مخاوف من عدم جدوى مشروع دمياط اللوجيستى

شهدت الفترة الأخيرة اهتمامًا غير عادى من قبل الحكومة بمشروع دمياط اللوجيستى للحبوب والذى تبنته وزارة التموين، ولم يؤخذ رأى شركات الشحن والتفريغ المتخصصة فى الحبوب والصب الجاف والعاملة بالموانئ المصرية، «المال» التقت خالد البهتيمى، نائب رئيس غرفة ملاحة الإسكندرية، رئيس شركة سى جرين للشحن والتفريغ بميناء الدخيلة.

مخاوف من عدم جدوى مشروع دمياط اللوجيستى
جريدة المال

المال - خاص

12:59 م, الأربعاء, 14 يناير 15

خالد البهتيمى
السيد فؤاد:

شهدت الفترة الأخيرة اهتمامًا غير عادى من قبل الحكومة بمشروع دمياط اللوجيستى للحبوب والذى تبنته وزارة التموين، ولم يؤخذ رأى شركات الشحن والتفريغ المتخصصة فى الحبوب والصب الجاف والعاملة بالموانئ المصرية، «المال» التقت خالد البهتيمى، نائب رئيس غرفة ملاحة الإسكندرية، رئيس شركة سى جرين للشحن والتفريغ بميناء الدخيلة.

طالب خالد البهتيمى بضرورة إعداد دراسة وافية لمشروع دمياط اللوجيستى للحبوب قبل تنفيذه، مشيرًا إلى أنه إذا كان الهدف من إنشاء صوامع يتم من خلالها تخزين الحبوب والغلال بكميات كبيرة وتنفيذ عملية البيع منها مباشرة سواء لمصر أو للبلاد المجاورة فسيكون المشروع غير مجدٍ اقتصاديًا.

وأضاف البهتيمى أنه كان يمكن تنفيذ هذا المشروع خلال السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن الأفضل فى صناعة الحبوب ألا يتم تخزينها لفترات طويلة بالصوامع، لأنها كلما تم تخزينها لمدة أطول كانت تحتاج لمعالجات أكثر بالتبخير والغربلة والتقليب وهى عمليات تتم بغرض الحفاظ عليها، خاصة أن الشركات العالمية تعمل وفقًا لمنظومة خروج المحصول من الأرض ونقله إلى الصومعة ثم تخرج ليتم حملها على مركب قد لا يتم تخزين الشحنة داخلها لحين عملية البيع، فالصوامع تعمل على مدار 24 ساعة بكامل طاقتها لأنه يتم البيع لأكثر من مستورد وأكثر من بلد متعاقد معه، خاصة أن الصوامع ليس المقصود منها التخزين.

وتساءل: لماذا يتم إنشاء صوامع ضخمة بهذه الأرقام التى أعلنت عنها وزارة التموين؟، مشيرًا إلى أن الاحتياطى الاستراتيجى يتم تخزينه بالموانئ، وهى: الأدبية والدخيلة وغرب بورسعيد ودمياط ولديها طاقة استيعاب تكفى لـ6 أشهر.

وأوضح أنه لا توجد حاجة لطاقات إضافية فى حال عدم سحب الحبوب من الصوامع، وبالتالى تحتاج لتكلفة تمويل فى الوقت الذى يتجه العالم كله لتوفير الساحات التخزينية بقدر الإمكان.

وأوضح البهتيمى أن مصر لديها ظروف خاصة وتعمل على وجود احتياطى استراتيجى بسبب عدم انتاج الحبوب التى يتم استهلاكها، قائلاً: «لدينا طاقات تصل إلى ما يزيد على 6 ملايين طن، فى حين أن كل استيراد الحبوب يصل إلى 16 مليون طن يستحوذ القمح وحده على 10-9 ملايين فلماذا كل تلك الطاقات التى يتحدث عنها القائمون على المشروع؟

