توقفت أعمال الإنشاءات لبناء برج يعد الأعلى في الهند ليتحول إلى مكان مهجور؛ لأن الدعاوى القضائية عطلت التنفيذ بجانب فقدان ثقة المستثمرين في الممولة للمشروع، حسب صحيفة فاينانشال تايمز.
فكرة مشروع القصر الملكي Palais Royale الذي بدأ تنفيذه في العقد الماضي كانت رائعة، وكان المشروع مخططًا بناؤه على مساحة 300 متر؛ ليصبح أعلى مبنى في الهند؛ وليشتمل على 100 شقة وتجهيزات تشمل ناديًا صحيًا وملعب كريكت.
وتم المضي قدمًا في المشروع جراء المراهنة على أن الاقتصاد الهندي متسارع النمو سيفرز جيل من المصرفيين والمحامين ورواد الأعمال الأثرياء في مجال التكنولوجيا ممن يرغبون في إنفاق ملايين الدولارات على الشقق الفاخرة داخل أكبر المدن الهندية.
بدأ تنفيذ المشروع في 2011
بدأت شركة انديانابولز المالية غير المصرفية في ضخ استثمارات في المشروع عام 2011، كما قررت إعادة تمويل قرض حصلت عليه من أحد البنوك، وبحلول عام 2016 تبين عدم استكمال المشروع بسبب تعطله المتكرر جراء دعاوى قضائية حول تجهيزات غير مصرح بها، وقررت الشركة لذلك بيع استثماراتها والتعامل معها على أساس أنها أصول معدومة.
الثقة في بنوك الظل تتدهور
وزاد الطين بلة باندلاع أزمة خطيرة في سبتمبر الماضي، عندما تعثرت شركة IL&FS المالية غير المصرفية في سداد ديون مستحقة عليها مما استدعى تدخل الحكومة بخطة إنقاذ مماثلة لتلك التي أطلقتها الحكومة الأمريكية لإنقاذ بنك ليمان برازر إبان اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008.
تعد شركة IL&FS أحدى الشركات غير المصرفية ( بنوك الظل) التي توسعت في ضخ القروض لتمويل مشروعات متنوعة تشمل الطرق وبناء المساكن بجانب سلع استهلاكية مثل الغسالات الجديدة والسيارات.
تصنف شركة انديانابولز التي مولت المشروع ضمن بنوك الظل التي نمت العام الماضي لتسهم بنسبة الخمس من إجمالي الائتمان، ولتصبح أكبر مصدر لتمويل المشروعات العقارية هناك، وقفز النمو في القروض بنسبة تتخطى 20% سنويا خلال الفترة من 2013 إلى 2018.
بنوك الظل تقترض من البنوك ثم تقرض المطورين
ويرجع السبب في الأزمة إلى تزايد اقبال بنوك الظل على اقتراض أموال قصيرة الأجل نظير أسعار فائدة متدنية، ثم جني أرباح ناتجة عن تقديم قروض طويلة الأجل بأسعار فائدة أعلى إلى شركات التطوير العقاري.
التعثر في سداد شركة IL&FS لديونها دفع المستثمرين إلى استعادة أموالهم في استثمارات منها مشروع بناء أعلى برج في الهند، وأدى هذا إلى انسحاب البنوك وصناديق الاستثمار، ما أحبط فرص نمو قطاع بنوك الظل.
الفشل في بيع مشروع القصر الملكي نظير 7 مليارات روبية
تقوم شركة انديابولز حاليا بطرح مشروع القصر الملكي للمزايد أملا في استعادة 9.9 مليار روبية هندية من شركة التمويل العقاري.
وفشلت الشركة خلال جلسات المزايدة الأولية في بيع المشروع بسعر 8 مليارات روبية، ما دفع الشركة إلى تخفيض السعر إلى 7 مليارات روبية خلال جلسة مزايدة ثانية انعقدت في يونيو الماضي دون جدوى.
مشروعات الإسكان الفاخر تواجه مصاعب مماثلة
تزايدت مشروعات الإسكان الفاخر التي تواجه مصاعب في مومباي. وقفز المخزون غير المباع في المدينة بنسبة 14% خلال النصف الأول من 2019 مقارنة بذات الفترة من العام الماضي.
مخاوف من تدحرج كرة الثلج
تسبب الركود الاقتصادي الذي تعاني منه الهند حاليًا في إخافة المشترين وتقليص الائتمان، ما أدى إلى تحميل شركات القطاع العقاري بديون طائلة.
وتلتزم شركات التطوير العقاري بسداد ديون متراكمة بقيمة 2.5 تريليون روبية هندية (37 مليار دولار) إلى شركات القطاع المالي غير المصرفي المعروفة ببنوك الظل.
ويقول الخبير الاقتصادي لدى تكتل مجموعة ماهندرا جروب: “إذا عجز اللاعبون الكبار عن الحصول على الأموال فربما تتدرج كرة الثلج لتنشأ أزمة ائتمان كبرى، وهذا هو مكمن الخطر الحقيقي”.
مليارات الدولارات مهدرة في مشروعات متوقفة
وحسب شركة اناروك الاستشارية العقارية، 11 ألف مبنى عقاري بقيمة اجمالية تصل إلى 590 مليار روبية هندية – حوالي نصف العقارات الفاخرة في منطقة وسط البلد من مدينة بومباي – لم يتم بيعه.
ويقول محللون إن هذه المليارات من الدولارات المهدرة في مباني فاخرة غير سائلة تشكل حاليا تهديدا جديا للاقتصاد الهندي.
الدعاوى القضائية تعطل المشروعات
وتتسبب الدعاوى القضائية في تعطل 30 % من المشروعات العقارية، كما أن نصف مباني مدينة مومباي تخضع لدعاوى قضائية حسب تقرير شركة بروكنجز لعام 2019، ويتسبب هذا في تأخر استكمال المشروعات وإطالة مدة تنفيذها لتصل إلى ثماني سنوات ونصف في المتوسط.
مطالب بتدخل الحكومة الهندية
قال وزير المالية الهندي في مطلع يوليو الحالي أن الحكومة تتجه لفرض رقابة على أنشطة الشركات المالية غير المصرفية وتقديم حوافز لحث البنوك المملوكة للدولة على توفير التمويل اللازم للقطاع العقاري.
وتجيء هذه المطالب مدعومة بتزايد مديونية شركات التطوير العقاري بنسب تتراوح بين 50 و100 % خلال السنوات الأربع الماضية، ويهدد تزايد مديونية هذه الشركات بانتقال عدوى التعثر في سداد الديون إلى الشركات الهندية الأخرى.