«مصرفيون» يتوقعون استمرار توسع البنوك فى منح الائتمان لتحفيز النشاط الاقتصادي

رغم التداعيات والأزمات العالمية

«مصرفيون» يتوقعون استمرار توسع البنوك فى منح الائتمان لتحفيز النشاط الاقتصادي
أحمد البطران

أحمد البطران

6:40 ص, الخميس, 23 ديسمبر 21

توقع خبراء ومصرفيون أن يواصل القطاع المصرفى التوسع فى منح الائتمان المصرفى للشركات والأفراد، مستبعدين أن يكون هناك أى تحفظ من قبل البنوك فى توفير التمويل اللازم، من أجل تحفيز النشاط الاقتصادى، فى ظل التداعيات والأزمات التى يشهدها العالم فى الوقت الراهن.

وأضافوا فى تصريحات لـ«المال» أن البنوك تمتلك السيولة الكافية والقدرة على التوسع والنمو فى منح الائتمان المصرفى على مستوى الشركات والأفراد، ولكن يظل هذا التوسع وفقًا لمجموعة من المحددات والمعطيات.

ويتعرض الاقتصاد العالمى لموجة من الأزمات ربما تصيب الأسواق العالمية والمحلية بحالة من الركود النسبى، بسبب التخوفات من متحورات فيروس كورونا، وارتفاع معدلات التضخم عالميًا، والخلل الذى تتعرض له سلاسل إمداد التوريد، الأمر الذى دفع صندوق النقد الدولى إلى تخفيض توقعاته لمعدلات النمو العالمى.

وأضافوا أن القطاع المصرفى يلعب دورًا محوريًا وبارزًا فى دعم ومساندة الاقتصاد، سواء عبر تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة أو الشركات الكبرى، وكذلك تمويل الأفراد لشراء احتياجاتهم من السلع والمنتجات، من خلال القروض الشخصية وقروض السيارات والتمويل العقارى وغيرها.

وأشاروا إلى أن التحفظ فى منح الائتمان يكون فقط بالنسبة للقطاعات الاقتصادية التى تضررت بشكل مباشر من تلك الأزمات، أو يكون التحفظ من قبل العملاء الذين تأثروا سلبًا من هذه التداعيات.

وأضافوا أن انخفاض معدلات الفائدة على القروض، خاصة إذا تحدثنا عن مبادرات البنك المركزى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومبادرة التمويل العقارى تشجع على زيادة حجم الائتمان الممنوح، وتساعد على تحفيز النشاط الاقتصادى.

وخفض صندوق النقد الدولى توقعاته لنمو الاقتصاد العالمى إلى %5.9 خلال 2021، ما يعكس انخفاضًا فى أداء اقتصادات الدول المتقدمة، بسبب أزمات إمدادات الطاقة، فضلًا عن تداعيات كورونا.

وتوقع أحدث تقرير آفاق الاقتصاد العالمى الصادر عن صندوق النقد الدولى انخفاض نمو الاقتصاد العالمى فى عام 2022 إلى %4.9، وانخفاضه مجددًا فى عام 2026 إلى %3.3.

وفى ظل حالة الركود تتراجع قيمة الدخول بين الأفراد، وإيرادات الشركات لتصبح احتمالات تعثرها وعدم قدرتها على السداد كبيرة.

وحذرت منظمة الأمم المتحدة من ارتفاع أسعار المستهلك بنسبة تصل إلى %1.5 خلال عامى 2022 و2023، وسط تزايد غير مسبوق للطلب العالمى بعد جائحة كورونا، وفى ظل عجز فى العمالة، وارتفاع أسعار الشحن البحرى، إذا لم يتم حل أزمة سلاسل الإمداد العالمية، لافتة إلى أن الدول الأصغر حجمًا والأقل نموًا ستكون المتضرر الأكبر من الأزمة.

قال محمد برو، الرئيس التنفيذى لبنك الإمارات دبى الوطنى، إن القطاع المصرفى المصرى يمتلك سيولة مرتفعة تلامس 6 تريليونات جنيه تقريبًا، وتعمل البنوك على توظيف السيولة بشكل جيد وصحى للغاية، بل وهناك تنوع فى عملية التوظيف، وفى مجالات مختلفة مثل الأسواق المالية ودعم المشروعات التنموية والنمو الاقتصادى وتمويل الأفراد والتركيز على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويمكن القول إن النسبة الأكبر من سيولة البنوك تصب فى هذه المجالات.

