أكد الدكتور مايكل مدحت، مدير تطوير الأعمال والإدارة الدولية والسياحة العلاجية بمستشفيات الوطني للعيون، أن مصر شهدت تطورًا ملحوظًا في قطاع الرعاية الصحية خلال السنوات الأخيرة، وهو ما جعل العديد من المؤسسات يضعها على رأس الدول الواعدة خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف مدحت، في تصريحات، لـ”المال”: كما أن ملف السياحة العلاجية شهد، خلال السنوات الأخيرة، حراكًا كبيرًا، مشيرًا إلى أن توجه الحكومة نحو دعم هذا المجال يعد خطوة إيجابية، رغم الحاجة إلى سياسات أكثر وضوحًا تتناسب مع متطلبات السائح الأجنبي.
وأوضح أن مصر تمتلك مستشفيات تُضاهي المستويات العالمية، خاصة في مجال طب العيون، حيث تُقدم الخدمات الطبية بتكلفة تقل بنسبة كبيرة عن نظيراتها في الخارج، إذ تصل أسعار العمليات إلى خُمس التكلفة، مقارنة بالدول الأخرى، ولا سيما في جراحات تصحيح الإبصار وجراحات العظام، مما يجعل مصر وجهة متميزة بأسعار تنافسية تفوق حتى بعض الدول الرائدة في هذا المجال.
وأشار إلى أن مصر برزت مؤخرًا في مجالات طب العيون وعمليات التجميل، مستفيدة من وجود كوادر طبية مدرَّبة على أعلى مستوى، إلا أن تطوير السياحة العلاجية يتطلب تنسيقًا بين عدة جهات، من بينها وزارات الصحة، والداخلية، والطيران، والخارجية؛ لضمان تيسير إجراءات دخول السائحين بأسعار طيران مناسبة، مع تذليل عقبات التأشيرات، بما يسهم في تعزيز سمعة مصر عالميًّا من خلال تجارب المرضى الإيجابية.
التحديات التي تواجه السياحة العلاجية
وأشار الدكتور مايكل مدحت إلى وجود عدة تحديات تعوق تقدم قطاع السياحة العلاجية، من بينها الأوضاع الإقليمية غير المستقرة، والتي قد تؤثر على حركة السياحة بشكل عام.
ومع ذلك، توقع أن يشهد الطلب على الخدمات العلاجية في مصر ارتفاعًا خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل استمرار تدفق الاستثمارات العربية، مستفيدة من فرق سعر العملة.
وانتقل مدحت للحديث عن أن قطاع الأدوية في مصر، مؤكدا أنه شهد استقرار خلال الفترة الأخيرة، نتيجة الاعتماد المتزايد على التصنيع المحلي، باستثناء بعض العلاجات التي تتطلب استثمارات ضخمة أو تكنولوجيا متقدمة.
ومع ذلك، أشار إلى أن ارتفاع أسعار الخدمات الطبية بنسبة تصل إلى 50% خلال الفترة الماضية، دفع العديد من المرضى إلى اللجوء لأنظمة التأمين الصحي للحصول على الخدمات بأسعار مخفضة أو مجانية، مما قد يثير مخاوف بشأن جودة الخدمة الطبية في المستقبل، وهو ما يستدعي فرض رقابة صارمة لضمان استدامة مستوى الرعاية الصحية.
أزمة الكوادر الطبية وضرورة تطوير المستشفيات
وفيما يتعلق بالكادر الطبي، أشار مدحت إلى وجود نقص حاد في أعداد الكوادر التمريضية المؤهلة، خاصة الحاصلين على شهادات البكالوريوس أو الدراسات المتخصصة، وهو ما يرجع بشكل أساسي إلى تدني مستوى الأجور، بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بمشروع قانون المسؤولية الطبية، الذي أدى إلى هجرة العديد من الطواقم الطبية إلى الخارج.
كما لفت إلى أن المستشفيات الحكومية والتعليمية لا تزال تعمل وفق أنظمة إدارية تخضع للرقابة الحكومية، لكنها تحتاج إلى تطوير جذري، ولا سيما في الجوانب المتعلقة بالتسويق والتطوير الإداري، التي تظل غائبة عن العديد من المؤسسات الصحية، مما يحد من قدرتها على المنافسة وجذب المرضى الدوليين.
وشدد، في ختام تصريحاته، على ضرورة وضع تسعيرة موحدة للخدمات العلاجية المقدمة للأجانب، لضمان الشفافية وتجنب تفاوت الأسعار، الذي قد ينعكس سلبًا على ثقة المرضى في المنظومة الطبية المصرية، مؤكدًا أن تذليل العقبات والتخطيط السليم سيسهم في تعزيز مكانة مصر كوجهة رائدة في مجال السياحة العلاجية على مستوى المنطقة.