زار الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، مكتب النائب العام بالقاهرة الجديدة، حيث كان في استقباله المستشار حمادة الصاوي النائب العام، وبحضور المستشار عمر مروان وزير العدل، والدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والمستشار علاء الدين فؤاد وزير شئون المجالس النيابية.
استهل رئيس الوزراء زيارته بجولة تفقدية داخل المبنى، وتعرف على أقسامه، وتسلم درع النيابة العامة من النائب العام، وقام بالتوقيع في السجل التاريخي للهيئة القضائية العريقة.
وكتب: ” معالي الوزير السيد حمادة الصاوي، النائب العام .. انه لشرف عظيم لي على المستوى الشخصي أن اتواجد اليوم في هذا الصرح العالمي العملاق، الذي يعكس عراقة هذه المؤسسة التاريخية التي تنتمي لهذا الوطن العظيم .. وإنني انتهز الفرصة لأن أوجه خالص التحية والتقدير لأعضاء هذه المؤسسة العظيمة وأتمنى لسيادتكم ولهم دوام الرقي والنجاح”.
وفي قاعة تحمل اسم المستشار الراحل الجليل هشام بركات، النائب العام الأسبق، تخليداً لإسمه، ألقى رئيس الوزراء، كلمة أعرب في مستهلها عن سعادته بهذه الزيارة، مشيراً إلى أنها تعكس روح التعاون بين الحكومة ، وأحد أهم الهيئات القضائية بالدولة، بما يؤكد تكاتف جميع مؤسسات الدولة سعيًا لرفعة شأن مصر وتقدمها.
وقال رئيس الوزراء إن الدولة تمضي قُدما في ملفات التحول الرقمي، وفق توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بتكثيف الجهود في خطة التحول إلى مجتمع رقمي، لتوفير أحدث الخدمات للمواطنين بأساليب بسيطة مُيسرة بمُختلف القطاعات، بما يتطلبه ذلك من بناء القدرات اللازمة لاستخدام أفضل وسائل التكنولوجيا الحديثة.
ولفت إلى أن الحكومة تُولي عناية شديدة بمجال التحول الرقمي، وتسعى لتنفيذ استراتيجية الدولة لبناء مصر الرقمية؛ من خلال تنفيذ عدد ضخم من المشروعات والبرامج.
وأوضح رئيس الوزراء أن منظومة التحول الرقمي لإنفاذ القانون تستهدف إنشاء نظام معلوماتي مُتكامل لإدارة الدعاوي والإجراءات الجنائية القانونية، يضم عددًا من الشبكات الفرعية بوزارة الداخلية، والنيابة العامة، والمحاكم، والجهات ذات الصلة، بما يُتيح تبادل المعلومات المطلوبة بصورة مُؤمنة ويضمن سلامة الإجراءات المصاحبة لتحرير المحاضر، وسرعة الفصل في الدعاوى، وإنجاز الخدمات المرتبطة بالمواطنين.
إلى جانب إحكام الانضباط في تنفيذ الأحكام لتحقيق الأمن العام، وضمان دقة البحث ووسائل الاستدلال والاستنتاج لتحقيق النتائج، وإرساء مبادئ العدالة الناجزة.
ونوه مدبولي الى أن مجلس الوزراء يتولى حاليًا التنسيق بين الجهات المنفذة للمنظومة؛ لتذليل العقبات، ومتابعة التنفيذ في أعمال البنية التحتية، وخطوط الربط داخل كل جهة والوحدات التابعة لها، للمرحلتين الأولى والثانية، ووضع خطة بالتنسيق بين وزارة التخطيط والجهات المعنية لتنفيذ المرحلتين الثالثة والرابعة؛ تأكيدًا على ضرورة العناية بالتنسيق بين الجهات المعنية، وسرعة الانتهاء من مراحل المنظومة المختلفة.
وأكد رئيس الوزراء على أهمية مُضي النيابة العامة قُدمًا فيما تنفذه من أعمال بمجال التحول الرقمي، بالتعاون مع الوزارات المختلفة والجهات المعنية، باعتبار أنها حلقة الوصل بينهم، وأحد أهم الجهات المتعاملة مع جمهور المواطنين في كثير من الإجراءات القانونية التي يتم مباشرتها دوريًا في مختلف المجالات، خلاف إنجاز القضايا الجنائية ومُباشرة الأعمال القضائية، بما يُساهم مباشرة في تحقيق مبادئ العدالة الناجزة المنشودة.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن هذه الزيارة تعكس الجُهود المبذولة بين النيابة العامة ومختلف الوزارات والقطاعات بالحكومة نحو تحقيق الهدف المنشود من تحويل منظومة التقاضي رقميًا، تيسيرًا على المواطنين، وتحقيقًا لعدالة ناجزة، والتي تعد غاية ما تسعى إليه الدولة، إعلاءً لسيادة الدستور والقانون.