وتابع البهتيمى: إن ذلك كان يمكن أن يتم منذ 15 عامًا عندما قامت أعاصير فى منطقة أبالاما بالولايات المتحدة والتى توجد بها المخازن والصوامع الخاصة بالحبوب وتنتج قرب خليج المكسيك، ودمرت الرياح الصوامع والمعدات الخاصة بالشحن وتم وقف الاستيراد من أمريكا وتوجيه المستوردين إلى السوق الأوروبية، وأشار إلى أنه بعد تنفيذ ما يعرف بالسوق الأوروبية المشتركة لم تعد هناك دولة أوروبية بعينها تقوم بالتصدير لكن المتبع حاليًا أن يتم تجميع الفائض عن التكتل الأوروبى وتصديره، وأكبر مركب يمكنها أن تستورد من أوروبا تصل إلى 30-25 ألف طن ولا يمكن أن تتعاقد على كمية كبيرة فى وقت واحد.

ولفت إلى أنه كان لابد أن تتجه إلى السوق الروسية، لأنه لا توجد مصادر أخرى وبدأت تغطى العجز من القمح والذرة من روسيا، ولم يعد تعاملها كمعاملة السوق الأمريكية والبرازيل والأرجنتين باستيراد 60 ألف طن بمركب واحد، ولكن يمكن أن تقوم مركب باستيراد 3000-2000 طن فقط ما أمكن تقليل تكلفة التمويل، خاصة أن عملية الشحن أصبحت تستغرق 3-2 أيام فقط من السوق الروسية وأوكرانيا بدلا من الولايات المتحدة التى كانت تستغرق 25-21 يومًا أو شهرًا، مما يوفر فى حجم المركب والتمويل الخاص بها وفرق السعر والوقت المستغرق.
وأوضح أنه مع ظهور السوق الروسية قامت كيانات عالمية «شركات متعددة الجنسيات» متخصصة فى تجارة الحبوب بضخ استثمارات ضخمة فى روسيا وأوكرانيا بمليارات الدولارات على الموانئ التى يمكنها أن تستوعب سفنًا بحولات تصل إلى 120 ألف طن.

وأكد أن المتبع حاليًا، الاعتماد على السوقين الروسية والأوكرانية، والذى يبدأ بعد موسم الحصاد مباشرة بأسعار مناسبة ويرتفع تدريجيًا، وفى حالة أن يبلغ ذروته يتم الاستيراد من أسواق بديلة وهى ديناميكية تم الحفاظ عليها من قبل تجار الحبوب على مستوى العالم وهو ما يعد أفضل لمصر من حيث تنويع مصادر الاستيراد.

ولفت البهتيمى إلى أن روسيا تواجه مقاطعة من قبل عدة تكتلات كالاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، فضلا عن أن روسيا نفسها فرضت رسم صادر على منتجاتها وصادراتها، وهى أمور سياسية لا تمثل أزمة، ولا تمثل مشكلة على المستوردين وحتى إذا زاد السعر من 100 إلى 200 دولار، سيضطر للشراء.

وحول إعلان وزير التموين عن اهتمام الدول المجاورة بالمشروع كلبنان ودول الخليج والسودان، أشار إلى أنها تواجه نفس ما تواجهه مصر فكما أقوم بالاستيراد من روسيا وأوكرانيا ستقوم وهى أيضًا بالاستيراد من تلك الدول نفسها ولن أقدم لها اضافة.
وتابع: إنه منذ 15 عاما وشركة سامتريد تستورد سفنًا بحمولة 20 ألف طن فى ميناء أبوقير بالإسكندرية، لكنه وجد أن السعر فى لبنان مناسب وجاهز للشراء فيتم بيع شحنة بقرابة 5 آلاف طن إليها نتيجة أن المصدر الوحيد الذى يقوم بالتصدير وقتها هو الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تكن هناك إمكانية أن تقوم باستيراد 5 آلاف طن فقط منها لكنه لم يعد فى حاجة إلى كل تلك الاستثمارات والمشروعات خاصة أن مصدر الحبوب واحد لكل دول المنطقة.

