تناولت الجلسة الأولى من مؤتمر المال للتطوير العقارى الذى عقد الأحد الضوابط الجديدة للقطاع ورؤية مسئولى القطاع لها، على صعيد دورها فى تنظيم المبيعات، والسوق، ومدى الحاجة إلى مزيد من القواعد لتنظيم نقاط أخرى لم يتم تناولها.
وكان من بين محاور النقاش أيضًا الرؤية المستقبلية للتنمية العقارية فى مصر، فى ظل القواعد الجديدة وتأثيرها على شركات التطوير، خاصة تلك المتوسطة والصغيرة الحجم، ومدى صحة التزام الشركات الجادة بالنسبة الأكبر من هذه الضوابط فى مشروعاتها، والحاجة لتدخل البنوك لتوفير التمويلات.
وخلصت الجلسة إلى ضرورة رفع القطاع البنكى يده عن التمويلات العقارية، نظرًا لما يتحمله المطورون من فائدة مرتفعة على القروض، فضلًا عن صعوبة حصولهم على التمويلات، نتيجة المخاوف المسيطرة على المصارف من عدم استرداد أمواله مجددا.
واقترح الحضور أن يتم تمويل العقارات عبر سندات توريق، أو صناديق استثمار عقارى، أو يعيد البنك المركزى النظر فى الضوابط الموضوعة لإقراض المطورين العقاريين.
أدار الجلسة حازم شريف، رئيس تحرير جريدة المال، وكان ضيوفه فيها المهندس خالد عباس، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذى لشركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، والمهندس طارق شكرى، رئيس غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات، ووكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، والمهندس محمد الطاهر، الرئيس التنفيذى للشركة السعودية المصرية للتعمير، والمهندس شريف حمودة رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة GV للتنمية العمرانية.
قال خالد عباس، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذى لشركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، إن الشركة حاليا تقوم بالاستعداد لنقل الحكومة بالكامل مع مطلع العام المقبل.
ولفت “عباس” إلى أن عملية نقل الوزارات ستستغرق نحو 3 أشهر، إذ تبدأ مطلع يناير وتنتهى آخر مارس.
وأشار إلى أن الشركة تمتلك محفظة أراض مساحتها 230 ألف فدان، واوشكت على الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروعاتها بالعاصمة الإدارية بمساحة 40 ألف فدان، وتخطط لإطلاق 3 مراحل أخرى، وستبدأ المرحلة الثانية من مشروعاتها قريبا.
وكشف “عباس” عن وصول حجم أصول شركة العاصمة الإدارية لما يتراوح من 250 إلى 300 مليار جنيه، لافتا إلى أن إدارة كيان كبير كالعاصمة الإدارية مثل تحديًا كبيرًا، وأنها أول مدينة ذكية فى مصر.
وأكد أن هناك مجالات كثيرة للاستثمار بالعاصمة الإدارية الفترة المقبلة، وأنه تم وضع خطط على مدى زمنى يتراوح بين 3 لـ 6 أشهر.
ولفت “عباس” إلى أنه ليس هناك أى مشكلات تواجه العاصمة الإدارية فى مشروعاتها، وإنه يجرى حاليًا اختبار مركز التحكم الخاص بالمدينة، وأن أكبر تحدٍ يواجهها حاليًا هو الإنجاز فى المواعيد المحددة.
وأكد أن الاستثمار العقارى لا يقتصر على الوحدات السكنية فقط، وإنما يشمل القطاع الخدمى، مثل المستشفيات والمدارس والعقارات الصناعية، وجميعها فرص استثمارية جيدة فى ظل الزيادة السكانية.
وقال “عباس” إن هناك مشكلة كبيرة فى قطاع العقارات بمصر، وهى عدم وجود معلومات وبيانات متاحة لحجم السوق، والطلب، والمشروعات، وهو ما يخلق حالة من القلق لدى البنوك، ويدفعها لحساب المخاطرة وفقا لحساباتها الخاصة، وتنتج عنه زيادة الفوائد على المطورين.
وتطرق “عباس” إلى الإجراءات التى تتبعها شركة العاصمة فى هذا الصدد، لافتا إلى أنها شركة خاصة تملكها الدولة واللائحة الخاصة بها لائحة للقطاع الخاص، لذا تحرص على ضمان حقوقها عبر دراسة الملاءة الفنية والمالية للمطورين العاملين.
وتابع: أقرت العاصمة الإدارية تيسيرات للمطورين العاملين، معها عبر منح فترة للتنفيذ 6 أشهر، وفترة 6 أشهر لجدولة المديونيات حسب الجدية، مؤكدًا أن %99 من المطورين العاملين مع الشركة يتسمون بالجدية والالتزام.
