قال مصرفيون إن تقديم القروض رقميا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة أمر ملح وحتمى فى الوقت الحالى، ويعزز من إستراتيجية التحول الرقمى لدعم «رؤية مصر 2030».
وأضافوا- فى تصريحات خاصة لـ «المال»- أنه ما زال هناك بعض المخاطر لتقديم القروض رقميا لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وحول هذه المخاطر قال وليد ناجى نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى، إنها تتمثل فى صعوبة التحقق من هوية العميل بشكل إلكترونى بالكامل، بالإضافة إلى التوقيع الافتراضى الذى ما زالت الجهات القضائية لا توليه الأهمية القصوى، مقارنة مع التوقيع الورقى، مما قد يؤجل التحول الكامل للتمويل الرقمى فى الفترة المقبلة.
من ناحيته، يرى طارق جلال رئيس قطاع المشروعات الصغيرة والتمويل فى بنك التنمية الصناعية، أن تلك المخاطر موجودة فى كل الأحوال، سواء قام البنك بتمويل القرض رقميا أو بشكل تقليدى، مضيفا أن الجميع يسير فى هذا الاتجاه، مؤكدا أن التذرع بخطورة التمويل الإلكترونى غير منطقى، مع ضرورة اتخاذ كل الإجراءات للتحوط ضد المخاطر.
وكان البنك المركزى أصدر عددا من القرارات لدعم عملية التحول الرقمى، ومنها إصدار البطاقات المدفوعة مقدما (اللاتلامسية) للمواطنين دون أى رسوم، وإلغاء رسوم تفعيل خدمات التحصيل الإلكترونى عبر الإنترنت «E- COMMERCE» للشركات التى تريد تفعيل هذه الخدمة المالية الرقمية لأول مرة، وإعفاء العملاء من مصروفات وعمولات التحويلات البنكية التى تتم بالعملة المحلية من خلال القنوات الإلكترونية فقط «الإنترنت والموبايل البنكى وتطبيقات شبكة المدفوعات اللحظية».
وفيما يخص محافظ الهاتف المحمول، أعلن البنك المركزى عن الاستمرار فى الإصدار المجانى للمحافظ الإلكترونية، بالإضافة إلى إعفاء العملاء من مصروفات التحويل لأول معاملة شهريا، مع وضع جنيه كحد أقصى للمصروفات التى يتحملها العميل لأى معاملة تحويل أخرى تتم بين محافظ الهاتف المحمول التابعة لنفس مقدم الخدمة.
وقال «ناجى» إن البنوك حتى وإن وصلت لدرجة عالية من تطبيق إستراتيجية منح القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل رقمى، قد يظل هناك جزء من التمويل لا يتحول إلى الرقمنة، مضيفا أن الوصول للتحول الرقمى بشكل كامل« fully digitalization» للقطاع المصرفى، سيتطلب المرور بمراحل عدة، وذلك للحاجة إلى البنية التحتية الداعمة للتطور الرقمى والتى تحتاج إلى المزيد من الوقت لتوافرها بشكل كامل.
وأضاف – فى تصريحات خاصة لـ«المال» – أن أسهل الطرق لتقديم التمويل للعملاء بشكل رقمى، هو إتاحة الفرصة للعميل أن يقدم للحصول على القرض بشكل إلكترونى، بالإضافة إلى وضعه لنسخ من المستندات المطلوبة على الموقع أو التطبيق، مشيرا إلى أن البنك يقوم بإجراء دراسة «مبدئية» لهذه المستندات، وبناء عليه يقرر إما الموافقة بشكل أولى على التمويل أو رفضه كاملا، معربا عن أن البنك لا يستطيع أن يقدم للعميل التمويل بالكامل بشكل إلكترونى، لما تتطلبه إجراءاته من التحقق من هوية العميل، فلابد أن يقوم بزيارة الفرع على الأقل حتى يقوم بالإمضاء.
وفى إشارة إلى كيفية الوصول إلى مرحلة التوقيع الإلكترونى للتوافق مع «رؤية مصر 2030» أفاد بأن تنفيذ هذه الخطوة يرجع بشكل أساسى إلى الجهات القضائية، متسائلا: « هل اليوم إذا قام العميل بالتوقيع إلكترونيا، وحدث خلاف واضطر البنك إلى اللجوء للقضاء، هل ستعتد المحكمة بهذا التوقيع؟».
