مصر تسجل زيادة ضئيلة فى حجم مديونيتها رغم خسائر «كورونا»

ارتفاع الدين العالمى بأكثر من 24 تريليون دولار فى «عام الوباء»

مصر تسجل زيادة ضئيلة فى حجم مديونيتها رغم خسائر «كورونا»
خالد بدر الدين

خالد بدر الدين

6:30 ص, الأربعاء, 3 مارس 21

ساهمت تداعيات فيروس كورونا وانتشارها بمعظم دول العالم فى تعثر اقتصادياتها وزيادة الدين العالمى بأكثر من 24 تريليون دولار، ليقفز من 257 تريليون دولار فى عام 2019 إلى 281 تريليون دولار العام الماضى ، ليسجل أعلى مستوى فى تاريخه بسبب التدابير التحفيزية التى اتخذتها الحكومات والشركات وغيرها لمكافحة مرض كوفيد 19.

وذكر معهد التمويل الدولى IIF أن تضخم الدين العام والخاص بأكثر من 24 تريليون دولار خلال عام الوباء يعادل 27 % من الزيادة التى سجلت 88 تريليون دولار طوال سنوات العقد الماضى.

«التمويل الدولى»: تفاقم «العام» يهدد بإفلاس الشركات المثقلة بالديون

وتوقع المعهد أن تُصدر دول إفريقية كبرى من بينها مصر و نيجيريا و جنوب أفريقيا وغانا ديونا سيادية من فئة السندات الدولية خلال العام الجارى ، مع تحسن ثقة المستثمرين فى الأسواق المالية رغم ظهور مخاوف من استدامة الديون ونقص السيولة النقدية بسبب تداعيا ت كوفيد 19 ، فى الوقت الذى تواجه فيه العديد من دول القارة السمراء سداد مدفوعات سندات اليورو بما يقرب من 100 مليار دولار خلال العام الجارى وحتى 2032.

ارتفاع محدود فى ديون مصر

سجلت مصر زيادة ضئيلة فى إجمالى مديونيتها خلال عام الوباء حيث لم تتجاوز 5 % من ناتجها المحلى الإجمالى لتتساوى مع اليابان وكينيا ،بينما قفزت الديون فى العديد من دول أوروبا وأمريكا الشمالية بنسب مرتفعة تبدأ من 30 % و حتى 50 %.

وباتت مصر أكبر دولة فى قارة أفريقيا تصدر سندات دولية بإجمالى 38.6 مليار دولار خلال 2020 وحتى النصف الأول من فبراير 2021 ، وبزيادة أكثر من أربع مرات من الحجم الى حددته الحكومة، بجانب بيع ديون بقية 3.75 مليار دولار، مما يؤكد على اهتمام المستثمرين الأجانب بالأصول المصرية بفضل استقرار سعر الصرف و ارتفاع العوائد وبرنامج صندوق النقد الدولى الذى يدعم الاقتصاد المصرى..

الاقتصاد المحلى يجذب المستثمرين الأجانب بفضل استقرار سعر الصرف ودعم صندوق النقد الدولى

كما بلغت حصة أكبر ثلاث اقتصادات فى أفريقيا وهى مصر وجنوب أفريقيا ونيجيريا من السندات الدولية حوالى 50 % من إجمالى إصدارات 20 دولة فى القارة السمراء والذى بلغ 134 مليار دولار حتى شهر فبراير من العام الحالى.

أيضا حافظت بعض دول فى شمال أفريقيا على قدرتها على إصدار سندات دولية تمثل 10 % من ناتجها المحلى الإجمالى حيث دخلت مصر والمغرب وساحل العاج وبينين سوق السندات فى عام الوباء منذ الربع الثالث من العام الماضى، وسط توقعات بإصدار المزيد من الدول فى القارة السمراء لسندات دولية خلال العام الجارى.

كما زادت نسبة الدين الحكومى فى مصر من 83.8 % فى 2019 إلى 86.6 % من الناتج المحلى الإجمالى فى عام الوباء ، وارتفعت ديون الشركات غير المالية من 20.9 % إلى 21.9 %، بينما صعدت ديون الأفراد من 7.4 % إلى 8.1 % ، فى حين تراجعت ديون القطاع المالى من 5.3 % إلى 4.3 % من الناتج المحلى الإجمالى خلال نفس الفترة.

