أجمع مصرفيون وخبراء أن سعر الفائدة الذى تحدده البنوك المركزية أصبح عاملا متغيرا وليس أساسيا لتحفيز الاقتصاد والنمو، بينما هناك عوامل أخرى تشكل أهمية كبرى منها التكتلات الاقتصادية العالمية الجديدة، وكذلك الحروب التجارية، بجانب مدى جدية الدول فى إجراء إصلاحات هيكيلة لاقتصاداتها من شأنها تسهيل بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وأشاروا، خلال جلسة تحسن الأداء الاقتصادى بعد خفض الفائدة باليوم الثانى لمؤتمر الناس والبنوك، إلى أن خفض الفائدة فى السوق المحلية ينعكس إيجابا على النمو الاقتصادى ونسبة الاستثمار ومعدلات التشغيل، مطالبين بضرورة تنويع أدوات الادخار فى السوق المحلية على غرار الأسواق الدولية.
وأوضحوا أن بعض الأسواق العالمية تقدم فائدة سالبة على المدخرات، وهو ما يدفع المواطنين لتوظيف أموالهم فى البورصة والقنوات الأخرى لدفع عجلة النمو والإنتاج، مطالبين البنوك بضرورة زيادة معدلات توظيف القروض للوادئع وتوجيه قدر أكبر من المدخرات للتمويل متناهى الصغر.
يذكر أن البنك المركزى المصرى قام بتخفيض معدل الفائدة على الإيداع والإقراض بنحو 350 نقطة أساس خلال العام الجارى لتصل إلى %13.25 على الإيداع و%14.25 على الإقراض، وسط توقعات بإجراء خفض جديد بنحو 50 إلى 100 نقطة خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية يوم 14 نوفمبر الجارى.
محسن عادل: مخاطر التكتلات العالمية والحروب التجارية قلصت تأثيرها
قال محسن عادل، الرئيس السابق للهيئة العامة للاستثمار، إن معدلات الفائدة والعلاقة بينها وبين التضخم لم تعد هى المعادلة الحاكمة لتنشيط الاقتصاد فى الوقت الحالى بجميع دول العالم.
وأوضح أن الفائدة أصبحت عاملا متغير وليس حاكما على مستوى حركة الاقتصاد العالمى، بينما الفترة الحالية هناك 3 قضايا حاكمة تؤثر على الاقتصاد العالم وتقف وراء تراجع تأثير سعر الفائدة.
وتابع أن أول هذه الأمور هو الحرب التجارية الأمريكية مع الصين ودول الاتحاد الأوروبى، فبعدما كان العالم يسعى نحو حرية التجارة فى تسعينيات القرن الماضى أصبح الآن يعود للقيود التجارية.
وأضاف أن العامل الثانى هو التكتلات التجارية العالمية الجديدة التى تنشأ بين الدول وتأثيرها على النمو العالمى، بينما العامل الثالث هو ديون الأسواق الناشئة الكبرى على مستوى العالم والتى تخطت 80 تريليون دولار تشكل منها مصر نسبة قليلة جدا.
وذكر أن ارتفاع ديون العديد من الشركات بالتزامن مع التطور التكنولوجى الكبير دفع أكثر من 118 شركة على مستوى العالم لإعلان إفلاسها خلال الشهرين الماضيين من أبرزها شركة توماس كوك السياحية العالمية.
وأكد أن كل هذه التغيرات تثبت أن العلاقة بين سعر الفائدة والتضخم لم تعد هى المتحكمة فى تطور حركة الاقتصاد العالمى.
وأضاف أن البنك المركزى أشار فى تقريره الأخير إلى ارتفاع الهامش بين الفائدة على الإيداع والفائدة على الإقراض للشركات فى مصر، مطالبا القطاع المصرفى بضرورة زيادة نسبة القروض القطاع الخاص لأكثر من معدلاتها الحالية.
وقال محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إن نسبة توظيف القروض للوادئع فى القطاع المصرفى منخفضة وتصل لنحو %45 وهى نسبة بسيطة لا تتناسب مع حجم النمو الاقتصادى المستهدف من قبل الدولة، لاسيما فى ظل النمو المتواصل لمحفظة الودائع وانخفاض نمو القروض.
وأكد أن هبوط أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية عامل إيجابى فى ظل التطورات العالمية وانخفاض التضخم، متطلعا لخفض الفائدة بنسبة %2 على الأقل حتى نهاية العام الجارى، لزيادة نسبة التوظيف.
