معهـد التمـويـل الـدولـى يتوقع تجاوز نمو الناتج المحلى الإجمالى لمصـر %4 فى 2021/ 2022

الاقتصاد يحافظ على استقراره فى مواجهة جائحة «كورونا»

معهـد التمـويـل الـدولـى يتوقع تجاوز نمو الناتج المحلى الإجمالى لمصـر %4 فى 2021/ 2022
خالد بدر الدين

خالد بدر الدين

6:58 ص, الثلاثاء, 16 فبراير 21

توقع (IIF) أن يبدأ مرحلة التعافى والنمو بما يزيد عن %4 بحلول السنة المالية المقبلة ، بعد أن استطاع تحمل تداعيات وباء فيروس كورونا بدعم من حزمة محفزات اقتصادية ومجموعة من التدابير الصحية الفعالة والمنفذة فى الوقت المناسب.

وأكد المعهد أن استخدام مجموعة من الاجراءات النقدية والمالية الشاملة وتمويل ملائم وكاف من صندوق النقد الدولى ساهم فى تقوية ودعم الاقتصاد المصرى ليحافظ على استقراره وآفاق نموه.

وقال جاربيس إيراديان كبير الاقتصاديين بالمعهد المختص بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «مينا MENA» إن مصر هى الدولة الوحيدة التى تمكنت من تجنب الانكماش فى عام الوباء، غير أن النمو الاقتصادى من المتوقع أن يتراجع قليلا من 3.6 % خلال السنة المالية 2019 – 2020 إلى 2.3 % فى السنة المالية 2020 – 2021، مشيراً إلى أنه سيواصل الزيادة خلال السنة المالية القادمة بدعم من السياسات النقدية والمالية المناسبة والتقدم الذى أحرزته الحكومة قبيل ظهور مرض كوفيد 19.

مصر الأقل فى عدد الإصابات والوفيات بالمنطقة

الدولة الوحيدة بمنطقة «مينا» التى لم تتعرض للانكماش

وذكر المعهد أن هذا النمو فى الاقتصاد المصرى قد يتجاوز 5 % خلال الثلاثة فصول القادمة من العام الجارى، ولاسيما أن تمويل الصندوق سمح للسلطات المصرية بأن تنفذ حزمة من الاستجابات الطارئة التى ساعدت على تحقيق زيادة كبيرة فى الإنفاق على المجالات الصحية والاجتماعية وتوفير الدعم للقطاع الخاص بجميع المجالات.

ورغم أن سياسة الإغلاقات كانت أقل تشددا من الدول المجاورة فى منطقة «مينا – MENA»- إلا أنها سجلت وفيات وإصابات أقل بكثير من معظم هذه الدول،حيث توقفت عند 10 آلاف وفاة و173 ألف إصابة، بالمقارنة مثلا مع تركيا التى ارتفعت الوفيات فيها إلى أكثر من 27 ألف ضحية و2.6 مليون حالة.

ولم تكن للإغلاقات الجزئية والقيود الأخرى التى طبقتها الحكومة للحد من تفشى العدوى تداعيات كبيرة على النمو الاقتصادى خلال النصف الثانى من السنة المالية الحالية حيث استطاع المستهلكون والشركات أن يجدوا وسائل ويبتكروا طرقا للتكيف مع الجائحة والتعايش معها، والاستفادة من التقدم الهائل فى التحول الديجيتال والتكنولوجيا المالية.

المحفزات الحكومية وصندوق النقد الدولى يدعمان النمو

ورغم ذلك يؤكد معهد التمويل أن هذه التوقعات يشوبها بعض الشكوك الاستثنائية لأنها تعتمد على تطور الوباء والتقدم فى جبهة اللقاحات سواء فى مصر أو على مستوى العالم، ومدى ظهور أمصال للتعافى من السلالات الجديدة من فيروس كورونا المتحور، الذى ظهرت آثاره فى العديد من الدول، بداية من بريطانيا إلى جنوب أفريقيا وحتى اليابان، لتهدد بحدوث المزيد من الإصابات والوفيات فى العديد من دول العالم.

نمو الناتج المحلى الإجمالى

تراجع التضخم عند 7 %

يتميز موقف السياسة النقدية بالقوة نسبيا لدرجة أنها يمكنها أن تنفذ المزيد من تقليص أسعار الفائدة فى ظل غياب الضغوط التضخمية، مع توقع تراجع معدل التضخم المستهدف عند 7 % ( بزائد أو ناقص 2 %) فى الربع الأخير من العام القادم، ولاسيما أن التضخم الأساسى استمر فى الانخفاض طوال 12 شهرا ليهبط إلى 3.8 % بنهاية يناير الماضى.

