هل تشهد مصر توزيع جولات التمويلات على شركات ناشئة بعينها ؟

«المال» استطلعت آراء مديرى صناديق رأسمال مخاطر ورواد أعمال

هل تشهد مصر توزيع جولات التمويلات على شركات ناشئة بعينها ؟
عمر ياسر

عمر ياسر

6:17 ص, الأثنين, 25 يوليو 22

◗❙ إسماعيل: تختلف من مستثمر لآخر.. والإعلام يركز على الكيانات الأكثر جذبًا لها

◗❙ أحمد: السوق أصبحت شبيهة بعرض أزياء يدار بواسطة «لوبى»

◗❙ صبرى: ضريبة القيمة المضافة تمثل عبئًا مقارنة بجلب الاستثمارات

◗❙أبو النجا: المستثمرون يبحثون عن نماذج أعمال مشابهة لأسواق البرازيل وإندونيسيا والهند

◗❙رافع: ارتفاع الفائدة وتغير حركة الصرف العملات يصعب جمعها حاليًا

◗❙عكاشة: تحدد حسب عمر الإنشاء.. و«التكنولوجيا المالية» و«الاقتصاد الرقمى» روافد واعدة

◗❙عثمان: أغلب مؤسسيها يفتقر لاستراتيجية تسويقها على المستثمرين

يشهد مجتمع الشركات الناشئة فى مصر ظاهرة تتمثل فى حصول كيانات بعينها تطور حلولًا تكنولوجية متنوعة، على أكثر من جولة تمويلية من صناديق استثمار ورأسمال مخاطر.

«المال» استطلعت آراء مجموعة من مديرى صناديق رأسمال المخاطر وعدد من رواد الأعمال للوقوف على أسباب ذلك.

وانقسمت الآراء إلى فريقين، ففى حين يرى الفريق الأول أن مجتمع رواد الأعمال فى مصر يعانى حاليًا العشوائية فى منح التمويلات للشركات الناشئة، بسبب ارتباط بعض مؤسسيها بشبكة علاقات قوية مع كبرى صناديق الاستثمار وحضانات الأعمال، أكد الفريق الآخر أن شركات رأسمال المخاطر تعتمد على أسلوب ممنهج فى الاستثمار بالكيانات الناشئة بناءً على مجموعة معايير، منها جودة الفكرة نفسها، ومدى استنادها إلى نموذج عمل قائم على تحقيق ربحية خلال المدى الزمنى البعيد.

قال الدكتور خالد إسماعيل، المؤسس لصندوق هيم إنجلز، إن دورة حياة الشركات الناشئة تمر بمراحل مختلفة، الأولى منها يكون خلالها رائد الأعمال أمام خيارين أولهما اجتذاب تمويلات منخفضة تتراوح قيمتها من 200 إلى 300 ألف جنيه، أو الانضمام لأحد مسرعات أو حاضنات الأعمال، إلى أن ينخفض عدد هذه الكيانات -على حد تعبيره- للربع تقريبا، ويتطلع المتبقى لجمع تمويلات تصل إلى 500 ألف جنيه فى الجولة الواحدة.

ورأى «إسماعيل» أن التغطيات الإعلامية تسلط الضوء على الشركات الناشئة فقط التى تنجح فى جمع تمويلات تتجاوز 10 ملايين دولار أحيانًا، الأمر الذى يعد طبيعيًا -على حد وصفه- عكس الشركات الصغيرة التى تجمع تمويلات تتراوح قيمتها ما بين 30 إلى 100 ألف دولار التى لا تحظى باهتمام مماثل.

ولفت إلى أن معايير منح التمويلات تختلف من مستثمر إلى آخر، سواء فكرة الشركة أو السوق أو فريق العمل، إلى جانب الإصرار من قبل الكيان الناشئ على تحقيق وتنفيذ الفكرة على أرض الواقع، مبينًا أن الإصرار ينقسم إلى نوعين: سلبى وإيجابي.

وقال حاتم صبري، المدير المالى لشركة «تريلا» لطلب خدمات النقل الثقيل الذكي، إن التمويلات التى تحصل عليها الشركات الناشئة فى مصر تعد جزءا من دورة رأس المال الخاصة بها، موضحًا أن مدة زيادة رأس المال الطبيعية للكيانات الناشئة تتراوح ما بين عام إلى عام ونصف.