ديون السعودية والإمارات … الأكثر تعثرا

لكن هذه النسب ارتفعت أكثر من ذلك بكثير فى دول مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة حيث قفزت ديون حكومة المملكة من 22.8 % إلى 31.9 % ، وديون الشركات غير المالية من 47 % إلى 57.5 % ،وديون الأفراد من 11.9 % إلى 13.6 % ، و القطاع المالى من 3.4 % إلى 4.4 % من ناتجها المحلى الإجمالى خلال نفس فترة المقارنة.

أيضا قفزت ديون الشركات غير المالية فى الإمارات من حوالى 67.5 % فى 2019 إلى 79.8 % فى 2020 ، وديون القطاع المالى من 47.9 % إلى 57.0 % ، و ديون الحكومة من 27.3 % إلى %36.9 ، وديون الأفراد من 21.7 % إلى 26.2 % من ناتجها المحلى الإجمالى من عام 2019 إلى العام الماضى.

الديون العالمية أضخم منها أثناء الأزمة المالية العالمية

ارتفع الدين العالمى خارج القطاع المالى من 194 تريليون دولار فى عام 2019 إلى 214 تريليون دولار العام الماضى ، بينما زادت نسبة الدين العالمى إلى الناتج الإجمالى العالمى بأكثر من 35 نقطة أساس لتتجاوز 355 % فى عام الوباء ، بالمقارنة مع 10 و 15 نقطة أساس فى عامى 2008 و 2009 على التوالى أثناء الأزمة المالية العالمية.

ومع استمرار إصدارات الدين العالمى بمستويات تفوق مثيلتها قبل ظهور فيروس كورونا ، ولاسيما مع هبوط تكاليف الإقراض المتدنية أصلا، يتوقع المعهد ارتفاعا متواضعا نسبيا خلال العام الجارى فى معدلات الدين العالمى مقابل الناتج الإجمالى ، فى ظل التعافى المتوقع للناتج المحلى الإجمالى للعديد من الدول المتقدمة والنامية بفضل تطعيم مايزيد عن 233 مليون شخصا فى أكثر من 100 دولة حتى الآن فى أكبر حملة تطعيم فى تاريخ الكون بأمل القضاء على الوباء المميت.

لكن معدلات زيادة الدين ربما تختلف بدرجة كبيرة وفقا لتوزيع اللقاحات فى الدول المتقدمة والنامية وحالات الانتعاش الاقتصادى فيها مما يؤدى إلى تراكم الديون فى بعضها ،ولاسيما البلاد المثقلة بالديون التى تتعرض لمزيد من العجز المالى وصعوبة فى الحصول على اللقاحات لتزداد ديونها وخصوصا فى البلاد ذات الدخول المنخفضة.

تفاقم الدين الحكومى العالمى

صعد الدين الحكومى العالمى ليصل إلى 105 % من الناتج المحلى الإجمالى على مستوى العالم العام الماضى مقابل 88 % فبل عام الوباء، مرتفعا بأكثر من 12 تريليون دولار فى 2020 مقابل زيادة بلغت 4.3 تريليون دولار فى 2019.

و الغريب أن الدول المتقدمة شهدت أكبر ارتفاع فى الديون الحكومية يتجاوز 10.7 تريليون دولار لأن الوباء انتشر فيها على نطاق واسع ، ولاسيما فى الولايات المتحدة التى تصدرت العالم فى عدد الوفيات والإصابات من كوفيد 19، والكثير من دول غرب أوروبا الغنية ومنها بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا وفرنسا بينما كانت التدابير التحفيزية محدودة فى معظم دول الأسواق الناشئة ومنها الصين.

ويتوقع المعهد زيادة الديون الحكومية العالمية مرة أخرى بحوالى 10 تريليونات دولارهذا العام ليتجاوز 92 تريليون دولار مع تضخم العجز فى الميزانية لمعظم الدول لتخفيف تداعيات الأزمة الصحية ، مما يجعل استراتيجية الخروج من الوباء تواجه تحديات أصعب بكثير من التحديات التى واجهها العالم أثناء الأزمة المالية العالمية.

تضخم دين القطاع الخاص غير المالى

قفزت ديون القطاع الخاص غير المالى الذى يضم المستهلكين والشركات من 124 % من الناتج المحلى الإجمالى فى العالم عام 2019 إلى 165 % العام الماضى بسبب الدعم الذى قدمته عدة حكومات من خلال برامج تأجيل سداد الديون ، ومنح ضمانات للقروض لتخفيف تداعيات كورونا على الناس والشركات بسبب الإغلاقات العديدة ،وتسريح ملايين العاملين للحد من تفشى العدوى ، مما أدى لزيادة ديون الشركات غير المالية بحوالى 8 % لتصل إلى حوالى 100 % من الناتج المحلى الإجمالى العالمى خلال نفس الفترة.

