Find Out More

Is your organization one of the Best Places to work in Egypt

workL

معركة ممتدة مع جذور الفساد

مع أن الفساد يعانى من ويلاته الكثير من دول العالم، ربما بصورة أشد سطوةً وذكاءً والتواءً عما يحدث فى بلداننا المنكوبة بتاريخ طويل من الفقر والجهل والمرض، فإن ذلك ليس مبرراً للتغاضى أو التقليل من شأن مخاطره الممتدة على المجتمع المصرى.. منذ تمركزت الثروة بأساليب ليست غير عادلة فى يد «ولى النعم&ra

معركة ممتدة مع جذور الفساد
جريدة المال

المال - خاص

9:34 ص, الأحد, 15 يناير 17

مع أن الفساد يعانى من ويلاته الكثير من دول العالم، ربما بصورة أشد سطوةً وذكاءً والتواءً عما يحدث فى بلداننا المنكوبة بتاريخ طويل من الفقر والجهل والمرض، فإن ذلك ليس مبرراً للتغاضى أو التقليل من شأن مخاطره الممتدة على المجتمع المصرى.. منذ تمركزت الثروة بأساليب ليست غير عادلة فى يد «ولى النعم» مطلع القرن 19.. قبل أن تنتقل فى نهاياته لأيدى «مائتى عائلة»- وفقاً لتعبير د.بطرس غالى- وشكلت نخبتها غالبية أعضاء «لجنة الثلاثين» المنوط بها وضع دستور 1923، مقتطعة – بحسب محاضرها الموثقة – جوانب من حقوق الشعب الديمقراطية، ناهيك عن المتحلقين المحدودين (نصف فى المائة) حول فتاتهم، فيما الفاقة على اختلاف صورها تمسك بتلابيب باقى فئات المجتمع، ذلك قبل أن تطرق أسماعهم فى مطلع الخمسينيات ما يسمى سيطرة رأس المال على الحكم.. وعن حركة التطهير الإدارى التى طالت كبار الموظفين وصغارهم فى مختلف الدواوين الحكومية.. لم تستثن ضباطاً من الجيش والبوليس، إلى تشكيل محاكم ثورية للتحقيق مع سياسيين بتهم التربح واستغلال النفوذ والفساد السياسى، ولتمضى الأحوال بمصر فى الخمسينيات والستينيات على هذا النحو من الردع التقريبى لمظاهر الفساد التى أصبحت أكثر حرصاً فى التخفى دون أن ينقطع دابرها فى ظل وبسبب شيوع العمل بسياسة «رأسمالية الدولة».. والقطاع العام، وإن كانت أخف وطأة مما كانت عليه عن ذى قبل.. كما لم تصل إلى الحد العشوائى المخيف الذى بلغته مع سياسة الانفتاح ابتداءً من منتصف السبعينيات. حيث جرى، على سبيل المثال، سن قوانين تسمح لجهات قضائية الجمع بين – وظائفهم- مع العمل بالقطاع الخاص.. وبالمشاركة فى المناقصات الحكومية لأكثر من مائة ألف جنيه.. ناهيك عن إلغاء جهاز «الرقابة الإدارية» 1980 لمجرد تجرؤها بإصدار مجلد عن «الخلل الإدارى» بالدولة، ما فتح الأبواب على مصراعيها لغير الشرفاء للرشوة والفساد واستغلال النفوذ، على النحو الذى تكشّف جزء منه فى الأيام الأخيرة، كغيض من فيض يلزمه المزيد من إجراءات ضبط طوفانه المدمر.

فى العام 1982.. اتجهت الدولة للإعلان عن عزمها مكافحة الفساد.. من خلال محاكمة آحاد رموزه (…)، سرعان ما عادوا بشكل أو آخر لممارسة نشاطهم، وليصدق وقتئذ قول أحد المؤسسين للفساد منذ الستينيات (..) بأنه لو خلصت النوايا بالفعل للتخلص من الفساد… فإن الأمر سوف يستغرق ما لا يقل عن خمسين عاماً للقضاء عليه، وبما أن النوايا لم تكن خالصة فقد استفحل الفساد واستشرى عن أى مرحلة سابقة.. تحت مظلة ما أسماه أكاديمى اقتصادى بارز «رأسمالية المحاسيب»، إلى أن قامت ثورات المصريين- لا تزال- منذ ستة أعوام.. فى صدارة أهدافها القضاء على الفساد المالى والإدارى الذى يأكل الأخضر واليابس من ثروات مصر وقوت مواطنيها المطحونين لما يزيد على قرنين من الزمان.

مع مشارف العام الحالى، تبدو ملامح جدية لتعقب بؤر الفساد واستئصالها.. حيث تتكسر النصال على النصال فى معركة طويلة ليست هينة حيث دهاقنة الفساد كالبنيان المرصوص جنباً إلى جنب يدافعون بشراسة عن مصالحهم بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة.. ما أن يسقط أحدهم إلا ويسارع الآخرون فى إفراز وسائل بديلة جديدة فى معركة لا تبدو لها نهاية مع جذور الفساد.

جريدة المال

المال - خاص

9:34 ص, الأحد, 15 يناير 17