محمود رياض :مكتب «رياض للعمارة» يقتنص مشروعات بحجم أعمال 600 مليون جنيه ويستهدف رفعها إلى 15 مليارا

القطاع العقارى سيشهد هدوءاً شديدً فى عمليات إعادة البيع..والطلب فى مصر يتركز فى فئات محدودة

محمود رياض :مكتب «رياض للعمارة» يقتنص مشروعات بحجم أعمال 600 مليون جنيه ويستهدف رفعها إلى 15 مليارا
شريف عمر

شريف عمر

7:28 ص, الأثنين, 24 مايو 21

يسعى مسئولو مكتب «رياض للعمارة» لإعادة إحياء إسم المكتب فى السوقين المحلية والأجنبية، من خلال اقتناص مزيد من المشروعات تزامناً مع زيادة القوة العاملة بالمكتب، وبالفعل استطاع المكتب الحصول على مشروعات بحجم أعمال 600 مليون جنيه، ويخطط لاضافة أخرى بأحجام 15 مليار جنيه.

وتأسس مكتب رياض للعمارة فى عام 1934، واستطاع التربع على قمة العمارة المصرية لعقود طويلة إلى أن رحل المؤسس وتعاقبت الأجيال، وبعد مرور ما يقرب من 80 عاماً من تأسيس المكتب، عاد المهندس الاستشارى محمود رياض «الحفيد» ليبث الحياة من جديد فى المكتب.

وفى هذا الإطار حاورت «المال» المهندس محمود رياض للتعرف عن قرب على محاولاته فى إحياء المكتب، والفلسفة والاستراتيجية التى يتبعها، وكذلك أبرز المشروعات الحالية والمستهدفة، ورؤيته لمناخ الاستثمار العقارى فى مصر، وخطته لاختراق أسواق خارجية.

وخلال الحوار كشف رياض عن نجاح المكتب مؤخراً فى الحصول على عدد جيد من المشروعات، أبرزهم توسعة مبنى جامعة الدول العربية، بتكلفة قاربت 280 مليون جنيه، بجانب مشروع بيزنس بارك لصالح «آيفورى» بقيمة 300 مليون جنيه تقريباً.

وتطرق لتفاوض المكتب مع شركة دولية للحصول على أكثر من مشروع دولى لهم، بخلاف اقتناص أعمال جامعة دولية على مساحة 400 فدان بالإسماعيلية الجديدة بتكلفة تبلغ 12 مليار جنيه، كما يملك المكتب خطة طموحة لدخول القطاع الصحى والمستشفيات والقطاع السياحى والمبانى الفندقية.

وعلى الصعيد الخارجى، يتفاوض المكتب حالياً مع الحكومة الألبانية لإجراء تخطيط لمدينة ساحلية على مساحة 1500 فدان ، بخلاف العمل مع «بوصير للتنمية العقارية» فى أمريكا لإقامة مشروعات فيلات فى دالاس تكساس، فيما يدرس المكتب عدد من الفرص فى تركيا وبعض دول الخليج لاسيما سلطنة عمان.

فى البداية، قال المهندس محمود رياض إنه كان يهدف من هذه الرحلة الطويلة صقل خبراته وزيادة معرفته بأحدث ما توصل إليه العالم فى مجال العمارة، وذلك بغرض الاستفادة منها بعد عودته إلى مصر فى تطوير مكتب «رياض للعمارة».

ولفت إلى أن مكتب «رياض للعمارة» تأسس على يد جده عام 1934، وكان من أهم وأشهر المكاتب المعمارية فى مصر فى حقبة ما بين أربعينيات وستينات القرن الماضى، وتولى تنفيذ المخطط العام لمدينة المهندسين، وحدائق المعادى وكذلك كان أحد المشاركين فى تخطيط مدينة نصر، أما فى مجال العمارة فيمتلك المكتب سابقة خبرات قوية لعل أبرزها مبنى جامعة الدول العربية ونايل هيلتون ومبنى بلدية القاهرة والذى تحول فيما بعد لمقر الحزب الوطنى، و3 مبانى عريقة لصالح مصر للتأمين بمنطقة وسط البلد، وسفارة روسيا، وغيرها من المشروعات.

وأضاف أنه بتعاقب الأجيال فى المكتب وبرحيل الجيل الأول، انخفض بريق المكتب قليلاً، ولكنه ظل على قيد الحياة وذلك حتى عام 2010، عندما اختار أن يصب كامل اهتمامه على المكتب ، وبالفعل خلال 2013 تم الانتهاء من هيكلة المكتب وإنشاء موقع إلكتروني والبدء فى المنافسة على العديد من المسابقات العالمية فى مجال العمارة، معتمداً على تبنيه عدد من المفاهيم الجديدة فى العمارة مثل مراعاة سيكولوجية العملاء أو ثقافة المجتمع المحيط بالمشروع.

