محفزات دعم الاقتصاد فى عيون مجتمع الأعمال

أكدوا أن عوامل الجذب متوفرة بالسوق المحلية

محفزات دعم الاقتصاد فى عيون مجتمع الأعمال
إسلام عزام

إسلام عزام

7:16 ص, الثلاثاء, 4 يناير 22

أكد عدد من المستثمرين بالسوق المحلية أن عوامل جذب الاستثمار متوفرة، لكن لا بد من إعطاء الأولوية لملف الإصلاح الضريبى، ومراعاة قواعد المنافسة فى الأسواق المجاورة لجذب الاستثمار، إضافة إلى تسهيل وتبسيط عدد من الإجراءات لزيادة عوامل جذب الاستثمارات المباشرة أو فى سوق الأوراق المصرية.

وتسعى الدولة بجميع مؤسساتها لجذب الاستثمارات المباشرة، وإنعاش سوق الأوراق المالية، لرفع معدلات النمو الاقتصادى للبلاد، وزيادة معدلات الإنتاج المحلى، وتوفير فرص عمل للشباب، وتشجيع التصدير، وزيادة التنافسية بما يسهم فى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.

وتعمل الحكومة على دعم «البورصة» وزيادة حجم التداولات، ضمن خطتها لاستكمال برنامج الإصلاح الاقتصادى، عبر حزمة إجراءات تضمنت إلغاء ضريبة الدمغة على تعاملات سوق الأوراق المالية، بالنسبة للمستثمر المُقيم، وخصم جميع المصاريف الخاصة بالتداول وحفظ الأسهم وغيرها من الوعاء الضريبى، واحتساب حافز للأموال المستثمرة فى البورصة، وخصمها من الوعاء الضريبى فى حال تحقيق أرباح، واحتساب الربح، من خلال مقارنة سعر الاقتناء أو سعر إغلاق الأسهم قبل بدء التطبيق، أيهما أعلى، مقارنة بسعر البيع لزيادة عوائد المستثمرين، وتخفيض الضريبة على الربح المحقق فى الطروحات الجديدة بنسبة %50 أول عامين.

«المال» ترصد فى هذا التقرير آراء مجتمع رجال الأعمال حول قرارات ومحفزات الحكومة، وكذلك رصد مقترحاتهم لمساعدة الدولة فى تحقيق معدلات النمو المستهدفة.

«المرشدى»: توظيف التشريعات فى كل قطاع ومنع إغراق مصر بالمستورد.. ضرورة

قال محمد المرشدى، عضو مجلس النواب، رئيس غرفة الصناعات النسيجية، مالك شركة المرشدى للغزل والنسيج، إن الظروف الحالية على مستوى العالم لا تسمح بتقييم المحفزات الاستثمارية، خاصة مع عدم وضوح الرؤية حول فيروس كورونا، وتأثر كل القطاعات بموجة التضخم نتيجة الجائحة العالمية.

وأكد «المرشدى»، ضرورة حماية المنتجات الوطنية، وتوظيف التشريعات لمنع إغراق السوق المصرية بالبضائع المستوردة، موضحًا أنَّ تعزيز استخدام المنتج المصرى سيوفر العملة الصعبة، إضافة إلى ضرورة تسهيل إجراءات التصدير لغزو الأسواق فى البلاد المجاورة، خصوصًا مع جودة وقدرة المنتج المصرى على المنافسة.

وألمح «المرشدى» إلى إمكانية التركيز على منتجات محددة، توفر كل مستلزمات الإنتاج لصناعتها فى مصر، لإصدار قرارات بمنع استيرادها تمامًا، مع وجود آلية لمراقبة الجودة، لافتًا فى الوقت نفسه إلى أهمية إحكام السيطرة لما وصفه بمافيا التهريب عبر القنوات غير الشرعية.

وأوضح أن القطاعات الاستثمارية مشاكلها مختلفة ومتعددة، وكل قطاع له سوق مختلفة، ويحتاج إلى قرارات مُنظمة متغيرة عن القطاعات الأخرى، مشددًا على ضرورة دراسة مشكلات كل قطاع بشكل منفصل بمشاركة اتحاد الصناعات الوطنية، خاصة أن الغرف متخصصة وتعلم تفاصيل المشكلات الحقيقية على الأرض.

