اتهامات إدارة ترامب لشركة هواوى الصينية بالتحول إلى ذراع استخبارية محتملة للحكومة الصينية تفتح ملف الدور الاستخباراتي الذي تمارسه شركات التكنولوجيا فعليا على المستهلك النهائي.
ويشمل هذا عقد مقارنة بين آبل الأمريكية وهواوى الصينية من حيث الخضوع للضغوط الاستخباراتية.
قدرة شركات التكنولوجيا على النفاذ إلى أدق خصوصيات المستهلكين في العالم أصبحت ضمن “الأمور المفروغ منها،” على حد تعبير إيريك شميدت الرئيس التنفيذي السابق لشركة جوجل.
لكن المهم هنا هو تحديد نطاق ومدى خضوع شركات التكنولوجيا الأمريكية أو الصينية لضغوط أجهزة الاستخبارات في الدولتين.
الحكومة الأمريكية تبرم عقدا مع جوجل بالأمر المباشر
قالت صحيفة الجاردين إن أقوى دليل على عمق العلاقات الخاصة التي تربط الاستخبارات الأمريكية بشركة جوجل ظهر عام 2010 عندما أبرمت الوكالة الوطنية للاستخبارات الجيومكانية عقدا بالأمر المباشر بقيمة 27 مليون دولار مع شركة جوجل لتزويد الأولى بخدمات رؤية جغرافية مكانية، وهو ما يعني تحول جوجل لتصبح بمثابة “العين” بالنسبة للأجهزة الدفاعية والاستخباراتية الأمريكية.
وانتقدت الشركات المنافسة قرار ترسية العقد بالأمر المباشر، فما كان من الوكالة الأمريكية إلا أن ردت على الانتقادات قائلة إنها ظلت تعمل مع جوجل منذ سنوات في برامج سرية وأخرى شديدة السرية لبناء تكنولوجيا جوجل إيرث وفقا لاحتياجات خاصة فرضتها الوكالة.
وتكتمت شركة جوجل بشأن تفاصيل ونطاق الأعمال التعاقدية لجوجل إيرث، فامتنعت عن توضيح إيراداتها الربع سنوية بشكل منفصل.
أبرمت جوجل عقودا لبيع خدمات شركة جوجل سيرش وجوجل إيرث وجوجل إنتربرايز إلى جميع الوكالات الأمريكية المعنية بالشئون العسكرية والاستخباراتية بما في ذلك وزارة الخارجية الأمريكية، حسب تحليل لقواعد البيانات التعاقدية الفيدرالية والمعلومات المستخلصة من الطلبات المقدمة بموجب قانون حرية المعلومات.
مطالبات بالكشف عن استخدام آبل وجوجل للمعلومات الشخصية
أرسل عدد من المشرعين الأمريكيين منتصف العام الماضي خطابات الى رؤوساء شركتي آبل وجوجل تيم كوك و لاري بيدج لمطالباتهما بالكشف عن حجم ونطاق ممارسات التجسس على بيانات المستخدمين، حسب تقرير لصحيفة الاندبندنت.
واشتملت الخطابات على مطالبات بتوضيح سياسات التعامل مع بيانات المستخدمين التي تشمل أماكن تواجدهم والاستماع الى يفعلونه عبر ميكروفانات الأجهزة المحمولة. كما طالب المشروعون بتوضيح عما اذا كانت هذه البيانات يتم تتبعها ونقلها الى طرف ثالث.
وتقول شركات التكنولوجيا أن الأجهزة لا تستمع الى ما يفعله المستخدمين إلا عندما يطلب المستخدمون منها هذا.
وأبرزت تقارير سماح جوجل لأطراف ثالثة بالوصول الى محتويات رسائل المستخدمين برغم إصدارها تغييرات تمنع جي ميل من فحص محتويات رسائل المستخدمين لخدمة شركات الاعلانات.
صمود آبل في وجه ضغوط الحكومة الأمريكية
أبرزت وسائل الإعلام الأمريكية نزاهة شركة آبل بتصميمها على الوقوف في وجه أوامر حكومية طالبتها بمساعدة محققي مكتب التحقيقات الفيدرالي ( اف بي أي) على فتح محمول ماركة آي فون المستخدم بواسطة المواطن الأمركي سيد رزوان فاروق المتورط في حادث إطلاق نار جماعي وقع في ديسمبر عام 2015 في سان برنردينو بولاية كاليفونيا الأمريكية.
وقال المحققون أن البيانات المشفرة داخل محمول مالك ستساعدهم على تحديد مكانه هو وزوجته تشفين مالك والمكالمات التي سبقت ارتكابه للحادث.
وطالب المحققون الشركة بإنشاء برنامج جديد حتى يمكن فتح الجهاز دون الحاجة الى استخدام كلمة السر الخاصة بمالك خصوصا في ظل بناء الجهاز وفقا لآلية تؤدي لحذف بيانات المحمول بعد 10 محاولات خاطئة لفتح الجهاز.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز أن آبل قد رفضت تنفيذ أمر قضائي يطالبها بتمكين المحققين من فتح الجهاز. وقالت الشركة التي طعنت على الحكم أن إجبارها على كتابة برنامج جديد يسري على جهاز مالك وغيره من الأجهزة لتسهيل فتحه يخرق الدستور الأمريكي وسابقة قضائية أعتبرت أن كتابة الأكواد يندرج ضمن حرية التعبير.
وأضافت الشركة أن مساعدة المحققين على فتح جهاز مالك سيعد سابقة قضائية سيتم استخدامها في الصين لتبرير فتح أجهزة آبل المملوكة للمستخدمين هناك.
وأعلنت شركات التكنولوجيا الأمريكية أمازون وفيسبوك وجوجل وفيسبوك تضامنها مع آبل في هذا النزاع القضائي الذي انتهي بتنازل مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد تمكنه من فتح جهاز مالك بوسائل أخرى.
مخاوف من قانون صيني صدر عام 2017.. ملزم لـ«هواوى»
صدر قانون المخابرات الصيني عام 2017 ليجبر المؤسسات والمواطنين على دعم أعمال الاستخبارات الصينية ومساعدتها ودعمها. ويقول الخبراء أن شركة هواوي ستكون ملزمة بتسليم أية معلومات تحتاجها الاستخبارات الصينية، حسب تقرير لوكالة سي إن بي سي الأمريكية.
ورد متحدث عن الحكومة الصينية على الانتقادات الموجهة للقانون مشددا على أن إلتزام المؤسسات والمواطنين بتسليم المعلومات مشروط بإحترام القانون وحقوق الانسان.