أعلن معهد الدراسات السياسية والأمريكيين من أجل العدالة الضريبية «PSATF» أن ثروات المليارديرات فى الولايات المتحدة قفزت بحوالى %45 أو ما يعادل 1.3 تريليون دولار منذ بدء وباء كورونا لتتجاوز 4.2 تريليون دولار حتى بداية شهر مارس الجارى.
وذكرت وكالة رويترز أن ثروات أغنى أثرياء الولايات المتحدة تضخمت – منذ أن أعلنت منظمة الصحة العالمية فى مارس الماضى أن مرض «كوفيد- 19» بات وباء عالميا – لتبلغ حوالى %20 من حجم الاقتصاد الأمريكى مع نهاية العام الماضى، وتتجاوز ضعف نصف سكان الولايات المتحدة من شريحة الأقل دخلا والمقدرعددهم 165 مليون نسمة وفقا لإحصائيات المعهد.
ونشرت مجلة «فوربس» الأمريكية أن حوالى %67 من مليارديرات العالم حققوا خلال العام الماضى ثروات قياسية لأول مرة فى التاريخ بفضل مئات المليارات من الدولارات التى ضختها الحكومات لدعم الشركات والأفراد أثناء الركود الاقتصادى الناجم عن فيروس كورونا الذى أدى إلى إغلاقات للعديد من الأنشطة الصناعية والتجارية والترفيهية للحد من تفشى العدوى.
ثروات الأغنياء فى العالم قفزت بأكثر من 20%
وترى مجلة «فوربس» التى تتبع ثروات الأغنياء فى العالم والمعلن عنها فى وسائل الإعلام أن ثروات المليارديرات قفزت بأكثر من %20 خلال 2020 لتسجل أرقاما قياسية برغم أن الاقتصاد العالمى واجه أسوأ موجة من الركود منذ الحرب العالمية الثانية فى عام 1945.
وكشف فرانك كليمنتى المدير التنفيذى لمعهد « PSATF» أنّ عدد المليارديرات ارتفع إلى 651 أمريكيا خلال عام الوباء وأن الولايات المتحدة لم تشهد من قبل مثل هذا التراكم للثروة فى أيدى قلة من الناس وأن قيمة الأرباح التى حققوها تتجاوز حزمة إنعاش الاقتصاد الأمريكى التى أقرها الكونجرس.
ثروة مليارديرات العالم تجاوزت 10 تريليونات دولار
ولكن ثروات مليارديرات العالم سجلت رقما قياسيا جديدا أيضا بلغ أكثر من 10 تريليونات دولار العام الماضى، ليرتفع عن أعلى مستوى سجلته فى التاريخ والذى صعد إلى حوالى 8.9 تريليون فى عام 2017.
ومع ذلك تسبب وباء كورونا فى انهيار سوق الأوراق المالية فى مارس الماضى وأدى إلى خروج البعض من نادى أصحاب المليارات، قبل حدوث انتعاش حاد فى أسهم التكنولوجيا والرعاية الصحية عززت ثروات المليارديرات فى تلك القطاعات، وكذلك فى بعض شركات مبيعات التجزئة الإلكترونية وشركات السيارات الكهربائية فى الولايات المتحدة.
ويركز مليارديرات العالم حاليا على عقد اجتماعات مكثفة مع مدراء ثرواتهم ولاسيما فى مجالات التكنولوجيا والرعاية الصحية والمبيعات الإلكترونية لبحث كيفية الحفاظ على المليارات التى كسبوها وسط الركود العالمى ومكافحة تداعيات الفيروس المميت بينما يسعى أغنياء آخرون للحصول على دعم من الحكومات لتعويض جزء من التكاليف التى تحملوها بسبب الخسائر التى تكبدوها نتيجة الوباء وخصوصا فى شركات الطيران والتسلية والترفيه والمطاعم وغيرها.
دعوة لسد الفجوة بين الأغنياء والفقراء
وقال موريس بيرل – العضو المنتدب فى شركة بلاكروك ورئيس مجلس إدارة وحدة «المليونيرات الوطنيون» التى ترى أن أغنى المليارديرات يتعين عليه بذل بعض الجهد لسد الفجوة بين الأثرياء والفقراء – إن أسواق المال تكبدت خسائر خلال النصف الأول من العام الماضى ولكن محفظته المالية بدأت تتعافى بعد يوليو لتصل إلى ما كانت عليه قبل الوباء ثم حققت مكاسب أكثر خلال شهور العام الجديد حتى الآن.
