تزايدت المخاوف من استمرار موجة التضخم التى اجتاحت العالم خلال الأسابيع القليلة الماضية، وسط تحذيرات البعض من الدخول فى حالة ركود تضخمى قد يغير وضع الاقتصاد العالمى، فى ظل استمرار ارتفاع أسعار السلع بشكل غير معهود منذ عقود طويلة.
وبات مؤشر أسعار المستهلكين بالقرب من أعلى مستوى فى 30 عاماً فى الولايات المتحدة الأمريكية، وفى مصر ارتفعت المعدلات السنوية لأسعار المستهلكين إلى %8 وهى الأعلى خلال 20 شهراً الأخيرة، وباتت قريبة للغاية من مستهدفات الحدود العليا المحددة من البنك المركزى عند %9.
جدير بالذكر أن محمد العريان، الخبير الاقتصادى العالمى، رئيس كلية «كوينز» بجامعة كامبريدج، أشار إلى أن موجة التضخم الحالية هى جزء من تغيير هيكلى عام فى النموذج الاقتصادى الكلى العالمى، موضحًا أن التداعيات الناجمة عن هذه الزيادة التضخمية تهدد بخطر إخراج بعض البلدان النامية ذات الدخل المحدود من مسار التقارب الاقتصادى على المدى الطويل.
بينما حذر جاك دورسى، المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة تويتر، من أن الأمور ستزداد سوءًا إلى حد كبير، نتيجة التضخم المفرط، موضحًا أن مشكلة التضخم ستتصاعد فى جميع أنحاء العالم.
فيما أكد جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى، أن ضغوط التضخم «من المرجح أن تستمر لفترة أطول مما كان متوقعاً فى السابق»، مشيراً إلى أنها قد تستمر حتى العام المقبل.
وانطلقت موجة التضخم مؤخرًا نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة والغاز بمعدلات هائلة مع زيادة الطلب على السلع و البضائع، مقابل نقص فى الإمدادات نتيجة أزمة الطاقة، وقد ارتفعت أسعار الأغذية وأسعار الشحن والمعادن الأساسية .
«المال» ترسم فى السطور المقبلة صورة عن موجة التضخم العالمية وآثارها على السوق المحلية، وتحديدًا فى سوق الأسهم المصرية (البورصة) من خلال توقعات الخبراء لكيفية تعامل السوق مع ارتفاع معدلات التضخم، بالإضافة إلى الأسهم والقطاعات الأكثر استفادة والتى تمتلك فرصا للنمو، مع تحذيراتهم للمستثمرين وكيفية التحرك فى السوق خلال الفترة المقبلة.
ويتطرق ملف «المال» إلى موقف الأنشطة المالية غير المصرفية سواء التمويل الاستهلاكى و التمويل متناهى الصغر والتخصيم والتأجير التمويلى، وتوضيح أى من القطاعات ستكون الأكثر استفادة من ارتفاع التضخم.
الخبراء يؤكدون ضرورة الابتعاد عن «المارجن»
موجة تضخمية جديدة ظهرت بوادرها بشكل ملحوظ خلال شهر سبتمبر الماضى، الذى ارتفعت خلاله المعدلات السنوية لأسعار المستهلكين إلى %8 وهى الأعلى خلال 20 شهرًا الأخيرة، وباتت قريبة للغاية من مستهدفات الحدود العليا المحددة من البنك المركزى عند %9.
وقفزت معدلات التضخم السنوية خلال سبتمبر الماضى، للشهر الخامس على التوالى، إلى %8 مقابل %6.4 فى أغسطس الماضى، وذلك بحسب البيانات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
هذا الازدياد المطرد فى معدلات التضخم الحالية، دفع «المال» إلى مناقشة الأمر مع عدد من المحللين والمختصين وبنوك الاستثمار لقياس مدى انعكاس هذه المعدلات على تحركات البورصة، وكيفية تعامل المستثمرين فى الأسهم مع هذه المعطيات خلال الفترة المقبلة.
بشكل عام، استبعد المختصون تأثر البورصة المصرية سلبًا بشكل كبير من ارتفاع التضخم المعلن، وأنها لن تمثل عامل ضغط على البنك المركزى لرفع أسعار الفائدة، على الأقل قبل نهاية العام الحالى.
وتلخصت رؤيتهم فى مجموعة نقاط أبرزها أن «المركزى» لن يقدم على رفع أسعار الفائدة على الإيداع والاقتراض لكبح التضخم قبل حلول 2022، وبمعدلات طفيفة قد تتراوح بين 0.5 و%1 مطلع العام الجديد.
ويرى المختصون أن مصر تعانى بشكل أكثر تعقيدًا من زيادة معدلات التضخم نظرا لاعتمادها على الاستيراد بشكل كبير وانخفاض موارد النقد الأجنبى، مما يجعل الأثر الخارجى أقسى تأثيرا عليها.
وتوقع المختصون تفاعل أسعار أسهم بعض القطاعات المدرجة بالبورصة بشكل إيجابى مع نمو التضخم مثل قطاعات الخدمات الاستهلاكية والأغذية والطاقة والمواد الأساسية والبتروكيماويات والأسمدة.
الضريبة هى المشكلة وأسهم الـ«30» ستكون آمنة
وقال محمد حسن العضو المنتدب لشركة «بلوم مصر» للاستثمارات المالية، إن معدلات التضخم اقتربت من كسر مستهدفات البنك المركزى المحددة عند %9 نتيجة ارتفاع أسعار البترول والغاز والسلع الغذائية عالميا الأمر الذى أدى بدوره إلى نمو أسعار السلع المستوردة فى مصر وظهرت فى مقياس التضخم الأخير.