وأكد أن القضاء المصري كان وسيظل دائمًا مُستقلاً، تربطه بالدولة المصرية أوصال تعاون وثيقة بالسلطة التنفيذية، لتطوير منظومة العدالة، وكفالة وصون استقلال القضاء على نحو كامل، قائلاً ” إن هذا البلد يستحق من كل فردٍ منا، بذل مزيد من الجهد والسعي، حتى ينهض دائمًا بدوره الاستراتيجي الهام، ويُصبح في مُقدمة البلاد المتقدمة حضاريًا وتقنيًا”.
ووجه الدكتور مصطفي مدبولي تحية إجلال وتقدير للهيئة القضائية العريقة، واصفاً إياها بأحد أعمدة هذا الوطن العزيز، التي تعكف علي حماية حقوق شعبه وتقوم على تحقيق العدالة.
وألقى النائب العام كلمة رحب في مستهلها برئيس الوزراء، والوزراء، وأعضاء النيابة العامة، في لقاء وصفه بالمهم والفريد بين سُلطتيْنِ أصيلتيْنِ من سُلطاتِ الدولةِ المصريةِ.
وأكد النائب العام أن أبرزِ الأهدافِ مُنذ تولِيه المسؤوليةَ كانت تصحيحُ مفاهيمَ خاطئةٍ اختلطتْ على البعضِ، سواءٌ في أسلوبِ عملِ النيابةِ العامةِ وطابَعِهِ، أو في المعنى الحقيقيِّ لاستقلاليتِهَا.
وأشار إلى أن النيابةَ العامةَ لا تَهدُفُ مِن أعمالِهَا وقراراتِها إلى مُجردِ التحقيقِ والتصرفِ في القضايا الجنائيةِ، أو مباشرةِ الأعمالِ القانونيةِ والقضائيةِ، بل إنَّها تُسهِمُ من خلالِ اختصاصاتِها فيما يخدُمُ صالحَ هذا المجتمعِ وييُسرُ من شُئونِهِ، وما تُقدِّمُهُ من خِدْماتٍ في مجالاتٍ مختلفةٍ، وما تَرْمِي إليه في بعضِ قراراتِهَا وإجراءاتِها من أبعادٍ أَمْنيةٍ واقتصاديةٍ وتشريعيةٍ.
ولفت إلى أن استقلاليةُ النيابةِ العامةِ لا تَعْنِي انعزالَهَا عنِ المساهمةِ في تحقيقِ أهدافِ سائرِ السلطاتِ، بل هيَ جزءٌ من البُنيانِ والكِيانِ، مستقلةٌ في القرارِ والقضاءِ تحقيقًا لمبادئِ العدلِ والمساواةِ، فهي برزخ بين السلطات الثلاث في الدولة المصرية.
وقال النائب العام أن مَلَفُ التحولِ الرَّقْمِيِّ كان وسيظل من أهمِّ الملفاتِ التي عُنِيَتْ بها النيابةُ العامةُ الفترةِ الأخيرةِ، حيث سارتْ فيه على عِدَّةِ محاورَ ابتدأتْهَا بإنشاءِ إدارةٍ جديدةٍ لهذا الملفِ الهامِّ، ثُمَّ هيأتِ البنيةَ الأساسيةَ والمنشآتِ واللوجيستياتِ التِّقْنِيَّةَ اللازمةَ، وعُنِيَتْ بتغييرِ ثقافةِ أعضاءِ وموظفي النيابةِ العامةِ، والمتعاملينَ معها والمتقاضينَ، من استبدالِ التعاملاتِ الورقيةِ بالوسائلِ الرَّقْميَّةِ، التي أسهمتْ في الحدِّ من مظاهرِ الفسادِ، ويسرَّتْ على المواطنينَ، بل وساهمتْ في الحفاظِ على الصحةِ العامةِ في ظلِّ ما اتخذتْهُ الدولةُ منْ إجراءاتٍ لمكافحةِ هذا الفيروس المستجدّ.