«المركزى» يخفض أسعار الفائدة 400 نقطة

خفض البنك المركزى أسعار الفائدة 400 نقطة أساس منذ نهاية 2019 وحافظ على أسعار قروض وودائع الليلة الواحدة حتى 4 فبراير الجارى عند 8.25 % و9.25 % على الترتيب.

كما نفذ البنك المركزى حزمة من التدابير الاقتصادية التى قدمت المزيد من التمويل والدعم منها توفير 100 مليار جنيه (تمثل 1.7 % من الناتج المحلى الإجمالى) ضمانا لتغطية القروض المقدمة بأسعار فائدة مميزة للقطاعات الزراعية والصناعية، وتأجيل حتى 50 % من قيمة الأقساط الشهرية لعملاء البنوك الذين يواجهون صعوبات فى تسوية قروضهم،وتمديد مبادرة الإقراض الحالية لقطاع السياحة حتى نهاية العام الحالى، كما زادت القروض المقدمة للاقتصاد بنسبة 21 % فى ديسمبر الماضى بالمقارنة بنفس الشهر عام 2019.

النظام المصرفى يتحصن فى مواجهة صدمة كورونا

يتمتع النظام المصرفى المصرى طبقا لتقرير معهد التمويل الدولى باستعدادات قوية لمواجهة صدمة وباء كورونا لدرجة أن معدل كفاية رأس المال الأساسى أصبح مرتفعا عند 17.7 %، ليستعيد القطاع البنكى عافيته من صافى الأصول الأجنبية خلال الشهور الأخيرة ليصل إلى 3.8 مليار دولار فى ديسمبر الماضى.

و قامت الحكومة بتمدد برنامجها الاجتماعى مع التركيز على معالجة الأزمة الصحية الطارئة ودعم الطبقات المهمشة من خلال تمديد برنامج تحويل السيولة المالية لمعاشات تكافل وكرامة.

كما خفضت الحكومة أسعار الكهرباء للقطاعات الصناعية والسياحية مع تأجيل سداد الضرائب على مكاسب رأس المال لحين إشعار آخر، صاحبها فرض ضريبة بنسبة %1 على مرتبات العاملين فى القطاعين العام والخاص وتخصيصها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة الأكثر تأثرا بالوباء.

ويتوقع المعهد أن يصل العجزالمالى إلى 8.5 % من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية 2020/ 2021 بسبب هبوط النمو فى إيرادات الضرائب وارتفاع الإنفاق، مشيرا إلى أن الدعم المالى القوى سيظهر أكثر مع انحسار أزمة كورونا لتعود نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى لمسارها النزولى مرة أخرى.

وتبين توقعات المعهد أن الدين العام سيصل إلى 92 % من الناتج المحلى الإجمالى بحلول يونيو القادم،وبضرورة تحقيق فائض أولى بنسبة 2 % من الناتج المحلى الإجمالى على الأقل لجعل الدين يتجه للمسار النزولى.

انتعاش السياحة فى الأعوام القادمة

الديون قصيرة الأجل وتمويل الصندوق

ساعدت الديون قصيرة الأجل والتمويل المقدم من صندوق النقد الدولى على تخفيف احتياجات التمويل الخارجى لمصر، كما دعمت الاحتياطى الرسمى ليرتفع من 36 مليار دولار فى مايو الماضى إلى 40 مليار دولار فى يناير الماضى .

الأجانب يتدفقون على سوق الدين

يتدفق المستثمرون الأجانب على سوق الدين المصرية منجذبين بالعوائد المرتفعة، واستقرار أسعار صرف العملات الأجنبية وبرامج صندوق النقد الدولى التى تدعم الاقتصاد المصرى.

ويتوقع إيراديان أن ارتفاع صافى تدفقات رأس المال (التدفقات الأجنبية التى تدخل البلاد مطروحا منها خروج الاستثمارات من مصر) بأكثر من الضعف خلال السنة المالية الحالية بفضل الانتعاش الأخيرفى ممتلكات الأجانب لأذون الخزانة.

وقال معهد التمويل إن الاستثمار الأجنبى المباشر يبلغ 5 مليارات دولار يتركز معظمه فى قطاع الطاقة، مشددا على أهمية التنوع فى جذب المزيد من الاستثمارات فى قطاعى التصنيع والاقتصاد الرقمى، متوقعا أن تتجه الحكومة المصرية للأسواق الدولية هذا العام لتلبية احتاجاتها من التمويل اللازم للعديد من المشاريع.