وتوقع قيام البنك المركزى بتأجيل رفع أسعار الفائدة إلى الاجتماع الأول أو الثانى له فى 2022 نظرا لوصول الاحتياطى النقدى إلى معدلات آمنة، موضحا أن دخول السندات المصرية إلى مؤشر «مورجان ستانلى» للأسواق الناشئة ستمثل عامل ضغط على أسعار الأسهم فى البورصة الفترة المقبلة.
وذكر أن المشكلة الرئيسية لسوق الأسهم فى مصر لاتزال قائمة وهى عدم حل أزمة ضرائب الأرباح الرأسمالية، مشيرا إلى أن حالة الضعف التى تمر بها السوق وفشلها فى اختراق مناطق 11200 – 11300 نقطة قد تدفعها لمزيد من التراجع.
وأكد أن الفرص الاستثمارية الآمنة بالتزامن مع ارتفاع التضخم ستقتصر على الأسهم المكونة للمؤشر الرئيسى فى قطاعات البنوك والعقارات والصناعة، بينما من المتوقع أن تستمر الأسهم الصغيرة فى عمليات جنى الأرباح خلال الفترة المقبلة.
ولفت إلى أن ارتفاع أسعار الطاقة عالميا سيصب فى صالح أسهم حديد عز وموبكو وأبو قير وكيما وسيدى كرير، إذ ستصبح صادرات هذه الشركات أكثر تنافسية بالخارج نتيجة حصولها على الغاز بأسعار أقل من مثيلاتها بالخارج.
وأشار إلى أن صناديق الاستثمار هى آلية استثمار مهمة فى مثل هذه الفترات الضبابية خاصة للمستثمرين الذين لا يملكون خبرات كبيرة فى إدارة أموالهم.
بايونيرز: الأسهم الصناعية والبنوك والبتروكيماويات هى الأفضل
وقال عامر عبد القادر، رئيس قطاع السمسرة للتطوير بشركة «بايونيرز» لتداول الأوراق المالية إن معدلات التضخم ارتفعت بشكل عالمى بسبب نمو أسعار الطاقة بحوالى %130 منذ بداية العام.
وأضاف أن أسعار الشحن ونمو أسعار البترول لأعلى مستوى خلال 3 سنوات أثرت على مصر والعالم وقفزت على أثرها أسعار القمح والألومنيوم والأسمدة والبتروكيماويات.
ولفت إلى أن مصر تقدم أعلى أسعار فائدة حقيقية على أدوات الدين فى الشرق الأوسط وبالتالى من المستبعد قيام «المركزى» برفع جديد فى أسعار الفائدة مما يمهد لهدوء فى حركة الأسهم الفترة المقبلة.
وذكر أنه حال اتخاذ «المركزى» قرار برفع أسعار الفائدة سيكون مرهونا بوصول معدلات التضخم إلى مستويات كبيرة أعلى من %9.5 أما الآن فالمعدلات لا تزال فى المنطقة الآمنة.
وأشار إلى أن أسعار الأسهم الصناعية والبنوك والبتروكيماويات والأسمدة هى الأفضل خلال الفترة الحالية والمقبلة وعلى رأسها مصر للألومنيوم والسويدى وحديد عز والنساجون الشرقيون وسيدى كرير وأموك وموبكو، بينما سيظل القطاع العقارى صاحب التأثير السلبى الأكبر نتيجة ارتفاع التضخم.
وذكر أن بعض الأسهم الصغيرة صعدت بشكل غير منطقى خلال 2021، ولم تكن معبرة عن تحركات السوق مما دفع الرقابة المالية للتدخل عبر وقف أكواد بعض المستثمرين المشتبه فى تلاعبهم بالسوق، ونقل بعض الشركات -غير الملتزمة- إلى القائمة «د»، مرجحا أن تستمر تراجعاتها خلال القترة المقبلة.
الرواد: الاحتياطى المصرى من الغاز حائط صد لأسهم القطاعات الكثيفة
من جانبه،أكد محمد كمال، نائب الرئيس التنفيذى لشركة «الرواد» لتداول الأوراق المالية، أن العالم بدأ فى حالة من تشبه «الركود التضخمى» وهو ما نوه إليه البنك الفيدرالى الأمريكى مؤخرًا.
وذكر أن زيادة معدلات التضخم فى مصر لها عدة أسباب تتمثل فى شقين الأول موسمى بسبب موسم دخول المدارس والآخر خارجى بسبب ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا ونمو أسعار الشحن.
ولفت إلى أن أسعار الطاقة المباعة للمصانع فى مصر أصبحت قريبة من المعدلات العالمية وبالتالى أصبحت ميزة تنافسية للمصانع المصرية كثيفة الاستهلاك مثل الحديد والأسمنت والأسمدة وغيرها.
وأوضح أن الاحتياطى الكبير لمصر من الغاز الطبيعى بالتزامن مع ارتفاع أسعار الطاقة عالميا سيكون حائط صد لأسهم القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة المدرجة فى البورصة.
وتوقع تثبيت أسعار الفائدة فى اجتماع «المركزى» المقبل على أن يعاود رفعها ما بين 0.5 و%1 خلال مطلع العام.
وشدد على ضرورة عدم استخدام المستثمرين فى البورصة للمارجين خلال الفترة المقبلة حتى فى حالات ارتفاعات السوق.
إتش دى: البورصة لم تعد مرتبطة بالحركة الاقتصادية ونتائج أعمال الشركات
من جهته، قال هشام حسن، مدير الاستثمار بشركة «إتش دى» لتداول الأوراق المالية، إن العلاقة بين التضخم واتجاهات البورصة هى علاقة طردية ففى حين وصلت مستويات للتضخم عند %30 قبل سنوات بلغ المؤشر الرئيسى مناطق تاريخية عند 18000 نقطة.