كما قامت شركات كبرى ولاسيما فى الولايات المتحدة واليابان باستخدام هذه القروض الإضافية التى منحتها الحكومة لتعزيز سيولتها النقدية ، لكن لم تتمكن الشركات الصغيرة من الاستفادة من هذه القروض لمساندة سيولتها النقدية الضعيفة ، وزادت ديون المستهلكين 4 % فقط لتصل إلى %65 من الناتج المحلى الإجمالى بقضل بر امج تأجيل سداد ديونهم و مرونة أسواق العقارات السكنية فى مواجهة الوباء.

الشركات المالية… قفزة فى معدلات الديون

شهدت الشركات فى القطاع المالى أكبر قفزة سنوية فى معدلات الديون منذ أكثر من 10 سنوات بارتفاعها بأكثر من 5 % لتتجاوز 86 % فى عام الوباء لأول مرة منذ عام 2007 وتمثل أيضا أول زيادة سنوية منذ عام 2016.

الأسواق الناضجة

شهدت الأسواق المتقدمة أكبر زيادة فى نسب الديون خلال العام الماضى ، ولاسيما فى أوروبا نع زيادة نسب ديون القطاع غير المالى للناتج المحلى الإجمالى فى فرنسا و أسبانيا واليونان بحوالى 50 %.

كما واكبها ارتفاع سريع للديون بسبب دعم الحكومات وخصوصا فى اليونان وأسبانيا و بريطانيا وكندا بينما كانت سويسرا الدولة المتقدمة الوحيدة التى تمتعت بانخفاض متواضع فى نسبة الدين الحكومى.

وزادت الديون فى الأسواق المتقدمة بسرعة كبيرة خلال العام الماضى لتتجاوز 205 تريليونات دولار من 183 تريليون دولار فى عام 2019 مع حدوث انكماش اقتصادى حاد بسبب تداعيات الفيروس.

الأسواق الناشئة تتعثر

بلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى فى دول الأسواق الناشئة 250 % خلال عام الوباء ، بالمقارنة مع 220 % فى العام السابق بقيادة الصين التى سجلت أكبر زيادة فى نسبة إجمالى الدين لناتجها المحلى الإجمالى خلال عام الوباء ، وبعدها تركيا و كوريا والإمارات العربية المتحدة ، بينما شهدت جنوب أفريقيا والهند أكبر ارتفاع فى نسبة الدين الحكومى ، مقابل زيادة ديون الشركات فى روسيا وبيرو.

وظلت ديون البورصات والأسواق المالية مستقرة بدرجة كبيرة عند 8.6 تريليون دولار خلال العام الماضى بسبب خسائر عملات الأسواق الناشئة التى تسببت فى تقليص شهية الشركات نحو الاقتراض بعملات أجنبية ، مما جعل تراكم الديون محدودا ومنخفضا نسبيا فى الأسواق المبتدئة والبلاد منخفضة الدخل.

تفاؤل حذر بحدوث تعافى عالمى مع انحسار الوباء

تسعى الحكومات – مع تزايد التوقعات بانحسار الأزمة الصحية العالمية وبالتالى تعافى اقتصادات جميع الدول- لابتكار استراتيجيات لتعويض تدابير الدعم المالى غير العادية التى أنفقتها لمكافحة الوباء ونجاحها فى حماية الشركات من إعلان إفلاسها ولاسيما فى العديد من دول أوروبا.

ومع ذلك يحذر المعهد من أن تجميد الحكومات لبرامج الدعم قبل الأوان سيؤدى إلى زيادة فى أعداد الشركات التى ستعلن إفلاسها ، وظهور موجة جديدة من القروض المعدومة قد تؤدى إلى انعدام الاستقرار المال فى قطاع البنوك.

وقال إن استمرار الاعتماد على الدعم الحكومى قد يهدد بحدوث مخاطر هيكلية فى النظام المالى ،مع مواصلة تطبيق سياسة أسعار فائدة متدنية تساهم فى تراكم القروض للشركات الضعيفة والمثقلة بالديون ليتفاقم وضعها المالى وتتعرض أكثر لخطر الإفلاس.