مستقبل العملات الرقمية مرهون بتوجهات البنوك المركزية فى الرقابة على الأسواق

مع تذبذب سعر «البيتكوين»

مستقبل العملات الرقمية مرهون بتوجهات البنوك المركزية فى الرقابة على الأسواق
‫محمود الصباغ‬‎

‫محمود الصباغ‬‎

6:24 ص, الأثنين, 1 فبراير 21

أجمع عدد من الخبراء المصرفيين وحلول التكنولوجيا المالية على أن المستقبل القريب سيشهد تحولاً كبيراً من المجتمع النقدى إلى مجتمع لا نقدى من خلال نشر العملات الرقمية وتسهيل عمليات التجارة الإلكترونية ومراقبة السوق الرسمية بشكل أكثر دقة.

ورأوا أن حكومات العالم تسعى جاهدة صوب إصدار العملات الرقمية لمواجهة شبح العملات  المشفرة، التى شهدت نموا متزايدا بهدف تحجيم دورها فى جذب المواطنين للسوق غير الرسمية بعيدا عن الرقابة، مما يفتح الباب للأعمال غير المشروعة بشتى أنواعها، وزيادة حالات التهرب الضريبى. 

يشار إلى أن سعر عملة «البيتكوين» شهدت خلال يناير الماضى تذبذباً كبيراً صعودا وهبوطا مع زيادة مستويات الطلب ووصولها فى وقت سابق إلى مستوى تاريخى يلامس 42 ألف دولار، ثم تراجعت لتتراوح بين 32 إلى 35 ألف دولار.

منصور: توجد أكثر من 5 آلاف Cryptocurrencies

وقال الدكتور أحمد منصور، الخبير المصرفى فى قطاع التكنولوجيا المالية وحلول «البلوكتشين»، أن السبب وراء الارتفاع الكبير فى أسعار العملات المشفرة ومنها «البيتكوين» يرجع إلى اتجاه  بعض الهيئات الخاصة المشهورة وغير الرسمية نحو التداول على العملة وعلى رأسها شركة باى بال paypal التى سمحت بالتعامل بالبتكوين، مما أدى إلى زيادة الطلب عليها مقارنة بالمعروض منها، وتسبب فى زيادة السعر

وأوضح منصور أنه يجب التفرقة بين العملات المشفرة Cryptocurrencies والرقمية، إذ تعمل الأولى دون أى غطاء رسمى أو أى بنك مركزى مصدر لها ويكون التعامل عليها عبر الإنترنت مستخدما عمليات التشفير كحماية لها حيث لا يوجد لها أى وسيط للتعامل،مضيفا أن عدد العملات المشفرة عالميا يصل إلى 5 آلاف عملة.

وألمح إلى أنه يوجد نوعين من العملات الرقمية عالميا الأولى هى عملة رقمية تصدرها البنوك المركزية وهو النهج الذى نفذته دول كبرى خلال الفترة الأخيرة،أما النوع الثانى فهى العملات الرقمية التى تصدرها شركات مثل «ليبرا» التى أعلن عنها موقع التواصل الإجتماعى الفيس بوك.

وأشار إلى أن الحكومات تسعى لمواجهة وتحجيم دور العملات المشفرة، مبينا أن البنك المركزى المصرى بموجب القانون هو الجهة الوحيدة التى تمتلك الحق فى إصدار العملات الرقمية والرقابة والإشراف عليها.

وقال إن أغلب التعاملات على المشفرة يكون داخل الأسواق غير الرسمية مما يحمل نسب مخاطرة كبيرة تضر باقتصاديات الدول، لأن جزءاً كبيراً منها يتداول فى الأعمال غير مشروعة مثل غسيل الأموال.

مصرفى: “المشفرة” تسبب ارتباكاً فى الأنظمة المصرفية عال

ومن جانبه قال رئيس قطاع تكنولوجيا المعلومات بأحد البنوك الخاصة العاملة بالسوق المحلية إن الساحة العالمية تشهد حاليا توجهاً كبيراً نحو قبول العملات الرقمية وخاصة بعد تصريح شركات عالمية مثل أمازون وباى بال عن قبولهم الدفع عبر العملات الرقمية والمشفرة، لتسجل القيمة السوقية لعملة «البيتكوين» نحو 700 مليار دولار مطلع 2021.

وتوقع رئيس القطاع استمرار العملات المشفرة فى تسجيل مؤشرات صعود إيجابية، فعلى سبيل المثال حققت عملة الايثيريوم نمواً فى قيمتها السوقية خلال العام الماضى بنسبة بلغت %11 إلى 160 مليار دولار.

