مصرفيون ومحللون: قرار رفع أسعار الفائدة حتمى لمواجهة الضغوط التضخمية

يعزز قيمة العملة المحلية

مصرفيون ومحللون: قرار رفع أسعار الفائدة حتمى لمواجهة الضغوط التضخمية
‫محمود الصباغ‬‎

‫محمود الصباغ‬‎

6:56 ص, الأحد, 30 أكتوبر 22

قال مصرفيون ومحللو بنوك استثمار إن قرار رفع أسعار الفائدة كان حتميا لمواجهة الضغوط التضخمية المتوقعة، لاسيما أن البنك المركزى يستهدف من خلاله سحب السيولة من السوق.

وأضافو- فى تصريحات خاصة لـ «المال» – أن سلسة الإجراءات المتكاملة التى اتخذها «المركزى» تهدف إلى تعزيز قيمة العملة المحلية (الجنيه) كما تسهم فى دعم الصناعة وعمليات التجارة فى الفترة المقبلة.

وأصدر البنك المركزى بيانا تضمن سلسلة من الإجراءات التى من شأنها مواجهة تداعيات وآثار الصدمات العالمية، وقال إنه سيقوم بإلغاء تدريجى للتعليمات الخاصة باستخدام الاعتمادات المستندية فى تمويل الواردات حتى الإلغاء الكامل فى ديسمبر المقبل، وسيعمل على بناء وتطوير سوق المشتقات المالية بهدف تعميق سوق الصرف الأجنبى ورفع مستويات السيولة الأجنبية.

وقررت لجنة السياسة النقدية فى اجتماع استثنائى رفع سعر العائد على الإيداع والإقراض بواقع 200 نقطة أساس، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى 200 نقطة أساس، وسعر الائتمان والخصم 200 نقطة أساس إلى 13.75%.

وقرر البنك الأهلى المصرى إصدار شهادة بالجنيه أجل 3 سنوات بعائد %17.25 كما قرر رفع العائد على الشهادة البلاتينية ذات العائد الشهرى إلى %16، وأصدر نفس الشهادة بعائد %16.25 يصرف كل 3 شهور وبسعر %16.5 يصرف نصف سنوى.

من جانبه، رفع بنك مصر العائد على شهادته الثلاثية القمة إلى %17.25 يصرف سنويا، كما رفع العائد على شهادة القمة ذات العائد الشهرى إلى %16 وأصدر البنك ذات الشهادة بعائد %16.25 يصرف كل 3 شهور.

وأصدر بنك القاهرة شهادة ادخارية «بريمو جولد» لمدة 3 سنوات بعائد %17.25 سنويا، كما أصدر نفس الشهادة بعائد %16 يصرف شهريا، و%16.25 لدورية صرف العائد الربع سنوى.

وأعلنت الحكومة يوم الخميس الماضى التوصل إلى اتفاق للحصول على قرض بقيمة 9 مليارات دولار بواقع 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولى، ومليار من صندوق الاستدامة و5 مليارات من الدول الشريكة للتنمية؛ لتمويل الموازنة المصرية.

القاضى: يزيد الثقة فى الاقتصاد القومى ويشجع تحويلات المصريين ودخول الاستثمار المباشر

وأكد أشرف القاضى رئيس المصرف المتحد، أن قرارات البنك المركزى هى «بشائر» المؤتمر الاقتصادى لاقتصاد حر يدعم التنمية.

وقال – فى تصريحات خاصة – إن قرار مرونة سعر الصرف يعنى تحرير سعر الجنيه المصرى وتركه لقوى السوق (العرض والطلب) مع سحب السيولة للتقليل من الطلب على العملة الأجنبية عن طريق رفع سعر الفائدة، وكذلك تفعيل آلية الإنتربنك العامة لتوفير العرض من العملات الأجنبية وسداد احتياجات العملاء والبنوك لتوفيرها لفتح الاعتمادات المستندية وسداد الالتزامات الخارجية للاستيراد.

وأوضح أن قرارات «المركزى» بضمان سعر مرن للجنيه مع الحصول على قرض صندوق النقد، سيزيد الثقة فى الاقتصاد القومى ويشجع تحويلات المصريين ودخول الأجانب والاستثمار الأجنبى المباشر، مشيرا إلى أنه لابد أن تتزامن هذه الإجراءات مع برنامج إصلاح اقتصادى مدعوم بغطاء إنتاجى وصناعى للدولة والالتزام بخارطة طريق المؤتمر الاقتصادى الذى دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى وأداره رئيس الوزراء والمشاركون باحترافية لعدم تكرار المشكلة الاقتصادية.