ورجح ارتفاع معدلات التضخم بنحو 4 إلى %6 خلال 2022 حال اختراقه للمناطق الآمنة الحالية والمحددة من البنك المركزى عند %9.
وأشار إلى أن قدرة البنك المركزى على مواجهة تحديات جائحة كورونا بكفاءة واستقرار سعر الصرف أمام الدولار ترجح إلى سهولة تعاملة مع هذه الظروف الاستثنائية.
وأوضح أن عودة مصر القوية إلى سوق الدين فى الشرق الأوسط إلى جانب طرح السندات الخضراء هى خطوات مهمة نحو مواجهة الآثار التضخمية لارتفاع الأسعار محليًّا وعالميًّا.
ولفت إلى أن البورصة المصرية أصحبت أكثر ارتباطًا بظروف العرض والطلب أكثر من ارتباطها بظروف الحركة الاقتصادية ونتائج أعمال الشركات المقيدة، وبالتالى أصبحنا فى حاجة إلى إعادة النظر فى أساسيات النظريات الاقتصادية.
وأشار حسن إلى أن البورصة تمر بحركة تصحيحية متباينة منذ فترة طويلة فى إطار اتجاه عام هابط على المدى الطويل، مشيرًا إلى أن المستثمرين المضاربين فى الأسهم الصغيرة يجب أن يتقبلوا تقلبات السوق المفاجئة.
يونيفرسال: المواد الخام هى الأكثر ربحية فى موجات التضخم
من جانبه، يرى محمد عطا، مدير التداول بشركة «يونيفرسال» لتداول الأوراق المالية، أن القطاعات التى تحتفظ برصيد كبير من المواد الخام هى الأكثر ربحية فى موجات التضخم، وذلك من خلال تحقيق مكاسب من ارتفاع أسعار المنتج النهائى، إلى جانب فارق أسعار بيع المواد الخام.
وأشار «عطا» إلى أن المؤشر الرئيسى ما زال يتحرك بشكل جيد وإغلاقه أعلى منطقة 11100 نقطة قد يؤهله لإعادة التجربة على منطقة 11350 نقطة ثم 11800 نقطة.
وأوضح أن وقف أكواد بعض الأسهم المكونة للمؤشر السبعينى وتحويل بعض الشركات إلى القائمة «د» أدى إلى تخارج بعض المستثمرين إلى أسهم المؤشر الرئيسى فى أسهم حديد عز، وأموك، وسيدى كرير، وأبو قير، وبالتالى تغيير السياسية الشرائية للأفراد.
وتوقع رفع أسعار الفائدة بمعدلات محدودة بين 0.5 إلى %1، موضحًا أنها غير مؤثرة بشكل كبير على سوق المال، مشددًا على ضرورة الابتعاد عن أسهم الزيرو، والشراء بالهامش.
ولفت إلى أن القطاع الصناعى بقيادة أسهم عتاقة وجى بى أوتو من القطاعات المستفيدة من التضخم، نظرًا لوفرة المواد الخام، بينما توقع تأثر الشركات الاستهلاكية سلبًا نتيجة انخفاض معدلات الطلب على المنتجات، بسبب ارتفاع مستويات التضخم.
وأوضح «عطا» أن أسعار المواد الكيماوية والأسمدة ترتفع بشكل عالمى بينما تظل الأزمة بالنسبة لهذه الشركات هى ارتفاع أسعار الطاقة، وهى محددة فى مصر وفقًا للقانون عند 4.5 دولار.
إنترناشيونال: ارتفاع التضخم والفائدة يدفع البورصة نحو الهدوء
قال حسام عيد، مدير الاستثمار بشركة «إنترناشيونال» لتداول الأوراق المالية، إن معدلات التضخم فى الفترة المقارنة من 2020 قد شهدت تراجعًا بسبب انخفاض القوى الشرائية؛ نتيجة جائحة كورونا، وبالتالى جاءت أرقام هذا العام أكبر نسبيًّا.
ولفت «عيد» إلى أن انتشار التطعيم ضد كورونا، واستبعاد الإغلاق الاقتصادى مرة أخرى قد يحد من الإقبال على الشراء، وبالتالى انخفاض معدلات التضخم الشهور المقبلة عن المستويات الحالية.
وقال إنه مع استمرار معدلات التضخم فى الارتفاع ونمو أسعار الفائدة خلال العام الجديد قد يدخل السوق فى مرحلة هدوء وتجميع طويلة، وينصح خلالها بالمتاجرات السريعة لحين عودة الأمور لطبيعتها.
وأضاف أن السوق المصرية مازالت مرتبطة بالأسواق العالمية التى حققت مستويات قياسية هذا العام، وعلى رأسها مؤشر الداو جونز، موضحًا أنه حال دخول المؤشر فى حركة تصحيحة سيساهم بشكل كبير فى هبوط السوق الفترة المقبلة.
ونصح «عيد» المستثمرين بالمتاجرات السريعة على الأسهم مع ضرورة تحديد مستويات لعمليات جنى الأرباح إلى جانب تحديد مستويات وقف للخسائر والالتزام بها قبل فتح المراكز المالية.
وقال إن قطاع البنوك والخدمات المالية غير المصرفية والصناعة والبترول وأسهم محددة مثل أموك وأبو قير للأسمدة وسيدى كرير للبتروكيماويات من الفرص الواعدة بالسوق الفترة المقبلة.
وتوقع حركة ركود فى قطاعات الحديد والإسمنت، نتيجة ارتفاع التكاليف كرد فعل على زيادة أسعار الطاقة.
