أبدت بعض شركات التأمين التى تزاول النشاط الطبى قلقها من شكل المنافسة مع شركات الرعاية الصحية التى تزاول نشاط وفق آلية الـHMO وهى التى تقوم بدور مماثل لشركات التأمين من خلال قبول تغطية الخطر مباشرة من العميل مقابل قسط محدد على ان يتم توفير جميع التغطيات المطلوبة دون وجود تصريح لها بذلك من هيئة الرقابة، فيما رحبت بالتحالف مع شركات الرعاية الصحية التى تعمل وفق آلية الطرف الثالث فى العملية التأمينية المعروفة بالـTPA، وهى التى تقوم بإدارة محافظ التأمين الطبى لصالح شركات التأمين، وذلك من خلال التعاقد مع شبكات الرعاية الصحية مثل المستشفيات ومعامل التحاليل والحصول على مزايا تفضيلية لمصلحة عميل شركة التأمين-.
ووصفت قيادات وحدات التأمين شركات الـHMO
![]() |
ميشيل قلادة |
بأنها باتت تشكل صداعا مزمنا فى رأس قطاع التأمين برمته لعدم خضوعها لرقابة الهيئة، إضافة الى ضعف خدماتها والتى تآكل مع الوقت من رصيد الثقة لدى العملاء فى قطاع التأمين برمته مطالبين الهيئة بضرورة التدخل سواء باصدار التشريعات المطلوبة لاخضاع تلك الشركات لرقابتها أو مخاطبة جهات الاختصاص مثل اتحاد الصناعات وهيئة الاستثمار لإلغاء تراخيص تلك الشركات.
فى الوقت نفسه وعلى الرغم من ترحيب شركات التأمين بتحالفها مع شركات الرعاية الصحية التى تعمل وفق آلية الـTPA فإن قيادات بعض الشركات التى تعمل وفق تلك الآلية شنت هجوما على شركات التأمين، مؤكدة أنها تضارب فى الأسعار مقابل تغطية حزمة من المخاطر إضافة الى عدم قدرتها على إدارة محفظة الطبى لعدم اهتمامها بعمليات تدريب الكوادر واستخدام الأساليب التقنية الحديثة فى التعامل مع هذا الفرع الحيوى.
من جانبه اعترف ميشيل قلادة، المدير التنفيذى لشركة «أروب مصر» للتأمين بفرعيها حياة وممتلكات، منافسة شركات الرعاية الصحية لوحدات التأمين إلا أنه أكد أن ذلك التنافس يرتبط فقط بشركات الرعاية التى تعمل وفق آلية الـ«HMO» وليست شركات الـ«TPA» حيث إن الأولى لا تخضع لرقابة الهيئة وهو ما يشكل خطورة على رصيد الثقة الذى كونته شركات التأمين على مدار 100 عام مضت مع عملائها.
واشار الى ان شركات الـHMO تنافس فقط على الأسعار حيث إنها تتدنى بالسعر الفنى للتغطية بشكل غير مقبول اكتواريا فإنها لا تستطيع منافسة شركات التأمين على الخدمة لاسباب لها علاقة بوجود خبراء اكتواريين لدى شركات التأمين مما يؤهلها لتقدير الاضرار بالشكل المناسب، إضافة الى سعيها لتغطية جميع المخاطر التى تواجه العميل عبر ابتكار المنتجات الجديدة والوصول الى أغلب شرائح المجتمع عبر ادوات التسويق المباشر وغير المباشر.
وأكد قلادة أن شركات الرعاية الصحية التى تتحمل الخطر ساهمت فى تشويه الصورة الذهنية لشركات التأمين لدى العملاء نظرا لتجاوز معدلات خسائرها الحدود المقبولة، إضافة الى عدم التزامها بتقديم الخدمة التى اعلنت عنها وقت ابرام العقود دون أن تكون هناك جهة معينة يمكن اللجوء اليها فى حالة المخالفة، مقارنة بشركات التأمين والتى تمثل فيها الهيئة الموحدة ضلعا رئيسيا فى تنظيم العلاقة بين العميل وشركة التأمين بشكل يضمن التوازن فى العلاقة التعاقدية.
