رجح مصرفيون ومحللو بنوك استثمار، أن يبقى البنك المركزى المصرى على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية يوم الخميس 23 يونيو المقبل.
وأضافوا فى تصريحات لـ«المال» أن التوقعات تستند إلى 5 أسباب رئيسية، وهى القرار الاستباقى للبنك المركزى برفع الفائدة %2 فى مايو الماضى، ومعدل العائد الحقيقى الذى من المتوقع أن يصل إلى %2، والمخاوف من تبعات التشديد المفرط فى السياسة النقدية، والسيطرة على التضخم، وتحجيم الطلب على السلع المقومة بالدولار نتيجة رفع الفائدة على العملة الخضراء.
وأشاروا إلى أنه من المتوقع أن يرفع البنك المركزى الفائدة خلال اجتماع أغسطس المقبل بواقع 100 نقطة أساس وذلك يعتمد على بيانات وأرقام التضخم.
وقرر البنك المركزى المصرى رفع أسعار الفائدة فى يوم 19 مايو الماضى بواقع 200 نقطة أساس ليصل سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى إلى %11.25، و%12.25، %11.75 على الترتيب كما ارتفع سعر الفائدة على الائتمان والخصم 200 نقطة أساس لتصل إلى %11.75.
وكان «المركزي» رفع أسعار الفائدة %1 يوم 21 مارس الماضى خلال اجتماع استثنائى، وذلك تزامنا مع طرح شهادة ادخار مرتفعة العائد بنسبة %18 ببنكى «الأهلى المصري» و«مصر»، والتى تم إيقافها مؤخرا بعد تحقيق الحصيلة المستهدفة منها ببيع شهادات بقيمة 750 مليار جنيه.
ومن المقرر أن تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى اجتماعها الرابع لهذا العام فى 23 يونيو الجارى لبحث أسعار الفائدة.
توقع هانى جنينة، المحاضر بالجامعة الأمريكية، أن يبقى «المركزى المصري» على سعرى الإيداع والإقراض دون تغيير، وعزا ذلك إلى 5 أسباب رئيسية.
وقال إن السبب الأول يعود إلى قرار المركزى فى 19 مايو الماضى برفع أسعار الفائدة استباقيا %2، أخذا فى الاعتبار بكل المعلومات المتوافرة خلال الأمد القصير، وعلى رأسها رفع الفيدرالى الأمريكى الفائدة %0.5 فى يونيو، وإجراءات وزارة المالية لترشيد الدعم بداية من يوليو المقبل.
وأضاف أنه عند معدل الفائدة الحالى، يتراوح العائد السنوى على أذون الخزانة حول %12 بعد الضريبة، وإذا ما أخذنا فى الاعتبار توقعات تراجع معدلات التضخم السنوية إلى ما يقارب % 10 أو أقل فى يونيو 2023، فإن معدل العائد الحقيقى المتوقع يتراوح عند 1 إلى %2 وهو المعدل الذى يتواءم مع تحقيق توازن ما بين النمو والتضخم.
وثالثا، أكد أنه لا شك أن الحكومات والبنوك المركزية على مستوى العالم باتت أكثر خوفا من تبعات التشديد المفرط فى السياسة النقدية حتى لا تتعرض الشركات إلى مخاطر تعثر عن السداد وبالتالى يتعرض القطاع المصرفى إلى أزمة حادة.
وأشار إلى أن السبب الرابع هو أن تشديد السياسة النقدية له أوجه عدة فى مصر بخلاف رفع أسعار الفائدة، ومن أهم هذه الأوجه تحجيم إقراض البنك المركزى للحكومة منذ 2016، والذى يعرف بـ«deficit monetization» وهو ما حال دون تحول صدمات التضخم إلى أزمة تضخم خارجة عن السيطرة على مدار الـ6 سنوات الماضية، كما تتم السيطرة على التضخم أيضا بواسطة أداة شديدة التفاعلية وهى تحجيم الزيادة السنوية فى أجور القطاع العام بعد إقرار قانون الخدمة المدنية فى 2016 مما يقيد القوة الاستهلاكية ويضطر المنتجين والتجار إلى خفض الأسعار تدريجيا منعا لتكدس المخزون.
وأخيرا، فإن الدور الأكبر فى مواجهة التضخم العالمى سيلعبه الفيدرالى الأمريكى نظرا لأن رفع معدلات الفائدة على الدولار من شأنه تحجيم الطلب تدريجيا على السلع المقومة بالدولار مما يخفف من وطأة ارتفاع أسعار هذه السلع على مصر والدول الناشئة ككل.
وتوقع عمرو الألفى، رئيس قطاع البحوث بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، أن يثبت البنك المركزى أسعار الفائدة فى اجتماع يوم 23 يونيو المقبل.
وأضاف: قراءة التضخم لشهر مايو والتى بلغت %13.5 جاءت متوافقة مع توقعاتنا وهذا سبب جوهرى يجعلنا متمسكون براينا بأن البنك المركزى المصرى سينتظر اجتماع لجنة السياسة النقدية فى أغسطس القادم حتى يقدم على رفع أسعار الفائدة والتى من المرجح أن تزيد 100 نقطة أساس.
وأشار إلى أنه سيكون من السابق لأوانه رفع أسعار الفائدة مرة أخرى فى يونيو لأن رفع أسعار الفائدة يعنى زيادة عجز الموزانة فى ضوء مدفوعات الفائدة المرتفعة.