عربية أون لاين: ارتفاع سعر الفائدة لن يقلل الأموال المتدفقة للبورصة بشرط
قال سامح غريب، رئيس قسم كبار العملاء بشركة «عربية أون لاين» لتداول الأوراق المالية أن رفع أسعار الفائدة لا تقلل من حجم الأموال المتدفقة على سوق المال إلا فى حالات الزيادات الكبيرة التى تتجاوز 2 أو 3 % فى أسعار الفائدة.
وأوضح «غريب» أن هناك حزمة أسهم أكثر استفادة من الموجة التضخمية مثل سيدى كرير بمستهدف 10 جنيهات ثم 11 جنيهًا، وأبو قير للأسمدة 21 و22.5 جنيه، وكيما 4 و4.5 جنيه، إلى جانب مصر لصناعة الكيماويات والمالية والصناعية المصرية.
وأشار إلى أن هناك حالة انفصال بين حركتى المؤشر السبعينى والرئيسى، موضحا أن حفاظ المؤشر الرئيسى على مستوى 11000 نقطة، يؤهله لاستهداف مناطق 11350 و11700 و11750 نقطة.
أما المؤشر السبعينى، فيرى «غريب» أن حركته سلبية مع كسر دعوم مهمة عند 2300 نقطة، بينما يظل أقرب مستهدف حاليًا 2400 نقطة.
وقالت حنان رمسيس، مدير التحليل الاقتصادى بشركة «الحرية» لتداول الأوراق المالية، إن الأزمة الحالية التى يشهدها العالم هى أزمة غاز فى المقام الأول.
أضافت رمسيس: «مصر بعيدة عن هذه الأزمة نظرًا لحصول الشركات الصناعية المصرية على الغاز بأسعار مناسبة قريبة من العالمية، ما يضع الشركات المصرية فى ميزة تنافسية فى التصدير».
وذكرت «رميسس» أن سعر الدولار أمام الجنيه قد يواجه ضغطًا خلال الفترة المقبلة، نظرًا لتقلص موارد النقد الأجنبى من السياحة، وتحويلات المصريين فى الخارج، وقناة السويس.
تأثيرات محدودة منتظرة على «التخصيم» جراء الموجة التضخمية
يتوقع مسئولو شركات التخصيم أن تُحدث الظروف الحالية للسوق المحلية تأثيرات محدودة على النشاط، سواء بالإيجاب أو السلب، مشيرين إلى أن المجال لديه فرصة للنمو بعيدًا عن أى عوامل أخرى، وخاصة أن دورتهُ قصيرة الأجل وتعتبر تلك أهم ما يميزهُ عن غيره من أنشطة التمويل الأخرى.
والتخصيم هو عبارة عن وسيلة للحصول على تمويل قصير الأجل تقوم من خلالها إحدى الشركات ببيع ديونها المستحقة «فاتورة- شيكات» لصالح المخصم «شركة التخصيم» مقابل الحصول على أمواله بشكل فورى، ويختلف عن القرض البنكى فى عدة عوامل.
وقال طلال العياط، الرئيس التنفيذى بشركة «هيرمس للحلول التمويلية»، إن أى نشاط تمويلى سواء كان تخصيما أو غيرهُ يشهد دائمًا فترات نمو أو هدوءا فى حركتهُ.
وأشار إلى أنه على الرغم من أن الظروف المحيطة تمس دائمًا أنشطة التمويل المتنوعة وتدفعها للسير عكس الاتجاه إلا نشاط التخصيم لديه فرصة كبيرة للنمو خلال الفترات المقبلة بغض النظر عن التأثيرات المحيطة.
وأضاف أنه يمكن القول بأن تأثير ارتفاع معدل التضخم فى السوق المحلية سيكون محدودا على نشاط التخصيم سواء بالإيجاب أو السلب.
ولفت إلى أن من الطبيعى أنه فى فترات التضخم يكون اللجوء للحصول على التمويلات أكبر أى كان نوعه.
وأوضح أن شركات التخصيم تتعامل بسعر الفائدة المرتبط بالكوريدور – سعر الفائدة المحدد من البنك المركزي- مقابل هامش ربح ثابت تُقره الشركات على العميل كإيراد مقابل الخدمة، مشيرًا إلى أنهُ حال زيادة سعر الفائدة فمن المتوقع أن تقوم الشركات بتوجيه تلك الزيادة كاملة للعميل.
ولفت إلى أن الزيادة المتوقعة فى سعر الفائدة لن تصل أبدًا لمعدلات الزيادة التى أقرها البنك المركزى المصرى فى فترة التعويم بنسب متتالية تجاوزت الـ%7 تقريبًا، وحينها كانت تحركات النشاط طبيعية.
وتابع إن الرفع المتوقع للفائدة ضمن السيناريوهات المطروحة فى حال استمرار وتيرة ارتفاع معدلات التضخم سيكون بنسب %1 وهو رفع طبيعى غير مبالغ فيه.
وأكد أن نشاط التخصيم بشكل عام لديه فرصة كبيرة للنمو ودخول لاعبين جُدد للمنافسة فى السوق، مشيرًا إلى أن أهم ما يُميز النشاط، هو أنه قصير الأجل.
فى سياق متصل، قال طارق عفت، رئيس مجلس الإدارة التنفيذى بشركة «كاتليست للتأجير التمويلى»، إنها حصلت مؤخرًا على عدم ممانعة الهيئة العامة للرقابة المالية بإضافة نشاط التخصيم.
ولفت إلى أن الشركة تُجرى حاليًا تعيين فريق الإدارة المختص لبدء النشاط بشكل فعلى خلال الفترة القليلة المقبلة.
وأشار إلى أن تأثيرات ارتفاع معدلات التضخم على نشاط التخصيم ستكون متفاوتة ومحدودة وفقًا لطبيعة الإقبال ورؤى المتعاملين فى السوق المحلية ومدى رغبتهم فى الحصول على تمويلات من خلال تلك الآلية أم لا؟.