ولفت إلى أن المشروع نفسه تم تنفيذه فى مالطا لخدمة البلاد فى البحر الأبيض لكنه لم يتم وفشل، متسائلا: إذا كان المشروع بكل تلك الجدوى الاقتصادية التى تتحدث عنها الجهات المعنية فلماذا لم تنفذ الشركات العالمية التى ستقوم بالتوريد المشروع بنفسها والتى يتجاوز حجم عملها السنوى ما يفوق 100 مليون دولار، كشركتى كارجل وإى دى إم، وهى غير منتظرة أن تقوم بإنشاء الصوامع الخاصة حتى تقوم بدور المورد فقط، وكيف سيتم تمويل الشركات التى ستقوم بعملية التوريد لكل تلك الكميات التى تتحدث عنها وزارة التموين، خاصة إذا كان متوسط سعر الطن 300 دولار فكيف تقوم بتمويل 6 ملايين والسعر متغير.

وأشار إلى أن احتياج مصر ليس ليوم واحد فقط ولكنه على المعدل السنوى، فمثلاً فترة ما قبل رمضان والمدارس يزيد الاقبال على المنتجات من الحبوب كوجبات المدارس والخبز وفترة الاستهلاك، أما غير ذلك فلا توجد أزمة.

ولفت إلى أنه فى حال زيادة الطاقات إلى 6 ملايين طن من القمح ستزيد بارتفاع المعروض من السوق ولا تستطيع تصريفها فكيف تقوم بذلك سواء بالسوق المحلية أو الأجنبية، خاصة إذا كانت مصر هى البلد الوحيد الذى لا يوجد أى ارتباط بين سعر البيع الداخلى والعالمى به، فقد يكون السعر مرتفعًا عالميًا ويباع بسعر متدن بمصر لزيادة المعروض، لذلك لا توجد أزمة محلية فى هذا الشأن، مستشهدًا بأن أزمة طابور الخبز ترجع فى الأساس إلى سوء التوزيع وتم القضاء عليها بعد تنفيذ المنظومة الجديدة.

وتساءل لماذا ميناء دمياط الذى تم اختياره، خاصة أنه من المفترض أن يستقبل المشروع سفنًا كبيرة الحجم وهناك صعوبة فى استقبالها منه لأن العمق بهذا الميناء يتعرض لما يعرف بالاطماء مما يضع تكاليف إلزامية إضافية بالحفاظ على العمل الأكبر دائمًا للوصول إلى 18-17 مترًا بدلا مما هو عليه حاليًا والذى يصل إلى 14 مترًا، مستغربًا من إنشاء مشروع بهذا الحجم واختيار دمياط رغم وجود ساحات ومخازن للحبوب فى عدة موانئ منها الدخيلة والأدبية وسفاجا وغرب بورسعيد.

وأشار إلى أن الخليج كان يمكن أن يستفيد من المشروع فى حالة أن يكون المنتج مصريًا، بالإضافة إلى وجود برتوكول معه بأن يحصل على تلك المنتجات بإعفاء من الرسوم الجمركية، موضحًا أنه لا يمكن أن يتم استخراج شهادة للمنتجات التى تم استيرادها من الأساس بأنه منتج مصرى، كمان أن نقله من الأسواق الأصلية به ثم تفريغه بميناء دمياط ثم نقله إلى ميناء الأدبية حتى يخرج إلى دول الخليج يعد مصاريف اضافية تصل لزيادة ربح سعر الاستيراد، فى الوقت الذى حصلت مصر عليه بسعر عالمى، وبالتالى سيكون السعر العالمى أرخص من البضاعة المصرية بكثير.

كما أنه كلما قمت بالتداول أكثر من مرة على البضاعة كان هناك تأثير على حالة البضاعة وجودتها بالإضافة إلى عملية الهدر التى تحدث.
وأشار إلى أنه فى حالة أن يدخل الطن من الحبوب إلى ميناء الدخيلة فيتكلف مصاريف التفريغ والتخزين 30 جنيها ومن الدخيلة إلى منطقتى الدلتا والإسكندرية تكون تكلفة النقل البرى منخفضة، أما فى حالة أن يكون من ميناء دمياط بهذه الإمكانيات التى تتحدث عنها وزارة التموين فسيكون السعر أعلى من 30 جنيها إذًا الدخيلة أفضل، خاصة إذا تم حساب النقل البرى من دمياط إلى الإسكندرية والدلتا والذى قد يزيد فى الشحنة نحو 500 جنيه على أقل تقدير.

