ورغم أن مصر ـ مثل الدول المحترمة ـ كانت تخضع لمواد قانون تمنع العصيان وتعطيل مصالح الناس وقطع المرافق لكن مواد القانون تلك قد تم تجاهلها مغازلة ونفاقا للثورة والثوار بغير ما يريدون، وهو ما أطمع الذين ليسوا ثوارا بتدمير بقايا النظام العام بما أثاروه ـ ويثيرونه ـ من فوضى عطلت مرافق الدولة، وأوقفت انتاج المنتجين، بما يساهم كثيرا بالوصول بالدولة الى «مرحلة الإفلاس» نكاية فى الثورة والثوار، وإن لم يعلنوا هم ذلك، بل إن مؤامرة هؤلاء من الفلول وأتباع أمن الدولة قد تم إعلانها ضمن مليونيات تحمل شعارات للثورة وللثوار.. ولكن بأصوات أعلى، وإن كانت تحمل تحت جلدها شعار: ولا يوم من أيامك.. يا حسنى.. ومعه: متأسفين يا ريس !
ورغم أن الدولة المصرية ـ الآن وليس غدا ـ فى حاجة شديدة الى ترميم الجراح وتفرغ الجميع لإعادة بناء ما هدمه مبارك والذين سبقوه لكن ما يجرى الآن فى كل الشوارع وعلى بوابات القصر الرئاسى وأبواب المحافظين لا يبشر أبدا بخير، ذلك أن الذين يحكمون الآن ـ سواء بالصدفة أو بأصوات الناخبين ـ مشغولون لـ«شوشتهم» فى تقسيم ما تصوروه «غنائم الثورة» ضمن تفكير فى تولى وزارات معينة عندما آن الأوان لتشكيل حكومة لمصر مثل كل دول العالم حتى ليبدو الأمر كأننا نلعب «سيجة» ولا نبحث شئون وطن !
إن كل الذين يراهنون للحصول «على جزء من الغنيمة» خاسرون، وكل الذين يراهنون للحصول «على كل الغنيمة» خاسرون أكثر، ذلك أن الوطن الذى يراهنون على «لحمه وعظامه» هو «الخاسر الأكبر»، ففى الوقت الذى ينتظر فيه الوطن عون كل الأبناء للنهوض من سرير المرض والخروج من الإنعاش الي العافية يفاجأ بأن كل القادمين لزيارته ليسوا أكثر من «ديابة» قادمين بأنيابهم «المسنونة» لعيادة المريض بدلا من باقات الورد وعلب الحلويات، آتين وفى أعماقهم «أمانى الورثة» بأن يجدوا مريضهم «فقيدا ذلك أن كل المواصفات السابقة تنطبق فقط على «أولاد الحرام» الذين ليس بداخلهم أى رغبة فى «صلة رحم»، ذلك أن «الرحم المصرى» لا يمكن أن يلد مثل هؤلاء، وإن أنتج آخرين يبذلون كل جهد ـ ممكن وغير ممكن ـ لانقاذ وطن رضعوا منه طويلا حتى استقاموا، وأولئك إخوة وأهل بيت لكل الذين خرجوا يوم الثورة للانقاذ دون احتمال لعودتهم الى بيوتهم وأهلهم سالمين.. إلا أنهم عادوا بعد صراع دام طوال الأيام والليالى الأربعة مع «جهاز أمن مبارك/العادلى» الجهنمى حتى هزموه ومع الهزيمة سقط نظام مبارك الذى كان ذلك الجهاز هو ضمانته الوحيدة.. وليس الناس، فلما سقط الضامنون سقط الذين أوكل اليهم ضمان البقاء !
ولأن الذين يتلمظون الآن لكرسى عرش مصر دون أى «خطة لإنقاط الوطن» يركزون كل الجهد الذى يستعيرون فيه بمليونيات أنصارهم التى «قرف» منها ميدان التحرير ـ ونحن معه ـ لتحقيق ما يهدفون إليه الذى هو واضح.. وفاضح والذى لا يخفى أبداً على المصريون الذين هم أذكياء بالفطرة يحسون عن بعد ـ باستشعارهم القديم ـ بريح الخيانة والتربح حتى لو كان القادمون يرتدون» مسوح الرهبان !
«ونستكمل غداً »