وأوضح أن «رياض للعمارة» يقدم الخدمات المعمارية فى مجال المبانى ذات الطابع الدبلوماسى والسياسى، بخلاف المبانى الإدارية والترفيهية والسكنية، وكذلك مجال التخطيط العمرانى للمدن والمشروعات، وأخيراً مجال الفرش والأثاث.

وكشف عن أن المكتب بدأ فى خلق علاقات عمل مع كبار المطورين العقاريين أيضاً، من خلال فتح خطوط مع شركات سوديك وأوراسكوم للتنمية ، وبيراميد هيلز وغيرها، وبالفعل حصل المكتب على باكورة أعماله بعد إعادة الهيكلة من عميل قوى ومهم مثل شركة سوديك وتحديداً فى مشروع «سيزار باى» فى 2015، وذلك من خلال مسابقة شارك فيها عدد من المكاتب المتميزة المنافسة.

ولفت إلى أنه بعد ذلك حصل «رياض للعمارة» على مشروع آخر من شركة «أوراسكوم للتنمية» وتحديداً فى مشروع مبنى اجتماعى «مكادى باى»، ثم بعد ذلك حصل المكتب على المشروع الأهم فى الجيل الثالث، وهو مشروع توسعات مبنى جامعة الدول العربية.

وكشف عن أن حجم المشروعات التى يعمل بها المكتب حالياً يبلغ 600 مليون جنيه تقريباً، فيما يتوقع «رياض للعمارة» الدخول فى مشروعات جديدة خلال الفترة القادمة يبلغ إجماليها 15 مليار جنيه.

فزنا بتوسعة مقر جامعة الدول العربية بعد منافسة شرسة بين 10 مكاتب كبرى

وتناول رياض مشروع توسعة مبنى جامعة الدول العربية بمزيدٍ من التفصيل، حيث تم الإعلان عن المشروع فى 2014، وبالفعل تم التقدم للمنافسة، ولكن لم يحدث أى جديد حتى 2017، وذلك عندما قام السفير أحمد أبو الغيط الأمين العام بإعادة طرح مشروع التوسعة مرة أخرى، تمت دعوة 10 مكاتب معمارية للتقدم فى المسابقة وكان مكتب «رياض للعمارة» واحداً منها خاصة وأن المكتب هو ما قام بتصميم المبنى الرئيسى للجامعة فى عام 1955، وكانت المنافسة قوية للغاية فى ظل وجود أشهر المكاتب الاستشارية المصرية.

وأكمل أن المكتب عمد لتكوين مجموعة عمل قوية للمنافسة على هذا المشروع، وبالفعل تم تكوين فريق يضم مكتب مختص بالأعمال الإنشائية وهو مكتب الدكتور أشرف الزنانى ومكتب آخر يختص بالأعمال الكهروميكانيكية وهو مكتب المهندس محمد الخشن، وكانت الفكرة المعمارية تعتمد على استنباط نفس «روح» المبنى القديم فى تصميم التوسعات، وبالفعل استطاعت هذه الفكرة الفوز بالمسابقة، وكان ذلك عام 2017، واستغرق التصميم عاماً تقريباً حيث قام به المكتب شامل الإنشائى والمعمارى والداخلى والأعمال الكهروميكانيكية، ويقوم مكتب «رياض للعمارة» حالياً بمهام الإشراف على التنفيذ وإدارة المشروع، حيث تم توقيع عقد تنفيذ المشروع مع شركة كونستك للمقاولات فى ديسمبر 2018، ومن المقرر إنتهاء المشروع خلال العام الجارى.

بمساحة تبلغ 8 آلاف متر وتشمل قاعات بتكلفة 280 مليون جنيه

وأضاف أن مشروع التوسعة تبلغ مساحته 8 آلاف متر، موزعين على 6 طوابق، وتتضمن التوسعة زيادة عدد المكاتب وكذلك 7 قاعات اجتماعات ومسرح يسع 185 فرداً، ومطعم خاص بجامعة الدول العربية، وتبلغ قيمة هذا المشروع 280 مليون جنيه تقريباً.

وأكد رياض أن مشروع توسعة مبنى الجامعة العربية كان نقطة إنطلاق فعلية نحو استعادة أمجاد المكتب، وبالفعل تعددت المشروعات وتم زيادة فريق عمل «رياض للعمارة» ليضم حالياً 13 مهندساً من ذوى الكفاءات والخبرات والذين تم انتقائهم وفق معايير ومحددات عالمية تتماشى مع فلسفة واستراتيجية عمل المكتب، ليكونوا نواه رئيسية لاستمرار المكتب لأجيال مستقبلية عديدة.

