ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء كلمة مسجلة، في افتتاح أسبوع القاهرة للمياه 2020، حيث نقل إلى الحضور، تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتمنياتِه بالتوفيقِ والنجاح للفعاليات، وأعرب عن سعادته بافتتاح أسبوع القاهرة للمياه للعام الثالث علي التوالي، بعد النجاح الذي تحقق في النسختين السابقتين عامي 2018 و2019.
وقال رئيس الوزراء إنه رغم التداعيات العالمية في ظل انتشار فيروس كورونا ، وفرض بعض الدول إجراءات حَظْر السَّفرِ للمشاركين من خارج مصر، فإنه كان هناك إصرار من الدولة المصرية على عقد أسبوع القاهرة للمياه.
وتابع أن ذلك لما لأسبوع القاهرة للمياه من أهمية كبيرة كَمِنَّصة فنية للحوار بين الخبراء والعلماء والمُهتمين بقضايا المياه، لتعزيز التعاون بين الدول وَتَشارُك الرُّؤى المستقبلية، وتشجيع الأفكار الجديدة والتي تُعزِّز من إدارة المياه، لتحقيق التنمية المنشودة التي تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بحقوق الأجيال المقبلة.
وأكد رئيس الوزراء أن الدولة المصرية استطاعت كسابق عهدها تحويل التحديات والصعاب إلى فُرص وَمُكتسبات على أرض الواقع، وارتأت تنظيم فعاليات الأسبوع بشكل جديد، يُحقق المشاركة عن بُعد للخبراء الدوليين، والحضور الفعلي للفنيين الموجودين داخل البلاد.
(الأمن المائي من أجل السلامة والتنمية بالمناطق القاحلة) شعار أسبوع القاهرة للمياه هذا العام
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن الأسبوع يعقد تحت شعار (الأمن المائي من أجل السلامة والتنمية بالمناطق القاحلة) وتتضمن الجلسات طَرْحَ مجموعة لأهم القضايا الإقليمية للمناطق التي تعاني من ندرة المياه.
ونوه إلى أن هذا الأسبوع يُعَد تمهيداً للمنتدى العالمي للمياه في العاصمة السنغالية داكار2021، والذي تستضيفه أفريقيا بعد فترة انقطاع دامت أكثر من عشرين عاما، منذ انعقاد المنتدى العالمي الأول للمياه بالمغرب عام 1997.
بما يُعزز من الجهود الدولية الرامية لإيجاد حُلول ومُقترحات لتحقيق الأمن المائي، والذي سيكون له بالغُ الأثر في تجنيب العالم مخاطر الصراعات الدولية، وَيُسْاهمُ بشكل كبير في تحقيق السلام ويعمل على تَسْريع وَتِيرة التنمية.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن أسبوع القاهرة للمياه في نسخته الثالثة يأتي لِيُسْاهم بشكل كبير في تعزيز رؤية مصر 2030 على المستوى الإقليمي والدولي.
وأكد رئيس الوزراء أن الدولة وضعت رؤية مصر 2030، لجعل مصر في مَصَافِ الدول المتقدمة على مستوى العالم، من خلال مضاعفة الرقعة العمرانية لاستيعاب الزيادة السكانية الكبيرة المتوقعة.
وَيتضمن ذلك مُعَالجة المشكلات الناجمة عن زيادة الكثافات السكانية بالعديد من المدن، عبر إنشاء مجموعة من المشروعات القومية الكبرى، سواء مشروعات المدن الجديدة، والاستصلاح الزراعي، وتحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي والزراعي، وكذلك مشروعات الطرق الرئيسية والسريعة، مع توفير المرافق والبنية الأساسية لتلك المشروعات.
رئيس الوزراء : محور المياه يعد من أهم ركائز الأمن القومي المصري
وقال الدكتور مصطفى مدبولي إن محور المياه يعد من أهم ركائز الأمن القومي المصري، حيث ترتبط خطط التنمية المستدامة الشاملة بجميع المجالات بِقُدرة الدولة على توفير الموارد المائية اللازمة لتنفيذ تلك الخطط.