وأكد أن المشكلة الجوهرية أن الفجوة بين الأغنياء تتفاقم أكثر وأكثر وباتت أسوأ خلال عام الوباء مع تسريح ملايين الموظفين بسبب الإغلاقات العديدة للمصانع والشركات والمطاعم.
الأثرياء يتجهون للتهرب الضريبى خوفا من «كورونا»
ووجد استطلاع رأى قام به المحللون فى وكالة رويترز مع 20 مستشارا فى صناديق إدارة الثروات والعديد من المليونيرات والمليارديرات أن كبار الأثرياء اتجهوا أيضا إلى تحويل أموالهم ونقل أنشطتهم إلى صناديق استثمارية وإلى بلاد أخرى أو ولايات أخرى داخل الولايات المتحدة للتهرب الضريبى والاستفادة من نظمها الضريبة المتساهلة.
وكشف روب فيبر المدير التنفيذى لشركة «تايدمان كونستانتيا» فى سويسرا أن بعض العملاء يخططون لبيع أصولهم الكبرى وأنشطتهم قبل رفع أسعار الضريبة بعد أن أعلن الرئيس الأمريكى جو بايدن أنه سيرفع معدلات الضرائب على الأثرياء الذين يحاولون حاليا إنشاء صناديق خاصة لأسرهم لتقليل ثرواتهم حتى لا يدفعون ضرائب مرتفعة.
وتساعدهم هذه الصناديق على نقل أموالهم لأطفالهم أو أقاربهم فى ظل حد الإعفاء الضريبى الحالى الذى يبلغ 11.7 مليون دولار لكل شخص غير أن جو بايدن يسعى للعودة إلى مستويات عام 2009 التى كان عندها حد الإعفاء الضريبى حوالى 3.5 مليار دولار فقط.
انتعاش صناديق الثروات العائلية بالربع الماضى
وأشارت الفينا لو الخبيرة الإستراتيجية فى إدارة الثروات فى شركة «ويلمينجتون تراست» لصناديق المواريث العائلية إلى أن إنشاء هذه الصناديق انتعش كثيرا خلال الربع الماضى عندما تعهد «بايدن» خلال حملته الانتخابية برفع أسعار الضرائب على الأغنياء على عكس دونالد ترامب الذى كان يشجع خفض الضرائب على الأثرياء.
وأوضح ماكسيميليان كونكيل رئيس قسم الاستثمار فى مكاتب ثروات العائلات فى بنك «UBS» أنه عندما تهبط أسعار الأصول يتجه كبار العملاء فى البنك إلى الاستفادة من عمليات تحويل الثروات من أنشطة معينة إلى أنشطة أخرى ولاسيما مع تضخم ديون الحكومات وتزايد الاضطرابات الاجتماعية بسبب ارتفاع أعداد العاطلين عن العمل لاتجاه الشركات لتسريح العاملين بسبب الإغلاقات والركود الاقتصادى فى العالم.
ويؤجل العديد من الأثرياء إرسال إقراراتهم الضريبة لمصلحة الضرائب فى الدول المتقدمة فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لحين الانتهاء من توزيع أموالهم على صنايق المواريث العائلية من أجل أطفالهم وأقاربهم.
كما أعلن جاسون كين الخبير الإستراتيجى لإدارة الثروات فى شركة بوسطن برايفت الأمريكية لإدارة الأموال الذى أكد أيضا أن الأسر ذات الثروات الضخمة تحاول نقل أصول أخرى مثل أنشطة الأعمال إلى هذه الصناديق والاستفادة من الظروف الفريدة التى وفرها وباء كوونا الذى جعل أسعار الفائدة المنخفضة مستمرة لشهور طويلة قادمة وأدى إلى هبوط تقييمات الأصول المختلفة مما سيساعد على تحقيق وفورات ضريبية لسنوات قادمة.