اقتناص أعمال لصالح «أيفورى للاستثمارات» بتكلفة تقارب 300 مليون جنيه

وكشف عن أن المكتب حصل مؤخراً على مشروع بيزنس بارك لصالح «آيفورى» ويقع على مدخل ألجريا وتبلغ قيمته 300 مليون جنيه تقريباً، كما تم توقيع عقد إنشاء بيزنس بارك لصالح شركة محلية كبيرة بالإسكندرية، كما تتفاوض الشركة مع إحدى الشركات الدولية للحصول على أكثر من مشروع دولى تابع لهم وذلك بعد أن حصل المكتب على جامعة دولية على مساحة 400 فدان بالإسماعيلية الجديدة بتكلفة تبلغ 12 مليار جنيه وتتكون من 70 مبنى تقريباً وبالفعل تم الانتهاء من تصميم هذه المبانى.

انتهينا من تصميم جامعة دولية بالإسماعيلية الجديدة بقيمة 12 مليار جنيه

وأضاف أن «رياض للعمارة» استطاع خلال الفترة القليلة الماضية الحصول على أعمال من بيراميد هيلز، وسوما باى، كما نافس بقوة على مشروع «أرضك» لتخطيط مدينة المنيا الجديدة وذلك بالشراكة مع أحد المكاتب المعمارية الأخرى، ولفت إلى أن المكتب يمتلك خطة طموحة لدخول القطاع الصحى والمستشفيات والقطاع السياحى والمبانى الفندقية.

نتفاوض مع الحكومة الألبانية لتنفيذ مشروع ضخم هناك.. ونستهدف أسواق تركيا والخليج

وعلى الصعيد الخارجى، كشف المهندس محمود رياض عن أن «رياض للعمارة» يستهدف صنع إسم له على المستوى الدولى، وتكرار تجربة نجاح «زها حديد»، وبالفعل يتفاوض المكتب حالياً مع الحكومة الألبانية لإجراء تخطيط لمدينة ساحلية على مساحة 1500 فدان وذلك ضمن تحالف مع شركاء دوليين، كما أن المكتب يعمل مع أحد المستثمرين العقاريين «بوصير للتنمية» فى أمريكا لإقامة مشروعات فيلات فى دالاس تكساس، ويمتلك مشروعات أخرى فى دولة جورجيا، فيما يدرس المكتب عدد من الفرص فى تركيا وبعض دول الخليج لاسيما سلطنة عمان.

وبصورة عامة، انتقد المهندس محمود رياض الفكر والثقافة السائدة فى تخطيط المجتمعات الإسكانية بمصر خلال العقدين الأخيرين، فأصبح «الكومباوند» المغلق على سكانه هو العُرف بقطاع العقارات المصرى، وهى ثقافة أمريكية بحتة عملت على تفتيت المجتمع، وأصبحت المولات التجارية هى الوسيلة الترفيهية الأولى وليس الاجتماعات الودية بين الجيران، وهو ما يؤثر بصورة أكبر على الأجيال القادمة من الشباب.

أما بالنسبة للعمارة، فقد لفت إلى أن المكتب يستهدف دائماً الحفاظ على الهوية المصرية فى العمارة، ولكن بما يتوافق مع معايير العصر، موضحاً أنه ليس من الصحيح قصر الهوية المصرية على بعض الأيقونات مثل القبة وغيرها، ولكن الهوية أشمل وأعمّ بذلك بكثير، وقد تم إثبات ذلك فى رسالة الماجستير الخاصة به والتى أظهرت وجود علاقة بين الموسيقى العربية والنسب بين مقاماتها المختلفة وبين العمارة.

مجال الإنشاءات يعانى من ندرة العمالة الحرفية الماهرة وهناك فجوة كبيرة بين شركات الصف الأول والباقى

ولفت فى هذا الصدد لوجود أزمة حقيقية فى قطاع الإنشاءات على صعيد العمالة الحرفية، فعلى الرغم من الطفرة الهائلة التى شهدها القطاع خلال السنوات الأخيرة، وتزايد حجم الأعمال بشكل كبير، إلا أن ذلك كشف عن قصور وندرة فى العمالة الماهرة المدربة، كما أن شركات المقاولات المصرية القادرة على الوفاء بالمشروعات ذات الطبيعة الخاصة أو التى تستلزم تكنولوجيا حديثة فى التنفيذ قليلة للغاية، ونجدها تعمل فى مشروعات مثل العاصمة الإدارية الجديدة أو مثلث ماسبيرو.