ولفت إلى أن ذلكَ كله كان في إطارِ تعاونٍ حَثِيثٍ مُثْمِرٍ معَ مختلِفِ الوَزَاراتِ والمؤسساتِ، ولقدْ أَوْلَتِ النيابةُ العامةُ عنايةً خاصةً بما يُقدَّمُ من خِدْمَاتٍ إلى الأسرةِ والمرأةِ والطفلِ، فخَصصتْ لها مكاتبَ رَقْميةً بأحدثِ وسائلِ التِّقْنِيَّةِ، وأنشأتْ إدارةً مُستحدَثةً بمكتبِ النائبِ العامِّ، عُنيَتْ بصورةٍ خاصةٍ بكافَّةِ شئونِ الطفلِ.
وأضاف أن النيابةُ العامةُ حرصت على اتباعِ أسلوبٍ علميٍّ في تفعيلِ سياسةِ التحوُّلِ الرَّقْمِيِّ، بتعيينِها خبيرًا رَقْمِيًّا لتقديمِ الاستشاراتِ الفنيةِ الرَّقْمِيَّةِ فيما تُنفذهُ منْ أعمالٍ في هذا المجالِ، وما تَسْعى لتحقيقِهِ.
وأوضح النائب العام أن النيابة العامة اعتنت أيضاً بوضعِ خُطَّةٍ مستمرةٍ لرفعِ المستوى الفنيِّ والتِّقْنِيِّ لأعضائِهَا ومُوظَّفِيها، حيث رسخَّتْ فيها ثقافةَ مواكبةِ ما انتهجتْهُ مؤسساتُ الدولةِ في مجالِ التحولِ الرَّقْمِيِّ، حتى تُشارِكَ بِدَوْرِها في النهوضِ بهذا البلد، كي يُصبحَ في مقدَّمِ مصافِّ الدولِ المتطورةِ تِقْنيًّا.
وأكد أن النيابةُ العامةُ حرصت على الصِّلةِ المباشرَةِ بينها وبينَ المجتمعِ المصريِّ الذي تُمثلُهُ وتنوبُ عنه، فلمْ تشأِ الوقوفَ على مسافةِ خُطُواتٍ بعيدةٍ منه، بعدما لجأَ المجتمعُ في وسائلِ تواصلِهِ إلى سُبلِ تِقْنِيَّةٍ مستحدَثَةٍ، وارْتَأتْ أنَّ هذا البلدَ أصبحَ له حدٌّ جديدٌ سَيبرانيٌّ خلافُ حدودِها المعروفَةِ جديرٌ بالحمايةِ والوقايةِ من شُرورٍ تَنفُذُ منْ خلالِهِ مستهدفةً تغييرَ الهُويَّةِ والثقافةِ العامةِ المصريةِ، فأنشأتْ لذلكَ إدارةً مستحدثَةً عُنِيَتْ بتبديدِ الشائعاتِ والتواصلِ الفَعَّالِ معَ المجتمعِ والمؤسساتِ توجيًها وتنبيهًا وبيانًا وإعلامًا، مِن خلالِ قنواتِ تِقْنِيَّةٍ حَدِيثَة، أصبحتْ لا يخلو بيتٌ مصريٌّ منها، فكانتْ تلك هي إدارةُ البيانِ والتوجيهِ والتواصلِ الاجتماعيّ.
وأكد المستشار حمادة الصاوي، أن النيابةُ العامةُ واكبت في قراراتِها وإجراءاتِها إِستراتيجيةً تَضمنتِ الإسهامَ بالنفعِ العامِّ العائدِ على الدولةِ المصرية، فوضعتْ حلولًا للعديدِ من العوائقِ التي استمرتْ لسنواتِ عدِّة، وأسهمتْ بها فيما تسعى مؤسساتُ الدولةِ إلى تحقيقِهِ.
وكان على رأسِ ذلك إنشاءُ غرفةِ عملياتٍ بالمكتبِ الفنيِّ للنائبِ العامِّ لوضعِ آلياتٍ قانونيةٍ عَمَليةٍ للتصدي لجرائمِ البناءِ ومتابعَةِ تحقيقاتِها على مستوى الجمهورية، والعنايةِ بتنفيذِ الأحكامِ الصادرةِ فيها، ووضعِ أُطُرٍ للتصالحِ بشأنِها.
