أعلن مركز «نيو فايننشال» العالمى للأبحاث أن العديد من البنوك وشركات التأمين البريطانية ستنقل أصولا وفروعا بقيمة تتجاوز تريليون جنيه استرلينى (1.4 تريليون دولار أو 1.2 تريليون يورو) إلى مدن كبرى فى دول الاتحاد الأوروبى فى رد فعل على خروج المملكة المتحدة من التكتل المعروف باسم «بريكسيت».
وأكد مركز الأبحاث أن أكثر من 440 شركة تعمل فى قطاعى البنوك والتمويل فى المملكة المتحدة اتجهت إلى نقل أقسام تابعة لها وموظفين، أو أنشأت فروعا جديدة فى دول الاتحاد الأوروبى فى رد فعل على«بريكسيت»، وفق دراسة أعدها.
وحذر المركز فى الدراسة التى نشرها بعد حوالى أربعة أشهر على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى من أن التقرير الذى يعد الأكثر شمولية حتى الآن حول تداعيات بريكست على حى الأعمال فى لندن لا يبيّن الحجم الفعلى لهذه التداعيات ولاسيما أن بريكست لا يزال فى بداياته.
عدة بنوك بريطانية حولت %10 من إجمالى أصولها إلى الاتحاد الأوروبي
وذكرت وكالة رويترز أن عدة بنوك مقرها بريطانيا حولت ما يزيد على 900 مليار جنيه من أصولها إلى أراضى الاتحاد الأوروبي، أى %10 من إجمالى أصول البنوك فى المملكة المتحدة بينما حولت شركات التأمين أكثر من 100 مليار جنيه استرليني.
وتتوقع الدراسة تزايد عدد البنوك وشركات التأمين التى ستنقل أصول لها من بريطانيا إلى دول أوروبية خلال الشهور القادمة لأن بريكسيت مازال فى نهاية مرحلته التمهيدية كما أن الاتحاد الأوروبى لم يمنح بريطانيا المميزات اللازمة لدخول أسواق الخدمات المالية فى دول الاتحاد والتى لم تتضمنها الاتفاقية التجارية للتكتل مع بريطانيا فى يناير الماضى.
وجرى أيضا نقل حوالى 7400 موظف من بريطانيا إلى مراكز مالية فى دول الاتحاد الأوروبى وتأجل سفر آخرين بسبب القيود المفروضة على الرحلات الجوية نتيجة وباء كورونا ومن المتوقع نقل المزيد من العاملين بعد انحسار مرض كوفيد 19.
أهم المدن التى استقبلت فروع البنوك وشركات التأمين البريطانية
ومن أهم المدن التى انتقلت إليها فروع البنوك وشركات التأمين البريطانية مدينة دبلن التى استقبلت 135 وحدة و بعدها باريس بحوالى 102ثم لوكسمبرج 95 وفرانكفورت 63 وأخيرا أمستردام 48 فرعا لهذه البنوك وشركات التأمين.
وتتوقع دراسة مركز الأبحاث أن تفوز فرانكفورت من حيث ضخامة الأصول التى ستنتقل إليها على الأجل الطويل بينما ستحتل باريس المركز الأول فى عدد العاملين البريطانيين الذين سيفدون إليها، فى حين أن أمستردم أطاحت منذ يناير بلندن من على عرش أكبر مركز وتجارى فى أوروبا فى أقوى بادرة مرئية لتداعيات بريكسيت على المملكة المتحدة.
كانت البنوك البريطانية تأثرت سلبا بسبب فيروس كورونا خلال العام الماضى لدرجة أن أرباح بنك HSBC الذى يتخذ من لندن مقرا له المعلنة قبل الضرائب تراجعت بنسبة %34 خلال عام الوباء لتنزل إلى 8.8 مليار دولار لتتفوق مع ذلك على توقعات المحللين البالغة 8.3 مليار دولار برغم أن البنك جنب مثل العديد من نظرائه على مستوى العالم مخصصات لخسائر القروض المحتملة نتيجة لجائحة كورونا.
وأدى خروج بريطانيا من الاتحاد إلى أن الحكومة خفضت حصتها فى بنك ناتويست الذى يعد واحدا من أكبر البنوك فى المملكة المتحدة من خلال بيع أسهم بقيمة 1.1 مليار جنيه استرلينى وشملت العملية نحو 591 مليون سهم لتتراجع مساهمة الدولة فى رأسمال البنك من %61.7 إلى %59.8.
خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ينهى جواز المرور المالي
جاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ليضع حدا لما كان معروفا باسم «جواز المرور المالى» الذى كان يتيح للشركات البريطانية العمل فى أى دولة فى أوروبا، ووقّعت لندن وبروكسل الشهر الماضى مذكّرة تفاهم حول الخدمات المالية، لكنها لم تتطرق بعد لقضية التكافؤ، أى السماح لشركات مقرها المملكة المتحدة بالعمل فى دول التكتل.
وأنجزت بريطانيا خروجها من الاتحاد الأوروبى فى 31 ديسمبر الماضى، ولكن اتفاق بريكسيت لم يشمل قطاع الخدمات المالية لأنه ليس إلا آخر مرحلة قبل بداية المسار الجديد غير أنه مع الوقت من المتوقع انتقال العديد من الشركات والأنشطة من المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي.
كان أعضاء البرلمان قد علقوا عملية التصويت فى بداية مارس احتجاجا على تغييرات بريطانية للترتيبات بشأن أيرلندا الشمالية ولكن البرلمان الأوروبى أعطى الضوء الأخضر يوم الثلاثاء 13 أبريل، للجنتين رئيسيتين للتصويت على إتفاقية التجارة بين الاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة، لكنه أجل قرارا بخصوص ما إذا كان البرلمان بكامل هيئته سيعطى موافقته فى وقت لاحق هذا الشهر حيث سيكون تصويت البرلمان الأوروبى الخطوة الأخيرة فى إقرار الإتفاقية التى أُبرمت بين بريطانيا والاتحاد الأوروبى فى ديسمبر الماضي.
دول الاتحاد الأوروبى مازالت تعانى من تفاقم وباء كورونا
لكن دول الاتحاد الأوروبى مازالت تعانى من تفاقم وباء كورونا الذى انتشر فى أكبر اقتصاداتها لدرجة أن ستة دول منها ضمن قائمة أكثر عشر دول فى العالم من حيث عدد الوفيات والإصابات مما دعا كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزى الأوروبى لوصف اقتصاد منطقة اليورو كمريض خرج من أزمة حادة ولكنه مازال واقفا «على عكازين» هما التحفيز النقدى والمالى وإنه لا يمكن سحبهما قبل حدوث تعاف كامل.
ويعد وصف لاجارد مشاركة نادرة منها فى السجال الدائر بشأن السياسات وتنبئ برفض لمقترحات عبر عنها بعض محافظى البنوك المركزية لمنطقة اليورو عندما تحدثوا عن البدء فى تقليص مشتريات البنك المركزى من السندات، ربما من يوليو كما أبدى لويس دى جويندوس نائب لاجارد نفس رأيها عندما قال إن مخاطر السحب المبكر للإجراءات أعلى من مخاطر الإبقاء عليها.
وكان البنك المركزى الأوروبى عزز فى مارس وتيرة مشتريات السندات لاحتواء طفرة فى العائد وتوفير القروض بأسعار رخيصة للحكومات والشركات والأُسر فى خضم تداعيات فيروس كورونا وسيجتمع المشرعون بمنطقة اليورو هذا الأسبوع ومن غير المتوقع أن يعدلوا السياسة النقدية المتبعة، لكن ربما يناقشون مستقبل برنامج شراء السندات.
تخفيض دعم برنامج حماية الوظائف
وفى الوقت الذى تستعد فى الحكومة البريطانية لتخفيض الدعم لبرنامج حماية الوظائف فى يوليو استعدادا لإنهائه فى شهر سبتمبر المقبل حذر اتحاد الأعمال الصغيرة من صدمة قد تصيب الوظائف إذا لم يتم اتباع إجراءات الوقاية فى أماكن العمل مع إعادة فتح الاقتصاد.
وأظهر مسح لهذا الاتحاد أن حوالى %67 من الشركات الصغيرة تتوقع تحسن الأداء فى هذا الفصل فى حين تتوقع واحدة من كل سبع شركات تسريح بعض العاملين لديها أو جميعهم وذلك فى المسح الذى أجرى على حوالى 1700 من أصحاب المشاريع الصغيرة.
وتوقع حوالى %58 من الشركات الصغيرة أن يتحسن الأداء على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة فى حين قال %31 إن هذا الأداء سيزداد سوءا وأفاد %14 من الشركات بإمكانية تسريح بعض موظفيها أو جميعهم خلال الفترة الممتدة بين الشهر الجارى ويونيو المقبل ويقدم برنامج الاحتفاظ بالوظائف فى ظل كورونا %80 من الأجور للموظفين الذين استغنت عنهم شركاتهم مؤقتا والذى أدى إلى حماية ملايين الوظائف حتى الآن.