، مستخدما تليفونه الشخصي، من الوصول إلى منتجات استثمارية مختلفة، سواء كانت عبارة عن منتجات استثمارية عالمية أو منتجات استثمارية محلية.”
وتابع:” سنواصل إضافة منتجات استثمارية؛ ودخلنا بالفعل في شراكة مع سمسار شريك وواصلنا العمل معهم خلال الأشهر الست الماضية لتدشين أدوات دين أمريكية في المنطقة.”
وترى “ثندر” أن إتاحة معاملات بلا عمولات ولا إيداعات ولا رسوم على السحب ولا حدود دنيا للحساب سيساعد العملاء على الدخول في معاملات كثيرا والاحتفاظ بالأموال على المدى الطويل. ولجأت ” يندر” لذلك إلى الاكتتابات – نموذج طرحته “روبنهود” في عام 2016، يبتعد عن فرض عمولات على العملاء – بغرض جمع الأموال. مصادر الدخل الأخرى تشمل إبرام اتفاقيات الاشتراك في الإيرادات مع مدراء الأصول الذين يديرون صناديق الاستثمار أو تحويل السيولة غير المستخدمة المقيدة في حسابات العملاء إلى أسهم.
أداء باهر
وقال عمرو إن أصول “ثندر” تحت الإدارة نمت 29 مرة عام 2021، وهو أداء باهر يحسب للشركة برغم فترة عملها التي لا تزيد عن عامين في مصر.
وبحسب عمرو، نحو 87% من عملاء “ثندر” استثمروا للمرة الأولى عبر المنصة؛ وقدمت نسبة 40% من العملاء من خارج القاهرة والاسكندرية – المناطق الريفية تحتفظ بقدرة صفرية على الوصول إلى المؤسسات المالية؛ وتشكل ” ثندر” نسبة 36% من جميع الحجوزات الجديدة في البورصات المصرية المحلية عام 2021.
جمعت ثندر إجمال تمويلات بقيمة 22 مليون دولار حتى تاريخه. وسوف تتجه الجولة الأولى الحاسمة من تمويل رأس المال المخاطر للشركة صوب تنمية وجودها في منطقة “مينا” وتوسعته.
وتحدث المدير التنفيذي للشركة عن التوسع في البلدان المجاورة بديلا عن منطقة جنوب الصحراء الكبرى التي تشهد منافسة شرسة، قائلا:” نحن ننظر إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أساس أنها منطقة ضخمة، فهي تضم تعداد سكاني يصل إلى 400 مليون نسمة ويضمها لغة واحدة وثقافة متماثلة.”
” نحن نرى لذلك متسعا عظيما لجعل منتجاتنا وخدماتنا ملائمة للظروف المحلية فيما يتعلق بهذه المنطقة. وهذا هو ما نركز عليه في الوقت الراهن.”
وتشاركت “تايجر جلوبال” و” في.سي بيكو كابتل” التي تتخذ من دبي مقرا لها و ” بروسوس فنتشر” للاستثمار المخاطر في إدارة الجولة الأولى من التمويل. وقال اليكس كوك، الشريك لدى ” تايجر جلوبال” في بيان:” نحن شغوفين بدعم أحمد وسيف وفريق “ثندر” لأنهم يساعدون على تيسير الوصول إلى الاستثمار في مصر ومنطقة “مينا.” السوق في حاجة للتكلفة المتدنية وسهولة استخدام المنصة لغرض الاستثمار والإدخار، ونحن نعتقد أن “ثندر” ستزود العميل بخبرة ممتازة.”
جولة “ثندر” التمويلية
ومن المثير أن هذه الجولة هي ثاني استثمار ل”تايجر جلوبال” في تطبيق سمسرة أفريقي رقمي. وتشارك صندوق التحوط الأمريكي في جولة تمويلية لصالح “بامبو” النيجيرية الشهر الماضي.
وكانت “بيس كابتل” ضمن المستثمرين الآخرين في جولة ” ثندر” التمويلية ومستثمرون قائمون مثل ” انديور كابتل،” و فور.دي.اكس فنتشر” للاستثمار المخاطر، و ” رابا بارتنرشبس” و جى.آي.أم.سي.او.”
ويؤكد عمرو، بعيدا عن المستثمرين والخطوط المستقبلية للشركة، على أهمية الدور الذي تلعبه الجهات الرقابية المصرية في استخراج الرخصة التي مكنت “ثندر” من تهيئة الظروف الملائمة لممارسة نشاطها.
وتابع:” من المهم جدا أن تكون الجهات الرقابية المحلية تقدمية ومنفتحة ومستعدة لإنجاز هذا التحول. ومن زاوية واحدة، من المهم تهيئة الظروف والمحفزات اللازمة لتحقيق النمو. لكن من زاوية أخرى، يساعدنا هذا على اجتذاب الاستثمارات التي ستفيض ويتم استخدامها للاستثمار في البلدان التي سنسعى لخدمتها.”
وقبل تدشين “ثندر،” عمل المؤسسان كمصرفيان في مجال الاستثمار ولدى شركة أوبر؛ عمل حمودة كمدير عام لدى أوبر مصر وعمرو كمدير عمليات لدى مكتب أوبر في دبي.