وعن فكرة تحوية الحبوب كما أشار وزير التموين فى أكثر من لقاء، أوضح البهتيمى أن الحاوية 40 قدمًا يمكنها أن تحمل 28-22 طنًا فلماذا التحوية وإلى أى بلد سيتم تصديرها، لافتًا إلى أن تداول الحاويات يضيف مصروفات اضافية عليها من ناحية، كما تصعب تحوية سفينة 25 ألف طن فى حاويات إذا كانت الحاوية لا تتحمل سوى 25 طنًا فقط.

وبخصوص ميناء الدخيلة والزيادة المرتقبة فى أسعار الأراضى، أشار البهتيمى إلى أن المبدأ العام بأن الميناء من حقه زيادة موارده، فلا يجوز أن يكون حماية المستهلك» الشماعة الأساسية لعدم المساس بأسعار الأراضى، فلو أن المتر بـ5 جنيهات سيصل إلى الضعف، وفى النهاية ستكون الزيادة على البضاعة قرشًا فى كل طن أى أنه لن يؤثر على الإطلاق على المستهلك، مشيرًا إلى أن مبدأ عدم المساس خطأ.

وأشار إلى أن رفع الأسعار للأرض لابد أن يحقق مبدأ «كلما اقتربت من الرصيف زاد السعر»، خاصة أنه كلما كانت الأرض أقرب إلى المياه كان ذلك سببا فى تخفيض زمن التخزين والنقل إلى الساحات التخزينية وهو مبدأ تم تطبيقه فى ميناء دمياط، كما أن القرب من المياه لا يحملك دفع نقل داخلى فى الميناء أو نقلها إلى ساحات تخزينية خارجه.

وتابع أن المعدل المرتقب فى زيادة رسوم القطر المتوقع أن يصل إلى %10 عما هى عليه حاليًا بالموانئ مشيرًا إلى أن تلك الزيادة منخفضة، خاصة مع ارتفاع أسعار القاطرات والتى زادت على 75 مليون جنيه للقاطرة الواحدة، كما أن رسوم القطر مرتفعة مقارنة بمصر، لافتًا إلى أن مكوث السفينة البنامكس فى الولايات المتحدة مثلا يصل إلى 120 ألف دولار، موضحًا أنه يتم دفع 25 ألفًا فقط وسط انتقادات من التوكيلات الملاحية، وأن غرفة ملاحة الإسكندرية اقترحت أن ترتفع نسبة الزيادة فى رسوم القطر والمكوث على الرصيف %40 والتى لن تؤثر على المستهلك بينما ستزيد المنافسة بين الموردين الذين يحاسبون المستورد على تكلفة البضاعة والنقل.

وتابع أن ميناء الإسكندرية وعد بطرح محطة متعددة الأغراض بميناء الدخيلة على ثلاثة أرصفة وتحتاج إلى 500 مليون جنيه وله ساحة خلفية تصل إلى 350 ألف متر مربع وأرض أخرى خلف محطة الصب غير النظيف، نافيا وجود أراضٍ غير مستغلة بميناء الدخيلة.

وأوضح أن شركات الشحن والتفريغ بدأت عمل مخازن وساحات تخزينية خارج الميناء، للاعتقاد أن الأفضل لها أرض تكون ملكا لها بدلا من القرارات المفاجئة بين الحين والآخر على العقد بين الشركات وهيئة الميناء، مع جعل استثمارات ضخمة فى هذا القطاع خاصة شركات الحاويات والشحن والتفريغ وذلك أكثر أمانا.

جريدة المال

المال - خاص

12:59 م, الأربعاء, 14 يناير 15