عقّب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، على مداخلات إحدى جلسات مؤتمر “مصر تستطيع … بالصناعة” فى نسخته السادسة، الذى تنظمه وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، ويعقد فى العاصمة الإدارية الجديدة، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.
حيث توجه بالشكر للحضور على المداخلات القيمة التى طرحوها على المنصة، وسلط الضوء على ما تم ذكره من استهداف الدولة “تعميق الصناعة الوطنية” وليس “إحلال الواردات”، موضحاً أن تطور الصناعة وزيادة الإنتاج فى كافة أنحاء العالم يرتبط بجلب مستلزمات الإنتاج والمواد الخام من الخارج، فلا توجد دولة فى العالم تستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتى من كل شيء.
واستعرض رئيس الوزراء أبرز جوانب تحرك الدولة فى مجال تعميق الصناعة الوطنية، مشيراً لما شهدته الدولة المصرية من توسع وطفرة فى مجال النهوض بالبنية التحتية خلال السنوات الماضية مكن اليوم من العمل من أجل مضاعفة صادراتنا، واستهداف الوصول إلى رقم 100 مليار دولار كصادرات مصرية خلال سنوات قليلة مقبلة.
ولفت إلى أن ما تم إنجازه فى هذا الصدد حقق ما نطلق عليه البنية الأساسية اللازمة لتحقيق تقدم فى قطاع الصناعة، موضحاً أن ذلك شمل تطورا فى قطاعات الكهرباء، والغاز الذى يعدُ مدخلاً أساسياً بالعديد من المنتجات، ومياه الشرب والصرف الصناعى للمصانع، وشبكات الطرق التى تصل بين المناطق الصناعية الجديدة، وشبكة الموانئ البحرية والجافة، لتحريك حجم الانتاج وخدمة المدخلات والمخرجات الخاصة بالصناعة، إضافة إلى المناطق اللوجستية المتكاملة التى نفذت بحجم أعمال ضخمة.
وأضاف رئيس الوزراء أن هذا الهدف هو ما دفع الدولة لضخ استثمارات بمئات المليارات من الجنيهات من أجل توفير هذه البنية الأساسية السنوات الماضية، ولم يكن هناك أى كيان آخر بخلاف الدولة قادر على تنفيذها، وهذا ما يُمكننا اليوم من السعى لتحقيق كل ما نطمح إليه فى قطاع الصناعة.
حيث يتوافر لدينا شبكة كهربائية، وأراض صناعية مُرفقة، ومُجمعات صناعية جاهزة، لأى مستثمر للدخول وبدء العمل.
وتابع ان الدولة تحركت كذلك فى مجال تهيئة مناخ الأعمال، من خلال تعديل العديد من التشريعات وإطلاق تشريعات جديدة، ومن بين ذلك قانون الاستثمار، والمناطق الصناعية، والتراخيص الصناعية، والمناطق الاقتصادية، والصناعات الصغيرة والمتوسطة، وحماية المنافسة، ليصبح لدينا قاعدة تشريعية محفزة للاستثمار.
وتطرق مدبولى إلى موضوع “دعم الصادرات”، مؤكداً أنه عندما تولى مسئولية الحكومة، كان هناك توجيه من الرئيس عبدالفتاح السيسي، بحل مشكلات المصدرين ورجال الصناعة فى مصر، حيث وجدت الحكومة متأخرات تصل إلى عام 2012، لم يكن قد تم دفعها للمصانع المصرية من برنامج دعم الصادرات، فتدخلت لحل هذا الموضوع، وتم سداد نحو 40 مليار جنيه من المتأخرات خلال عام ونصف.
وأكد أنه دون هذه المبالغ لم يكن فى استطاعة الكيانات الصناعية فى مصر الصمود فى ظل جائحة كورونا، لافتاً إلى أن هذه الجهود هى التى تمنحنا اليوم الفرصة كى نرى تحقيق طفرة كبيرة فى الصادرات فى عام 2021.
وقال أن صادراتنا زادت بنسبة ممتازة فى الربع الأول من هذا العام، بالرغم من كل الأزمات التى يمر بها العالم، ونتطلع إلى زيادته بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، لافتاً لما يتم عقده من اجتماعات متواصلة مع اتحاد الصناعات المصرية، ومجالس التصدير، لحل وإزالة أى مشكلات.
