من المهم التوقف مليًا عند دلالات استحداث مصر قبل أيام لما أسميناه «الأسطول الشمالى»، وصنوه الجنوبى، ودعم تسليحهما، إذ يتصل مجهودهما الرئيسى بالربط بين ممراتها البحرية (..) كإحدى المعادلات الجديدة لتأمين أمنها القومى من مضيق جبل طارق إلى مضيق باب المندب عبر قناة السويس، سواء بالتنسيق «أمنيًا» على المستوى الدولى لمكافحة الإرهاب أو بهدف التخلص من الحصار عبر حزاميها الشمالى والجنوبى، أو كضرورة سياسية واقتصادية وعسكرية- ثالثًا- لحماية الأمن العربى.. ما بين المنظومة المغاربية التى تشاركها مصر كعضو «مراقب» من موقعها الجيوستراتيجى الحاكم بين سياسات غرب وشرق البحر المتوسط.. ومنها إلى منطقة القرن الأفريقى التى تتنافس عندها جميع الدول الكبرى لاستئجار قواعد عسكرية تطل على دول كل من جزيرة العرب وشرق أفريقيا ومداخل المحيط الهندى.. وصولًا إلى قلب القارة السمراء، إذ على طول امتداد هذه المساحة الشاسعة ما بين الممرين- المصريين- العالميين.. يتوسط لحمايتهما ما يسمى «المثلث الذهبى» من مصر وليبيا والسودان «المقترح».. فضلًا عن العوائد المباشرة على أطرافه التى لو تفاعلت معها كل من الجزائر غربًا إلى سوريا شمالًا- إذا ما أُذيحت عنهما المعوقات الداخلية والأمنية- لأمكن تشكيل منظومة عربية- أفريقية لمحور بحرى وبرى ذى شأن يمكنه التكامل من جانب آخر مع كل من السعودية والإمارات شرقى السويس.. لتأمين المحيط الحيوى للنظام العربى فى مجمله عبر شرايينه البحرية الرئيسية، ذلك لو تم استبعاد عوامل الغيرة الدبلوماسية البينية.. بشأن أحلام الزعامة على النحو المشهود طوال نصف القرن.. الأخير.. قبل أن تتبخر جميعها بشكل أو بآخر خلال الأعوام القليلة الماضية.. على مذيح وهمية الانفراد بالقيادة العربية – الإسلامية، ما أفقد النظام العربى- جماعيًا أو فرديًا- تحالفاته الدولية وفى داخل الإقليم، ومن ثم إلى تفاقم حالة عربية من اللا استقرار المأساوية.. شجعت على الغزو الأمريكى للعراق 2003.. وعلى الغزو الروسى لسوريا 2015.. ناهيك عن غزو قوات «ناتو» ليبيا فى 2011، فيما تمرح جماعات عنف راديكالية فى أكثر من دولة عربية.. فضلًا عن العجز عن حماية حدودها الخارجية، ذلك بينما تبدو فى ضوء ما سبق، وبسببه، تحركات طلائع نظام إقليمى جديد يسعى إلى احتلال قلب النظام العربى.. لتحويله إلى مرتبة «التابع الذليل» فى إطار ما يسمى منذ منتصف العقد الماضى «مشروع الشرق الأوسط الجديد» أو «الموسع».. يلامسه تراجع غير مبرر بين مصر والسعودية.. ينعكس سلبًا على مجمل العمل العربى المشترك.. كما يفتح الأبواب أمام تحالفات دولية وإقليمية- غير عربية- تؤسس للنظام شرق الأوسطى الذى استحدثته الولايات المتحدة تحت ذريعة مواجهة الإرهاب أمريكيًا.. قبل أن تدخل روسيا على خط الفشل الأميركى لمعاجلة الأزمات الناتجة عنه.. كى توظفه موسكو لاستئناف ذات المشروع لكن بطريقتها ووفق أهدافها، بحيث يبدو المشروعان الأميركى والروسى- رغم تباينهما- كأنهما متكاملان فى تعزيز الحضور والهيمنة فى الشرق الأوسط، مستهدفين التحكم فى الممرات البحرية ومنابع النفط بسيان، إذ لم يكن لمشروع أيهما أن يتقدم لولا انحسار دور الطرف الآخر، ولا أن يتكرس فشله لولا سعى صنوه لملء الفراغ الناشئ عن انتكاسة سلفه، الأمر الذى سيزاد وضوحًا بعد وصول الإدارة الأميركية الجديدة إلى البيت الأبيض، عما إذا كانت ستعمل مع الكرملين على تقاسم النفوذ من عدمه فى الشرق الأوسط «الجديد»، مستقويين – ربما- وعلى غرار – سايكس بيكو 1916.. بسلبية عربية مزمنة وبتواطؤات إقليمية تابعة- ليست مستقلة ولا عن مركز قوة- ناهيك عن حالة ضعف أوروبية لافتة، ذلك فيما يبقى على مصر- رمانة الميزان- عبء مواصلة ترميم داخلها.. إلى جانب محاولاتها جمع شمل العرب- أو بعضهم- لإحياء الزمن العربى- الإقليمى القادم.
مصر ترمم محيطها الحيوى
من المهم التوقف مليًا عند دلالات استحداث مصر قبل أيام لما أسميناه «الأسطول الشمالى»، وصنوه الجنوبى، ودعم تسليحهما، إذ يتصل مجهودهما الرئيسى بالربط بين ممراتها البحرية (..) كإحدى المعادلات الجديدة لتأمين أمنها القومى من مضيق جبل طارق إلى مضيق باب المندب عبر قناة السويس، سواء بالتنسيق &laq
End of current post