وذكر أن صدور القرارات العامة لكل القطاعات الاستثمارية، وتطبيقها بشكل إلزامى لا يكون له جدوى اقتصادية، وأحيانًا يكون لها نتائج عكسية، مؤكدًا أنَّ مراجعة تطبيق القرار بعد تنفيذه بفترة يسهم فى إيجاد حالة من الثقة بين المستثمر والحكومة، إضافة لمراقبة الفائدة الفعلية من الممارسة على أرض الواقع.

«السلاب»: ملف الضرائب يحتاج لإعادة نظر بشكل كامل

وقال النائب محمد مصطفى السلاب، وكيل لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن الدولة المصرية تسعى لتحسين مناخ الاستثمار فى كل القطاعات، لجذب رؤوس الأموال، خاصة فى ظل منافسة أكثر من سوق عربية وإفريقية.

وأضاف أنَّ الإسراع فى اتخاذ القرار فى تخصيص الأراضى والمرافق أمر هام لأى مستثمر مصرى أو أجنبى، خاصة أنَّ رجل الأعمال يهدف فى النهاية للربح، وعامل الوقت حاسم فى إدارة دورة رأس المال بشكل عام.

وأشار «السلاب» إلى أهمية التفكير فى طرح الاستثمار كسلعة، يقدمها وتتنافس عليها أسواق مختلفة، لافتًا إلى أنَّ السعر والجودة وسرعة تقديم الخدمة أمور تنافسية لا بد من اتخاذ خطوات جادة لتحسينها مقارنة مع الدول الأخرى.

ولفت إلى توافر الأيدى العاملة فى السوق المصرية بأسعار مقبولة جدًا على مستوى العالم، وحاجتها للتدريب البسيط، إضافة إلى أهمية تثبيت الضرائب، وعدم إرهاق المستثمر بالمتغيرات الضريبية المتعددة، موضحًا أن أى مستثمر يقوم بحساب تكلفة الضرائب، والجمارك، ومستلزمات الإنتاج، والإيدى العاملة، ليختار فى النهاية أى سوق أنسب لنشاطه قبل أنَّ يقوم بضخ الأموال.

وشدد «السلاب» على ضرورة اختيار التوقيتات المناسبة لتطبيق القوانين الجديدة، خاصة أن الأسواق الناشئة تتأثر سلبيًا بشكل كبير، موضحًا أن قرار إلغاء الضرائب على البورصة ربما يسهم فى إنعاشها مؤقتًا حتى تستعيد عافيتها.

وأوضح أن الملف الضريبى بشكل عام يحتاج إلى إعادة نظر من الدولة تجاه المستثمرين الأجانب ورجال الأعمال المصريين، خاصة أن مصر تتبع ما أطلق عليه نظام المركبات الضريبية، واصفًا ضريبة توزيع الأرباح أنها إضافية ومرهقة لأى مستثمر، إضافة إلى الضرائب على المنشآت التجارية، وفرض ضريبة عقارية على المنشأة بالكامل بما فيها مناطق الخدمات ومساحات التخزين.

وقال مدير قطاع المشروعات بأحد البنوك الخاصة إن جذب الاستثمار الخارجى يتوقف على عدة عوامل، أهمها سعر الفائدة، خاصة أنَّ مصر تمنح عوائد على أذون الخزانة لمدة عام فوق %13.

وأضاف أن هذا العائد يفتح شهية المستثمر الأجنبى للاستثمار فى أدوات الدين، بدون مخاطر تقريبًا، لكنه فى الوقت نفسه يقلل فرص الاستثمار المباشر فى القطاعات المختلفة.

وحذر من ارتفاع أسعار الفائدة فى مختلف دول العالم خلال الفترة المقبلة، بعدما انخفضت خلال الثلاث سنوات الماضية، وهو ما سيؤثر على حجم الأموال الساخنة فى أدوات الدين المصرى.

وأشار إلى أن البنك المركزى يسعى للحفاظ على سعر فائدة بنسبة مرتفعة، لتقديم حافز للمستثمر الأجنبى لشراء أوراق تمويل الدين الحكومى، وللحفاظ على هامش الربح للمودعين، موضحًا فى الوقت نفسه أنه فى حالة تخفيض سعر الفائدة ستهرب الأموال الساخنة؛ وهو ما يسبب أزمة للحكومة فى تمويل عجز الموازنة.

وأوضح أن المستثمر فى أوراق الدين الحكومى يبحث عن ثلاث معلومات فقط: وهى حدود تذبذب سعر الصرف، ومعدل التضخم المحلى، ومرونة سعر الفائدة، مشيرًا إلى أن المستثمر طويل الأجل يبحث عن المناخ المستقر من كل النواحى التشريعية، والائتمانية، إضافة إلى توافر البنية التحتية والأيدى العاملة المُدربة التى تساعد على تقليل نفقات الإنتاج إلى جانب سهولة إجراءات التصدير، وخروج ودخول الأموال وفق آلية «الإنتربنك».