وطالب المدير التنفيذى لاروب بضرورة قصر نشاط الرعاية الصحية على إدارة محافظ الطبى بشركات التأمين بنظام الـ«TPA» خاصة أن شركات التأمين لديها القدرة على تحمل الاخطار وإعادتها بالخارج وصرف التعويضات ولديها كوادر متخصصة ومدربة وذات ملاءة مالية كبيرة وهو ما لا يتوافر بالدرجة نفسها فى شركات «HMO».
من جهته أكد مسئول تأمينى بارز بشركة «إسكان» للتأمينات العامة وجود منافسة شرسة بين شركات التأمين التى تزاول نشاط الطبى وشركات الرعاية الصحية «HMO» التى تتحمل المخاطر، وذلك لتشابه جميع الإجراءات التى يقوم بها الطرفان، واصفا تلك المنافسة بغير المتكافئة نظرا لوجود قيود مشددة على شركات التأمين بموجب التشريعات المنظمة لعملها، وكذلك وجود رقيب ممثلا فى الهيئة الموحدة مقابل عدم خضوع شركات الـ«HMO» لرقابة مماثلة وعدم وجود تشريع منظم لعملها.
وأوضح أن المنافسة بين الطرفين تكمن فى أن شركة الرعاية الصحية لا تخضع لمستوى تقييم الاحتياطيات الفنية نفسه أو تكوين مخصص للتعويضات بشركات التأمين، مما يجعلها تستغل تلك الثغرات فى المضاربة السعرية التى لن تقتصر آثارها السلبية على شركات الرعاية نفسها وإنما ستمتد الى قطاع التأمين بشكل عام.
وعلى الرغم من مطالبة البعض بسرعة اصدار القانون المنظم لعمل شركات الرعاية الصحية بحيث تخضع لرقابة الهيئة الموحدة فإن مسئول إسكان كشف عن عدم تكافؤ الفرص بين الطرفين حتى مع صدور التشريع المنتظر، نظرا لعدم تشابه شروط إنشاء كل منهما فيما يتعلق بالنواحى الفنية والمالية إضافة الى عدم قدرة شركات الرعاية على اجراء ترتيبات اعادة التأمين حتى وأن سمح القانون لها بذلك، خاصة أنها لاتمتلك الكوادر المؤهلة لعمل تلك الترتيبات وفى حال القيام بها فإن مخاطرها ستتعاظم على جميع وحدات التأمين العاملة فى السوق، معبرا عن قلقه من انتشار تلك الشركات والتى اعتبرها كيانا غير مرغوب فيه لمزاولة نشاط التأمين الطبى.
وأكد أن شركات التأمين التى تزاول نشاط التأمين الطبى منافس أقوى من شركات الرعاية الصحية المتحملة للخطر نظرا لمراقبة تطور نتائج أعمال محفظة هذا الفرع، بالإضافة إلى تقديراتها لحساب أى تعويض مهما بلغت قيمته المتوقعة، على النقيض من شركات الرعاية إذا واجهت خطرا كبيرا لن تستطيع مواجهة التعويضات.
وأشار المصدر إلى أن شركات التأمين تقوم بحساب السعر إكتواريا والتزامها بسداد ضريبة التمغة النسبية على الوثائق ورسوم الإشراف والرقابة ورسم التطوير المقرر، مما يتيح الفرصة لشركات الرعاية المنافسة تحت ضغط السعر المغرى الذى تقدمه.
وأكد أن شركات الرعاية الصحية التى تتحمل الخطر تقوم بحرق الأسعار مما يهدد صناعة التأمين والإضرار بسمعة القطاع الطبى نتيجة سوء الخدمة المقدمة للعميل بسبب السعر المتدنى، مشيرا إلى رفضه أن تكون هناك شركات رعاية متحملة للخطر «HMO» خاصة أن بعض الدول الأوروبية لا توجد فيها هذه النوعية من الشركات ويقتصر عملها على إدارة محافظ الطبى بشركات التأمين وفق آلية الـTPA.
