
قال مسئولو التأمين
إن تزايد انتشار العنف سيؤدى إلى إبطاء نمو الاقتصاد ويشل حركة الانتاج مما
يقلص فرص توافر السيولة النقدية، سواء لدى أرباب الأعمال أو العاملين التى
تمكنهم من شراء وثائق التأمين مما سينعكس على مؤشرات نمو قطاع التأمين وقد
يهدد المراكز المالية نتيجة انخفاض حجم العملاء الجدد وضعف مستويات
التحصيل نتيجة الانفلات الأمنى، بالإضافة إلى ارتفاع حجم التعويضات.
أكد
محمد عبدالجواد، العضو المنتدب لشركة «المشرق العربى» للتأمين التكافلى،
أن الاعتصامات والتظاهرات التى تميل إلى العنف ستؤثر بشكل مباشر على
الاقتصاد المصرى بشكل كلى وعلى قطاعاته المختلفة، ومنها التأمين على وجه
الخصوص.
وأشار إلى أن قطاع التأمين سيتحمل الفاتورة الكبرى من
الخسائر التى يتحملها الاقتصاد المصرى حيث إنه معنىًّ بسداد تعويضات
المخاطر المرتبطة بالأحداث أو الاخطار التى تغطيها الوثيقة ومن بينها الشغب
والاضطرابات والعنف السياسى، لافتا إلى انه من الممكن ان تتعرض المراكز
المالية لشركات التأمين لتهديد حقيقى ولكن فى حالة واحدة وهى عدم وجود
تغطية اعادة تأمين للخطر فى حال استحقاق سداده، بمعنى قبول مخاطر مثل الشغب
والاضطرابات والعنف السياسى دون ان يكون لذلك غطاء مناسب مع شركات اعادة
التأمين العالمية.
فى السياق نفسه لفت مسئول تأمينى بارز بشركة مصر
للتأمين إلى ان كفاءة التحصيل قد تتراجع فى حال لجوء الشركات لتقسيط قسط
التأمين كنوع من المرونة من جانبها فى حال ضخامة حجم الأقساط أو كأسلوب من
أساليب المنافسة رغم خطورة هذا الأسلوب، خاصة لو كان تقسيط الدفعات على مدد
كبيرة نسبيا، لافتا إلى ان نسبة تحصيل الأقساط قد تتراجع ولكن بنسبة
محدودة نتيجة مشكلات فى السيولة لدى بعض العملاء لاسباب قد تتعلق بالظرف
السياسى والأمنى الراهن.
وأضاف أن هناك مخاوف حقيقية لدى بعض
الشركات على الأقل التى لا تمتلك محفظة ضخمة من العمليات أو التى لا تتوافر
لديها قاعدة رأسمالية كبيرة، وتكمن تلك المخاوف فى تهديد مراكزها المالية
نتيجة انخفاض مستويات تحصيل الأقساط وكذلك ضعف المبيعات مما سيقلص من
الأقساط الجديدة التى سيتم جلبها مقابل ارتفاع مؤشر التعويضات التى يتوقع
ان تصل إلى معدلات غير مسبوقة، خاصة فى ظل ارتفاع حجم المخاطر الأمنية
وزيادة حالات السطو المسلح سواء على المنشآت الخاصة أو العامة اضافة إلى
ارتفاع معدلات حوادث الحريق.
من ناحيته أوضح نزهى غليوم، العضو
المنتدب السابق لشركة «الشرق للتأمين» أن صناعة التأمين لن تتأثر بشكل
مباشر بالاعتصامات التى يقودها الإخوان إلا أنه سيتأثر بشكل غير مباشر.
مشيراً
إلى أن التاثير غير المباشر يعنى أن التلفيات التى تنتج عن أعمال الشغب
والاضطرابات والحوادث الارهابية لها تغطية محددة وفى الغالب وثائق التأمين
التى يمتلكها عدد كبير من العملاء لا تتضمن تلك التغطية، ولكن فى حال تكبد
العميل خسارة محددة نتيجة أعمال شغب أو ارهاب قد يدعى العميل ان هذه
الخسائر ليست ناجمة عن اعمال شغب بهدف الحصول على التعويضات.
وأكد
غليوم أن تلك الحالات تسمى الغش أو التحايل لاستحقاق التعويضات وهو ما عانى
منه القطاع فى أعقاب ثورة 25 يناير والتى تحمل قطاع التأمين نتيجة مخاطرها
تعويضات تصل إلى مليار جنيه.
