أكد بعض المحللين أن الاستثمار في القطاع الزراعي يعتبر وسيلة جيدة للتحوط ضدّ التضخم.
بحسب وكالة بلومبرج، تتفوق أسهم الشركات الزراعية على نظيراتها العالمية منذ بداية الربع الجاري، إذ أدى الطقس القاسي والحرب في أوكرانيا والحمائية المتزايدة، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وأظهرت بيانات “بلومبرج” أن مؤشرا يتتبع إجمالي العوائد من مجموعة منتقاة من أسهم شركات الإنتاج الزراعي، تفوّق في أدائه على مؤشر “إم إس سي آس وورلد إندكس” الأوسع نطاقاً بنحو ثلاث نقاط مئوية منذ بداية يوليو. ويعود هذا الأداء الجيد لأسهم القطاع إلى تسجيل مؤشر لأسعار السلع الغذائية أكبر مكاسب له في 16 شهراً خلال الشهر الماضي.
جاذبية الاستثمار في القطاع الزراعي
قال مارك إليوت، المتخصص في الاستثمار في مجال التحول إلى الطاقة النظيفة في “يونيون بانيكير بريفي في جنيف، إنه من المستحسن التوجه بقدر ما إلى أسهم شركات الغذاء كشكل من أشكال التحوط والحماية، على غرار ما يُنصح به عادة في قطاع النفط.
وأضاف أن “الاستثمار في الشركات الزراعية، ربما يكون وسيلة جيدة للتحوط من تغير المناخ وبعض المخاطر الجيوسياسية”.
ومن عوامل ارتفاع أسعار المواد الغذائية؛ الأمطار الغزيرة في أوروبا والصين، والطقس الجاف غير المعتاد في تايلند، وقرار روسيا الانسحاب من اتفاق الحبوب مع أوكرانيا، وكذلك تحرك الهند لحظر بعض صادرات الأرز.
هناك الكثير من الأسباب التي تدعو إلى الاعتقاد بأن الأسعار ستواصل ارتفاعها.. فقد أورد “تقرير المخاطر العالمية 2023” الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في يناير، أزمة الإمدادات الغذائية ضمن أربعة تهديدات كبرى تواجه العالم خلال العام الجاري.
قال بيتر غارنري، رئيس استراتيجية الأسهم في “ساكسو بنك” في كوبنهاجن: “مع تزايد تقلب أنماط الطقس؛ نرى أن أسعار المواد الغذائية ستستمر في الارتفاع بوتيرة أسرع مما كانت عليه في العقود السابقة، وإن النظرة المستقبلية ما تزال إيجابية لهذا القطاع، بل إن عمليات الاستحواذ ستتسارع.
المستفيدون من تضخم أسعار المواد الغذائية
من بين المستفيدين الرئيسيين من تضخم أسعار المواد الغذائية، الشركات المنتجة للمدخلات الزراعية، مثل المعدات والأسمدة، وفقاً لـ”لومبارد أودييه إنفست مانجرز”.
قال كونور والش، مدير صندوق للأنظمة الغذائية الجديدة في “لومبارد أودييه” في لندن، إن المزارعين كانوا الفائزين من تضخم أسعار السلع الخفيفة، مثل البن والكاكاو والسكر والذرة والقمح وفول الصويا والفواكه والماشية، وهم حريصون على تحديث معداتهم وآلاتهم. وأضاف أن شركات مثل “ديري أند كو” و”إيه جي سي أو كورب” و”سي إن إتش إندستريال” ، “احتلت موقعاً جيداً في ظل هذه الظروف”، مشيراً إلى أن الاتجاهات طويلة المدى تعمل لصالح القطاع أيضاً.
قال والش: “مع وصول عدد سكان العالم إلى 10 مليارات نسمة بحلول 2050؛ نحتاج إلى إيجاد طريقة لتلبية الطلب المتزايد بطريقة مستدامة. بدأت أسواق الأسهم في رؤية بوادر مبكرة للنمو في مجالات إنتاج الغذاء على نحو أكثر كفاءة واستدامة”.
