قال خبراء إن القطاع المصرفى يولى أهمية كبرى لتحويلات المصريين العاملين بالخارج كمصدر رئيسى من مصادر العملة الأجنبية.
وأضاف المصرفيون فى تصريحات خاصة لـ«المال» أن دخول البنوك فى شراكات مع شركات استقبال الحوالات أصبح ضرورة ملحة تدعم تحويلات المصـريين العاملين بالخارج وتسهم فى تيسير الإجراءات عليهم.
وبلغ عدد المصريين فى الخارج حوالى 14 مليون مصرى، منهم 10 ملايين مسجلين رسميًا حتى نهاية العام الماضى، ساهم عدد منهم فى دعم البنك المركزى بنحو 31.9 مليار دولار خلال السنة المالية 2021/ 2022.
وبحسب بيان حديث صادر عن البنك المركزى، فقد ارتفعت قيمة تحويلات المصريين فى الخارج بمقدار 22.6 مليون دولار خلال السبعة أشهر الأولى من العام الجارى.
وقال إيهاب درة، رئيس قطاع التجزئة المصرفية فى بنك مصر، إن البنوك تتجه حاليًا لتوقيع عقود مع شركات استقبال الحوالات مثل شركة «أيباج» وكيل ويسترن يونيون بمصر، وشركة مونى جرام؛ لاستقبال تحويلات المصريين بالخارج؛ من خلال فروع هذه البنوك، إضافة إلى فروع تلك الشركات بمصر.
وأضاف درة فى تصريحات خاصة لـ«المال»، أن بنك مصر من أهم البنوك التى قامت بهذه التعاقدات، ما أتاح صرف حوالات «مونى جرام» من خلال 165 فرعًا، كما سمح بتواجد مندوبين لشركة أيباج بعدد 56 فرعًا من فروعه، لصرف حوالات «ويسترن يونيون» الواردة من الخارج لمستفيدين داخل مصر.
وأشار إلى أنه يتم الإعداد حاليًا لتواجد مندوبين من بنك مصر داخل فروع شركة أيباج البالغ عددها 37 فرعًا للقيام بعمليات شراء العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصرى، مؤكدًا أن هذا يوضح أهمية الحوالات الواردة من المصريين بالخارج كمصدر من مصادر العملة الأجنبية للبنوك المصرية.
أوضح أن بنك مصر يقوم بخلاف التحويلات بتوفير المنتجات التى من شأنها جذب ودائع المصريين بالخارج سواء عن طريق الفروع أو المراسلين، أو الصيارفة العرب المتعاقد معهم، ومكاتب التمثيل بالخارج، إضافة إلى توفير سبل فتح الحسابات وتسهيل إجراءاتها، مؤكدًا أن ذلك يكون بما يتناسب مع القواعد والقوانين المصرفية وقواعد التعرف على هوية العملاء.
ولفت إلى التوسع فى خدمات الإنترنت البنكى، لإتاحة استخدام الحساب عن طريق صاحبه بالخارج فى التحكم ومتابعة الأرصدة وإنشاء الشهادات والودائع والقيام بالتحويلات، والعمليات المصرفية الأخرى عن بعد، وبدون ضرورة التواجد لزيارة الفرع.
وذكر درة أنه يتم إتاحة بعض الحسابات التى من شأنها تشجيع العاملين بالخارج على إيداع العملة الأجنبية عن طريق منحهم متوسط سعر بين سعرالبيع والشراء المعلن من البنك وبصورة أتوماتيكية عند التحويل من الخارج إلى هذه الحسابات، والتى يمكن فتحها بأسماء ذوى المصريين العاملين بالخارج مثل حساب حوالتى من بنك مصر.
وأكد رئيس قطاع التجزئة المصرفية فى بنك مصر، أن هناك عدة مبادرات مقدمة من البنك وبدعم من السفارات والقنصليات لزيارة أماكن تواجد المصريين العاملين بالخارج ببعض الدول الأكثر تحويلا للأموال إلى مصر وتقديم خدمات فتح الحسابات لهم سواء من خلال التواجد بمقرات السفارات والقنصليات، أو التحرك إلى أماكن تركز هؤلاء العملاء بالخارج.
