كيف يتم تنشيط الاستثمار المؤسسى بسوق المال؟ سؤال بات يطرح نفسه بقوة مؤخرا مع الهزات العنيفة التى شهدتها السوق خلال بعض جلسات الأسبوع الماضي، وأسفرت عن خسائر عنيفة لرأس المال السوقى قاربت 25 مليار جنيه.
كانت هيئة الرقابة المالية طرحت مؤخرا هذه القضية فى اجتماع نظمته مع بعض مسؤولى شركات إدارة الأصول فى سوق المال المصرية؛ لبحث سبل تنشيط الاستثمار المؤسسى بسوق المال فى الفترة الحالية وكيفية زيادة عمق السوق بمشاركة الإدارات المختصة بالهيئة.
اجتمع الدكتور إسلام عزام نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، مع بعض مسؤولى شركات إدارة الأصول وقال إن الاجتماع تضمن مناقشة مديرى الاستثمار واستطلاع آرائهم لكيفية زيادة الاستثمار المؤسسى بسوق المال، وكيفية تقديم الهيئة لأقصى دعم لتنمية وتنشيط سوق الأوراق المالية.
وانتهى الاجتماع إلى الاتفاق على قيام مديرى الاستثمار بتقديم ورقة عمل لتحديد المقترحات اللازمة لدعم السوق خلال أسبوعين، مؤكداً على إ صرار الهيئة على تقديم كامل الدعم لتنمية وتنشيط سوق الأوراق المالية مع استكمال عقد لقاءات متتالية مع باقى مؤسسات السوق.
وتنوعت آراء مسؤولى إدارة الأصول الذين استطلعت «المال» آراءهم حول تنشيط الاستثمار المؤسسى بالبورصة المصرية ما بين ضرورة وجود محفزات، وتنويع قطاعات السوق، لتحتل التكنولوجيا المالية مكانة فيما بينها، بجانب تنفيذ طروحات حكومية قوية، وتخصيص نسبة كبيرة منها للأفراد، و حملات توعية للأفراد بأهمية دور صناديق الاستثمار، و التسويق والترويح للبورصة من خلال شركات متخصصة فى هذا المجال.
مصر كابيتال: تمثيل قوى لقطاع التكنولوجيا المالية
وقال طارق شاهين، رئيس قطاع إدارة الأصول بشركة مصر كابيتال إن تنشيط الاستثمار المؤسسى فى سوق المال يحتاج إلى بعض المحفزات، بجانب التنويع فى قطاعات البورصة لتحاكى الاقتصاد خارجها.
ولفت شاهين فى تصريحات لـ»المال» إلى أن القطاعات المسيطرة حاليا فى البورصة هى تلك التقليدية كالعقارات، و الصناعة، والقطاع المصرفي، بينما هناك حاجة قوية لوجود قطاعات تتناسب وطبيعة المرحلة الاستثمارية الراهنة كالتكنولوجيا الرقمية.
ويرى شاهين أنه رغم النمو القوى لقطاع التكنولوجيا الرقمية بالاقتصاد، إلا أنه ليس ممثلا فى سوق المال بالشكل الكافي، وتحقيق ذلك سيجعل البورصة تمثل ما يحدث فى الاقتصاد ما يخلق عمقا وحركة بالسوق.
جدير بالذكر أن شركة «آى فاينانس» من المقرر أن تنفذ طرح حصة منها فى البورصة المصرية العام الحالي، كما تخطط شركة «ابتكار» مالكة شركتى «بى» و«مصارى» للدفع الإلكترونى لطرح حصة منها بالبورصة أيضا.
كما لفت شاهين أيضا إلى أن ضعف إقبال الأفراد على الاستثمار فى صناديق الاستثمار، أحد الأسباب، مُرجعا ذلك إلى غياب هذه الثقافة الاستثمارية عنهم، إلا أنه توقع تغير هذا الاتجاه الفترة المقبلة.
وقال أحد رؤساء شركة إدارة الأصول، التابعة لأحد البنوك المحلية، مفضلا عدم ذكر اسمه إن هناك حاجة مُلحة لتطبيق عقوبات على المخالفين، والمتلاعبين فى الأوراق المالية، والذين تؤدى تحركاتهم لخسائر قوية لصناديق الاستثمار، تؤدى بدورها لإحجامها عن الاستثمار.