وأضاف محمد برو أن التحفظ فى منح الائتمان يحدث فقط إذا كانت القطاعات الاقتصادية المزمع تمويلها قد تضررت بشكل مباشر، سواء من مستويات التضخم أو من أزمة سلاسل الإمداد والتوريد واللوجستيات أو متحور أزمة كورونا.

وأشار إلى أن البنوك تعتمد على دراسات ائتمانية، ويوجد قطاع للمخاطر داخل كل بنك لتقييم العميل، وذلك من أجل سلامة القطاع، ودائمًا هناك متغيرات، والظروف والأوضاع غير ثابتة، وبالتالى من غير الصحيح أن نتعامل مع الأوضاع الحالية على أنها مستمرة أو قائمة بشكل نهائى.

وأكد أن المسار الاقتصادى أصبح أقل ارتباطًا بمسار كورونا، على خلاف بداية الأزمة، ولكن بدأ العالم يتأقلم بشكل كبير مع الجائحة، وبدأت القطاعات الاقتصادية تتكيف مع الوضع الراهن.

وقالت ميرفت سلطان، رئيس مجلس إدارة البنك المصرى لتنمية الصادرات، إن تحفظ المصارف أو توسعها فى منح الائتمان يكون وفقًا لمعطيات السوق، وأى تطورات قد تستجد عالميًا تؤثر على الاقتصاد المحلى بقطاعاته المختلفة.

وأضافت فى تصريحات لـ«المال» أن البنك يستهدف مواصلة استراتيجيته فى التوسع والنمو فى منح الائتمان المصرفى، سواء للأفراد أو الشركات.

وبلغ إجمالى أرصدة القروض فى المصارف وفقًا لبيانات البنك المركزى بنهاية يوليو الماضى 2.805 تريليون جنيه، مقابل 2.855 تريليون بنهاية يونيو الماضى.

وقال وليد ناجى، نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقارى المصرى، إن الاقتصاد المصرى يشهد حالة من الاستقرار، وتمثل البنوك العمود الأساسى للاقتصاد، وكما تعد مكملا ومؤشرا له، وبالتالى وفى ظل هذا الاستقرار لن يكون هناك داعٍ للتشدد أو التساهل فى منح الائتمان.

وأضاف أن الاقتصاد المصرى يحقق معدلات نمو صحية للغاية، وهو من أفضل معدلات النمو على مستوى اقتصاديات العالم، وبالتالى لا يوجد أى تخوف من حدوث انكماش اقتصادى، كما أن معدلات التضخم تسير ضمن مستهدفات البنك المركزى، ونحن نتحدث عن نسب تصل إلى %6 وحتى وإن زادت العام المقبل فلن تتجاوز هذه الزيادة 1 أو %2، وبالتالى ليس لدى البنوك ما يدفعها إلى التحفظ أو التوسع بشكل كبير.

وتابع «ناجى» أن انعكاس هذه المتغيرات على الاقتصاد المصرى وعلى البنوك العاملة فى السوق المصرية ضعيف، فكما أشرنا إلى استقرار الوضع الاقتصادى وحجم الاستهلاك إلى جانب معدلات النمو الجيدة، فإن جميع القطاعات الاقتصادية تعمل يشكل جيد ولا يوجد ما يقلق.

وأكد أن البنوك ستتخذ موقفا معتدلا فى منح الائتمان، فلن يكون هناك تحفظ، كما سيكون التوسع فى منح الائتمان بشكل مدروس، فى ظل استمرار تداعيات فيروس كورونا وارتفاع معدلات التضخم والخلل فى سلاسل الإمداد والتوريد والتباطؤ فى التجارة العالمية، ولكن فى النهاية لن يؤثر على شهية البنوك وقبليتها فى منح الائتمان بشكل عام.

من جانبه، حدد محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس السابق، عددًا من المحاور لا بد من النظر إليها كى نتوقع كيف سيكون مستقبل الائتمان المصرفى خلال الفترة المقبلة، فى ظل التخوف من متحور كورونا وأزمة سلاسل الإمداد والتوريد وتأثيراتها على الوضع الاقتصادى عالميًا ومحليًا.

وأضاف أن المحور الأول يتمثل فى السيولة التى يمتلكها القطاع المصرفى المصرى، وبالنظر إلى تقارير البنك المركزى نجد أن البنوك تمتلك سيولة تصل إلى 5.6 تريليون جنيه، وبالتالى البنوك لديها القدرة والسيولة الكبيرة التى تجعلها أكثر قوة فى منح الائتمان، خاصة أن نسبة توظيف القروض إلى الودائع بالقطاع المصرفى تبلغ نحو %50 تقريبًا.