وشدد على أنَّ التحدى الحقيقى، هو جذب هذه الأموال فى استثمارات طويلة الأجل ومستدامة، لأنها تنعش الاقتصاد المصرى على المدى الطويل، وتسهم فى خلق فرص عمل بشكل مباشر وغير مباشر.

«ماهر»: البورصة بحاجة إلى تسهيل خطوات القيد وتخفيض التكاليف

وقال محمد ماهر، الرئيس التنفيذى لشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية، إن هناك إجراءات جيدة لتنشيط البورصة المصرية، مثمنًا إنشاء وحدة خاصة بهيئة الاستثمار؛ لتسريع وتيرة الإجراءات لزيادة رأس المال أو اعتماد القوائم المالية، ومحاضر مجلس الإدارة.

وأضاف أنَّ سوق الأوراق المالية تحتاج إلى إجراءات أخرى عديدة لتتعافى بشكل أسرع، موضحًا ضرورة تسهيل خطوات قيد الشركات الجديدة، وتخفيف قواعد متطلبات القيد وخاصة التكاليف المالية.

وأشار «ماهر» إلى إمكانية تبسيط قواعد رقابة المعاهد المالية، وتقليل المصاريف والرسوم التى تُفرض على عمليات الاستحواذ والشراء، لافتًا فى الوقت نفسه إلى سهولة اتخاذ خطوات ضرورية لدفع الاستثمار المباشر، بتسهيل الحصول على الأراضى الصناعية، وتبسيط إجراءات الحصول على الرخص الصناعية.

حنان رمسيس: لا بد من اتخاذ خطوات إيجابية لتقليل البيروقراطية

وقالت حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال، إنه لا بد من اتخاذ خطوات إيجابية لتقليل البيروقراطية الإدارية، موضحة أن هذه الخطوة تمثل حجر الزاوية فى إمكانية المنافسة على جلب استثمارات أكثر خصوصًا مع الأسواق العربية المُنافسة للسوق المصرية.

وأضافت حنان رمسيس أن استغلال أدوات الرقمنة لعرض الفرص الاستثمارية فى مصر ضرورة لا يمكن المضى قدمًا فى تحسين الاستثمار المباشر بدونها، موضحة أهمية تدشين تطبيق لطرح مميزات الاستثمار فى مصر، إلى جانب تمكين المستثمر من اتخاذ خطوات حقيقة عبر التطبيق لتقليل الوقت الذى يقضيه رجال الأعمال فى مكاتب الجهات المُختلفة.

وأشارت إلى إمكانية تنفيذ شراكات مع المستثمرين الأجانب بدون تملك الأراضى، موضحة ضرورة إحياء صناعات مثل الغزل والنسيج، والحديد والصلب، إضافة إلى القطاع الصحى، عبر شراكات مع مستثمرين متخصصين فى هذه المجالات، بحيث توفر الحكومة المصرية الأراضى والخدمات والمرافق، ويقوم المستثمر بضخ الأموال إلى جانب الخبرات، ليتحقق الربح لجميع الأطراف، بجانب خلق فرص عمل حقيقية ومستدامة.

وأكدت حنان رمسيس تطبيق هذا النموذج فى عدد من الاقتصاديات الصاعدة، موضحة فرض النظام السعودى على المستثمرين قرارًا لتوطين الصناعات قبل نهاية عام 2024، وهذا القرار سيطبق على الجميع مهما كانت حجم الاستثمارات.

وأشارت إلى أن البورصة المصرية تعانى لأسباب مختلفة أهمها، قلة عدد الشركات المصرية المقيدة فى سوق الأوراق المالية، موضحة أنَّ قيد 225 شركة فقط فى مصر، برأس مال 731 مليار جنيه يتعبر رقمًا ضئيلًا، مقارنة بالأسواق الأخرى، ضاربة المثل بالبورصة السعودية التى يصل رأس المال فيها إلى 9 ترليونات ريال.

ولفتت إلى أن زيادة الشركات المطروحة فى السوق بشكل عام، سيسهم بطرح مزيد من الخيارات للمستثمر، إضافة إلى تصوير انعكاس حقيقى لحجم وقيمة الفرص الاستثمارية المُتاحة فى مصر.