كما أكد على ضرورة فرض سقف لنسب الإقراض للشراء الهامشى لا تتعداه شركات السمسرة، وإحكام الرقابة على الشركات المخالفة، وأن يتم الإقراض الهامشى لأوراق مالية محددة ذات مصداقية، وصادر بشأنها تقييمات من جهات موثوقة، وأن يكون الإقراض بناء على بيانات الشركة المالية، وبنسبة %60 من القيمة العادلة.
بايونيرز القابضة: التسويق خارجياً وداخلياً
وقال مصطفى فوزي، عضو مجلس إدارة شركة بايونيرز القابضة إن تنشيط الاستثمار المؤسسى يحتاج إلى الترويج والتسويق للبورصة داخليا وخارجيا، ما يترتب عليه جذب فئة جديدة، وسيولة للسوق، تخلق حراكا يجذب صناديق الاستثمار مجددا، إضافة إلى البحث عن المشكلات التى تطرد المستثمرين الأجانب، و وبعض الشركات الهامة والبنوك.
وأشار فوزى إلى أن هناك عددا كبيرا من البنوك قام بتصفية محافظه فى الشركات المُدرجة، وبالتالى هناك حاجة قوية لعودة هذه البنوك لضخ استثمارات بالسوق.
ويرى فوزى أن نجاح عملية الترويج للبورصة يتطلب إسناد هذا الأمر لشركات تسويق متخصصة تتمتع بسابقة أعمال قوية تُمكنها من الترويج للسوق داخليا وخارجيا.
ويؤكد فوزى إن الترويج للسوق بشكل قوى يضمن جذب أموال وسيولة جديدة أجنبية ومحلية للبورصة المصرية.
كايرو كابيتال: طروحات حكومية وتخصيص نسب كبيرة للأفراد
وأشار محمد قطب، رئيس قطاع إدارة الأصول بشركة كايرو كابيتال القابضة للاستثمارات المالية، إلى أنه فى ظل هيمنة الأفراد على سوق المال، فى المقابل تراجع دور المؤسسات، وهناك حاجة قوية لإعادة تجربة التسعينات فى سوق المال، والتى شهدت طروحات حكومية ضخمة تم تخصيص النسبة الأكبر منها للأفراد.
وتابع، أن الأمر يتطلب أيضا إطلاق حملات توعية قوية للمستثمرين الأفراد بأهمية دور صناديق الاستثمار، لتصبح استثمارات الأفراد من خلالها.
ويقول قطب إن الحديث عن الطروحات الحكومية المقبلة سيسهل تحقيق ما تم الحديث عنه.
ومن المتوقع أن يشهد العام الحالى طرحا حكوميا فى قطاع الخدمات المالية المصرفية عبر شركة أى فاينانس، أو الخدمات المالية من خلال بنك القاهرة، إلا أن الحكومة لم تعلن قراراها النهائى بعد فيما يتعلق بتوقيت الطرح النهائى.
ويؤكد قطب أن ما دعم السوق العام الماضى هو وجود جهات حكومية ضخت استثمارات به، إلا أن ذلك يصعب استدامته، وبالتالى يجب على شركات صناديق الاستثمار عمل حملات توعية قوية تضع أهدافا محددة كالوصول بحجم السوق لمستويات معينة، أو النهوض بالتداولات اليومية لتحقيق مستويات محددة.
جدير بالذكر أن البورصة المصرية تشهد تراجعا قويا لدور المؤسسات منذ بداية العام الحالي، فى مقابل هيمنة قوية للأفراد على التعاملات مع حركة مضاربات وشراء هامشى قوية.
وشهد العام الماضى أوضاعا مماثلة، وتراجعات قوية للمؤشر الثلاثينى مع ظهور فيروس كورونا المستجد أدت إلى تدخل من البنك المركزى بتوجيه البنوك بضخ حزمة مالية قوية قيمتها 20 مليار جنيه، إلا أنه لم يتم سوى توجيه 500 مليون جنيه فقط من قيمتها، بنسبة %2.5.
واستجابت هيئة الرقابة المالية أيضا لمقترح صندوق حماية المستثمر بضخ استثمارات فى البورصة المصرية، عبر شراء أسهم بالشركات المُدرجة، بما لا يجاوز %10 من الأموال المتاحة بالصندوق أو زيادة ملكيته فى شركة صندوق استثمار مصر المستقبل أو شراء وثائق جديدة به، وذلك استهدافاً لإيجاد آليات للحفاظ على استقرار سوق رأس المال المصرية والحد من الآثار الاقتصادية المترتبة على جائحة فيروس كورونا.