وقال هانى جنينه الخبير الاقتصادى إن جميع العوامل داخل السوق المحلية تستدعى من البنك المركزى رفع مستويات الفائدة، مشيرًا إلى أن الفائدة على أدوات الدين قصيرة الأجل تخطت الـ%18 قبل الضريبة.

وأوضح أن السوق تحمل معطيات تدفع البنك المركزى إلى اتخاذ سياسة تشديدية مدفوعا بتضخم ينتظر تحرير سعر الصرف، وأن السلع المستوردة ستعقبها زيادة بعد ذلك التحرير.

البيه: تعويض للمواطن عن تراجع الجنيه ويدفعه إلى التخلى عن الدولار

من ناحية أخرى، قال محمد البيه الخبير المصرفى إن ارتفاع سعر الفائدة على الجنيه هو تعويض للمواطن عن تراجع العملة المحلية، لاسيما أنه يدفع المواطنين بعد ارتفاع سعر الدولار إلى التخلى عن «الأخضر» والاستثمار بالجنيه لأن العائد الاستثمارى عليه أصبح جيدا بالنسبة للمواطن، واصفا الإجراءات التى اتخذها «المركزى» بالمتكاملة لدعم السوق المحلية.

وارتفع سعر صرف الدولار أمام الجنيه بنسبة تجاوزت %50 خلال الأشهر السبعة الماضية، ليصل متوسط السعر فى السوق إلى 22.85 جنيه للشراء، 22.96 للبيع فى نهاية تعاملات الخميس بحسب آخر تحديث للبنك المركزى المصرى.

وأشار إلى أن ترك سعر الصرف لقوى العرض والطلب فى السوق سيرفع سعر العملة الأجنبية فى البداية نتيجة لصدمة السوق مع رفع العائد على الجنيه وستعود العملة الأمريكية إلى مستوياتها الحقيقية أمام الجنيه، لاسيما أن بيع العملة بآلية المشتقات سيحافظ على مستوياتها.

وتابع البيه:«مع وصول الجنيه إلى قيمته العادلة ستزداد قيمة الأصول الأجنبية فى السوق وفى مقدمتها تحويلات المصريين العاملين بالخارج، بالتالى سيتوفر الدولار داخل القنوات الرسمية من البنوك وشركات الصرافة، وعليها سيتم توجيه جزء من السيولة الأجنبية إلى مستندات التحصيل فيتبعها توفر السلع داخل السوق المحلية».

وأوصى بأن تمنح الحكومة المستثمرين المحليين والأجانب حوافز استثمارية تتزامن من خطة الإصلاح الاقتصادى، وخلق فرص تساعد الاستثمار، لتعزيز السيولة الأجنبية فى السوق.

وأشار إلى أنه على الرغم من ارتفاع تكلفة الإقراض على المستثمرين إلى أن المصنعين وأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة لن يتأثروا لأنهم سيتجهون إلى الاقتراض من خلال مبادرات البنك المركزى لدعم القطاع الخاص والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وأطلق البنك المركزى منذ 2016 عددا من المبادرات تهدف إلى دفع عجلة الإنتاج ودعم القطاع الخاص إضافة إلى دعم الأفراد فى مواجهة التحديات التى واجهتهم فى الأزمات التى طرأت على السوق من أزمة كورونا وارتفاع معدلات التضخم العالمى والحرب الروسية الأوكرانية، وشملت مبادرات لـ (التمويل العقارى، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتسوية المديونيات المتعثرة ، ودعم الصناعات، وإحلال وتجديد المنشآت الصناعية).

وتوقع «البيه» أن تتراجع معدلات نمو محافظ القروض بشكل طفيف نتيجة ارتفاع تكلفة الإقرض على العميل وهذا يتسق مع سياسة الدولة لسحب السيولة للحفاظ على مستويات التضخم، وتوقع ارتفاع السيولة المحلية داخل القنوات المالية الرسمية مثل البنوك نتيجة استثمار المواطنين فى الأوعية الادخارية بعد إطلاق البنوك شهادات مرتفعة العائد للمرة الثانية خلال العام الجارى، كما ترتفع العمولات فى عمليات التجارة خلال الفترة المقبلة.

