شهدت الجلسة الثانية من مؤتمر «الناس والبنوك»، التى جاءت تحت عنوان «دعم الصناعة الوطنية للاعتماد على المنتج المحلى»، الكثير من النقاشات والرؤى حول طرق دعم الصناعة الوطنية، والآليات التى يمكن للقطاع المصرفى دعمها والدفع بها قدمًا، وتقليل الواردات من خلال تعزيز الصادرات والمنتج المحلي.
أدار الجلسة محمد الإتربى، رئيس بنك مصر، رئيس اتحاد بنوك مصر، وضمت الجلسة كلًا من طارق فايد، رئيس بنك القاهرة، وطارق الخولي، رئيس بنك saib، ومحمد السويدي، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، وعلاء فاروق، رئيس مجلس إدارة البنك الزراعي.
وتطرق المناقشون إلى العديد من المحاور والرؤى التى تعمل على دعم المستثمرين الصناعيين، وتذليل الصعاب التى تعترض طريقهم، وتسهيل الإجراءات الخاصة بالاستثمار، وتعزيز التدفقات الاستثمارية إلى مصر.
وقال محمد الإتربي، رئيس بنك مصر، رئيس اتحاد بنوك مصر، إن مشكلة الاقتصادات الناشئة هو العجز فى الميزان التجاري، والحل لهذه الأزمة هو العمل على تقليل الواردات وتعظيم الصادرات، لافتًا إلى أن القطاع المصرفى قدم 639 مليار جنيه بما يمثل %28 للقطاع الخاص والعائلي.
طارق فايد: 60 مليارا حجم محفظة تمويل ائتمان الشركات فى بنك القاهرة
وطرح الإتربى سؤالا حول دور القطاع المصرفى فى دعم القطاع الصناعي، ليجيبه طارق فايد، رئيس بنك القاهرة، قائلا إن الحكومة لعبت دورا فاعلا على مدى الخمس سنوات الماضية فى مجال الاستثمار فى البنية التحتية، ومن خلال هذه الاستثمارات تم تعزيز دور الصناعة.
وأضاف أن هذه الجهود انعكست إيجابيًا على مجال الكهرباء، إذ أصبح هناك 13 ألف ميجا وات كفائض، ناهيك عن التوسع فى شبكة الطرق، مما يسر عمليات النقل والتجارة، موضحًا أن هناك 7 آلاف متر طرق، بالإضافة إلى المناطق اللوجستية، والمناطق الاستثمارية، وتيسير الحصول على الرخص.
وأكد أن البنية التحتية ساعدت على تعزيز القطاع الصناعي، مشددًا على أن دعم هذا القطاع هو الأهم فى الوقت الراهن، خاصة وأن كورونا والحرب الروسية الأوكرانية حجمت من دور الصناعة، نظرا للاضطرابات فى سلاسل الإمدادات.
وأكد أن هذه المعطيات تدفع باتجاه نحو دعم الصناعة، وتقديم التسهيلات الكافية لها، مشيرًا إلى أنه من المهم استغلال موقع مصر الجغرافى المتميز فى دعم الصناعة.
ولفت إلى أن القطاع المصرفى يعمل على دعم القطاع الصناعي، وقد تمثل ذلك فى تقديم المبادرات التمويلية، ومبادرات مخاطر الائتمان، موضحًا أن البنوك ما قدمته آخر 5 سنين كانت 1.5 تريليون جنيه، ووصلت إلى 3.7 تريليون جنيه.
وأوضح أن تمويلات الصناعة نمت بنسبة %70 وتمثل أكثر من %20 من إجمالى محفظة البنوك، مشيرًا إلى أن الدولة أولت قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة ومن قبل البنوك.
وقال إن إجمالى التسهيلات لهذه الشركات وصلت إلى %14 من إجمالى المحافظ، مؤكدًا على أهمية تمويل هذه الشركات، لما تنطوى عليه من أهمية كبرى للاقتصاد الوطني.
ولفت إلى أن بنك القاهرة عمل على تعزيز حجم محفظة التمويل، موضحًا أن إجمالى التمويلات 130 مليار جنيه، كما عمل البنك على توظيف القروض للودائع، ووصلت إلى أكثر من %60.
وذكر أن البنك ركز على قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ووصلت حجم محفظة ائتمان الشركات إلى 60 مليار جنيه، لافتا إلى أن البنك مول العديد من المشروعات والشركات، سواء من خلال القروض الثنائية أو المشتركة.
وقال إن البنك أتاح تمويلات فى قطاعات متعددة مثل التشييد والبناء وخلافه، وأكد أن البنك بدأ تمويل المشروعات الصغيرة فى 2018، ووصل حجم المحفظة إلى 23 مليار جنيه، بنسبة نمو تضاعفت أكثر من 6 مرات.
وأكد أن البنك على مدار 5 سنوات ماضية أضاف أكثر من 6 آلاف عميل ومشروع متوسط وصغير، ناهيك عن التمويل متناهى الصغر، وقد أضاف البنك حوالى 350 ألف مشروع متناهى الصغر.