وأضاف أن أى تعويضات ناتجة عن اعمال
العنف فى أعقاب اعتصامات وتظاهرات الإخوان لن تهدد المراكز المالية لشركات
التأمين ولكنها ستحمل الشركات باكثر مما كان يجب- على حد قوله- بمعنى ان
شركة التأمين اثناء قبولها الخطر وعند تقييمه وتحديد التسعير الملائم له لا
تضع فى اعتبارها اتجاه العميل للغش أو التحايل، وفى حال تحقق ذلك الغش فإن
العميل يكون قد ادخل شركة التأمين فى خطراً مختلفاً لم يدفع عنه القسط
المناسب وفى الوقت نفسه لا توجد له المخصصات الفنية والاحتياطات اللازمة.
وأشار
مسئول بارز بشركة «إسكان» للتأمينات العامة إلى أن نسبة تحصيل الأقساط
بشركته بلغت خلال الفترة الاخيرة %80 من الأقساط الواجب تحصيلها فيما تمثل
النسبة الباقية البالغة %20 من الأقساط الواجب تحصيلها أقساطا طويلة الأجل،
وأيضا الأقساط المتبقية خلال مهلة السداد علما بأن مهلة السداد لدى الشركة
لا تزيد على شهر رغم انها تصل لدى شركات أخرى بالسوق إلى 3 اشهر.
واوضح
ان الوثيقة التى لا يمكن تحصيل رسومها خلال شهر لا يمكن تحصيلها خلال مدة
اكبر، نتيجة المشاكل التى يمكن ان تنشأ عن وقوع حادث قبل سداد رسوم
الوثيقة، إذ من المعلوم قانونا ان مهلة السداد انما هى للوسيط وليست للعميل
ويوجد فى صدر الوثيقة (حسب النصوص المعتمدة لجميع شركات التأمين بالسوق)
نص بان التغطية إنما هى مقابل سداد الرسوم.
أضاف المصدر ان بعض
الشركات قد تلجأ إلى سداد التعويضات التى نشأت عن حوادث وقعت قبل سداد رسوم
الوثائق الخاصة بها وذلك فى حالات محدودة وهى حالات التعويضات الصغيرة
نسبيا والتى لا تمثل ثقلا بالنسبة لحجم العميل، ولكن إذا وقع حادث جسيم فى
خسائره ونتج عنه تعويض كبير نسبيا اى اكبر من حجم رسوم العميل فمن المؤكد
ان شركة التأمين لن تكون بالمرونة نفسها إذا ما كان التعويض صغيرا مع سداد
رسوم الوثيقة، محذرا العملاء والوسطاء من التراخى فى السداد اعتمادا على
مرونة شركات التأمين فهذه المرونة لها حدود وقد تختفى فى التعويضات الكبيرة
اذا لم تكن رسوم الوثيقة مسددة فعلا.
وأشار إلى أن نسبة التحصيل قد
تتراجع لدى بعض شركات التأمين فى عدة حالات منها عدم قناعة العميل أو
تعثره أو عدم امانة الوسيط أو اهماله، وكذلك فى حال عدم متابعة شركة
التأمين أو علمها بان العميل لا يريد التأمين ويجب عليها إلغاء الوثيقة،
ولكنها لا تقوم بالإلغاء فى الوقت المناسب حرصا على مظهر ارقام الخطة
المحققة والتى تقاس غالبا بالرسوم المصدرة وليس بالرسوم المحصلة.
وأوضح
أن هناك ادوات تستخدمها شركات التأمين لرفع كفاءة تحصيل الأقساط منها وضع
حوافز للتحصيل وخاصة التحصيل المبكر للوسطاء وكذلك ربط حوافز العاملين
بالشركات بنسب التحصيل، اضافة إلى حسم موقف الأقساط تحت التحصيل بدراسة
جدوى تحصيلها أو إلغائها حتى لا تمثل إنجازات وهمية.
أضاف أن الآثار
السلبية لتراجع التحصيل أو تأخره يكمن فى المشاكل التى يمكن ان تنشأ نتيجة
وقوع حادث قبل سداد الرسوم، بالاضافة إلى حدوث ازمة فى السيولة لأن شركات
التأمين ملزمة بسداد حصص معيدى التأمين فى مواعيد محددة بغض النظر عن موعد
تحصيلها، إضافة إلى تضاؤل احتمال تحصيل الأقساط تحت التحصيل اذا طالت مدة
التحصيل وأخيراً انعدام فرص التحصيل فى بعض أنواع التأمين إذا ما تأخر
التحصيل إلى ما بعد انتهاء الخطر مثل تامينات النقل.