مستقبل التحول الرقمى فى قطاع التأمين

عدد من شركات التأمين أحرز تقدمًا ملحوظًا، مما يشير إلى الاتجاه الذى يجب أن يسلكه الآخرون

مستقبل التحول الرقمى فى قطاع التأمين
المال - خاص

المال - خاص

6:05 ص, الأحد, 5 يونيو 22

 محمود دهشان*

 يعمل التحول الرقمى للتأمين على التسهيل على المستخدمين النهائيين؛ فى الاعتماد والتكيف من خلال التكوين وليس الكود، فمن خلال الحوسبة السحابية أصبحت تكنولوجيا المعلومات متاحة الآن كمصروفات تشغيلية بدلا من نفقات رأس المال.

التحول الرقمى هو استخدام قوة التكنولوجيا الرقمية لإعادة التفكير فى كل جانب من جوانب شركة التأمين، كما أن عددًا من شركات التأمين أحرز تقدمًا ملحوظًا، مما يشير إلى الاتجاه الذى يجب أن يسلكه الآخرون.

وسيكون مستقبل التأمين رقميًا – وربما كانت الصناعة بطيئة فى الاستفادة من تأثير التكنولوجيا الرقمية – محميًا باللوائح التنظيمية، وحجم محافظ الشركات السارية، لكن الضغط يتصاعد فى قطاع التأمين بمختلف فروعه، وستتغير قنوات التوزيع والمنتجات وتقنية الاكتتاب والمنافسون وحتى نماذج الأعمال التجارية عندما تعالج التكنولوجيا أوجه القصور فى السوق وتفوق توقعات العملاء.

إن المنافسة الشديدة فى سوق التأمين اليوم تتطلب السرعة والكفاءة وسهولة الاستخدام، وهذا يعنى التحول إلى التكنولوجيا الرقمية، على الرغم من أن هذه ليست عملية بسيطة، فمن خلال استخدام إستراتيجية ذكية، فإن كل خطوة ستقربك من جنى فوائد التحول الرقمى.

تاريخيا، كانت صناعة التأمين متباطئة بشكل ملحوظ فى اعتمادها على التقنيات الجديدة، بدت أفكار تحسين سير العمل، أو الانتقال إلى واجهة عبر الإنترنت، أو حتى معالجة المطالبات فى نفس اليوم مستحيلة، فبالنسبة لشركات التأمين، فإن التحول الرقمى هو عملية استخدام التقنيات الرقمية لإنشاء عمليات وثقافات وتجارب عملاء جديدة لتلبية متطلبات الأعمال والسوق المتغيرة.

ويعتبر إعادة تصور الأعمال فى العصر الرقمى هو تحول رقمى، فمن الشائع لشركات التأمين التعامل مع غالبية أعمالهم عبر الإنترنت أو عبر التطبيقات الرقمية، ويطالب العملاء اليوم ببساطة بالسرعة – فهم يريدون إرضاءً فوريًا، وفى حالة التأمين، هذا يعنى تعاملات فورية من وثائق التأمين، ودفع الفواتير، والتواصل.

ولا يُعرف إلى حد كبير أين سيذهب التحول الرقمى بصناعة التأمين فى المستقبل لكن الخبراء يعتقدون أن أكبر التأثيرات ستظهر عبر معالجة المطالبات والاكتتاب، بدعم من التطورات الجديدة فى الذكاء الاصطناعى (AI) وإنترنت الأشياء (IoT). إذ تُعد هذه الأدوات وغيرها جزءًا من عملية التحول الرقمى للتأمين اليوم.

لكن ما هى عمليات وإجراءات التأمين؟ تشمل عمليات وإجراءات التأمين جميع عمليات التأمين التى تستخدمها الشركات، ومنها جميع نقاط الاتصال التى تتفاعل عبرها شركات التأمين والعملاء.

وتشمل هذه التفاعلات أيضًا وظائف الخدمة الذاتية للعملاء، والتى لها أهمية قصوى بالنسبة للعملاء اليوم، عندما نتحدث عن عمليات وإجراءات التأمين، فإننا نشير إلى إدارة المنتجات و المبيعات و التوزيع والاكتتاب والإصدارات الجديدة والمطالبات والمدفوعات وخدمة العملاء.

إن عملية التحول الرقمى للتأمين والأدوات والتطبيقات التى يتكون منها التأمين الرقمى هى الذكاء الاصطناعى، إنترنت الأشياء، التعلم الآلى، التحليلات التنبؤية، البيانات الضخمة، الخدمات المستندة إلى السحابة – هى التى أدت إلى التحول الرقمى للتأمين- وعلى الرغم من أهمية هذه الأدوات، فإن عملية التحول الرقمى تتضمن أكثر بكثير من مجرد تثبيت برامج جديدة.

وبالنسبة لشركات التأمين التى لديها مزيج معقد من أنظمة تكنولوجيا المعلومات القديمة، فإن فكرة معالجة كل هذه التحديثات الرقمية وتنفيذ أنظمة جديدة شاقة ومكلفة ومحفوفة بالمخاطر، لكن تتيح لك البنية التحتية المستندة إلى الحوسبة السحابية اتباع نهج مرن ومتعدد المراحل للتحول الرقمى.

على سبيل المثال، ابدأ باختيار نوع تأمين واحد للعمل عليه، وابحث عن الحلول التى تمكّنك من جمع وتوحيد جميع بياناتك معًا فى مكان واحد بشكل فعال، بغض النظر عن المكان الذى تبدأ منه، فإن إحدى الميزات المهمة التى يجب مراعاتها خلال عملية التحول الرقمى هى قدرة التكنولوجيا الخاصة بك على التحديث المستمر والبقاء محدثًا مع الحلول الدائمة، هذه هى الميزة المركزية للتكنولوجيا الرقمية فى التأمين – فهى تمكّنك من إيجاد حلول إستراتيجية جديدة لعملائك قبل أن يعرفوا أنهم بحاجة إليها.

وعلى الرغم من أن التحول الرقمى قد يستغرق بعض الوقت فهناك بعض الخطوات التى يجب عليك اتخاذها لجعل هذه العملية سلسة قدر الإمكان.

المرحلة الأولى : تحويل العمليات الحالية إلى أنظمة آلية

يتوقع العملاء اليوم مستويات عالية من السرعة والاهتمام الشخصى، وهو أمر يكاد يكون مستحيلا بدون الوظائف الآلية، هناك مكاسب حقيقية يمكن تحقيقها هنا، يمكن جعل العديد من العمليات فى صناعة التأمين أكثر كفاءة وفعالية باستخدام التكنولوجيا الرقمية مثل :

● ميكنة قواعد الاكتتاب من خلال عمليات أكثر كفاءة.

● فتح تغطية المطالبات تلقائيًا وتكوين الاحتياطيات بناءً على مجموعات القواعد المحددة مسبقًا.

● تنفيذ وظائف الدردشة الحية والإجابة تلقائيًا على أسئلة العملاء ومخاوفهم فى الوقت الفعلى

● ميكنة الفواتير والتحصيل والاتصالات.

المرحلة الثانية : تحسين التركيز الإستراتيجى

المرحلة الثانية من النضج الرقمى لشركة التأمين هى تحسين التركيز الإستراتيجى وهى خطوة أبعد من ميكنة المهام، وتركز هذه المرحلة على تحديد العناصر الحاسمة التى تميز شركات التأمين فى السوق والاستفادة من التقنيات والإستراتيجيات الرقمية لتحسين العمليات التى تدعم أهداف السوق على سبيل المثال:

التميز فى المنتج – تعمل بعض شركات التأمين على تحسين ابتكار المنتجات، بهدف تكوين وإنشاء منتجات جديدة لتلبية احتياجات أسواق معينة مثل التخصص التجارى.

سرعة الوصول إلى السوق – يقوم الآخرون بتحسين القدرة على تغيير الأسعار والقواعد وعروض المنتجات بشكل أسرع من منافسيهم.

تجربة وخدمة العملاء / الوكيل.

مثل مرحلة الميكنة، تتميز مرحلة التركيز الإستراتيجى بقيمة متأصلة فى حد ذاتها، وليست بالضرورة مجرد نقطة انطلاق إلى مرحلة أخرى فى رحلة شركة التأمين.

المرحلة 3: التحول الرقمى الحقيقى

المرحلة الثالثة والأكثر تطورًا من النضج الرقمى هى التحول الكامل والشامل للأعمال إلى نموذج «منصة» مفتوح ومتصل. يشار إليها أحيانًا باسم «الأنظمة البيئية»، يتم تنظيم شركات المنصات، مثل«Amazon»و«eBay» لتلبية احتياجات السوق المتطورة من خلال تنظيم الاتصالات بين المشترين والبائعين والمنتجات والبيانات ومقدمى الخدمات – كل ذلك فى بيئة مفتوحة وديناميكية، فى حين أن هذا المستوى من التطوير يتطلب بوضوح دعائم رقمية واسعة النطاق من أجل التشغيل.

إن النموذج يتطلب أكثر من التكنولوجيا وحدها إذ يتطلب طريقة جديدة فى التفكير والتشغيل، ويمثل التحول الكامل لمؤسسة شركة التأمين وإستراتيجية الانتقال إلى السوق ما يلى:

● وضع احتياجات العملاء وتوقعاتهم فى قلب كل قرار وعملية

● تحويل مؤسسة من وحدات الأعمال الداخلية والخارجية المنفصلة – لكل منها مجموعاتها الخاصة من البيانات والعمليات – إلى الاتصال المستمر فى الوقت الحقيقى ومشاركة البيانات.

● تسهيل الاتصالات الديناميكية بين المشاركين فى السوق.

• تغيير العلاقات بشكل جذرى بين الشركاء، والمنافسين، والموردين، وما إلى ذلك.

● تقديم التحول الرقمى للتأمين لعملائك.

الفجوة بين شركات التأمين المميكنة وتلك غير المميكّنة آخذة فى التسارع، فلم يعد الأمر يتعلق بما إذا كان سيتم استبدال الأنظمة الأساسية القديمة ؛ بل بكيف تتفوق بشكل فعال على المنافسة من خلال الانتقال إلى نموذج البرمجيات كخدمة (SaaS) لأنظمتها الأساسية.

لقد أصبح التحول الرقمى الآن مدمجًا فى توقعات العملاء حيث أجريت دراسة عام 2016 على قادة وإستراتيجيات التحول الرقمى عبر الصناعات وتم ترتيب الأولويات التى تقود مشروعات التحول الرقمى على النحو الأتى :

● تطور سلوكيات العملاء وتفضيلاتهم.

● فرص النمو فى الأسواق الجديدة.

● زيادة الضغط التنافسى.

● معايير جديدة فى التنظيم والامتثال .

والمعنى الضمنى هو أن التحول الرقمى مدفوع بالمخاوف المتعلقة بالإيرادات والاحتفاظ وتجربة العملاء أكثر من التكنولوجيا.

ويعمل التحول الرقمى للتأمين على التسهيل على المستخدمين النهائيين؛ فى الاعتماد والتكيف من خلال التكوين وليس الكود، فمن خلال الحوسبة السحابية أصبحت تكنولوجيا المعلومات متاحة الآن كمصروفات تشغيلية بدلا من نفقات رأس المال.

ونظرًا لعمليات التكامل المسبق والمحدثة باستمرار لمنصات «SaaS» يمكن لشركات التأمين استخدام المزيد من الوظائف والاستفادة منها على الفور للاتصالات الرقمية واتخاذ القرارات التى تعتمد على البيانات والتحليلات التنبؤية.

وتخفف «SaaS» أيضًا موظفى تكنولوجيا المعلومات لديك من المسئوليات المتكررة وغير ذات القيمة المضافة، مثل الصيانة والتحديثات، حتى يتمكنوا من التركيز على تحديات الأعمال الأخرى، مثل تحسين تجارب العملاء والاستعداد لاستخدام مصادر البيانات الجديدة، بما فى ذلك تلك التى تم الحصول عليها من تقنيات المعلومات والاتصالات.

وعندما تبدأ شركات التأمين فى التحول الرقمى للتأمين، مدعمًا بمنصة قابلة للتطوير تمامًا وقائمة على«SaaS» فإن الفوائد التى يمكن أن يتوقعوا جنيها لا حصر لها، بالنسبة لمعظم شركات التأمين، تشمل أولى علامات التغيير الإيجابى من التحول الرقمى ما يلى:

● عمليات موحدة ومتكاملة.

● تقليل التكاليف.

● تحسين المبيعات.

● سرعة الوصول إلى السوق.

* رئيس قطاع تكنولوجيا المعلومات – شركة «gig» لتأمينات الحياة التكافلى وخبير إدارة المشروعات المعتمد من معهد إدارة المشروعات الأمريكى.