محمد رجب
أكد مصرفيون أن تصريح المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، بشأن تطبيق العقوبات على المتعاملين بالعملات الأجنبية فى شراء السلع والخدمات داخل السوق المحلية، يعد استكمالا لقرار «المركزى» الخاص بالحد الأقصى للإيداعات الدولارية، موضحين أن تلك الاتجاهات تعبر عن تخطيط الدولة لغلق الباب أمام أى عوامل من شأنها إعادة إحياء السوق السوداء للدولار.
وأوضحوا أن تطبيق العقوبات من شأنه تخفيض الطلبات الوهمية وغير المبررة على الدولار الأمريكى بصفة خاصة، مستدلين بتعاملات بعض الجامعات والمدارس الخاصة التى تلزم طلابها بدفع الرسوم الدراسية بالدولار بدلا من الجنيه.
ولفتوا إلى أن هناك قطاعات وشركات لا يمكن تطبيق العقوبات عليها؛ لأنها تتعامل بنسبة كبيرة مع عملاء أجانب، يشكلون جزءًا كبيرًا من إيراداتها مثل قطاع السياحة والفنادق، مؤكدين أن العبرة من العقوبات تتمثل فى التأثير على جانب الطلب، وليس على المعروض منها.
يذكر أن رئيس مجلس الوزراء أكد خلال اجتماع اللجنة الوزارية الاقتصادية الأسبوع الماضى عدم تحصيل قيمة أى سلعة أو خدمة داخل مصر بعملات أجنبية بدلا من الجنيه، وتطبيق عقوبة على المخالفين طبقًا للمادة 111 من قانون البنوك رقم 88.
وتنص المادة 126 من قانون البنوك رقم 88 لسنة 2003 على معاقبة الأشخاص المستخدمين لأى عملة أجنبية بدلا من العملة المحلية فى عمليات الشراء والبيع للسلع والخدمات داخل مصر.
ووضعت المادة عقوبة تتمثل فى تغريم المخالفين للقواعد بمبلغ مالى لا يقل عن 10 آلاف جنيه، وبما لا يتجاوز 20 ألف جنيه.
من جانبه قال تامر يوسف، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية، إن تصريح رئيس الوزراء أمر لا يمكن فصله عن قرارات البنك المركزى.
وأوضح أن قرار وضع حد أقصى للإيداعات بالدولار اليومية والشهرية بالبنوك، يعتبر خطوة مبدئية لتقليص التعاملات التجارية بالعملات الأجنبية داخل السوق المحلية، بجانب تحجيم السوق السوداء للدولار والقضاء عليها تمهيدًا للحديث عن خطوة أخرى، تتمثل فى أهمية تطبيق العقوبات على مستخدمى العملات الأجنبية فى عمليات الشراء والبيع داخل السوق المحلية.
يذكر أن «المركزى» أصدر منذ عدة أسابيع قرارًا بحد أقصى للإيداعات بالدولار الأمريكى اليومية والشهرية بالبنوك بواقع 10 آلاف دولار يوميًا و50 ألف دولار شهريًا.
وأضاف يوسف أن خطوة تطبيق العقوبات تعتبر أمرًا مكملا يساعد على إنهاء الطلبات الوهمية على الدولار والعملات الأجنبية، بجانب تقليل حجم الاستيراد للمنتجات التى ليست لها أولوية داخل السوق، بشكل يقلص الضغط على الميزان التجارى ويخفض العجز الذى يعانى منه بصفة مستمرة.
وأكد أن جهود البنك المركزى بشأن استقرار سوق الصرف تعتبر إيجابية جدًّا، لكن ما زالت هناك ثغرة، من المحتمل أن تستغلها بعض الشركات المحلية المستوردة، من خلال طلب الشركة من العميل دفع المستحقات بالدولار مقابل السلعة أو الخدمة التى حصل عليها عن طريق تحويل بنكى بحسابها بدلا من السداد نقدًا.
وأوضح أن الثغرة السابقة يمكن تفاديها من خلال مسئولى الرقابة «compliance» داخل البنوك عن طريق البحث وراء أسباب التحويلات بالعملات الأجنبية ومصدرها وتحديد العملاء المتلاعبين لإرسال تقارير عنهم لجهة القرار.
وتابع أن القطاعات التى تكون مدفوعاتها بالدولار والعملات الأجنبية، ولديها تعاملات مع أطراف أجانب، من حقها أن تقبل المستحقات بالعملات الأجنبية ولا تخضع للعقوبة المقررة بالقانون مثل قطاعات السياحة والفنادق وشركات الخدمات البترولية والشحن والتأمين، بينما يتم تطبيقها على المؤسسات والشركات التى تلزم عملاءها المصريين بالدفع بعملات أجنبية نظير سلعة أو خدمة تباع داخل السوق المحلية مثل بعض الجامعات التى تعلن عن رسوم الدراسة بالدولار.