توزيع الثروات على الأطفال والأقارب للتهرب الضريبى
وتضاعف عدد طلبات الأسر الثرية الأمريكية التى تحاول توزيع ثرواتها على أطفالهم وأقاربهم بحوالى %300 خلال الثمانية شهور الأولى من إعلان وباء كورونا بحسب «كين» الذى قال إن 75 %إلى %80 من الأسر الغنية مقتنعة بأن الوقت الحالى يمثل فرصة ذهبية لتقليص حجم الضرائب التى يدفعونها بسبب تداعيات الوباء.
وتتجه الأسر الثرية فى دول أخرى إلى نقل ثرواتهم وأنشطتهم إلى مناطق وبلاد أخرى ولاسيما سويسرا ولكسمبورج وسنغافورة حيث تتميز حكوماتها بانخفاض المعدلات الضريبية ومجتمعاتها بالتساهل مع الأثرياء وليس لديها مشكلات مع درجة الشفافية أو حجم الفساد كما ذكر باباك داستمالتسكى رئيس قسم إستراتيجة العملاء فى إدارة الثروات الدولية فى بنك كريدى سويس السويسرى.
ارتفاع طلبات أثرياء أمريكا للسفر إلى بريطانيا %206.
وتلقت شركة هينلى اند بارتنرز البريطانية المتخصصة فى منح الجنسية والإقامة بلندن طلبات عديدة من الأثرياء الأمريكيين والبرازيليين خلال العام الماضى لدرجة أن حجم طلبات أثرياء أمريكا قفز %206 بالمقارنة مع عام 2019 وحوالى %156 من البرازيل خلال نفس الفترة يريدون نقل أنشطتهم لبريطانيا.
ويحاول أيضا الشباب من العائلات الغنية فى دول الأسواق الناشئة البحث عن فرص للسفر للدول الأجنبية المتقدمة بسبب تزايد مخاوفهم من تدهور الخدمات العامة وعدم قدرة حكوماتها على مواجهة الاضطرابات الاجتماعية الناجمة عن تداعيات الوباء وتزايد معدلات الفقر فيها ولاسيما أن «كوفيد 19» جعلهم يكتشفون أن نظم الرعاية الصحية يعتريها القصور وعدم الكفاءة وشبكة الضمان الاجتماعى غير كافية بحسب بياتريز سانشيز رئيس قسم أمريكا اللاتينية فى شركة جوليوس باير لإدارة الثروات العالمية.
وأعلنت أيضا سيندى أوسترانجر مديرة تحصيل الضرائب بشركة كلارفيلد لثروات المواطنين الخاصة أنها شهدت خروج العديد من العملاء الأثرياء من نيويورك وسفرهم منذ أواخر العام الماضى إلى المدن الأجنبية التى يقضون فيها عادة إجازاتهم ومنها هامبتون البريطانية للهرب من انتشار الوباء فى الولايات المتحدة التى تتصدر العالم فى عدد الإصابات والوفيات الذى بلغ أكثر من 30 مليون حالة و حوالى 550 ألف ضحية حتى الآن وظلوا هناك حتى الآن لدفع ضرائب أقل.
تكساس وواشنطن وفلوريدا الأفضل ضريبيا للمليارديرات
ومن المدن الأمريكية التى تتميز بانحفاض أسعار الضرائب فيها تكساس وواشنطن وفلوريدا والتى ارتفع سفر الأثرياء الأمريكيين إليها مؤخرا كما أكدت كريستى هانسون مديرة بحوث الضرائب فى شركة «NEPC» للاستشارات الاستثمارية للثروات الخاصة.
وساعد الوباء على اهتمام الأثرياء بالمشكلات الاجتماعية وسد الفجوة بين الأغنياء والفقراء كما أشارت جودى سبالتهوف رئيسة الاستشارات العائلية والأعمال الخيرية فى الفرع الأمريكى لبنك «UBS» والتى أعلنت أن التبرعات لبرنامج مكافحة الجوع قفزت بحوالى %74 العام الماضى لتتجاوز 1687 مليون دولار بالمقارنة مع عام 2019 بينما يرى جارى ستيفنسون المليونير البريطانى والمضارب السابق فى «سيتى بنك» أن معالجة الفجوة بين الأثرياء والفقراء يجب أن تشمل رفع الضرائب على إجمالى الثروات وليس فقط دخولهم الشهرية أو السنوية.