«عمارة»: كافية وتحتاج إلى العرض فى وسائل الإعلام

وقال ياسر عمارة رئيس شركة «إيجل» للاستشارات المالية، إن المحفزات الاستثمارية من قِبل الحكومة المصرية كافية للغاية، معتبرًا أن الخلل يكمن فى عدم طرحها واستعراضها فى وسائل الإعلام بالشكل الكافى.

وأضاف أن السبب فى ارتباك سوق الأوراق المالية فى الفترة الأخيرة، يرجع إلى قيام عدد ممًّن وصفهم بغير المختصين بالقيام بتحليلات خاطئة أدت إلى تقييم خاطئ للبورصة المصرية، ما جعلها تشهد انخفاضًا غير مبرر.

وثمَّن «عمارة» قرار الهيئة العامة للرقابة المالية فى مصر، بإصدار تعديل تشريعى على قانون سوق رأس المال لحظر وتجريم نشر توصيات واستشارات مرتبطة بالأوراق المالية المقيدة بالبورصة المصرية على مواقع التواصل الاجتماعى، واصفًا التعديل بأنه يحقق ردع المتلاعبين الذين يقومون بإصدار ونشر توصيات واستشارات مضللة للتلاعب بصغار المستثمرين.

وأكد أن المحفزات التى طرحتها الحكومة المصرية؛ لتحقيق استثمار مباشر، أكثر من المطلوب، موضحًا أنَّ الإصلاح الاقتصادى حقق طفرة فى ثقة المستثمر الأجنبى لدخول السوق المصرية.

وأشار «عمارة» إلى أن إلغاء حالة الطوارئ كان انعاكسًا لحالة الاستقرار التى تشهدها مصر فى الفترة الحالية، مشددًا على أهمية إبراز الإيجابيات لتصوير المناخ الحقيقى الجاذب للمستثمر الأجنبى، خاصة مميزات قانون الاستثمار بعد التعديلات الأخيرة.

كما لفت إلى المميزات الكبيرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، معتبرًا أن هناك دعمًا غير محدود لهذا القطاع الاستثمار، يشمل إعفاءات ضريبية، إضافة إلى الطفرة فى المرافق والخدمات والبنية التحتية.

يذكر أن البنك الأوروبى توقع أن يقود الاقتصاد المصرى التعافى فى منطقة جنوب وشرق المتوسط، قائلا إنه من المتوقع أن ينمو الناتج المحلى فى منطقة جنوب وشرق المتوسط بنسبة %4.2 فى 2021، و%4.4 فى 2022، مدفوعًا بالنشاط الاقتصادى القوى فى مصر، لا سيما فى الربع الثانى من عام 2021.

كما توقع أيضًا ارتفاع نمو الاقتصاد المصرى بنسبة %4.9 خلال العام المالى 2021\2022، مدفوعًا بالتطور والطفرة فى قطاع الاتصالات، مقابل معدل نمو نسبته 3.3% فى العام المالى 2020\2021، الذى كان متأثرًا بالتداعيات التى تسببت فيها جائحة كورونا، فضلاً عن تعافى الاستهلاك وعائدات الاستثمار الأجنبى المباشر.

كما أشار التقرير إلى تعافى نمو الاقتصاد المصرى فى 2021 ليسجل %5.3 مقابل %5.1 فى 2020، قبل أن يتراجع قليلًا إلى %5 فى 2022.

وكشفت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية عن احتلال مصر المرتبة الثانية بين أكثر الوجهات العربية الجاذبة للاستثمار الأجنبى المباشر فى عام 2020، وأكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبى المباشر بقارة إفريقيا العام نفسه، بعد أن استحوذت التدفقات الواردة إلى البلاد على %15 من إجمالى 39.8 مليار دولار قادمة إلى القارة.

وتابعت الوزارة، أنَّ مصر تلقت 5.9 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى عام 2020، بما يمثل %14.5 من 40.5 مليار دولار، تم استثمارها فى المنطقة فى ذلك العام، وفقًا لتقرير مناخ الاستثمار الصادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات.

وأكد التقرير أنَّ مصر جاءت فى المرتبة الثانية، لتتلقى 19.9 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة على مدار العام، موضحًا أن مصر كانت الوجهة الرائدة للاستثمار الأجنبى المباشر فى المنطقة لمدة 5 سنوات متتالية، بعدما بلغت استثماراتها ما يقرب من 124.5 مليار دولار بين يناير 2015 وديسمبر 2019.