وأكمل أنه إذا أعطى القانون التوقيع الإلكترونى نفس أولوية التوقيع الورقى، فى هذه الحالة سيكون الأمر ممكنا بالنسبة للمصارف لإتاحة هذه الخدمة للعملاء على نطاق أوسع.
وتابع إن من ضمن المخاطر التى قد تواجه البنوك فى إتاحة التمويل الرقمى للمشروعات المتوسطة والصغيرة، هو التحقق من صحة الأوراق المقدمة من العميل والمرفوعة بطريقة إلكترونية، مشيرا إلى أنه ليس أمرا يسيرا أن يقوم المصرف بالتتبع والكشف عن جميع المستندات ذات الأهمية القصوى للتأكد من هوية العملاء ومصداقيتهم.
فى سياق متصل، قال «ناجى» إن حجم التمويل المقدم للعملاء يتوقف على جدارتهم الائتمانية، ولذلك يسعى البنك دائما لوضع التقييم السليم، متابعا إنه فى حال إذا أخطأ البنك ومنح العميل جدارة ائتمانية مرتفعة، بناء على مستندات ليست صحيحة – قٌدمت إلكترونيا بشكل مزور للتحايل على البنك – فى هذه الحالة سيقوم البنك بمنح تمويل ضخم للعميل قد لا يستطيع سداده، وبناء عليه يتصعد الأمر ويسبب مشكلات عدة.
وكشف عن أننا فى مصر ما زلنا لا نملك جميع الآليات التى تمكن القطاع المصرفى من التحوط ضد التلاعب بأى شكل، واستغلال التسهيلات المقدمة من البنوك للعملاء ضدها، مشيرا إلى أنه على النقيض من تواجد تلك المخاطر، فالبنوك لديها الرغبة فى تنفيذ إستراتيجية التحول الرقمى بشكل كامل، للتسهيل على العملاء وزيادة عملياتها، وبالتالى أرباحها، ولكن ترغب المصارف فقط أن تتأكد من أن التمويل سيصل لمستحقيه.
وأوضح أن نسبة التحول الرقمى التى وصلت إليها البنوك حتى الآن- فيما يخص تقديم القروض- بلغت حوالى من 30 إلى %50 من المصارف التى بدأت فى تقديم التمويل للعميل بشكل رقمى، عن طريق أن المقترض يستطيع أن يقدم للقرض ويسجل بياناته إلكترونيا فقط، أما عن باقى إجراءات العملية، فتتم بشكل مادى بزيارة الشخص المقترض لأحد فروع البنك.
وعلى صعيد آخر، قال «جلال» إن السعى إلى طرح منتجات تمويل رقمية لم يعد خيارًا، مؤكدًا أن هذا هو التوجه الذى ستجنح إليه جميع البنوك العاملة فى السوق المحلية، سواء أتم ذلك الآن أو بعد حين.
وأضاف – فى تصريحات خاصة لـ «المال» – أن الاعتراض على منتجات التمويل الرقمية عبر التذرع بما قد تنطوى عليه من مخاطر غير منطقية، معللًا وجهة نظره بكون عنصر الخطورة موجود فى منتجات التمويل الرقمية والتقليدية على حد سواء.
وأشار إلى أنه على الرغم من كون التوجه صوب الرقمنة من قبل القطاع المصرفى يسير على قدم وساق، فإن هناك الكثير من الجهود التى يتوجب بذلها؛ من أجل الدفع بهذا المسار والمضى به قُدمًا.
وأكد رئيس قطاع المشروعات الصغيرة والتمويل فى بنك التنمية الصناعية، أن البنك المركزى المصرى يولى التوجه نحو طرح المنتجات المصرفية الرقمية عناية كاملة، ويوفر لها كل سبل الدعم.
وشدد على أن القطاع المصرفى طرح بالفعل الكثير من المنتجات الرقمية، مؤكدًا أن الأجيال الناشئة لديها نزوع وإقبال كبير على التكنولوجيا وخدماتها المختلفة، ومن ثم كان لا بد أن تعمل البنوك على تلبية احتياجات هذا القطاع العريض، وتوفير الخدمات والمنتجات المناسبة له.
وأكد أن منتجات التمويل الرقمية، تعمل على توفير الوقت والجهد؛ إذ من خلالها يمكن الحصول على التمويل بأسهل وأسرع طريقة ممكنة.
ولفت إلى أن البنك المركزى المصرى لم يعتمد بعد التوقيع الإلكترونى.