مدبولي : الدولة أنفقت 124 مليار جنيه في قطاع مياه الشرب والصرف الصحي في السنوات الست الماضية
وتابع أن الدولة تسعى جاهدةً للحفاظ على الموارد المائية، وتعظيم الاستفادة منها، وأن إجمالي ما أَنفقته الدولة في قطاع مياه الشرب والصرف الصحي بلغ 124 مليار جنيه خلال السنوات الست الماضية.
وهي مُقَسمة على قطاعات مشروعات مياه الشرب ومعالجة الصرف الصحي، حيث وصلنا إلى 99% في نسبة تغطية مياه الشرب على مستوى الدولة، والمدن مغطاة بنسبة 100%.
وفي القرى يتم استكمال العمل لتوصيل الخدمة ، أما قطاع الصرف الصحي، فتم الوصول إلى نسبة تغطية 65% على مستوى الجمهورية من إجمالي سكان مصر.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن الدولة تبنت برنامجاً طموحاً لمضاعفة كميات المياه المحلاة، وذلك لاستخدامها في قطاع مياه الشرب بحجم استثمارات تبلغ 135 مليار جنيه حتى عام 2030.
وأضاف أن اختيار محطة معالجة مياه مصرف المحسمة في الإسماعيلية، لتكون مشروع العام كأفضل عمل إنشائي في العالم عن عام 2020، جاء تتويجاً لجهد الدولة في تبني العديد من مشروعات إعادة الاستخدام، التي تساهم في سد العجز المائي الذي تُعاني منه البلاد.
رئيس الوزراء : مناطق ندرة المياه تتصاعد فيها المنافسة عليها على جميع المستويات
وأكد “مدبولي” أن المناطق التي تُعاني من ندرة المياه، تتصاعد فيها المنافسة على المياه على جميع المستويات من المجتمعات والقطاعات والبلدان، حيث يُعْتبر التحدي الأعظم للدول هو الموازنة بين الاحتياجات المائية والموارد المحدودة.
إلى جانب التحديات المتعلقة بإدارة الموارد المحدودة على المستويين المحلي والإقليمي، إضافة إلى أن الإخفاق في معالجة تلك التحديات سيؤثر بشكل مباشر على السلام والأمن الدولي.
وأضاف رئيس الوزراء قائلا إن التعاونَ هو الطريقُ الأكثرُ أمانًا وَسِلمًا على جميع المستويات، وأن هناك حاجة ماسة إلى إيجاد مِنَصة للتعاون وتبادل الآراء، والمشاركة بمناقشات موضوعية للشروع في حلول عادلة ومستدامة، فالعالم اليوم يواجه تحديات خاصة بالمورد الأكثر نُدرة والأكثر أهمية علي الإطلاق، وتحديات باتت تُهَدد دُولَ العالم الأكثر جفافاً، وأصبحت تُثْقِلُ كَاهِلَ الحكومات، وخاصة في ظل تأثير التغيرات المناخية والزيادة السكانية.
وتابع قائلا إنه عند الحديث عن المياه، فإننا بالقطع نتحدث عن القطاعات التي تتأثر بها، مثل الغذاء، والطاقة، والبنية التحتية، والصحة، والصناعة، والتنمية الحضرية، وكافة الأنشطة الاقتصادية.
وأضاف رئيس الوزراء أنه من الضروري أن تَسْتخدم الحكومات على جميع المستويات، كافة الأدوات التي تساعد علي تحقيق الأمن المائي، مثل التخطيط المكاني، والتخطيط الحضري، والتقييم البيئي الإستراتيجي، والتخطيط للتكيف مع تغير المناخ، آخذين في الاعتبار احتياجات وأولويات القطاعات الاقتصادية المختلفة، لضمان حياة كريمة مستدامة للأجيال الحالية، وكذلك الحفاظ علي الموارد المائية للأجيال القادمة.
وَأكد َمدبولي حرص مِصرُ دائما على تعزيز التعاون مع جميع الدول على المستويين الإقليمي والدولي في كافة المناحي، وإعطاء أولوية خاصة للتعاون مع دول حوض النيل وأفريقيا والمنطقة العربية.