منتجو الغذاء
تقول “بي إن بي باريبا أسيت مانجمنت” إنها تفضل الأسهم المتعلقة بإنتاج الأغذية وتداولها، لأن الشركات مرّرت التضخم إلى عملائها على نحو جيد حتى الآن.
قالت ليو مين يو، متخصصة الاستثمار في الأسهم الآسيوية والصين الكبرى في “بي إن بي باريبا أسيت” في هونغ كونغ: “يجب أن يستفيد المنتجون في آسيا على وجه التحديد من ارتفاع أسعار المواد الخام”.
وأضافت أن على المستثمرين في الوقت ذاته أن يدركوا أن الحكومات قد تتدخل للسيطرة على الأسعار، في حين أن تضخم أسعار الغذاء قد يحدّ من نمو حجم الصادرات، وقد يفضي إلى تقييدها.
حظرت الهند، أكبر مصدر للأرز في العالم، تصدير أصناف عدة من الأرز في يوليو لحماية الإمدادات المحلية. ورفع ذلك أسعار السلع الأساسية خارجها، وأذكى التوتر في سوق الغذاء العالمية. ويشعر التجار بالقلق من أن يكون السكر هو التالي الذي يقع تحت مقصلة قيود التصدير.
من بين أسهم شركات تجارة المواد الغذائية التي قد تستفيد من ارتفاع الأسعار: “غرين كورب” الأسترالية، و”ويلمار إنترناشيونال” المدرجة في سنغافورة، و”شري رينوكا شوغارز” الهندية، و”كاي آر بي إل” لإنتاج الأرز.
متاجر التجزئة
ترى شركة “جانوس هندرسون إنفستورز ” لإدارة الأموال أن من بين الشركات الأخرى التي من المنتظر أن تستفيد من تضخم أسعار المواد الغذائية، متاجر وشركات التجزئة التي تقدم خصومات كبيرة.
قال ستيفن باين، مدير صناديق الشركة في لندن: “إن إضافة نسخ أقل سعراً من المنتجات كان ميزة، إذ يعني ذلك أن المتسوقين سيتدبرون أمورهم بميزانياتهم المحدودة لفترات أطول”. وأضاف أن متاجر التجزئة ومصنعي العلامات التجارية الخاصة وشركات التجزئة التي تقدم خصومات، “تحقق هوامش ربح من الأصناف الخاصة بها أعلى من العلامات التجارية المعروفة”.
أضاف أن “جانوس هندرسون” تملك أسهماً في “بي آند إم يوروبيان فاليو ريتيل” المدرجة في لندن، وموردة اللحوم البريطانية “غرانسويك” ، للاستفادة من اتجاه تحول المستهلكين نحو المنتجات منخفضة السعر.
ربحت أسهم سلاسل متاجر الخصم، مثل “بي آي إم بيرليسيك ماغازالار” في تركيا، و”ماغنيت “بي جيه إس سي” في روسيا، و”جيرونيمو مارتنز إس حي بي إس” في البرتغال، أكثر من 15% خلال العام الجاري لتحتل المرتبة الأولى في مؤشر “بلومبرغ إنتليجنس” لشركات تجارة المواد الغذائية بالتجزئة.
الأطعمة والمشروبات
يذهب “جيه بي مورجان تشيس آند كو” إلى أن بعض أكبر منتجي الأطعمة والمشروبات في العالم، قد يتمكنون أيضاً من التغلب على أقرانهم في “عالم تضخم أسعار الغذاء الجديد”.
كتب الخبراء الاستراتيجيون في البنك، بمن فيهم جويس تشانغ في نيويورك، في مذكرة بحثية خلال الشهر الجاري: “انعدام الأمن الغذائي هو (المعيار الجديد) في ظل ما يعنيه تغير المناخ وفقدان التنوع الحيوي من تكرار الأزمات وارتفاع معدلات تضخم أسعار الغذاء هيكلياً”.
يرى محللو “جيه بي مورجان” في المذكرة أن أداء أسهم “بيبسي كو” و”هوستس براندز” و”مونديليز إنترناشيونال” ، سيتفوق على نظيراتها، لأن هذه الشركات “يمكنها توليد عوائد النمو المستدام بوتيرة أسرع من المتوسط السائد في القطاع”.