خلصت دراسة أجرتها جامعة كولومبيا إلى أن نفس النمو الاقتصادي الذي كان يتطلب قبل نصف قرن برميلا كاملا من النفط يمكن تحقيقه الآن بأقل من نصف برميل، بحسب وكالة رويترز.
وتوقع محللون ألا يجد الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة صعوبة في التعامل مع أي صدمات نفطية في المستقبل. وأشار آخرون إلى إجراءات الإغلاق المرتبطة بكوفيد-19 في العامين الماضيين كدليل على أن الاقتصاد يمكن أن يعمل، وإن كان بصورة مختلفة، في ظل انخفاض كبير لاستهلاك النفط.
الطلب على النفط يعود بشراسة في 2021
لكن عودة الطلب على النفط بشراسة في 2021 وارتفاع أسعاره نتيجة الصراع في أوكرانيا يسلطان الضوء من جديد على مدى الجهد المطلوب ليتخلى الاقتصاد العالمي عن عادة الاعتماد على النفط التي تأصلت على مدى عقود.
وقال آلان جيلدر نائب الرئيس لشؤون التكرير والكيماويات وأسواق النفط في وود ماكينزي للاستشارات إن تحول الطلب على النفط أمر صعب على المدى القصير لأنه يتطلب تريليونات الدولارات لاستبدال عناصر قديمة في البنية التحتية مثل المَركبات والمعدات.
وأضاف “ثمة حاجة للاستثمار في اتجاه تقليل الارتباط بين النشاط الاقتصادي والطلب على النفط”.
القفزة فى أسعار النفط تبدد الآمال فى تضخم مؤقت
وبددت أحدث زيادة في أسعار النفط، التي ارتفعت 50% منذ بداية العام، آمالا راودت البنوك المركزية العالمية العام الماضي في أن يكون التضخم الذي أذكت نيرانه حزم التحفيز المصاحبة للجائحة “مؤقتا”.
بل إنها أوضحت بما لا يدع مجالا للشك مدى تغلغل النفط في الآليات الداخلية للاقتصاد العالمي.
تحول قائدي السيارات إلى المركبات الكهربائية يمثل نقطة تحول في الطلب العالمي على النفط
ومن المتوقع أن يمثّل تحول قائدي السيارات إلى المركبات الكهربائية نقطة تحول في الطلب العالمي على النفط تدفع أسعاره للهبوط. فسيارات الركاب هي القطاع الأكثر استخداما للنفط، إذ تبتلع حوالي ربع النفط المستهلَك في أنحاء العالم.
قال سفارّا أولفيك مدير برنامج تحول الطاقة لدى شركة استشارات الطاقة دي.إن.في التي تتوقع أن تمثّل السيارات الكهربائية 50 % من مبيعات سيارات الركاب الجديدة خلال عشر سنوات “كثافة الطلب على النفط ستنخفض من الآن فصاعدا بشكل أسرع مع بلوغ الطلب العالمي على النفط ذروته في غضون السنوات القليلة المقبلة، وبالتالي سيتراجع بينما يستمر الناتج المحلي الإجمالي في النمو”.
محللو وكالة الطاقة: الاعتماد على النفط لن يتبدد سريعا
وفي مذكرة صدرت عام 2019 بعنوان (العالم لا يمكنه الاسترخاء أمام أمن النفط)، قال محللو وكالة الطاقة الدولية “توقعاتنا تشير إلى أن الاعتماد على النفط، وخاصة النفط المستورد، لن يتبدد سريعا على الأرجح”.
وتشير مثل هذه التوقعات إلى أن انتقال العالم من النفط ومصادر الوقود الأحفوري الأخرى سيشكل تحديات جديدة للمستهلكين وصناع السياسات على حد سواء، حتى في أكثر التصورات تفاؤلا.
وهذا الشهر، استخدمت إيزابيل شنابل عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي مصطلح “التضخم الأحفوري” للإشارة إلى ثمن ما وصفته “بتكلفة إرث الاعتماد على مصادر الطاقة الأحفورية”.
وترى شنابل أن جزءا من هذه التكلفة ينبع من زيادة تكلفة الوقود الأحفوري نتيجة سياسات مثل تسعير الكربون، لكنه ينبع في جانبه الأكبر من قدرة منتجي الطاقة على اصطناع حالة شح في الأسواق لرفع الأسعار على حساب المستوردين.
وعندما يُضاف إلى ذلك الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة وبريطانيا على النفط الروسي وهدف أوروبا خفض وارداتها من الغاز الروسي، ترى شنابل أن “حدوث تراجع ملحوظ في أسعار الطاقة من الوقود الأحفوري، وبحسب ما تشير إليه الأسعار الحالية للعقود الآجلة، يبدو بعيدا إلى حد ما من هذا المنظور”.