وأفاد بأن دور البنوك الوطنية لا يقتصر على التمويل فقط، وإنما تعمل على دعم القطاعات المختلفة بشتى سبل الدعم والتأهيل، لافتًا إلى أن البنك وقع مؤخرا الكثير من الاتفاقيات مع الشركات العاملة فى مجال التكنولوجيا المالية.
وأكد أن بنك القاهرة لعب دورا فى مجال الخدمات غير المالية، وهو من أوائل البنوك المشاركة فى مبادرة رواد النيل، وقدم استشارات إلى 14 ألف شركة.
كما عمل البنك على بناء قدرات حوالى 300 شركة، كما يعمل على بناء قدرات العاملين فى المجال الصناعي.
علاء فاروق: ضخ 35 مليار جنيه للمنتجات القائمة على الزراعة
ولفت “الإتربي” إلى أن ما قدمه طارق فايد سلط الضوء على دور البنوك فى دعم الصناعة الوطنية، موجهًا السؤال إلى علاء فاروق، رئيس مجلس إدارة البنك الزراعي، حول دور البنك فى دعم وتمويلات المشروعات الزراعية.
وأوضح “فاروق” أن البنك الزراعى ضخ فى المجالات الزراعية والصناعات القائمة على الزراعة حوالى 35 مليار جنيه، ووصل إجمالى محفظة البنك إلى 85 مليارا.
وأضاف أن عدد العملاء الحاصلين على قروض وصل إلى 650 ألفا، موضحًا أن البنك مول أكثر من 1.6 مليار جنيه للمزارع المنتجة لقصب السكر.
وأشار إلى أن هناك نموا وزيادة دائمة فى مسألة السلف الزراعية، وقد طبق البنك إستراتيجية واضحة فى هذا الصدد.
وقال إن البنك استحوذ على أكثر من 3 ملايين طن قمح خلال العام الماضي، ثم تم توريدهم إلى وزارة التموين، لافتًا إلى أن البنك دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهناك حوالى 1200 فرع.
وأوضح أن البنك قدم حوالي: %52 من محفظة الإقراض للمشروعات متناهية، و9 مليارات لتمويل للشركات الصغرى، و10 مليارات سلف لصغار المزارعين.
ولفت إلى أن البنك يوفر بعض المنتجات للمرأة المصرية فى الريف، وضخ 200 مليون فى هذا المجال خلال العام الماضي، كما لعب البنك دورًا فاعلًا ضمن مبادرة حياة كريمة، من خلال توفير منتجات الشمول المالى وعدد الفروع غير ذلك.
ولفت إلى أن المزارع السمكية مجال مهم، وكذلك الثروة الحيوانية، موضحًا أن البنك يستهدف تحسين السلالات، ويفضل البنك تمويل سلالات مستوردة، ومن ثم تكون هذه السلالات قادرة على التأقلم مع المناخ المصري، وهو ما يعود بالنفع على الفلاح.
وكشف أن البنك الزراعى مول أكثر من 200 مركز تجميع ألبان، بفائدة %5.
طارق الخولي: تقديم الدعم للمصدرين أولوية كبرى
وأوضح “الإتربي” أن هناك 12 بنكا مشاركا فى مبادرة “رواد النيل” ثم انتقل إلى طارق الخولى رئيس بنك “saib” متوجهًا إليه بسؤال حول دور البنوك فى دعم الصناعة، والذى أوضح بدوره أنه من الأهمية بمكان استثمار هذه النقاشات فى الخروج بمسارات عمل لدعم الصناعة.
وأضاف أن دعم الصناعة ودعم الصادرات هى منظومة متكاملة، فرجل الصناعة هو المخاطر، وهو الذى يعمل على الأرض بالفعل، ثم يأتى دور الدولة ممثلة فى مجلس الوزراء ووزارة الصناعة، ثم هناك أيضًا دور البنوك، التى تعمل على توفير التمويل والتسهيلات المناسبة لهذه الصناعات.
ورأى أن دور البنوك يتمثل فى تشجيع المصدرين من أجل جذب العملة الأجنبية لمصر، لافتًا إلى أن السوق السوداء هى التى تضغط على موارد البلد، ورأى أن حل هذه المعضلة يتمثل فى تقديم التسهيلات اللازمة للمصدرين، خاصة فيما يتعلق بالمسائل الجمركية.
وأفاد بأنه من المحتم تقديم حوافز للمصدرين، وعلى البنوك تقديم حوافز لهم، وبالتالى لا يمكن معاملة العميل المصدر كما يعامل العميل غير المصدر، مؤكدًا أن هؤلاء المصدرين هم القناة الواضحة التى تجلب العملة الصعبة للبلد.
وشدد على أهمية وجود خريطة صناعة، كأن تكون هناك خريطة للصناعات الأولية والصناعات الهندسية، مبينًا أن هذه الخريطة تعمل على تسهيل دور البنوك، كما ستكون المخاطر أقل فى هذا المجال.