وكذلك وضعُ إِستراتيجيةٍ متكاملةٍ للتصرفِ في المهملاتِ والرواكدِ بكافَّةِ موانئِ الجمهورية، وفي المركباتِ الآليةِ المتحفَّظِ عليها إداريًّا على ذِمَّةِ القضايا، والتخلصِ تمامًا من كافَّةِ مضبوطاتِ الموادِّ الخَطِرَةِ والمفرقعاتِ بمخازنِ القطاعاتِ والوَزَاراتِ المختلِفَةِ.
وأشار النائب العام في مجالِ التعاونِ القضائيِّ الدوليِّ، إلى أن النيابةُ العامةُ اهتمت باستردادِ القطعِ الأثريةِ المصريةِ المهرَّبَةِ منَ الخارج، بتنسيقٍ فَعَّالٍ مع وَزَراتَيِ الخارجيةِ والآثارِ، كما استصدرتْ قرارًا من الأممِ المتحدةِ للتعاملِ مع الجماعاتِ الإجراميةِ المنظّمةِ في جرائمِ سرقةِ وتهريبِ الآثارِ والممتلكاتِ الثقافيةِ واستخدامِ عائداتِها في تمويلِ الإرهابِ، بعد تقديمِها مشروعَ قانونٍ يُجرِّمُ ذلك النشاطَ في مؤتمرِ دولِ الأطرافِ العاشرِ لاتفاقيةِ الأممِ المتحدةِ لمكافحةِ الجريمةِ المنظمةِ عبْرَ الوطنيةِ، وهو القرار الأول من نوعه بهذا الشأن.
وفي مجالِ التحقيقاتِ التي تُجريها النيابةُ العامة، أكد النائب العام أنها استحدثتْ آليةً قانونيةً لاستردادِ المتهمينَ الهاربينَ في الخارجِ في زمَنٍ قياسيٍّ مقارنةً بدُولٍ أخرى، مِنْ خلالِ تنفيذِ أوامرِ القبضِ الدوليةِ بالتعاونِ مع الإنتربول الدوليّ، ومن بينها عدد من القضايا التي شغلت الرأي العام المحلي والدولي.
ولفت إلى أن النيابةِ العامةِ كان لها دورٌ هامٌّ في تقديمُ المقترحاتِ التشريعية التي ارتأتْها خلالَ التطبيقِ العَمَليِّ المباشِرِ، بما يُسهِمُ في الصالحِ العامِّ للدولةِ والمجتمعِ.
واختتم النائب العام كلمته قائلاً إن النيابةَ العامةَ المصريةَ كانتْ ولا تزالُ وستظَلُّ، صرحًا شامخًا وملاذًا آمنًا لكلِّ مصريٍّ، كِيانًا أُنشيءَ مُنذُ بِدايتِهِ منْ قلبٍ وَوِجْدانٍ هذا المجتمعِ لِيُمثلَهُ، ويَرْعَى شُئونَهُ وحقوقَهُ، ويُعْلمَهُ بواجباتِهِ والتزاماتِهِ، كِيانًا هو جزءٌ أصيلٌ من بُنيانِ هذه الدولةِ العريقةِ، لا ينفكُّ أو ينفصلُ عنها بدعاوَى الاستقلاليةِ الانعزاليةِ، بل هو شُريانٌ أساسيٌّ في جَسَدِ هذه الأُمَّةِ، بَرْزخًا بينَ سُلطاتها، ينبضُ بالعدالةِ الجنائيةِ والاجتماعيةِ والمساواةِ بينَ الناسِ.
وأضاف : “نعيش الحياة الرقمية فعليا في النيابة العامة، كل وكيل نيابة، ماكان يحلم به أصبح واقعا، كل التحقيقات أصبحت تتم رقميا، والمواطن الذي كان يتقدم بشكوى او يحتاج إلى إجراء، أصبح لايتكبد العناء بل يتم ذلك رقميا، نعيش مصر الرقمية كواقع”.
وخلال فعاليات الزيارة شاهد رئيس الوزراء والحضور فيلما وثائقيا لبعض مشروعات النيابة العامة بمجال التحول الرقمي ورفع كفاءة وتطوير المنشآت، وآخر تناول إنجازات النيابة العامة في مجال التحول الرقمي، وشرحها المستشار مدير إدارة التحول الرقمي.
كما شهد رئيس الوزراء إعطاء إشارة بدء تشغيل عدد من المشروعات الرقمية للنيابة العامة، تتضمن 4 مكاتبَ جديدة لخدمات نيابات الأسرة، أُنشئَتْ في مُجمعِ محاكمِ شَبْرَا، ومَدينةِ نَصْرٍ، والمحَلَّةِ، والمنصورةِ.