الهلالى: يواجه «الدولرة» وله تأثير إيجابى على الصادرات والسياحة

من جانبها، قالت هناء الهلالى، رئيس مجلس إدارة شركة «أسباير كابيتال» القابضة، والعضو المنتدب لشركتى «الخير» للتمويل متناهى الصغر و«أموال» لإدارة الأصول، إن قرار رفع الفائدة سيلعب دورًا كبيرا فى منع «الدولرة» لاسيما أن الشهادات مرتفعة العائد التى طرحتها البنوك الحكومية (مصر والأهلى والقاهرة) تهدف إلى امتصاص جزء كبير من السيولة الموجودة مع المواطنين لمدة ثلاث سنوات، إلا أن رفع الفائدة سيأثر على تمويل الشركات بسبب ارتفاع تكلفة الاقراض على العميل«.

وعلى مستوى مرونة سعر الصرف قالت إن سعر العملة المحلية يكون خاضعا للعرض والطلب ، وسيكون التأثير إيجابيا بالنسبة للصادرات والسياحة، لكنه سلبى على الواردات، موصية بوجود ضوابط تنظم تلك العمليات فى الفترة المقبلة.

وأشارت إلى أن قرار مرونة سعر الصرف لعب دورا كبيرا فى تعزيز سوق المال والذى صعد بنحو 30 مليار جنيه يوم الخميس الماضى، مدفوعًا بشراء الأجانب.

وأضافت أن عودة البنك المركزى إلى مستندات التحصيل هى خطوة جيدة فى صالح عمليات التجارة المحلية فى الفترة المقبلة.

منير: يرفع جاذبية السوق للاستثمارات الأجنبية فى أدوات الدين

وقالت هبة منير محلل قطاع البنوك والاقتصاد الكلى بشركة «إتش سى» للأوراق المالية والاستثمار: «يتوافق قرار البنك المركزى المصرى برفع سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس مع توقعاتنا المعلنة مسبقا، وهو ما من شأنه أن يساعد فى احتواء التضخم، الذى وصل إلى %15 فى سبتمبر، ويجعل السوق أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية فى أدوات الدين المصرية.

وتابعت: «بافتراض انعكاس رفع أسعار الفائدة على عائد أذون الخزانة، فإننا نقدر أن سندات الخزانة لأجل الـ 12 شهرًا ستقدم معدل فائدة حقيقى إيجابى بنسبة %2.36 (مقارنة مع نسبتها عند %0.66 قبل رفع سعر الفائدة) ومقارنة بعائد حقيقى سلبى فى الولايات المتحدة».

وأضافت: «استخدمت فى حساباتها العائد لأذون الخزانة أجل الـ 12 شهرًا بعد احتساب ضرائب بنسبة %15 على أذون الخزانة المفروضة على المستثمرين الأمريكيين والأوروبيين، مع الأخذ فى الاعتبار توقعاتنا لمتوسط التضخم السنوى عند %14.62 خلال الـ 12 شهرًا القادمة».

أما بالنسبة لقرارات البنك المركزى بشأن بعض القواعد المنظمة لسعر الصرف، ومنها السماح للبنوك المحلية باستخدام مشتقات العملات الأجنبية وإلغاء الاستيراد بخطابات الضمان تدريجيا، توقعت أن يساهم ذلك فى توفير العملة الأجنبية بشكل أكبر فى السوق ويساعد على استعادة النشاط التجارى فى مصر، مشيرة إلى انخفاض قيمة الجنيه بنسبة %13.7 لتبلغ 22.84 جنيه للدولار ، الأمر الذى انعكس على تراجع مؤشر سعر الصرف الفعلى الحقيقى للجنيه (REER) مسجلا 91.82 بنسبة انخفاض %8 عن نقطة الأساس للمؤشر عند 100، طبقا لحساباتنا.

وأضافت: «فيما يتعلق بتأثير القرارات على القطاع المصرفى، فإن شهادات الإيداع ذات العائد المرتفع التى أعلن عنها البنك الأهلى المصرى من شأنها زيادة المنافسة مع بنوك القطاع الخاص.

ومع ذلك، فإننا لا نتوقع أن يكون ذلك أمرًا جوهريًا، خصوصا بعد قيام بعض البنوك بطرح شهادات ذات عائد مرتفع خلال الأيام الماضية القليلة، بالإضافة إلى التعويض المتوقع فى أسعار عائد الأذون والسندات الحكومية، الذى من شأنه أن يدعم ربحية البنوك».

أما بالنسبة للمساعدات الخارجية البالغة 9 مليارات دولار التى حصلت عليها مصر من صندوق النقد الدولى والمؤسسات الدولية، فصرحت «هبة» «نحن نعتقد أنها ستغطى بالكامل إجمالى سداد ديون مصر المستحقة عن النصف الثانى من عام 2022 وجزءا من النصف الأول لعام 2023.