فيما بدأ الدكتور محمد على، مدير عام شركة «المشرق للرعاية الصحية»، حديثه بسرد تاريخى عن نشأة نشاط التأمين الصحى فى أوروبا ومزاولته بشكل منفصل عن جميع فروع التأمين وذلك بإنشاء شركات متخصصة له، لافتا الى أن ظهور شركات الرعاية الصحية فى مصر كان متأخرا بسبب سيطرة الدولة على جميع القطاعات الاقتصادية، على حد قوله، إلا أن انفتاح السوق والبدء فى برامج الخصخصة كان يمثل جواز دخول شركات الرعاية الصحية.
وأشار الى ان شركات الرعاية الصحية خاصة التى تزاول النشاط وفق آلية الـTPA تعد الأكثر دراية بملف التأمين الطبى مقارنة بشركات التأمين، مما دفع أغلب شركات التأمين لابرام تحالفات مع شركات الـTPA لإدارة محافظ الطبى لشركات التأمين.
وشدد مدير عام المشرق للرعاية الصحية على ان شركات الـTPA تمتلك من الكفاءة والمهارة التى تؤهلها لإدارة هذا الملف مقارنة بشركات التأمين والتى لا تسعى الى تطوير كوادرها وشراء البرامج التكنولوجية الحديثة، إضافة الى سعى شركات التأمين للمضاربة السعرية بهذا الفرع مقابل تغطية حزمة من المخاطر المختلفة.
من ناحية أخرى لفت على الى أن الحصة السوقية لشركات الرعاية الصحية تعد الاضخم مقارنة بحصة شركات التأمين التى تزاول نشاط الطبى، لافتا الى قدرة شركات الرعاية الصحية على تقديم أسعار تنافسية للعملاء خاصة شركات الـHMO مقارنة بشركات التأمين والتى لم تجد حلا لمحاصرة خسائرها سوى اللجوء الى شركات الـTPA مما يرفع من تكاليفها الإدارية، إضافة الى أن شركات التأمين تسعى لتحقيق أرباح ضخمة مقارنة بشركات الرعاية والتى تراهن على الخدمة حتى وان كان ذلك على حساب هامش الربح المحقق.
بدوره أوضح العضو المنتدب لإحدى شركات الـHMO أن شركات الرعاية الصحية التى تتحمل الخطر تنافس شركات التأمين باعتبارها حاملة للخطر مثل فرع التأمين الطبى بشركات التأمين والطرفان يسعيان لاستقطاب أكبر عدد من العملاء لتقديم الخدمة نفسها باختلاف أساليب التعامل.
واعترف بأن شركات الرعاية تعمل بشكل أكثر مرونة لعدم وجود قانون أو قيود تجاه العملاء بالإضافة إلى إنخفاض أسعارها مقارنة بشركات التأمين وذلك لوجود اشتراطات لتقديم الخدمة بالأخيرة ووجود موظفين متخصصين لديها من الخارج، مما يرفع تكلفة تقديم الخدمة على العميل.
وأوضح أن هناك شكلين مختلفين بين شركات التأمين وشركات الرعاية، الأول هو شكل التنافس الشرس بين الطرفين من خلال نظام «HMO» الذى تمارسه، والثانى شكل التعاون بين الطرفين باعتبار شركة الرعاية وكيلا إداريا أو ما يعرف بالـTPA.
بدوره طالب الدكتور محسن مصطفى، العضو المنتدب لشركة «الأطباء المتضامنون لإدارة النظم الطبية»، بعدم المنافسة بين شركات التأمين وشركات الرعاية الصحية لأسباب لها علاقة بعدم وجود تصريح لشركات الرعاية باصدار وثائق تأمين طبى، موضحا أن هذه هى مهمة شركات التأمين بموجب التشريعات الحالية، مشددا على ضرورة أن يكون دور شركات الرعاية الصحية هو إدارة محافظ الطبى لصالح شركات التأمين وفق آلية الطرف الثالث فى العملية التأمينية المعروفة بالـTPA.
وأكد مصطفى أن الدور الذى تقوم به شركات الرعاية الصحية خاصة الـTPA هو دور مكمل لشركات التأمين، معترفا بأن شركات الرعاية الصحية التى تزاول نشاطا وفق آلية الـHMO تخالف القانون لعدم وجود تصريح لها بذلك وعدم خضوعها لرقابة الهيئة العامة للرقابة المالية.
