انتهى زمن توليد الكهرباء عبر بناء السدود العملاقة في الصين مقابل التوسع في بناء السدود في الخارج والاعتماد على بناء السدود الأصغر حجما.
ونقلت وكالة بلومبرج عن فرانك يو المحلل لدى شركة وود ميكانزي البحثية قوله: يسهل كثيرا توليد الكهرباء من مصادر متجددة للطاقة ومن الفحم.
فما الداعي لإنفاق أموال هائلة لبناء سد عملاق بعمق ألفين كيلو متر على هضبة التبت.
وأضاف: مستقبل السدود يتجه صوب الاستفادة من التساقط المتعدد للمياه في توليد الكهرباء عبر ملء خزان علوي، ومن المتوقع لذلك بناء سدود أصغر حجما.
أكبر خمس سدود عملاقة في العالم
دخلت الصين عصر بناء السدود في خمسينات القرن الماضي فور استيلاء الحزب الشيوعي على السلطة، وتوسعت خلال العقدين الماضيين في بناء السدود العملاقة.
وسيصل سد باهيتان المقام على نهر جينشو بمقاطعة يونان لطاقته التشغيلية القصوى أواخر عام 2022.
وعندما يحين هذا ستكون الصين قد أكملت تشغيل خمسة من أكبر 10 سدود عملاقة في العالم خلال السنوات العشر الأخيرة.
وتولت سدود الصين العملاقة توليد طاقة كهربائية خلال عام 2017 تتخطى إجمالي إمدادات الطاقة الكهربائية في أي بلد من بلدان العالم بعد الولايات المتحدة والهند.
ويوضح الجراف التالي ترتيب دول العالم من حيث حجم الطاقة الكهربائية المولدة خلال عام 2017 المقدرة بالتراوات في الساعة:
هاجس حكام الصين
ظل بناء السدود على الأنهار التي تتدفق من القمم الجليدية في غرب البلاد إلى شرقها هو الهاجس الأساسي لكل حكام الصين.
واكتسب الأمبراطور يو العظيم شهرة خالدة منذ أكثر من 4 آلاف عام عندما قام ببناء السدود والقنوات والممرات.
وذلك بغرض التحكم في الفيضانات التي ألحقت دمارا هائلا بالحضارة الصينية القديمة.
أكبر سد مائي في العالم
وبدأت الصين بناء سد الممرات الثلاثة على نهر يانجتسي عام 1994 ليصبح أكبر سد مائي في العالم عندما بدأ تشغيله عام 2012.
ويولد السد طاقة كهربائية بقيمة 22.5 جيجاوات.
واكتمل بناء سدان عملاقان آخران عام 2014 على نهر جينشو الذي يغذي نهر يانجتسي. ويولد السدان طاقة كهربائية تصل إلى 6,4 ميجا وات و 13.9 ميجا وات.
وقف بناء السدود العملاقة
وتوقفت الصين عن بناء سدود عملاقة جديدة تزيد طاقتها الكهربائية عن 10 ميجا وات سواء كانت تحت الإنشاء أو في مراحل التخطيط أو الحصول على التصاريح، حسب بافان فايكرنام خبير الطاقة لدى شركة جلوبال داتا البحثية.
وأضاف أن الصين استنفذت المواقع الرئيسية الصالحة لبناء سدود عندها ما يعني تضييق أفق بناء سدود عملاقة جديدة.
قصة مشابهة في الولايات المتحدة
وتقول بلومبرج أن قصة شبيهة حدثت في الولايات المتحدة التي بلغت ذروة بناء السدود داخلها في ستينات القرن الماضي.
وتباطأ هناك بناء السدود تدريجيا بسبب تزايد الاعتماد على الطاقة النووية في توليد الكهرباء.
وذلك بجانب المعارضة القوية من جانب المزارعين وسكان أمريكا الأصليين والمدافعين عن البيئة.
وشكلت الطاقة الكهربائية المولدة بواسطة السدود نسبة 6.6% من إجمالي إمدادات الطاقة في الولايات المتحدة العام الماضي، حسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وتركز الصين حاليا على بناء سدود أصغر حجما، وإن كان لا يزال يمكن النظر إليها بوصفها سدود ذات حجم كبير في معظم بلدان العالم.
ويتراوح حجم الطاقة الكهربائية المولدة من هذه السدود بين 1 إلى 3 جيجاوات.
تكلفة عالية
ولا تزال تتوافر مواقع لبناء سدود عملاقة في الصين لكنها ذات تكلفة عالية.
ومن بين هذه المواقع يمكن بناء سد موتو على نهر يارلونج تسانجبو في التبت.
ومن المقدر توليد طاقة كهربائية من هذا السد تصل إلى 38 جيجاوات.
ويستبعد الكثير من المحللين بناء هذا السد لأن نقل مواد البناء والعمال إلى منطقة التبت البعيدة سيكون مكلفا للغاية.
وبجانب هذا، يصعب نقل الكهرباء المولدة منه إلى أقرب الأسواق.
ويهدد بناء هذا السد كذلك بإثارة قضايا جيوسياسية مع الهند لأنه يمنع تغذية بعض أنهار الهند الكبيرة.
التوسع في الخارج
وتوسعت الصين، مقابل هذا، في بناء السدود في الخارج.
وضخت بنوك التنمية الكبرى في الصين تمويلات بقيمة 44 مليار دولار لبناء سدود في بلدان العالم منذ عام 2000، حسب مركز سياسات التنمية العالمية لدى جامعة بوسطن.
وقال الخبير فايكرنام من مؤسسة جلوبال داتا:” ضخت شركات بناء السدود الصينية استثمارات كثيفة في بلدان أخرى في منطقة جنوب آسيا ومنطقة جنوب شرق آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية”.