وقال إن نشاط التخصيم مفضل بالنسبة لشريحة كبيرة من المتعاملين كونه نشاطا قصير الأجل مقارنة مع باقى الأنشطة الأخرى مثل التأجير التمويلى على سبيل المثال، لافتًا إلى أن النشاط بشكل عام لديه فرصة للنمو خلال العام المقبل خاصة عقب بدء تحرره من تأثيرات جائحة كورونا السلبية والدعم الذى يتلقاه النشاط من الجهات الرقابية.
يُذكر أن الهيئة العامة للرقابة المالية أتاحت لشركات التخصيم تمويل شركات السمسرة فى عمليات «الشراء الهامشى – المارجن» فى البورصة المصرية مؤخرًا.
«التمويل الاستهلاكى» رابح محتمل من موجة الغلاء
«مَصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ».. جملة تُلخص وضع شركات التمويل الاستهلاكى العاملة فى السوق المحلية، وتوقعاتهم باستفادة النشاط من موجة الغلاء الحالية، الذى بدأت بضغوط تضخمية على الصعيد العالمى وانتقلت منهُ لباقى الأسواق المجاورة ومن بينها مصر.
ففى الوقت الذى يتحفز فيه العالم أجمع لمواجهة تلك الموجة التضخمية المتوقعة، تستعد شركات التمويل الاستهلاكى للاستفادة من زيادة الإقبال للمجال من جانب المستهلكين المحليين، مما قد يدفع لظهور لاعبين جُدد فى المجال بخلاف الكيانات المتواجدة حاليًا على الساحة.
ولخص عدد من خبراء التمويل الاستهلاكى فى السوق المحلية محض استفادتهم فى زيادة أسعار الخدمات والمنتجات بأنواعها على الصعيد المحلى، وهو ما سيدفع بالمستهلكين لبحث إمكانية تقسيط احتياجاتهم بغرض الاحتفاظ بمعدلات السيولة قدر الإمكان.
فيما أظهروا تخوفا محدودا حال زادت الضغوط التضخمية واضطر البنك المركزى المصرى لرفع معدلات الفائدة –وهو سيناريو جائز على المدى البعيد- من وجهة نظرهم، مؤكدين أن ذلك سيمثل عامل ضغط على تكاليف الشركات والعملاء أيضًا خاصة فى ظل اعتماد الكيانات على الاقتراض البنكى لتمويل عملياتهم مما قد يضطرهم لرفع التكلفة بالتبعية على العملاء لديهم.
ووفقًا لمنظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية – أونكتاد« فإن هناك موجة غلاء فاحشة تجتاح العالم فى الفترة الحالية، إذ قفزت أسعار السلع على الصعيد العالمى بواقع %43.5 منذ بداية العام الجارى، وهو ما اعتبرته أعلى معدل زيادة منذ ما يقرُب من 13 عاما، إذ كانت الزيادة الأكبر خلال عام 2008 بنسبة بلغت حينها %33.4، مشيرةً إلى أنه ضمن الموجة الحالية فإن أسعار الوقود هى الأكثر ارتفاعًا بنسبة %54.8 تليها أسعار المعادن والخامات بواقع %34.6.
وقال بول أنطاكى،مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «بريميوم كارد إنترناشيونال»، إن آثار موجة التضخم العالمية على الصعيد المحلى ظهرت منذ فترة بارتفاع واضح فى أسعار السلع الأولية والخدمات.
وأشار إلى أن جائحة كورونا هى المتسبب الأول فى ظهور موجة التضخم الحالية التى يشهدها العالم، بسبب عمليات التباطؤ وحالات الإغلاق التى شهدتها الأسواق لمدة تزيد عن عامين، وهو ما أدى إلى توقف تام -خاصة خلال فترات الفيروس الأولى- فى العمليات الإنتاجية فى المصانع وتوقف حركة الشحن وبالتالى نقص واضح فى بعض السلع الأولية ومكملات الإنتاج أدى إلى ظهور قوى للموجة الحالية.
وأضاف أن موجة الغلاء الحالية طالت جميع الأنشطة، موضحًا أن مجموعة كبيرة من السلع وخاصة الاستهلاكية منها إلى جانب الخدمات تشهد زيادات متفاوتة فى الأسعار.
ولفت إلى أن استمرار تلك الموجة مرهون بمدى تمكن الحكومات من الهيمنة عليها من خلال بذل جهود كبيرة لإعادة تشغيل المصانع وتسريع وتيرة حركة التجارة هو أمر غير واضح حاليًا.
وقال إن ذلك قد يصب فى مصلحة شركات التمويل الاستهلاكى، خلال الفترات المقبلة، خاصة أن القوى الشرائية فى السوق المصرية لا تزال تعانى ويصيبها الضعف منذ بدء جائحة كورونا.
وأوضح أنه عادة ما يكون التقسيط بشكل عام مخرجا جيدا للمتعاملين فى الأسواق خاصة فى ظل فترات الأزمات أو الغلاء بشكل عام.
وأضاف أنه على الرغم من الاستفادة المتوقعة بزيادة شرائح المتعاملين على نشاط التمويل الاستهلاكى، إلا أن الآمال تُعلق على عدم رفع البنك المركزى المصرى أسعار الفائدة فى حالة استمرار تلك الضغوط التضخمية.
ولفت إلى أن زيادة أسعار الفائدة ستضغط على التكاليف التى يتحملها مقدمو خدمة التمويل الاستهلاكى، خاصة أن غالبية الكيانات العاملة فى المجال تعتمد على التسهيلات البنكية لتمويل عملياتها.