وأضاف رئيس الوزراء أنه ما زالت تواجهنا العديد من المعوقات والتحديات، ونعمل على حل المشكلات المتراكمة، والتعامل مع بعض الإجراءات البيروقراطية التى ما زالت موجودة، مشيرا إلى ما حدث مؤخراً من تحركات للتعامل مع مشكلة الحصول على الأراضى الصناعية.
ونوّه فى هذا الصدد إلى القرار الصادر بشأن التعامل مع هذه المشكلة، الذى ينص على أن يكون إتاحة الأراضى من خلال حق الانتفاع أو الشراء، اعتماداً فى التسعير على سعر المرافق فقط لاغير، مع تطبيق المزيد من التيسيرات، بما يشجع المصنعين على الحصول على الأراضى اللازمة لتنفيذ مشروعاتهم، لكن بشرط أن يتم الإنشاء والتشغيل فى أسرع وقت ممكن.
وفيما يتعلق بالموافقات المطلوبة لتشغيل المصنع، أشار رئيس الوزراء إلى التوجيهات الصادرة بتولى هيئة التنمية الصناعية الحصول على الموافقات من مختلف الجهات نيابة عن المستثمر، على أن تصدر الرخصة فى مدة زمنية لا تستغرق أكثر من 20 يوم عمل.
ولفت إلى أن هذا الإجراء وإجراءات أخرى تم اتخاذها، سعياً من الدولة لتقديم المزيد من التيسيرات، بما يسهم فى تعميق الصناعة الوطنية.
وقال رئيس الوزراء أنه من الوارد القيام بإجراء تعديلات على الخطط التى تم وضعها للنهوض بقطاع الصناعة، من خلال التشاور والتعاون مع الشركاء من القطاع الخاص المحلى والأجنبي.
ونوه رئيس الوزراء إلى الوثيقة المهمة التى أعدتها الدولة، والخاصة بسياسة ملكية الدولة فى كافة المجالات، والتى ستُطرح للحوار الوطنى قريباً، وسيتم الإعلان عن مناقشة هذه الوثيقة مع كافة الشركاء من مختلف الجهات.
وفيما يتعلق بالتكامل الاقتصادى الأفريقي، لفت مدبولي، إلى ما تم الاشارة إليه خلال المؤتمر من أن حجم تجارة أفريقيا واحتياجاتها 18% فقط يأتى من التجارة البينية داخل القارة بالمقارنة بـ 58 % من قارة آسيا، مشيراً فى هذا الصدد إلى أن القارة الأفريقية تعانى من كثير من التحديات والمشكلات، وهناك إجماع من الكل على أن أفريقيا هى المستقبل.
وأضاف أنه لن يقوم التكامل الأفريقى وزيادة التبادل التجارى إلا من خلال وجودة بنية أساسية رابطة بين مختلف دول القارة، وشبكة طرق تحقق ذلك، إلى جانب تكامل فى حركة المطارات والموانيء، وكذا الإجراءات الخاصة باتفاقية التجارة الحرة وتفعيلها.
وأكد فى هذا الصدد على الدور المحورى للاتحاد الأفريقي، والمفوضية، فى بناء قاعدة بيانات عن الصناعات المتواجدة بدولة القارة، واحتياجات كل دولة، بحيث يكون متاحاً لنا جميعاً كدول وقطاع خاص بدولنا الدخول إلى قاعدة بيانات، والتى من خلالها يستطيع أى مُصنع فى أى دولة أفريقية أن يتعرف على احتياجات باقى الدول، ويكون بإمكانه فى الوقت نفسه الوصول إلى أنسب الشركاء فى تلك الدول وعقد تحالفات وشراكات معهم للوصول إلى هذه الأسواق.
وشدد رئيس الوزراء على أن هذه المتطلبات مهمة للغاية؛ وتتضمن بنية أساسية، وقاعدة بيانات، وتحديد مواصفات قياسية فيما بيننا بالدول الأفريقية، مؤكداً أن هذه هى العناصر الأساسية الثلاثة الضرورية التى ستُمكن القارة الأفريقية من الانطلاق وتحقيق التكامل فى مجالات الصناعة والتجارة البينية.