وأشاد بمبادرة “ابدأ” التى وجه بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، مبينًا أنه من المهم دعوة كافة بنوك مصر للمشاركة فى هذه المبادرة؛ حتى تتمكن من دعم المنتج المحلي.
وذكر أن مصر كانت من البلدان الرائدة فى تصدير المنسوجات والملابس الجاهزة.
وعلى صعيد دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ثمن دور شركة ضمان مخاطر الائتمان التى توفر 170 مليار جنيه كمحفظة، مبينًا أن البنك المركزى يدفع بالشركة قدما وهو مساهم فيها بنسبة %20.
وذكر أن الشركة تسهل على البنوك وتطمئنها عند تقديم التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأوضح أن قطاع التجزئة المصرفية واحد من ضمن القطاعات التى يمكن من خلالها دعم المنتج المحلي، لافتًا إلى أنه من الممكن تشجيع العملاء الذين يحصلون على قرض تجزئة مصرفية إذا اشتروا المنتج المحلي، وتقديم مزايا مناسبة لهم.
ورأى أنه من المهم تقديم وطرح العديد من المبادرات بالإضافة إلى مبادرة النيل، لافتا إلى أنه من المتعين على البنوك دعم واحتضان رواد الأعمال.
وأكد أن القطاع الصناعى والتجارى يستحوذان على تمويلات البنوك، مشددا على أنه من المهم العمل على تمويل الصناعات اللوجستية.
وعلق “الإتربي” أن مصر لديها الكثير من الفرص، مشيرا إلى أن التمويل الأخضر أمسى ضرورة.
محمد السويدى: تسعير الأراضى أكبر تحديات المستثمرين
ونقل “الإتربي” الحوار إلى محمد السويدي، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، سائلًا إياه: هل هناك فرص واعدة للقطاع الصناعي؟ وهل مناطق صناعية مؤهلة، وهل هناك نية للتوسع فى مناطق جديدة؟ وهل هناك مجموعة ممن الحوافز لتشجيع القطاع الصناعي؟
واستهل “السويدي” حديثه بالقول إن أزمة الدولار هى الأزمة الراهنة التى تعنى القطاع الصناعي، مبينًا أن الحرب الروسية الأوكرانية تقدم المزيد من الفرص الواعدة، والتى يمكن من خلالها استبدال أسواق بأسواق، ودخول أسواق جديدة.
وأضاف أنه من المهم العمل على تسهيل الإجراءات الخاصة بالاستثمار، مشيرًا إلى أن الإجراءات الكثيرة والمعقدة تعمل على تأخير تدفق الاستثمار الأجنبى إلى مصر، ناهيك عن كونها تنفر المستثمرين من القدوم إلى مصر.
وأفاد بأن هناك مشروع قانون على توحيد المواصفات، وهو عنصر أساسى فى تشجيع الاستثمار وتعزيز التدفقات الأجنبية إلى مصر، لافتًا إلى أن هناك الكثير من الفرص الواعدة بالفعل، ناهيك عن تلك الفرص المتعلقة بالتصدير للخارج.
أما عن تشجيع المنتج المحلي، فأكد أن هناك قانونا يعمل على تعزيز المستثمرين فى هذا المنتج، وهو أحد الآليات التى تعمل على دعم هذا المنتج، لافتًا إلى أن مصر كانت من أكثر الدول فى المنطقة التى كان لديها مشروعات، ومن ثم كانت هناك فرص كبيرة أمام المستثمر المحلي.
ولفت إلى أن هناك تحديات أبرزها تسعير الأراضى فى مصر، إذ أن ثمن الأرض عبء على المستثمر الصناعي، داعيًا إلى وجود تمويل طويل الأجل لشراء المصنعين لهذه الأراضى التى يقيمون عليها مشروعاتهم، كما ناشد الحكومة بإعادة تسعير الأراضي؛ خاصة أنها المستفيد من هذه الاستثمارات.
وتعليقا على قول طارق الخولي، رأى أنه من المهم العمل على تفعيل دور صندوق ضمان مخاطر الصادرات، فمن شأن هذا أن يعزز من زيادة الصادرات، مما يقلل من الطلب على العملة الأجنبية أو يمكن أن يحل أزمة الدولار.
وأكد أن الصناعات التجميعية يمكن أن تكون بداية لتقليل من فاتورة الاستيراد.
وعقب على إلغاء البنك المركزى مبادرة الصناعة %8 حيث بين أن دعم صناعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة يجب أن يكون أولوية، لافتًا إلى أن البنك المركزى أوضح أنه ليس جهة لتقديم المبادرات، ولكن يجب على الدولة تولى دورها فى هذا الصدد.
وأوضح أن هناك الكثير من المناطق الصناعية بالفعل، لافتًا إلى أنه ليس مهمًا تقديم الحوافز للمصنعين فقط وإنما يجب أولًا العمل على تسهيل الإجراءات، لأن هذا يؤدى إلى حدوث الانكماش.