وتابع إن زيادة التكلفة على الكيانات العاملة فى المجال فى حالة زيادة معدلات الفائدة، سيدفعها لتوجيه جزء للعميل برفع الفائدة التى يدفعها للشركة أيضًا وهو ما يصبح عامل ضغط على العملاء قد ينتج عنهُ تعثرات فى السداد.
وأشار إلى أنه على الرغم من ذلك فإن شركات التمويل الاستهلاكى قادرة على ايجاد أى من الحلول التى قد تدفعها لتعويض زيادة التكاليف المُختلفة وفقًا لسيناريو زيادة معدلات الفائدة المتوقع فى ظل الأوضاع الحالية.
ونوه إلى أن شركات التمويل الاستهلاكي أو شركات التقسيط كانت تعمل فى السوق منذ فترات بعيدة قبل خضوعها لرقابة الهيئة العامة للرقابة المالية وللقانون المنظم للنشاط، وبالتالى فهى عاصرت العديد من الفترات المختلفة سواء فى يتعلق بزيادة أو انخفاض معدلات الفائدة وغيره وتمكنت من تجاوز كافة تلك المعوقات وأثبتت نجاحا كبيرا فى تطور أنشطتها.
فى سياق متصل، توقع وليد حسونة، الرئيس التنفيذى لقطاع التمويل غير المصرفى بالمجموعة المالية «هيرميس» والرئيس التنفيذى بشركة «فاليو للتمويل الاستهلاكى»، أن تصب موجة زيادة الأسعار التى تشهدها السوق المحلية خلال الفترة الحالية على كافة الأصعدة فى مصلحة مقدمى خدمة التمويل الاستهلاكى فى السوق المحلية.
وقال إن شركات التمويل الاستهلاكى عادة ما تكون مستفيدا كبيرا فى فترات الأزمات المتعلقة بشح السيولة لدى المستهلكين أو وجود زيادات فى الأسعار وغيرها، كونها تساعد على تقديم الخدمة أو توفير السلع بشكل فورى وإتاحة خدمة السداد الآجل على فترات زمنية معينة مقابل فائدة.
ولفت إلى أن شركات التمويل الاستهلاكى انتشرت فى السوق المحلية وأصبحت تغطى شريحة كبيرة من الخدمات والسلع بمختلف القطاعات وعلى رأسها القطاعات الدفاعية، بتقديم خدمة التقسيط بالمجال التعليمى والصحى والسياحى والفندقى والاستهلاكى وغيرها.
وأشار إلى أن كافة تلك القطاعات حيوية وهى لا غنى عنها للمستهلك مما قد يدفعه فى فترات الغلاء للجوء لخدمة التقسيط، لافتًا إلى أن نشاط التمويل الاستهلاكى محليًا لا تزال أمامه فرصة كبيرة للنمو.
أما فيما يتعلق برفع الفائدة وفقًا لأحد السيناريوهات المطروحة فى حالة استمرار زيادة الضغوط التضخمية، فأكد «حسونة» أن ذلك سيؤدى إلى زيادة التكلفة وهو ما قد تكون الشركات العاملة فى المجال قادرة على تحملها.
فيما لفت إلى أن غالبية مقدمى خدمة التمويل الاستهلاكى لديهم قدرة كبيرة على مواجهة أى من الضغوط المتعلقة بزيادة أسعار الفائدة بامتصاص آثارها بالتوسع فى أنشطتهم من خلال طرح أى من الخدمات أو المنتجات الجديدة التى تساعدها على تنويع عوائدها والتغلب على عامل زيادة تكلفة الفائدة.
وأكد أن سيناريو رفع الفائدة هو أمر غير مطروح فى الوقت الحالى، وقد يحدث استقرار فى الأوضاع على الصعيدين العالمى والمحلى تدفع لحدوث توازن فى السوق وعدم اللجوء لفكرة رفع معدلات الفائدة للهيمنة على التضخم.
وقال محمد الفقى خبير التمويل الاستهلاكى، والرئيس التنفيذى بشركة «Sympl» إن شركات التمويل الاستهلاكى أثبتت جدارة فى الصمود حتى خلال فترة فيروس «كورونا» عام 2020.
وأشار إلى أن ظهور أى نوع من الغلاء فى السوق المحلية من المفترض أن يُزيد الإقبال على تلك النوعية من الخدمات، بدخول شرائح جديدة من المتعاملين فى ظل ارتفاع معدلات التضخم خاصة فيما يتعلق بالسلع الأساسية والاستهلاكية تحديدًا.
ولفت إلى أن نشاط شركات التمويل الاستهلاكى لم تقتصر على تقديم خدمة التقسيط لكبرى الخدمات أو السلع مرتفعة الأسعار ولكن توسع أدائها لتصل إلى السلع الاستهلاكية البسيطة مثل الغذاء اليومى على سبيل المثال.
وأوضح أن نشاط التمويل الاستهلاكى نما بشكل كبير خلال الفترة الماضية، إلى جانب وجود فرصة أكبر لاستكمال مسيرة النمو تلك على الصعيد المستقبلى خاصة أن الشركات المتواجدة على الساحة حاليًا أقل من المطلوب لتغطية احتياجات المتعاملين بالنشاط.
وأضاف أن حركة النمو تلك دفعت لظهور كيانات أخرى بشكل متطور لتحاكى نفس نشاط التقسيط ولكن من خلال تقديم نموذح مختلف مثل شركة «Sympl» صاحبة خدمة «أشترى، وفر وادفع بعدين» .
وقال شريف العتر، محلل القطاع المالى غير المصرفى لدى شركة «برايم القابضة للاستثمارات المالية»، إن العالم أجمع يشهد موجة تضخم كبيرة، باتت واضحة منذ بداية العام الجارى.