ويتركز غالبية المصريين المقيمين بالخارج، حسب آخر الإحصاءات الرسمية، فى كثير من الدول العربية بنحو خمسة ملايين، بنسبة %68، وتستحوذ المملكة العربية السعودية على نحو ثلاثة ملايين مصرى يعملون هناك، بينما تأتى دول الأميركيتين فى المرتبة الثانية.
وقال وليد ناجى، نائب رئيس البنك العقارى، إن تحويلات العاملين بالخارج تتأثر بعدة عوامل، بعضها يمكن التحكم به، والبعض الآخر لا؛ فالبنوك تعمل كوسيط لتوصيل هذه التحويلات، مؤكدًا أن زيادة التسهيلات لتيسير عملية التحويل لها مردود كبير على القطاع، ولكن لا نستطيع الجزم على وجود علاقة طردية بين زيادة تسهيلات التحويل المقدمة من قبل البنوك، وزيادة التحويلات عمومًا، فزيادة دخول أموال المصريين من الخارج لا تتأثر فقط بطريقة التحويل.
وأضاف ناجى فى تصريحات خاصة «للمال» أن المصريين بالخارج ينقسمون إلى ثلاثة فئات: تضم الفئة الأولى المصرى الذى يعمل بالخارج ويقوم بعملية التحويل شهريًا لأهله وأقاربه، وهذه الفئة تقوم بالفعل بالتحويل بشكل منتظم.
وتمثّل الفئة الثانية، حسب «ناجى»، المصريين الذين يغادرون الدولة للعمل لفترة محدودة ويعودون بعد هذه الفترة بمدخراتهم، فالتحويل لا يتم هنا بشكل منتظم، وإنما تُحول هذه الأموال بعد مدة زمنية عند الرجوع للوطن، أما الفئة الثالثة فهم المهاجرون الذين تنقطع أموالهم بشكل كبير، ولا يقومون بالتحويل إلا فى أضيق الحدود، وبالتالى لابد من العمل على تشجيع هذه الفئة للاستثمار فى مصر.
وأشار نائب رئيس البنك العقارى إلى أن العوامل الخارجية التى تؤثر فى زيادة التحويلات كزيادة مرتبات ومعاشات المواطنين فى البلد الأخرى وارتفاع مصاريف أقاربهم فى مصر؛ مما يدفعهم لزيادة التحويلات، وكذلك مع زيادة التضخم فى مصر تزداد قيمة التحويلات بالعملة الأجنبية.
وتابع: «وبالتالى لا نستطيع الجزم بأن زيادة التسهيلات المقدمة من البنوك سيكون لها مردود مباشر وسريع على زيادة تحويلات العاملين بالخارج، وإن كان أمر لا بد منه».
ولفت إلى إمكانية العمل على زيادة مدخرات العاملين بالخارج، وكذلك العرب من دول الخليج بزيادة الحوافز المقدمة على هذه المدخرات، والعمل على دمج بنوك الاستثمار فى هذه العملية لدرء المخاوف المرتبطة بالسيولة والأزمات المتخوف حدوثها فى القطاع المصرفى، وكذلك لتقديم جميع الضمانات لطمأنة المدخرين بالحفاظ على أموالهم.
وفى حديثه عن إمكانية الدمج بين البريد المصرى والقطاع المصرفى لتشجيع زيادة التحويلات من الخارج، قال وليد ناجى إن البريد المصرى من أكبر الهيئات التى إذا تم دمجها مع البنوك ستؤثر بشكل كبير فى هذا الاتجاه.
وأفاد بأن ذلك سيتم فى حالة وجود منظومة قومية متكاملة تستطيع أن توفق العمل بين البريد والبنك الزراعى من جهة، والقطاع المصرفى من جهة أخرى، فى ظل العمل على تطوير الجانب الإلكترونى لتسهيل تقديم خدمات التحويل، ومن ثم سيتم شمول المناطق النائية بالمحافظات فى هذه العملية.
وفى إشارة إلى دور السفارات والقنصليات المصرية فى الخارج، لنشر المبادرات التى تقوم بها الجهات المعنية بقطاع التحويلات، ذكر ناجى أن السفارات والقنصليات المصرية بالخارج تعمل بالفعل فى هذا الاتجاه، وإن كانت تواجه صعوبة فى الوصول لجميع المصريين المتواجدين بالدولة المعنية.