ولفت إلى أن مصر حَرَصَت خلال فترة رئاستها للاتحاد الإفريقي بالمشاركـة مع الأشقاء، على ترسيخ مبدأ “الحلول الإفريقية للمشاكــل الإفريقيـة”، حتى يتسنى اعتماد مُقَاربة شاملة، هدفها إرساء دعائم التنمية، من خلال رؤية قارية، وتستند إلى مُقَومات التاريخ المشترك وَوِحدة المصير، وَإِعلاءِ مصالح الشعوب.
مدبولي : ضرورة التوصل لاتفاق قانوني مُلزم في سد النهضة وعدم اتخاذ أية قرارات أُحَادية
وأضاف أن ذلك يشمل تعزيز التعاون في إدارة الموارد المائية المشتركة العابرة للحدود، وأكد في هذا الصدد أهمية تعزيز التعاون بين جميع الدول ذات الموارد المائية المشتركة، وبما يعود بالنفع على الجميع، وفي الوقت نفسه لا يسبب أضراراً لأي من تلك الدول، وفي إطار احترام مبادئ القانون الدولي المنظمِ لهذا الأمر.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي قائلا إن هذا الأمر ينطبق على سد النهضة، وأكد في هذا السياق بشدة على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم، حول قواعد ملء وتشغيل السد وبما يحفظ الحقوق والمصالح المشتركة، مع عدم اتخاذ أية قرارات أُحَادية من شأنها التأثير سلباً على الاستقرار في المنطقة.
وأكد أن مِصرُ حَريصةُ كُلَّ الحرص على استمرار عملية التفاوض مع كل من السودان وإثيوبيا للوصول إلى ذلك الاتفاق المُلزم.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد في كلمته التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن مِصْرَ سَعَتْ على مدار عقود، لتعزيز وتعميق أواصر التعاون مع أشقائها من دول حوض النيل، والتي ترتبط معهم بعلاقات أزلية.
واستكمل مدبولي كلمات الرئيس بأنه قال أيضا أن استمرار التعثر فى المفاوضات حول سد النهضة، سوف يكون له انعكاسات سلبية على الاستقرار والتنمية فى المنطقة عامة وفي مصر خاصة، وشدد: “مع إقرارنا بحق إثيوبيا فى التنمية، فإن مياه النيل بالنسبة لمصر.. مَسْألة حياةٍ، وقضيةَ وُجود”.
مدبولي يدعو الخبراء والفنيين في أسبوع القاهرة للمياه للخروج بتوصيات يُمكن البناءُ عليها بقضايا المياه المشتركة العابرة للحدود
ومن هنا دعا رئيس الوزراء الخبراء والفنيين للخروج بتوصيات يُمكن البناءُ عليها في قضايا المياه المشتركة العابرة للحدود، خاصة أن التصرفات أحادية الجانب لدول المنابع سَوف ـتُؤدي حَتْماً إلى نتائجَ سلبية تُهددُ السلم العالمي.
وأكد أننا نرى الآن الكثير من دُول المنابع تُحاول أَن تَبْسُطَ هَيْمنتهما علي الأحواض المائية لكثير من الأنهار في عالمناً العربي، وليس فقط لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وإحياء المشروعات الزراعية، بل للسيطرة على التدفقات المائية وإلحاق الضرر بدول المصب المُتشاطئة ، وهكذا يتم تشكيل الجغرافيا السياسية لأحواض الأنهار، من خلال المصالح الوطنية لدول المنبع غَير عابئةٍ بدول المصب.
وأضاف مدبولي أن المياه هي الإرثُ المُشترك للإنسانية، وأنها أهم حق من حقوق الإنسان، فَدَعُونا نَعملُ جاهدين على استكمال مسيرة التنمية، لمواجهة جميع التحديات والصعوبات سوياً لتجنب الصراعات، ولفت إلى أن مصر وَهَبَهَا اللُه نِعمةَ المياه لنحافظ عليها، وأن تكون سببا لرخاء الأمم، وضمان حياه كريمة للأجيال القادمة.
وتوجه رئيس الوزراء بالشكر إلى الحضور على مشاركتهم في أسبوع القاهرة للمياه 2020، وتمنى أن تُثْمر المشاركة الفعالة بين المشاركين في الموضوعات التي سوف يتناولها المؤتمر، في تحقيق الأمن المائي والسلام الإقليمي والتنمية المستدامة، وأن تتكلل الجهود بالنجاح والتوفيق.