وأكد أن هناك استفادة مباشرة ستشهدها شركات التمويل الاستهلاكى العاملة فى السوق المحلية فى ظل ظهور الضغوط التضخمية الحالية.
وأشار إلى أن غلاء الأسعار سيدفع المستهلك الفرد للجوء لفكرة التقسيط بدلاً من الدفع الفورى لسعر الخدمة أو السلعة التى يرغب فى الحصول عليها، فيما تُمثل أسعار الفائدة أحد التخوفات التى تواجه العملاء.
«متناهى الصغر» يتهيأ لـ«قطف الثمار»
تستعد شركات التمويل متناهى الصغر، لقطف ثمار موجة التضخم المتوقعة فى السوق المصرية خلال الفترة المقبلة والتى تأتى بضغط من موجة الغلاء التى تشهدها الساحة العالمية منذ بداية العام الجارى.
ويتوقع عدد من مسئولى شركات التمويل متناهى الصغر فى السوق المصرية، أن ترتفع متوسطات حجم التمويلات نتيجة لزيادة معدلات إقبال العملاء، مع احتمالية أن ترتفع التكلفة على الشركات فى حالة زيادة معدلات الفائدة.
ورجح عمرو أبو العزم، نائب رئيس مجلس الإدارة التنفيذى والعضو المنتدب بشركة «تمويلى للمشروعات متناهية الصغر»، أن يشهد قطاع التمويل متناهى الصغر تأثيرات إيجابية تزامنًا مع ارتفاع موجة التضخم على الصعيد المحلى.
ولفت إلى أن تلك التوقعات ستأتى مدفوعة بزيادة حجم الطلب من جانب العملاء للحصول على تمويلات من جانب الشركات العاملة فى المجال، وهو ما سيرفع متوسطات حجم القروض لدى الشركات.
وأضاف أن زيادة معدلات الإقبال تلك سيوازيها زيادة فى المخاطر المتوقعة من جانب العملاء من حيث مدى استيعابه لتحمل كافة تلك القروض.
ورجح أن ترتفع متوسطات حجم القروض الممنوحة للعملاء بإمكانية أن تصل الشركات للحدود القصوى الخاصة بالتمويل للعميل الواحد، لافتًا إلى أن قطاع التمويل متناهى الصغر يشهد منذ فترة زيادة مطردة فى عدد عملائها وهو ما سيستمر خلال الفترات المقبلة.
وأشار إلى أن سيناريو رفع الفائدة هو أمر جائز ولكنه غير حتمى، موضحًا أنهُ فى حال رفعها فإن ذلك سيؤثر على تكلفة الاقتراض التى تتحملها الشركات.
وأضاف أنهُ من حيث تأثيراتها المتوقعة على العملاء فإن شركات التمويل متناهى الصغر لابد أن يكون لديها سُبل تتمكن من خلالها من تخفيف تلك التكاليف على العملاء بطرح منتجات منخفضة التكلفة لشرائح منهم أو غير ذلك.
ولفت إلى أنه على صعيد شركة «تمويلي» فإنها تتبنى جانبا اجتماعيا يدفعها بشكل دائم لتوفير منتجات منخفضة فى التكلفة وملائمة لمتطلبات العملاء.
وقال حسام هيبة، العضو المنتدب بشركة «بساطة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة»، إنه يتوقع أن يشهد مجال التمويل الصغير ومتناهى الصغر إقبالا كبيرا خلال الفترة المقبلة، نتيجة لزيادة متطلبات العملاء بشكل عام خاصة فى فترات الغلاء وزيادة معدلات التضخم.
وأشار إلى أن النشاط شهد فترة مماثلة فى فترات ما بعد التعويم والتى ارتفعت خلالها معدلات التضخم، حينها زاد إقبال العملاء على الحصول على تمويلات من جانب شركات التمويل الصغيرة ومتناهية الصغر.
وأوضح أنه على الرغم من النظرة المتفائلة للنشاط والاستفادة من موجة التضخم المقبلة، فإنه إذ تم رفع الفائدة سيمثل ذلك عامل ضغط على العملاء والشركات أيضًا، خاصة فى ظل اعتماد الأخيرة على التمويلات البنكية بغرض إعادة إقراضها للعملاء.
وقال إنه فى حالة حدوث سيناريو رفع الفائدة، فقد يكون هناك مقترحات حينها تتمثل فى إمكانية تفاوض الشركات العاملة فى المجال مع البنوك بطرح منتج تمويلى مخصص للشركات بفائدة منخفضة، بما يمكنهم من تحقيق هامش ربح جيد.
ولفت «هيبة» إلى أن تكلفة التمويل عادة ما تُمثل %50 من إجمالى التكاليف التى تتحملها الشركات العاملة فى مجال التمويل الصغير ومتناهى الصغر.
وأكد أن عميل التمويل متناهى الصغر عادة ما تكون ملاءته المالية ضعيفة وهو ما يدفعه للجوء للحصول على هذه النوعية من التمويلات، وبالتالى فإن ارتفاع التكلفة عليه ستمثل عامل ضغط كبير.
وقال إن وضع نشاط التمويل متناهى الصغر خلال العام الجارى كان أفضل من أداء العام الماضى الذى شهد فترات ذروة فيروس كورونا، متوقعًا أن تستمر معدلات نموه خلال عام 2022 أى تكن الظروف المحيطة حينها.
وأضاف أن الحد الأدنى للتمويلات التى تمنحها شركة «بساطة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة»، لعملائها يتراوح بين ألف إلى 200 ألف جنيه وفقًا لمتطلبات العميل.
«التضخم» سلاح ذو حدين على «التأجير التمويلى»
توقع عدد من مسئولى شركات التأجير التمويلى فى السوق المحلية، أن يشهد النشاط تأثيرات متباينة خلال الفترة المقبلة، جراء موجة التضخم الواقعة على الصعيد العالمى وبدء ظهورها محليًا حتى وإن كانت محدودة.