ولفت محمد صالح، رئيس مجلس الإدارة، العضو المنتدب لشركة «وادى النيل للرعاية الصحية»، الى أن شركات الرعاية الصحية أكثر تخصصا فى مجال الرعاية الصحية من شركات التأمين، مما يؤهلها للمنافسة بما تملكه من خبرات وكفاءات.
وأضاف أن شركات الرعاية الصحية تمتلك من الأدوات ما يؤهلها لمنافسة مثل أنظمة الـIT والتى تتضمن جميع بيانات العملاء، وكذلك آليات التسعير الجيدة إضافة الى ربطها بالشبكة الطبية التى تتعامل معها مما يساهم فى سرعة انجاز الخدمة.
وبدوره وصف الدكتور أيمن أبوالعلا، رئيس مجلس الإدارة، العضو المنتدب لشركة «كير اند كيور» للرعاية الصحية، عضو لجنة الصحة بمجلس الشعب المنحل عن حزب المصريين الأحرار، أن العلاقة بين شركات التأمين وشركات الرعاية الصحية بأنها علاقة تكامل وليست تنافس، لأن دور شركات التأمين هو اصدار التغطيات وتحمل المخاطر والاكتتاب، بينما تقوم شركات الرعاية الصحية بإدارة الخدمة وعمليات المراجعة.
وطالب أبوالعلا بتفعيل البروتوكول الموقع بين الاتحاد المصرى للتأمين والجمعية المصرية لشركات الرعاية الصحية الذى ينص على ضرورة أن تلتزم شركات التأمين بالتعاقد مع شركات رعاية صحية بنظام الطرف الثالث TPA لإدارة الخدمة بينما تلتزم شركات الرعاية الصحية بعدم الاكتتاب وتحمل الخطر بنظام الـHMO.
وأشار الى أن عدد شركات الرعاية الصحية الفعالة فى السوق يصل الى 50 شركة وتصل محفظة هذه الشركات، بالإضافة الى محافظ التأمين الطبى فى شركات التأمين الى نحو 1.5 مليار جنيه، لافتا لى انه فى حال تفعيل البروتوكول المبرم بين اتحاد شركات التأمين وجمعية الرعاية الصحية أن تتراوح عمولة اعضاء الأخيرة ما بين 10و %15.
وشدد البرلمانى السابق على ضرورة إصدار قانون يلزم شركات التأمين بعدم إدارة الخدمة الطبية وإسناده الإدارة الى شركات الرعاية الصحية بنظام الـTPA لكفاءة الثانية فى إدارة محافظ الطبى على أن يحظر على شركات الرعاية تحمل الخطر بأى شكل أو على الأقل إصدار ضوابط لعمل شركات الـHMO وذلك من خلال تشريع يضمن خضوعها لرقابة الهيئة، على أن يصل الحد الأدنى للقاعدة الرأسمالية الى 10 ملايين جنيه وذلك بهدف محاصرة الفوضى فى سوق الطبى على حد قوله خاصة المضاربات السعرية التى تقودها شركات التأمين نفسها.
وأشار رئيس قطاع التأمين الطبى بإحدى شركات التأمين العاملة برأسمال عربى الى أن شركات «HMO» والتى تزاول نشاطها دون ضوابط تؤثر على عمل شركات التأمين، لأن هذه الشركات فى حالة عدم التزامها بصرف التعويضات لا يوجد رقيب عليها يجبرها بسداد التزاماتها تجاه العملاء وهو ما يجعل العملاء يحجمون عن شراء التأمين الطبى الخاص من الشركات.
ولفت الى أن شركات التأمين تتميز بامتلاكها شبكة فروع منتشرة بالمحافظات، بالإضافة الى رؤوس أموالها الصخمة والخبرة فى النشاط وتتمتع بثقة العملاء لخضوعها لرقابة صارمة من الهيئة حماية لحقوق حملة الوثائق، فضلا عن الكوادر المتخصصة فى التأمين الطبى بالشركات والتى تحصل على تدريب دورى.
وأكد أن شركات الـ«HMO» تستخدم أسلوب المضاربة السعرية لخطف عملاء شركات التأمين وهو ما تقاومه شركات التأمين بصورة سلبية من خلال اتباع أساليب مماثلة وهو ما ينعكس على الخدمة وما يترتب على ذلك من فقد ثقة العميل للقطاع برمته.