وتابع أنه لإحداث تطور حقيقى فى مجال الإنشاءات المصرى يجب أن تعمم هذه التكنولوجيا والفنيات الهندسية المعقدة على باقى شركات القطاع، وإلا ستنتج فجوة هائلة بين شريحة صغيرة للغاية من الشركات وبين باقى شرائح وفئات الشركات.

كما انتقد بعض الثقافات التى تتحكم فى مبيعات القطاع العقارى، حيث أن نسبة كبيرة من هذه المبيعات تركزت فى أغراض بعيدة تماماً عن السكن، ولكن بهدف الاستثمار وإعادة بيع الوحدة مستقبلاً والاستفادة من فارق السعر، وهو الأمر الذى يزيد من حجم الوحدات المغلقة ويحولها إلى ثروة عقارية مجمدة وغير مستغلة، متوقعاً أن يجد ملاك هذه الوحدات صعوبة فى بيعها مستقبلاً، وذلك ليس لعدم وجود طلب على العقار فى مصر، ولكن بسبب أن الأسعار التى يرغبون بيع الوحدات بها تجعلها قاصرة على شريحة محدودة للغاية ومعظم أفرادها إتخذوا نفس المسلك بشراء وحدة أو أكثر للاستثمار.

وألمح إلى أن الدولة تحركت باحترافية لمواجهة هذه الظاهرة من خلال توجيه دفة استثمارات القطاع الخاص نحو مناطق بكر قادرة على استيعاب استثمارات جديدة وفق منظومة متكاملة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة ومدن القناة والصعيد، حيث إتجهت الدولة نحو إنشاء مدن متكاملة وليس كومباوندات سكنية.

واختتم المهندس محمود رياض حواره بالتأكيد على سعيه لنشر أفكاره ورؤيته فى خلق نمط جديد للعمارة وتصميم المشروعات، وأن يتمسك المصمم المعمارى بالبعد الجمالى فى مشروعاته وأن يتقلد قيادة القطاع والمشروعات التى يحصل عليها وعدم التأثر برغبة بعض المطورين فى تنفيذ التصميمات التقليدية.

ويعد المعمارى الكبير محمود رياض الجد (1905 – 1979)، أحد أبرز المعماريين فى تاريخ مصر الهندسى، بل وكان الأشهر والأكثر تأثيراً فى هذه الحقبة، فقد تميّز بإنتاجه الغزير فى حقليّ العمارة والتخطيط – إذ تُنسب إليه العديد من أبرز بنايات القاهرة والتى لا تزال تقف شاهدة على إنجازاته – إلى جانب مؤلفاته ومحاضراته التى تطرّقت إلى قضايا التخطيط وإسكان العمّال.

تخرّج المعمارى رياض الجد فى قسم العمارة بجامعة القاهرة فى العام 1927، ثم نال درجتى الماجستير فى العمارة وتخطيط المدن فى جامعة ليفربول فى عامى 1931 و1932 تباعاً، وقام بتأسيس مكتبه فى القاهرة فى عام 1934، وتقلد عدد من المناصب بجوار عمله فى مكتبه وأبرز هذه المناصب كان مدير قسم العمارة والهندسة بوزارة الأوقاف، وإدارة قسم الإسكان الشعبى فى وزارة الشؤون الاجتماعية، ومديراً عاماً لبلدية القاهرة، ثم مستشارًا فنياً لوزارة الأشغال العامة بالكويت، حيث أشرف على تخطيط وتنفيذ كافة المشروعات القومية التى شهدتها الكويت حتى وفاته فى العام 1979.

فيما تخرج المهندس محمود رياض «الحفيد» عام 2006، ثم حصل على درجة الماجستير من جامعة «ميرلاند» عام 2009، وكان الماجستير فى تخصص «العمارة وتخطيط المدن»، وكانت رسالة الماجستير عن العلاقة بين الموسيقى والعمارة، وبالفعل حصلت الرسالة على جائزة أفضل رسالة ماجستير فى مجال العمارة هذا العام من الجامعة العريقة، وكذلك أفضل تصميم معمارى من نقابة المهندسين بولاية ميرلاند.

وفى عام 2010 إنضم المهندس محمود رياض للعمل ضمن فريق «زها حديد» وتحديداً فرع لندن، وعمل خلالها فى مشروعات «Stone Towers» بالقاهرة، وكذلك كوبرى «جينجا» بالصين، وعدد من الأبراج الإدارية هناك، وتخطيط محطة قطار فى السويد، وأحد الأبراج الشاهقة فى نيويورك، بالإضافة إلى عدد من المشروعات الخاصة.