وأشاروا إلى أن التأثيرات السلبية المتوقعة على النشاط ستكون ناتجة عن تخوفات المتعاملين فى السوق من إجراء أى من التوسعات الجديدة خاصة أن النشاط قائم بالفعل على تمويل الأصول، إلى جانب التكلفة الجديدة المُحتملة فى حالة لجوء البنك المركزى المصرى لرفع أسعار الفائدة.
أما الجانب الآخر فيتمثل فى ظهور رواج بالقطاع الصناعى على سبيل المثال وزيادة اللجوء إلى عمليات شراء المعدات، موضحين أن النشاط كان واحدًا من الأنشطة التى تأثرت سلبًا جراء تداعيات جائحة كورونا خلال 2020، مؤكدين أنه تمكن خلال العام الجارى، من تعويض جزء من تلك التراجعات.
بدايةً، توقع طارق فهمى، الرئيس التنفيذى بشركة «التوفيق للتأجير التمويلى»، أن يشهد نشاط التأجير التمويلى نموا جيدا خلال الفترة المقبلة مستفيدًا من موجة التضخم المتوقع حدوثها على الصعيد المحلى، بضغط من موجة الغلاء العالمية.
ولفت إلى أنهُ من وجِهة نظره أن موجة التضخم العالمية ناجمة عن نقص فى المعروض من بعض الخامات كما حدث بسوق السيارات وبعض المنتجات الإلكترونية، وبالتالى فمن المفترض أن يكون الإقبال أكبر على معدلات الإنتاج والتوسع.
ورجح أن يشهد السوق المحلية حركة فى القطاعات الإنتاجية وبالتالى زيادة اللجوء لشركات التأجير التمويلى لتمويل توسعاتهم، خاصة أن النشاط يعتمد بشكل أكبرعلى تمويل أصول للشركات بشراء معدلات أو غيرهُ.
فيما على جانب آخر، أوضح أن حكومات الدول وتحديدًا الحكومة المصرية سيكون لها دول كبير فى دفع وزيادة المعدلات الإنتاجية لدى المصانع، خاصة عقب حالة الركود التى عاشها القطاع الصناعى تحديدًا خلال فترات ذروة فيروس كورونا العام الماضى.
وأضاف «فهمى» أن فترات العمل من المنازل واتباع الإجراءات الاحترازية التى أقرتها الحكومة المصرية خلال العام الماضى، أثرت بشكل كبير على سريان عمليات الإنتاج فى السوق المحلية، إلى جانب التأثيرات العالمية المتعلقة بالارتفاع الكبير فى تكاليف الشحن لمستلزمات الإنتاج المستوردة من الخارج.
وأكد أن كل هذه العوامل مجمعة أدت إلى زيادة معدلات التضخم على الصعيد المحلى، مشيرًا إلى أن العديد من الأنشطة لا تزال فى حالة تعافٍ من التأثيرات السلبية للفيروس.
وأشار إلى أن لجوء البنك المركزى المصرى لقرار رفع الفائدة من المُمكن أن يُحدث تأثيرات سلبية على النشاط، ولكن قد يكون هناك قدرة من جانب الشركات على امتصاص الأثر خاصة حال لجوء البنوك لإعادة النظر فى هوامش الربحية الخاصة بها على القروض الممنوحة للشركات.
فيما توقع طارق عفت، رئيس مجلس الإدارة التنفيذى بشركة «كاتليست للتأجير التمويلى»، أن يُصاب التأجير التمويلى بتأثيرات سلبية خلال الفترة المقبلة، بسبب تخوف المتعاملين فى السوق المحلية للجوء لإجراء أى توسعات والحصول على تمويلات فى ظروف غير مواتية.
وقال إن غالبية القروض الممنوحة من جانب اللاعبين فى مجال التأجير التمويلى تُوجه للقطاع الصناعى، متوقعًا أن يلجأ أصحاب الأعمال بذلك المجال للتريث فى عمليات الحصول على تمويلات أو اللجوء إلى أجراء أى توسعات.
وأوضح أن حدوث أى زيادات فى أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، قد يكون عامل ضغط آخر تشهدهُ الكيانات العاملة فى مجال التأجير التمويلى مما يقلل إقبال العملاء على النشاط.
وبعيدًا عن تأثيرات التضخم، لفت إلى أن وضع التأجير التمويلى، جاء خلال العام الجارى، أفضل من وضعهُ خلال العام الماضى 2020 والتى تأثير خلالها بظروف أزمة فيروس «كورونا» المستجد.
فى سياق متصل، اتفق محمد نادر، العضو المنتدب بشركة «أرشر للتأجير التمويلى»، مع سابقه بوجود تأثيرات محتملة سلبية بمجال التأجير التمويلى جراء موجة التضخم المتوقعة.
وقال إن التأثيرات السلبية ستتمثل فى ضعف العقود الجديدة، وإمكانية تأخر التحصيلات من جانب العملاء، بما يمكن أن يكون هناك تعثر فى معدلات السداد.
وأشار إلى أن التغيرات المفاجئة فى السوق، غالبًا ما ينتج عنها نوع من التحفظ من جانب عملاء نشاط التأجيرالتمويلى، موضحًا أن النشاط عادة ما ينمو فى مناخ مستقر.
وأضاف أن التضخم سيؤدى إلى زيادة أسعار معدات الإنتاج والتى تُمثل جانبا كبيرا فى تمويلات التأجير التمويلى، وبالتالى تريث الشركات فى إجراء أى من التوسعات، إلى جانب زيادة عامل تكلفة الفائدة.