وأوضح أن العملات المشفرة لا تتبع أى بنوك مركزية، وليس لها أى وجود مادى، إضافة إلى إنه يمكن تحركها والاستثمار بها بين الأشخاص دون وسيط لذلك تسمى بالعملات اللامركزية

ورأى إن مخاوف الحكومات يكمن فى أن العملات المشفرة تسهم فى حدوث ارتباك داخل الأنظمة المصرفية العالمية، مما يدفع بعض الدول إلى إصدار بعض الاجراءات القانونية بشأنها، كما تساهم أيضا فى زيادة حجم السوق غير الرسمية، وزيادة الأعمال غير المشروعة مع عدم قدرة الدول على فرض رقابة عليها

 وعن سبب الزيادة الجنونية فى أسعار «البيتكوين»، رأى أن ذلك يعود إلى سياسة العرض والطلب، فى المعروض من عملة البيتكوين على سبيل المثال يصل إلى 18 مليون عملة فقط، إضافة إلى أن الطلب العالمى عليها كبير، لاسيما أن عمليات تحويل العملات الرقمية بين الأشخاص والمؤسسات لا تتخطى ثوان معدودة، على عكس تحويل الأموال التقليدية، التى تصل فى بعض الأحيان إلى أيام، إضافة إلى سرية المعاملات بين الأشخاص التى تتيحها العملات المشفرة.

وتابع قائلا : «من العناصر الرئيسية التى عززت تواجد العملات المشفرة فى الاسواق العالمية صعوبة تزويرها، إضافة إلى المكاسب السريعة التى تحققها العملة مما دفع بعض الصناديق العالمية للاستثمار بها».

وكشف عن اتجاه البنوك المركزية حول العالم تتجه لإطلاق العملات الرقمية تحت اسم «CBDC» إختصارا للعملات الرقمية التابعة للبنوك المركزية، بهدف مواجهة العملات المشفرة المتواجدة على الساحة الدولية، مشيرا إلى أن  الصين أول من أطلقت عملة اليوان الرقمى فى 2014، وبدأت تجربتها داخل 4 مناطق خلال العام الماضى.

وبحسب تصريحات تشو تشوان، محافظ البنك المركزى الصينى، فإنه تم إجراء 4 ملايين معاملة مالية عبر اليوان الرقمى، لاسيما أن بكين تعمل على مصادرة ومواجهة العملات المشفرة داخل أراضيها، ومن المتوقع أن يتم التعامل على اليورو الرقمى خلال 4 سنوات

يشار إلى أن البنك المركزى المصرى يحظر لإنشاء أو تشغيل منصات لإصدار أو تداول العملات المشفرة أو النقود الرقمية لاسيما أنه يعمل حاليا على إصدار عملة رقمية مصرية.

مبروك: زيادة الطلب على المدفوعات الإلكترونية شرط لإصدار اليورو الرقمى

على صعيد آخر، قال علاء مبروك،خبير تكنولوجيا المعلومات، إن فريق عمل EUROSYSTEM والذى يضم خبراء من البنك المركزى الأوروبى فى منطقة اليورو وضع سيناريوهات إصدار اليورو الرقمى والتى تتضمن زيادة الطلب على المدفوعات الإلكترونية فى منطقة اليورو كوسيلة دفع اوربية بدون مخاطر مع ضمان حماية المستهلك.

وعلق قائلاً : نحن نعيش ثورة رقمية وستجمع  فيها  العملة الرقمية وفى مقدمتها اليورو الرقمى بين كفاءة اداة الدفع الرقمية وسلامة الأموال وستكون الأولوية الرئيسية لحماية الخصوصية بحيث يمكن لليورو الرقمى المساعدة فى زيادة المصداقية فى حلول المدفوعات الإلكترونية».

واعتبر  أن المعاملات الورقية هى طريقة آمنة وشاملة لإجراء مدفوعات شخصية ولكنها باتت غير ملائمة للسياق الرقمى الذى نعيشه وتطور مفاهيم مثل التجارة الإلكترونية، وعمليات البيع المباشر أونلاين. 

وذكر أن العملة الرقمية التى تطلقها البنوك المركزية هى ثورة التكنولوجية تعتمد على الاستفادة من قاعدة العملاء الكبيرة وبيانات الوقت الفعلى والتحكم فى البنية التحتية الحيوية للتجارة والنشاط الاقتصادى من خلال الأسواق عبر الانترنت الى وسائل التواصل الاجتماعى وتقنيات الهاتف المحمول ويمكن استخدام هذه المزايا لتقديم حلول دفع جديدة والتوسع فى المعاملات المالية لتوسيع أنشطتهم المالية. 

وأكد على حاجة الدول خلال السنوات المقبلة إلى العملات الرقمية من أجل تحقيق التكامل بين عمليات البيع والشراء، مشيرا إلى أنه بعد أزمة فيروس كورونا أدى التحول السريع  نحو الرقمنة الى زيادة الحاجة الملحة للمعاملات عبر الإنترنت، والمدفوعات الرقمية فى المتاجر.