وكشف أن العاصمة الإدارية تقوم حاليًا بالعمل على تطبيق إلكترونى خاص يتم من خلاله تقديم التصميمات وإصدار الرخص.
وأضاف أننا وضعنا ضوابط للسوق وفقا لمساحة المشروع ومنها ضع %30 من المبيعات بالبنك قبل بدء المشروع، ووضع نسبة للاستردادات، لافتا إلى أنه سيتم الاجتماع مع “المركزي” قريبًا لمناقشة ضوابط إقراض المطورين العقاريين.
وأكد “عباس” ضرورة الاتفاق على وجود بيانات متاحة ودقيقة للسوق العقارى فى مصر (المبيعات – المشروعات- الطلب- عدد الشركات)، وهى أحد العوامل التى ستساعد على تطوير السوق والنهوض به.
وأدلى فى نهاية الجلسة بعدد من التوصيات بشأن الضوابط الخاصة بإقراض المطورين، مؤكدًا أن الظروف الاستثنائية تتطلب قرارات استثنائية بضوابط، يجب أن يكون هناك مجموعة عمل من القطاع الخاص ووزارة الإسكان والمركزى لمراجعة الضوابط التى يقرها البنك لإقراض المطورين ويتم إقرارها من المصارف خلال الأسبوعين المقبلين، وأن تفصح الشركات عن بياناتها.
وبدأ محمد الطاهر، الرئيس التنفيذى للشركة السعودية المصرية للتعمير، دوره بالجلسة مع إجابة رئيس تحرير جريدة المال عن سؤال متى يجب التوقف عن حماية العميل؟
وقال “الطاهر” إن الدولة تتدخل وتضطلع بدورها المنظم عندما تجد خطورة على العميل، وإنه يرى أن دور المنظم حاليًا وضع ضوابط للمطورين للوفاء بالتزاماتهم، إلا أن المنظم يأخذ دوره منحى آخر عبر المساهمة فى تخطيط العقارات والطاقة الاستيعابية لها، مع الحفاظ على البنية التحتية، إلا أنه يجب النظر هل ستوفى هذه المنتجات العقارية احتياجات العملاء على اختلاف فئاتهم.
ويرى “الطاهر” إن مشكلة المطورين العقاريين ليست فى السيولة المتاحة لتنفيذ المشروعات فقط، وإنما أيضًا فى الملائمة مع السوق، وهو ما يطلق عليه الملاءة الفنية، خاصة أن الملاءة المالية ليست الضمانة الوحيدة لنجاح المشروع.
وأكد الطاهر أن هناك ضرورة لاستقلال سوق التمويل العقارى عن البنك المركزى، من خلال اصدار سندات أو إطلاق صناديق استثمار عقارية تُمول المشروعات، إذ يعانى المطورون العقاريون لأجل الحصول على تمويلات بنكية جراء حالة التخوف التى تسيطر على القطاع البنكى، والتى تنتقل بدورها إلى الشركات العقارية عند بيع المشروعات للعملاء.
ولفت إلى أن الشركات العقارية تتحمل فوائد إضافية أعلى من تلك المقرة بنسب تتراوح من 2 إلى %3، ما يمثل عبئًا على الشركات، لذا يجب أن يخرج القطاع البنكى من أمر تمويل الشركات العقارية، وتصبح هيئة الرقابة المالية هى المسئولة عن ذلك.
وأكد أن المطورين العقاريين حققوا كل الضوابط الموضوعة من قبل الدولة، ولكن الأمر يحمل مخاطرة بالطبع لعدم ضمان النجاح فى تحقيق المستهدف البيعى، جراء الظروف القهرية التى يشهدها السوق حاليا.
وشدد “الطاهر” على ضرورة قيام المنظم باستشارة المطورين بشأن الضوابط التى يتم إصدارها، مؤكدًا أن شركات التمويل العقارى لا تتعثر فى السداد وأعلى نسبة تعثر تصل إلى %5 بما فيها الإسكان الاجتماعى.
وبنهاية الجلسة، طرح “الطاهر” عدة توصيات شملت ضرورة خروج التمويل العقارى من تحت عباءة البنك المركزى، وأن يقوم المطورون العقاريون بتمويل مشروعاتهم عبر سندات تخضع لرقابة هيئة الرقابة المالية، لتجنب الفوائد المرتفعة.
من جانبه، قال المهندس شريف حمودة، رئيس مجلس اداره والعضو المنتدب لشركه GV للتنمية العمرانية، إن شركة العاصمة الإدارية أصبحت اللاعب الأكبر فى السوق العقارية المصرية، وإنه يقع على عاتقها الحفاظ على المستثمرين والمطورين والعملاء، سعيًا للحفاظ على نشاط السوق العقارية المصرى والوصول لأعلى مستويات من النمو.