وأكد «صبرى» أن جولات التمويل لا تقتصر على الشركات الناشئة المعروفة فقط، ولكن يوجد العديد من الشركات المتوسطة والصغيرة تحصل على استثمارات أقل، ولكنها لا تفضل الإفصاح عنها لأسباب داخلية، معتبرًا أن تركيز وسائل الإعلام ينصب نحو الكيانات الناشئة التى تحصد التمويلات الكبيرة، وتقدم خدمات فى القطاعات التى تتناسب حاليًا مع توجهات الدولة مثل التكنولوجيا المالية.

وشدد على ضرورة وجود تشريعات خاصة فى قوانين الضرائب للشركات الناشئة المصرية، خاصة قوانين الضرائب، مشيرًا إلى ضرورة توفير تسهيلات ضريبية للكيانات الناشئة لمدة لا تقل عن 3 سنوات.

وأضاف أن هناك بعض الشركات الناشئة تعامل معاملة الشركات المدرجة بالبورصة والشركات متعددة الجنسيات Multinational ضريبيًا، معتبرًا أن ضريبة القيمة المضافة على سبيل المثال تمثل عبئًا ماليًا جديدًا على كاهل العديد الكيانات الناشئة التى لا موارد مالية كافية فى مراحلها الأولى.

على صعيد آخر، رأى شهاب أحمد، مؤسس منصة Visit Guide للحجوازات السياحية أونلاين، أن بيئة أعمال الشركات الناشئة فى مصر يسيطر عليها لوبى من خريجى إحدى الجامعات المرموقة -على حد تعبيره، موضحًا أن أحد مسرعات الأعمال الشهيرة تلعب دائمًا دور الراعى والوسيط بين الشركات الناشئة وجهات التمويل، المتمثلة فى صناديق رأس مال المخاطر وحاضنات ومسرعات الأعمال.

وأضاف أن المشهد السائد حاليًا فى مجتمع الشركات الناشئة يعانى حصول مجموعة صغيرة من رواد الأعمال على التمويلات دون غيرهم، رغم أن البعض منهم قد لا يمتلك خدمة أو منتجا حقيقيا على أرض الواقع يحقق أى قيمة مضافة لمفهوم الاقتصاد الرقمي، كما يعانى أيضًا اتجاه فريق آخر من الشركات الناشئة إلى استنساخ نماذج أعمالها، وتكرار الأفكار المطروحة، خاصة فى قطاعات التكنولوجيا المالية والتمويل الاستهلاكى وشركات التوصيل.

وتابع قائلا: أصبح مفهوم رائد الأعمال موضة يلجأ إليها البعض لجذب تمويلات يقوم بتوظيفها فى تنفيذ توسعات أو صفقات استحواذات دون وجود خطة تستند إلى تحقيق أرباح تذكر، معتبرا أن سوق ريادة الأعمال فى مصر – على حد تعبيره باتت شبيهة بعرض أزياء يقوم على إدارته أشخاص بعينهم.

بينما قال محمد أبو النجا، رائد أعمال فى قطاع التكنولوجيا المالية، أن حصول شركة ناشئة على تمويل دون غيرها من صناديق استثمار ورأسمال مخاطر يخضع لعدة معايير ،منها أن يكون المرشحون للحصول على تمويلات شركاء مؤسسين سابقين لإحدى الشركات الناشئة أو أن يكون عضوا سابقا على الأقل من أعضاء أحد الكيانات التى حققت نجاحات ولديها تواجد فى السوق مثل : «فورى» و«حالا» و«مكسب».

وتابع قائلًا: إذا كانت الشركة متخصصة فى مجال التكنولوجيا يفضل أن يكون لها شريك تقني، مؤكدًا أن صناديق الاستثمار دائمًا تفضل تمويل الكيانات الناشئة المصرية التى تتبع نماذج أعمال نظيراتها فى الأسواق المشابهة مثل البرازيل وإندونيسيا والهند.

وقال إنه يوجد نوع آخر من الشركات الناشئة فى مصر لديه جهة تمويل استراتيجية مثل مجموعة غبور للسيارات، والتى تدعم منصة «حالا» للخدمات المتكاملة لأنها تمتلك نوعًا من الاستقرار المادى يؤكد ضمان استمرار استثماراتها، حتى فى أسوأ سيناريو.