مرونة أسعار الصرف

ساهمت المرونة الكبيرة التى يتمتع بع بها سعر الصرف الأجنبى فى دعم الاقتصاد المصرى وساعدته على تحمل أى صدمات خارجية أخرى قادمة مع تحسن القدرات التنافسية.

وأكد التقرير أن تحقيق نمو اقتصادى مستدام وأكثر ارتفاعا فى الفترة المقبلة يتطلب التركيز على التحديات الهيكلية الكبرى التى يجرى مواجهتها ومنها القواعد التنظيمية، والحوكمة، والمنافسة، وضعف المؤسسات، ومعوقات الاستثمار فى القطاع الخاص.

هبوط التضخم

القطاع الخاص .. الخاسر الأكبر

قال خبراء معهد التمويل الدولى أن دعم القطاع الخاص فى جميع المجالات وتقديم المحفزات الاقتصادية له أمرا ضروريا حتى ينهض باعتباره الشريك الآخر فى مسيرة التنمية فى البلاد، وطالبوا الحكومة باتخاذ عدة قرارات تساهم فى إصلاح التعيينات الحكومية وتخفيف قبضة الحكومة على الاقتصاد لتحسين المرونة وتعزيز النمو وتوصيل أكبر قدر من المنافع لجميع المصريين.

الرابحون من الوباء

وشددوا على أهمية المصارحة والمكاشفة حول العديد من المشروعات الحكومية المملوكة للدولة لتصبح أكثر شفافية وإفصاحا لبياناتها المالية، وتعديل قانون المنافسة وتقديم دعم عادل لجميع المشاركين مما يؤدى إلى زيادة الإنتاجية وتوفير المعروض من العمالة المؤهلة المطلوبة لرفع النمو المستهدف للاقتصاد.

وأبدى المعهد توقعات متفائلة بفضل التقدم الذى أحرزته الدولة فى التحول الرقمى الذى يحسن بدوره المنافسة ويزيد من إنتاجية العامل ورأس المال ، ولاسيما أن الوباء ساعد على تسريع الطلب على التجارة الإلكترونية والتعاملات الأونلاين.

انجازات فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات

حققت الحكومة المصرية تطورا وتقدما ملحوظا فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال الاستثمار الكبير فى تعزيز الإنتاجية والكفاءة وبرامج التدريب والخدمات الديجيتال وتطوير البنية التحتية ووضع استراتيجة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لعام 2030، التى تشمل التحول الديجيتال فى التعليم والرعاية الصحية والخدمات الحكومية الأخرى.

ومن المتوقع أن تنتقل معظم الإدارات الحكومية إلى العاصمة الإدارية الجديدة التى تقع على مسافة 50 كيلو مترا شرق القاهرة بحلول يونيو القادم .

وأشار التقرير إلى أهمية زيادة رأس المال لدعم الانتعاش الاقتصادى لأن مصر تحتاج إلى تقوية استثمارات القطاع الخاص الضعيفة والتى تحوم حول %12 تقريبا من الناتج المحلى الإجمالى فى السنوات الأخيرة، على عكس الاستثمارات العامة الحكومية التى تزداد بدعم الإنفاق الهائل على المشروعات الضخمة.

ويساهم تشجيع الاستثمارات الخاصة ولاسيما فى النقل والبنية التحتية الديجيتال فى توفير المزيد من الوظائف وتخفيف صدمات الطلب المحلى المرتبطة بمرض كوفيد 19 والتى قد ينجم عنها آثار سلبية على الأجل الطويل فى مسار النمو الاقتصادى.

الطفرات المتحورة من الفيروس المميت

وتأتى المخاطر المحتملة فى التوقعات المستقبلية من الشكوك حول مدى انتعاش النمو الاقتصادى العالمى ونجاح التطعيمات وسرعتها فى تخفيف الوباء وانحسار الأزمة الصحية العالمية التى تسببت فى قفزة هائلة فى عدد الإصابات بكورونا بما يقرب من 110 مليون حالة حتى الآن، رغم أنها بلغت 10 ملايين حالة فقط خلال الستة شهور الأولى من ظهور الوباء، مما يعنى أن العديد من حكومات الدول قد تفرض المزيد من القيود على الأنشطة الاقتصادية فى الشهور المقبلة خصوصا مع ظهور الطفرات المتحورة من الفيروس المميت.