فيما يتعلق بالمحور الثانى، فيتمثل فى مخاطر الائتمان، وقد وضع البنك المركزى المصرى مجموعة من المحددات لها، كما هناك محددات لشهية كل بنك تجاه المخاطر تكون وفقًا للملاءة المالية، وكفاية رأس نسبة الأصول المرجحة بأذون المخاطر التى لا تقل عن %12 تقريبًا، إضافة إلى أن كل بنك لديه إدارة لمخاطر الائتمان أو متابعة الائتمان، وبالتالى طالما تسير البنوك وفقًا لمؤشرات منضبطة فلا خوف من التوسع فى منح الائتمان مع الأخذ فى الاعتبار أن البنوك لا تتحمل معدل التعثر، وبالنظر إلى نسب التعثر فى القطاع المصرفى تجدها %3.5 وهى أقل من النسب العالمية، إلى جانب حرص البنوك على زيادة حجم المخصصات خلال العامين الماضيين.

وأشار «عبد العال» إلى أن المحور الثالث يكمن فى ظروف السوق الخارجية والدولية، وهذه الظروف لا يمكن توقعها حتى الآن، لكن إذا بحثنا عن العوامل الخارجية التى قد تؤثر على العملية الإنتاجية سنجد أن المواد الخام يمكن أن تكون أكثر عرضة لهذا التأثير، نظرا لأزمة سلاسل الإمداد.

وأضاف أن الطلب على الائتمان لا ينخفض أو يتأثر نتيجة تحفظ البنوك، ولكن يحدث بسبب تحفظ العملاء أو القطاعات الاقتصادية التى تأثرت سلبًا من تلك الأزمات، مؤكدًا أنه لا يوجد أى تخوف من معدل التضخم العالمى حاليًا، فقد بدأت الدول معالجته، ومنها دول الاتحاد الأوروبى على سبيل المثال، كما أن أسعار النفط بدأت تتخذ مسارًا نزوليًا، لأنه لو ظلت الأسعار مرتفعة سيكون تأثيرها كبيرا على المنتجين فى العالم.

وعن الوضع الداخلى، قال «عبد العال» إن معدل التضخم ما زال ضمن مستهدفات البنك المركزى المصرى، كما أن الحكومة اتخذت إجراءات استباقية للتقليل من أثر التضخم القادم من الخارج، مثل تحديد أسعار السلع الأساسية والسلع الاستراتيجية وإلزام شركات الأسمدة بتوفير %55 من إنتاجها لشركات الإنتاج الزراعى.

وأكد أن مبادرات البنك المركزى للتمويل والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة %5 وهى أقل من سعر الكوريدور بنحو %3، وهو ما يؤدى إلى تقليل تكاليف الإنتاج وحدوث رواج اقتصادى، وكلها ستكون عوامل ستشجع على منح القروض والائتمان.

وقال الخبير المصرفى محمد البيه، إن أغلب المنتجين والمستوردين التفتوا مبكرين إلى أزمة سلاسل الأمداد والتوريد، وقاموا بتخزين المواد الخام والسلع التى تكفى لنحو 6 أشهر، وبالتالى لم يكن لدينا شعور بهذه الأزمة، ولم يكن هناك تأثير مزعج على أسعار السلع والمنتجات.

وأضاف «البيه» أن البنوك تهدف فى النهاية إلى تحقيق الربحية، وبالتالى تسعى باستمرار إلى توظيف السيولة بالطريقة السليمة التى تضمن تحقيق هذا الهدف، سواء فى صورة قروض للشركات والأفراد أو فى خدمات مالية أو فى أدوات الدين.

وأشار «البيه» إلى أنه من المتوقع أن تقوم البنوك بالتوسع فى التمويل لتحفيز النشاط الاقتصادى، بغض النظر عن مستويات التضخم التى تظل عند مستهدفات البنك المركزى، ومن المتوقع أن تظل هكذا أو تزيد قليلًا خلال العام المقبل، مؤكدًا أن نحو %60 من تمويل الشركات لصالح القطاع الخاص.

وأظهرت أحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزى المصرى ارتفاع السيولة المحلية بالقطاع المصرفى لتصل إلى 5.650 تريليون جنيه بنهاية أكتوبر 2021، مقابل 5.575 تريليون بنهاية سبتمبر 2021.

وسجل المعروض النقدى 1.345 تريليون جنيه بنهاية أكتوبر 2021 مقابل 1.330 تريليون بنهاية سبتمبر 2021، وأشباه النقود 4.305 تريليون جنيه بنهاية أكتوبر 2021، مقابل 4.245 تريليون بنهاية سبتمبر 2021.