وأكد أهمية العمل على تخفيف الاجراءات البنكية التى تقدمها البنوك للراغبين فى الحصول على التمويل العقارى، عبر تقليل نسبة الاستعلام عن الملاءة المالية للعملاء، لافتًا إلى أن ذلك سيكون العامل الأكبر لإنعاش السوق العقارية المصرية خلال الفترة المقبلة..
وشدد على ضرورة العمل على تعميق فكرة التصنيع المحلى، بهدف تخفيف الضغط على العملة الصعبة، وتشجيع الصناعة المحلية، منوهًا أن عهد الاعتمام الكلى على فكرة الاستيراد قد انتهى.
وأوضح أن الدولة أصبحت حاليًا تولى اهتمامًا كبيرًا بالمطورين من خلال العمل على سن التشريعات التى تسهم فى ضبط السوق والعمل على تشجيع المطورين والمستثمرين للاستثمار فى القطاع العقارى.
وأوضح أن هناك ما يقرب من 1000 شركة تعمل بالقطاع العقارى فى السوق المصرية، وما يقرب من مليون عميل فى السوق العقارية المصرية يشهد العديد من المعوقات حاليًا، وفى مقدمتها الحصول على التمويل.
وطالب بضرورة اضطلاع الدولة وكل مؤسساتها بدورها فى تدعيم القطاع العقارى، بهدف حل مشكلة الإسكان فى مصر.
واتجه “حمودة” لتسلط الضوء على أهمية القطاع العقارى فى دعم وتنشيط قطاع السياحة، من منطلق العمل على توسيع الرقعة العقارية والمساعدة فى إنهاء الإنشاءات الفندقية التى يحتاج إليها القطاع الفندقى فى الدولة المصرية.
وشدد على ضرورة تدخل البنك المركزى للعمل على رفع الحظر عن القطاع العقارى المصرى، ومنح التمويلات اللازمة من البنوك المحلية بهدف استكمال المشروعات العقارية ودعم المطورين العقارين.
وأكد ضرورة تفعيل ضوابط هيئة الرقابة المالية وأنظمة الحوكمة للعمل على ضمان سريان السوق العقارية، بجانب العمل على إعلان أرقام واقعية معبرة بشكل واقعى، تعكس الحالة الحقيقية للسوق العقارية المصرية.
قال المهندس طارق شكرى، رئيس غرفة التطوير العقارى، ووكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، إننا فى مرحلة استثنائية، مشيرًا إلى أن مصر مرت بمراحل اتسمت بالوفرة، ورخص أسعار المنتجات والقدرة على المنافسة.
وأعرب عن تطلعه لتطبيق القواعد الجديدة على أرض الواقع، فيما لفت إلى مواجهة السوق حزمة من التحديات الصعبة، على رأسها أزمة فيروس كورونا، وحرب روسيا وأوكرانيا، مشيرًا إلى أنها أزمات متتالية أثرت على معطيات أساسية، أبرزها ارتفاع الأسعار.
ولفت “شكري” إلى أنه فى كل ظرف صعب يظهر أصحاب أفكار جديدة ومتطورة، مؤكدًا أن مصر لديها فرصة كبيرة بالرغم من التحديات، مشيرًا إلى أن مصر الدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط التى تمتلك زيادة سكانية بمعدل %2.5 سنويا.
وأوضح “شكري” أن فلسفة التمويل العقارى قائمة على قدرة العميل الائتمانية، سواء من خلال إثبات الدخل، مشيرًا إلى أنه %80 ممن رفضوا فى التمويل العقارى، سددوا قيمة الوحدة نقدًا، ولكن الرفض جاء بسبب عدم قدرته على إثبات دخله، لافتا إلى أن الحل الوحيد يكون فى ألا تكون الضمانة وفقًا لقدرة العميل، وأن نقتدى بالخارج، مؤكدا أن قدرة العميل الائتمانية هى فكرة استراتيجية، لذا الحل هو تغيير الفلسفة، لكى يحدث رواج للسوق.
وذكر “شكرى” أن مشكلة التمويل وتضارب قرارات البنوك مع الجهات التنفيذية تمثل تحديات قوية لنمو القطاع العقارى.
وطرح عدة توصيات بنهاية الجلسة تضمنت ضرورة استمرار الدولة بالدخول فى مبادرات التمويل العقارى بالرغم من اعتراض صندوق النقد الدولى، مؤكدًا أن التمويل العقارى بمفهومه الحالى يجب أن يكون محل فحص فى جلسات استماع حقيقية.
شكرى: تضارب قرارات الجهات التنفيذية تحدٍ قوى
حمودة: يجب على الدولة وكل مؤسساتها تقديم الدعم
الطاهر: ضرورة استقلال التمويل عن القطاع المصرفى
كتب ـ فريق المال: