يحاول المستثمرون في أسهم الشركات الاستهلاكية مداواة جراحهم، بعدما تكبّد القطاع 1.8 تريليون دولار من قيمته السوقية في النصف الأول من العام الحالي، مع إلقاء التضخم المرتفع وتراكم المخزونات بظلالهما على أرباح الشركات.
تراجع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” للسلع الاستهلاكية الكمالية بنسبة 33%، في أسوأ نصف عام أول له على الإطلاق بسبب تزايد التكاليف وارتفاع أسعار الفائدة.
كانت مجموعة شركات السلع الاستهلاكية الكمالية الخاسر الأكبر في مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” حيث تؤثر مخاوف الركود سلبًا على قرارات الإنفاق لدى المتسوقين.
وبالإضافة إلى مصدر القلق هذا، انخفض الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة، خلال مايو الماضي، للمرة الأولى هذا العام، ما يشير إلى تباطؤ الاقتصاد الذي يقف على أقدام ضعيفة.
ويعتقد مات مالي، كبير محللي السوق بشركة “ميلر تاباك+” أن أسهم تلك الشركات يمكن أن تنخفض أكثر مع استمرار المستهلكين كبح إنفاقهم.
خسائر المستثمرين في الشركات الاستهلاكية الأمريكية
كُشف النقاب عن الانحدار الكبير الذي مُني به القطاع هذا العام خلال موسم الإعلان عن الأرباح الفصلية، عندما خفّضت شركات مثل “ولمارت” و”تارغت” توقعات أرباحها السنوية.
هذا الأسبوع، أصبحت متاجر “أر إتش” (RH) أحدث شركة للبيع بالتجزئة تحبط توقعات المستثمرين لهذا العام، في حين أصدرت “بد باث آند بيوند” تقرير أرباح باهت يُظهر أن المبيعات الفصلية انخفضت أكثر مما كان متوقعاً.
جزء من المشكلة هو أن المتاجر لديها فائض من المنتجات التي لا يريدها المستهلكون. في الوقت نفسه، تكافح الشركات مع ارتفاع نفقات الوقود والعمالة، والتحدي المتمثل في نقل هذه التكاليف إلى المستهلكين.
تعدّ شركة “إتسي” الأكثر انخفاضًا من بين شركات مؤشر السلع الاستهلاكية الكمالية حتى الآن في 2022، حيث تراجعت أسهمها بنسبة 67% مع تلاشي زيادة مبيعات التجارة الإلكترونية التي ظهرت في خضم انتشار جائحة كوفيد- 19.
ومن بين كبار الخاسرين أيضًا شركات: “باث آند بودي ووركس”، و”كايسارس إنترتينمنت”، و”كارنفال”.
قليل من الرابحين
الأسهم الوحيدة التي حققت مكاسب في النصف الأول من العام الجاري على المؤشر المكون من 58 شركة هي “دولار تري”، و”دولار جنرال”، و”أوتوزون”، إذ ارتفعت قرابة 11%، و4%، و3% على التوالي هذا العام.
أعلنت شركتا “دولار تري” و”دولار جنرال” المتخصصتان بالبيع بالتجزئة بخصومات كبيرة عن نتائج ربع سنوية أقوى من المتوقع الشهر الماضي،
حيث بدأ المستهلكون استبدال المنتجات الفاخرة بنظيرتها الأقل تكلفة. في غضون ذلك، حققت “أوتوزون” مكاسب بعدما قام محللو “مورغان ستانلي” و”غولدمان ساكس” بترقية توصياتهم بشأن أسهمها، مشيرين إلى أن مبيعات قطع غيار السيارات لا تصنف كسلع كمالية إلى حد كبير.
رغم كونها المجموعة الأسوأ أداءً في مؤشر “ستاندرد آند بورز 500″، فإن أسهم شركات البضائع الاستهلاكية الكمالية ما تزال غير رخيصة، حيث يتم تداولها بحوالي 20 ضِعفًا للأرباح المتوقعة، في حين أن المؤشر المرجعي لديه مكرر ربحية قدره 16 ضِعفًا.
خلال وقت سابق من هذا الأسبوع، قال جوناثان ماكاي، محلل الإستراتيجيات الاستثمارية بشركة شرودرز إن “تخفيض تصنيف أسهم شركات السلع الاستهلاكية الكمالية كان كبيرًا، لكنني ما زلت لا أعتقد أن أسعار التداول معقولة بما فيه كفاية حتى الآن لجعل الاستثمار في هذه الشركات يستحق عناء”.