وأوضح يوسف أن هناك آليات ومؤسسات رقابية داخل الدولة مثل الجهاز المركزى للمحاسبات والبنك المركزى ومصلحة الضرائب، يمكنها إحصاء العمليات التجارية والاقتصادية التى تتم بعملات أجنبية بدلا من الجنيه داخل السوق من قبل بعض الشركات.
وطالب بضرورة تشديد العقوبة على المخالفين وعدم اقتصارها على توقيع الغرامة لتمتد إلى وقف النشاط وتجميد الترخيص لمدة معينة لكل الأطراف التى تلزم عملاءها داخل السوق المحلية بالدفع بالعملات الأجنبية بدلا من الجنيه المصرى لشراء السلع والخدمات.
من جانبه أوضح محمد بدرة، الخبير المصرفى، أن هناك عددًا من الجهات والمؤسسات التى تلزم العملاء بالدفع بالعملات الأجنبية داخل مصر، ومن بينها بعض الجامعات والمدارس الخاصة، بجانب شركات السياحة الدينية التى تلزم الأفراد بدفع جزء من المستحقات بالريال السعودى لتأدية الحج.
وأكد بدرة أن تلك التعاملات تعتبر غير منطقية، فلا توجد دولة فى العالم تسمح بتعاملات مالية داخلها تتم بعملات أجنبية بخلاف عملتها، منبهًا إلى أن تلك التعاملات تعمل على توفير مناخ ملائم لظهور السوق السوداء وزيادة الضغط على العملة المحلية وارتفاع الطلب على العملة الأجنبية.
وأضاف أن عدم تطبيق العقوبات فى الفترات الماضية على المخالفين كان نابعًا من السهولة واليسر فى تلبية جميع طلبات العملاء للحصول على العملة وعدم وجود سوق سوداء للعملة خلال تلك المرحلة، لكن مع زيادة حجم الطلب على الدولار الأمريكى أصبحت عملية تطبيق العقوبات ضرورة لا غنى عنها.
ولفت إلى أن قرار «المركزى» بشأن الحد الأقصى للإيداعات الدولارية بالبنوك، أمر لا يمكن فصله عن حديث رئيس الوزراء بشأن تطبيق العقوبات على المتعاملين بالعملات الأجنبية داخل السوق المحلية فى شراء السلع والخدمات، وهو ما يؤكد التحركات الجادة من الدولة لغلق الباب أمام أى عوامل من شأنها إحياء السوق السوداء للعملة مرة أخرى.
وقال مسئول تداول بأحد البنوك إن الهدف من تطبيق العقوبات على المتعاملين بالعملات الأجنبية فى شراء وبيع السلع والخدمات داخل السوق المحلية بدلا من الجنيه- يتمثل فى تخفيض حجم الطلب على الدولار والعملات الأجنبية لأسباب غير مبررة.
وأوضح المسئول أن هناك بعض الطلبات التى يقدمها العملاء للبنوك للحصول على الدولار لكنها منافية للمنطق مثل الطلبات المتعلقة بسداد رسوم دراسية لمدارس تعمل داخل مصر، وطلبات أخرى لسداد أتعاب عاملى النظافة والخادمين بمنزل العميل.
وأكد أن جميع المؤسسات والشركات والأطراف التى تعمل داخل السوق المحلية وتتخذ من عمليات الدفع بالعملات الأجنبية بدلا من الجنيه كمنهج ونظام لها- يجب أن يتم تجريمها وتوقيع العقوبات عليها، فى حين أن القطاعات والشركات التى تعتبر إيراداتها الناتجة عن التعامل مع الأجانب تمثل نسبة كبيرة من إجمالى إيرادات النشاط فلا يمكن تجريمها.
وتابع أن العامل الفيصل فى عملية تطبيق العقوبات يتمثل فى التأثير على جانب الطلب «Demand» على الدولار وعدم المساس بالشركات والقطاعات التى تمثل مصدرًا للمعروض من الدولار والعملات الأجنبية.
وأضاف أن قطاع السياحة والفنادق من بين القطاعات التى لا يمكن تجريمها بسبب المدفوعات التى تحصل عليها نظير خدماتها كنتيجة لأنها تتعامل بشكل واسع مع العملاء الأجانب، لكن من الضرورى أن يتم التحويل بأسعار الصرف الرسمية حتى لا تكون القطاعات المعفاة بمثابة الباب الخلفى لعودة السوق السوداء للدولار.
وأكد المصدر أن خطوة تطبيق العقوبات تعد استكمالًا للقرار الصادر عن البنك المركزى بشأن الحد الأقصى للإيداعات الدولارية اليومية والشهرية، مشيرًا إلى أن تلك الاتجاهات تستهدف دفع العملاء إلى التخلص من أى موارد دولارية بحوزتهم.
ولفت إلى أن بعض العملاء يتحايلون على قرار «المركزى» الخاص بالحد الأقصى للإيداعات الدولارية من خلال عمل حساب بنكى لدى عدة بنوك ويتم تقسيم المبلغ الإجمالى للإيداع وتوزيعها بين تلك الحسابات، مشددًا على أهمية غلق الأبواب أمام تلك التحايلات. بدءًا من الشهر الحالى