وتابع أن خفض الفائدة ينعكس على تكلفة تمويل الشركات وبالتالى زيادة معدلات الاستثمار وهو ما ينعكس على ارتفاع معدلات التشغيل ونقص البطالة، وزيادة الدخل الحقيقى للمواطنين وبالتالى زيادة معدلات الطلب فى الدولة.
ونوه إلى أن تنشيط الطلب سيحسن أوضاع القطاع الخاص وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مؤكدا أن هناك عوامل أخرى كثيرة بخلاف أسعار الفائدة.
وتابع أن الوعى المالى لدى المواطنين ضرورى فى هذه المرحلة الهامة من تاريخ الاقتصاد، لاسيما وأن هناك أسواقا تقدم فائدة سالبة على الودائع ويتجه المواطنون لقنوات استثمارية افضل مثل البورصة والاستثمار فى الشركات لتحقيق عائد على مدخراتهم.
وطالب بضرورة تجديد مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة المقرر انتهاؤها بحلول فبراير المقبل وتخصيص الفائدة المدعمة للمشروعات متناهية الصغر لتنشيط مشروعات الشباب لاسيما وأن هذا القطاع يمكن أن يسهم بنسبة كبيرة فى معدلات النمو الاقتصادى.
حجازى: 4 مزايا للانخفاض.. والمعدلات الحالية أفضل من فترة التعويم
وعلق حازم حجازى نائب رئيس مجلس إدارة البنك القاهرة بأن تخفيض سعر الفائدة على الإيداع والأقراض له عدة مزايا على المواطنين فى حال كانوا مقترضين أو مودعين، شركات أو أفراد.
وأوضح حجازى أن سياسة التيسير النقدى تساعد البنوك على زيادة حجم استثماراتها وزيادة توسعاتها فى السوق المصرية، إضافة إلى زيادة الاستثمار المباشر.
وأشار إلى أن سعر الفائدة المرتفع إثر توسع الشركات فى الآونة الماضية، بسبب ارتفاع تكلفة الإقراض.
كما أوضح نائب رئيس بنك القاهرة الى أن سعر الفائد له مزايا على الأفراد من خلال توفير تلبية احتياجات آلافراد بتكلفة معقولة وزيادة معدل الرفاهية مشيرا إلى أن حجم قروض الافراد بالقطاع المصرفى وصلت إلى 350 مليار جنيه.
وعلى مستوى الحكومة، أضاف حجازى أن سعر الفائدة المنخفض يساعد الدولة فى تقليل عجز الموازنة وتمويل متطلبات الدين المحلى بتكلفة منخفضة.
وقال «حجازى» إن مبادرة البنك المركزى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ساهمت بشكل كبير فى دعم قطاع الشركات وتنوعه وتحسن أدائها وانتقالها من شركات متوسطة إلى كبرى.
وعلى صعيد المودعين، أشار نائب رئيس بنك القاهرة، إلى أن سعر الفائدة الحالى أفضل عند مقارنته بمعدلات التضخم، قائلا: «عندما كانت الفائدة %20 كان التضخم %30 وبالتالى الفائدة الحقيقة سالبة، بينما حاليا تسجل الفائدة متوسط %14 والتضخم %4.7 ومن ثم فإن المودع يحصل على فائدة حقيقة قدرها %9 تقريبا».
هالة صادق: القطاع العائلى لديه ثقة مرتفعة فى البنوك والعملة المحلية
قالت هالة صادق، القائم بأعمال الرئيس التنفيذى للبنك الأهلى المتحد، إن انخفاض أسعار الفائدة يشجع المستثمرين على ضخ رؤوس أموال فى مشروعاتهم وزيادة معدلات التشغيل والنمو الاقتصادى.
وأضافت أن القطاع العائلى مازال يضخ مدخراته فى القطاع المصرفى رغم هبوط أسعار الفائدة لثقته فى البنوك والعملة المحلية، كما أن هذا الأمر يفتح مجالا لزيادة عمليات الاستثمار فى البورصة المصرية.
أميمة فرحات: العقارات والمقاولات والبترول والصناعة مجالات حيوية
وقالت أميمة فرحات، رئيس بنك الاستثمار العربى، إن معدلات الفائدة هبطت ومتوقع نزولها خلال الفترة المقبلة، وهو ما يدعم معدلات النمو الاقتصادى من خلال زيادة معدلات الاستثمار والتشغيل.
وأضافت أن هناك العديد من القطاعات الحيوية الفترة الحالية مثل العقارات والمقاولات والبترول بجانب الصناعة التى تعتبر مجالات حيوية للتمويل.