وأوضح محمد عكاشة، الشريك الإدارى لصندوق ديسربتيك للاستثمار فى شركات التكنولوجيا المالية، أن التمويل الذى تحصل عليه الشركة تحدد قيمته على حسب المرحلة التى تمر بها، سواء كانت مرحلة Pre-seed and Seed، مضيفًا أن المرحلة الأولى من عمر الشركات الناشئة تتضمن حصولها على تمويلات بأرقام منخفضة لحين نمو أعمالها وتسجيلها تقييمات مرتفعة.

وأشار «عكاشة» إلى أن قطاع التكنولوجيا المالية يعد رافدا استثماريا يتواجد بها العديد من الشركات الناشئة، إلى جانب حلول الاقتصاد الرقمى وBusiness 2 business المتعلقة بتنظيم المعاملات الالكترونية التجارية بين الشركات، مضيفا ان هناك قطاعات أخرى تنشط بها كيانات ناشئة وسطع نجمها على الساحة خلال المرحلة الماضية، ومنها حلول التكنولوجيا الصحية والتكنولوجيا الزراعية.

وقال مختار عثمان، الرئيس التنفيذى لمنصة «نفهم» التعليمية، إن أحد العوامل التى تسهم فى حصد الشركات الناشئة تمويلات ضخمة ومتكررة هى مدى تحقيق الشركة أرباحًا من الخدمة أو الفكرة، معتبرًا أن ما يميز خدمات الشركات الناشئة عن بعضها البعض هى التقنيات المستخدمة فى تطبيق الفكرة.

وأضاف “عثمان” أن التقنيات المستخدمة لا تخدم تنفيذ الفكرة فى نطاق محدود فحسب لكنها تسهم أيضًا بشكل كبير فى عمليات التوسع التى تقوم بها الكيانات الناشئة، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا المستخدمة والإبداع فى طريقة جنى الأرباح يعدان من أهم المعايير لدى المستثمرين، سواء الملائكة أو صناديق الاستثمار أو صناديق رأس مال المخاطر التى تقوم بمنح التمويلات للشركات.

ولفت إلى أن امتلاك مؤسسى الشركات لشبكة علاقات قوية بالممولين والمستثمرين علاوة على مهارة بيع قوية تصنف من أهم العوامل المؤثرة فى الحصول على تمويلات، مبينًا أن هناك العديد من الشركات تمتلك أفكارًا جديدة وأرباحًا مرتفعة لكنها تفتقر إلى القدرة على تسويق الأفكار بشكل يلفت أنظار الممولين.

واشار إلى أن قطاعات الخدمات اللوجيستية والتكنولوجيا المالية والتعليم تأتى من أبرز القطاعات التى تنمو بها الشركات الناشئة بقوة منذ جائحة فيروس كورونا، لافتا إلى أن تلك الشركات قد حققت نموا فى أعمالها يعادل خمسة أضعاف قيمتها السوقية.

فى سياق متصل، أوضح أحمد رافع، الشريك المؤسس لشركة «ناوى» لتكنولوجيا العقارات أن الشركات الناشئة تقوم بجمع التمويلات على حسب مراحل دورة رأسمالها، فضلًا عن نيتها القيام بتنفيذ خطط توسعية بالسوقين المحلية والإقليمية من عدمه.

وذكر «رافع» أن الكيانات الناشئة فى مصر تواجه صعوبات حاليًا فى جمع التمويلات مقارنة بالأعوام السابقة تزامنًا مع ارتفاع سعر الفائدة البنكية وتغير صرف العملة الأجنبية، علاوة على التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية على بيئة الأعمال عالميا، الأمر الذى أدى إلى تأنى المستثمرين فى اختيار الشركات لتمويلها، خاصة الخدمات التى سيكون لها تأثير فى السوق لفترة طويلة.

وأضاف أن هناك العديد من القطاعات التى تنشط بها الكيانات الناشئة مثل: قطاع التكنولوجيا المالية والنقل والعقارات، مؤكدًا امتلاك قطاعات أخرى فرصة لازدهار الشركات الناشئة بها، مثل: قطاعى الصحة والتعليم.

ورأى أن من أهم معايير منح التمويلات للشركات الناشئة هى قوة الفريق المؤسس وخبرته فى إدارة شركات أو مشروعات سابقة، والتى تعد من المعايير الأساسية -على حد تعبيره- علاوة على امتلاك الشركة القدرة والإمكانية على النمو والتطور.