وأعلن البنك المركزى المصرى ارتفاع المعدل السنوى للتضخم الأساسى إلى %13.3 خلال مايو الماضى مقابل %11.9 فى شهر أبريل.
وأوضح المركزى، فى بيان له الخميس الماضى نشره على موقعه الإلكترونى، أن المعدل الشهرى للتضخم الأساسى وصل إلى %1.6 فى مايو الماضى مقابل %0.3 فى ذات الشهر من العام الماضى، ومقابل %2.4 فى أبريل.
وكان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء قد أعلن عن صعود معدل التضخم السنوى لإجمالى الجمهورية خلال مايو الماضى للشهر السادس على التوالى ليسجل %15.3 مقابل %14.9 فى أبريل.
ورجح منصف مرسى، الرئيس المشارك لقسم البحوث ببنك الاستثمار سى آى كابيتال، أن تتجه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى إلى تثبيت أسعار الفائدة فى اجتماعها المقبل.
وأشار مرسى إلى أن ذلك التثبيت يكون بهدف الترقب لوضع السوق المصرية، وتأثير رفع الفائدة 3 نقاط مئوية على مستويات الأسعار والتضخم فى مصر.
وتوقع أن يرفع المركزى أسعار العائد فى الاجتماع بعد القادم بعد دراسة المركزى للسوق فى الفترة الحالية.
وتابع: على الرغم من اتجاه المركزى الأمريكى إلى رفع الفائدة فى الاجتماع المقبل، إلا أن السياسة النقدية المصرية ستتجه إلى التثبيت.
ولفت إلى أن رفع الفائدة الذى اتجه إليه «المركزي» فى الاجتماعين السابقين سيعمل بقدر كبير إلى تحجيم مستويات التضخم إلا أنها مستمرة فى الزيادة وذلك تمشيًا مع الارتفاعات التى تشهدها كل دول العالم الناشئة والمتقدمة.
من جانبه، قال ماجد فهمى، الرئيس السابق لبنك التنمية الصناعية، إن البنك المركزى سيتجه فى اجتماعه المقبل إلى تثبيت أسعار العائد على الجنيه.
وأوضح أن المركزى سيثبت الفائدة اعتمادًا على القرارات التى اتخذتها السياسة النقدية خلال الأشهر الأولى من العام الجارى منها رفع أسعار العائد %3 على مرتين، وإطلاق شهادات %18 و%14 لتحجيم مستويات التضخم والحفاظ على الجنيه المصرى ومنع عمليات الدولرة والاستثمار بالعملة المحلية داخل السوق.
كما أكد أن السوق المحلية لن تتحمل فى الوقت الراهن رفعا جديدا لأسعار الفائدة، فإن كل زيادة بالعائد على الجنيه يعقبها ارتفاع تكلفة الدين العام على الدولة، وتراجع الاستثمار، وإحجام الشركات عن التوسع لارتفاع تكلفة التمويل لديها، واتجاه المواطنين إلى استثمار أموالهم فى الأوعية ادخارية ما يعقبها ركود بالسوق.
من ناحية أخرى، ترى أمانى بندراى، الباحثة والمحللة الاقتصادية، أنه من المرجح أن يتجه الفيدرالى الأمريكى إلى رفع أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس فى الاجتماع القادم الموافق 15 يونيو.
ويرجع ذلك نتيجة إلى بيانات التضخم الصادرة يوم الجمعة الماضية عن وزارة العمل في الولايات المتحدة حيث ارتفعت أسعار المستهلك (مؤشر (CPI فى الولايات المتحدة بنسبة (%8.6) فى مايو 2022 مقارنة بنفس الشهر من العام الماضى حيث يعد هذا المستوى الأعلى منذ ديسمبر.
وأكدت أن قرار الفيدرالى سيدفع الأسواق الناشئة لرفع أسعار الفائدة بالتبعية فالقرار سيكون له تبعات على الدول المدينة والأسواق الناشئة، حيث أنه يضع المزيد من الضغوط على الدول ذات المديونية الكبيرة، وأنها تصبح تسدد الدولار بقيمة أعلى، وهذا بحسب ما أكدت توقعات صندوق النقد الدولى والبنك الدولى.
وأوضحت أن قرار الفيدرالى بالرفع يعد واحدا من الضغوط الرئيسية على «المركزى المصري» لزيادة أسعار الفائدة فى مصر بهدف تجنب خروج المزيد من الاستثمارات الأجنبية فى أدوات الدين المحلية بمصر، وذلك بعد أن تأثرت بشدة بسبب فيروس كورونا وتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.
ورجحت أن يبقى البنك المركزى على أسعار الفائدة بعد اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك يوم الخميس 23 يونيو دون تغيير، موضحة أن زيادة الفائدة فى مصر بمجموع %3 فى آخر اجتماعين فى مارس ومايو الماضيين كانت خطوة استباقية فى ظل أن خطة الفيدرالى الأمريكى لرفع أسعار الفائدة كانت معلنة من قبل وبالتالى نسبة ارتفاع الفائدة فى مصر كانت كبيرة حيث أن المركزى المصرى يحتاج الى تقييم الموقف قبل الاتجاه الى رفع أسعار فى مصر مرة ثالثة هذا العام.
وأضافت أن «المركزي» يتبقى له 4 اجتماعات بشأن السياسة النقدية خلال النصف الثانى من العام، وقد يتم خلالها تحريك أسعار الفائدة بنحو 200 – 300 نقطة اعتمادا على بيانات وأرقام التضخم فى مصر.