أعلن مجلس الشحن العالمى «WSC» أن صناعة الشحن تعانى من أزمة كبرى وتشهد المزيد من الخسائر فى فقدان الحاويات لتسجل أعلى مستوى منذ 7 سنوات ، بسبب سقوط العديد من الصناديق فى أعماق المحيطات نتيجة التسرع فى تحميل الناقلات البحرية ،وعدم التأكد من معايير الأمن والسلامة لدرجة أن مايزيد عن 3 آلاف حاوية وقعت فى مياه أعالى البحار خلال 2020 ،وأكثر من 1000 صندوق سقط فى المحيطات منذ بداية يناير حتى نهاية أبريل بإجمالى 4 آلاف حاوية منذ عام الوباء حتى الآن.
ضغوط الشركات تكبدها الملايين
وذكرت وكالة بلومبرج أن الحاويات التى تتراكم على الناقلات البحرية العملاقة التى تحمل المنتجات بداية من السيارات ومكوناتها إلى السلع الزراعية وحتى الموبايلات والمكونات التكنولوجية تعرض عدد كبير منها للسقوط فى أعماق المحيطات بمعدلات غير مسبوقة لتتكبد شركات الشحن خسائر بملايين الدولارات خلال عام الوباء وحتى الآن، بسبب ضغوط الشركات ولاسيما الأمريكية ومنها أمازون للتجارة الإلكترونية وتيسلا للسيارات الكهربائية لتوصيل منتجاتها بأسرع مايمكن.
كارثة «وان إيبوس»
ومن أكثر الحوادث البحرية دمارا للحاويات ما تعرضت له ناقلة شركة وان إيبوس التى يبلغ طوله 364 مترا فى نوفمبر الماضى عندما هبت عاصفة هوجاء أطاحت بحمولتها التى تجاوزت 1800 حاوية كانت تحمل حديد ووقعت فى المحيط الهادى لتسجل أسوأ حادثة لغرق الحاويات منذ عام 2013 عندما غرقت سفينة شركة MOL كومفورت التى قسمتها الرياح إلى نصفين بكامل حمولتها التى تقدر بأكثر من 4290 حاوية فى المحيط الهندى.
فقدان 3 آلاف صندوق
وإذا كانت الناقلات الضخمة تنقل 226 مليون حاوية كل سنة ،فإن فقدان 3 آلاف صندوق العام الماضى يشكل نسبة ضئيلة ولكن قيمتها تبلغ بحوالى 60 % من القيمة النقدية لجميع حوادث الحاويات كما يتسبب فى قطع سلسة توريدات المكونات الصناعية مما يعنى خسائر أخرى للشركات المستوردة.
وقالت المنظمة الدولية للنقل البحرى IMO إن تزايد حوادث وقوع الحاويات منذ عام الوباء يرجع لعدم اتباع معايير الأمن والسلامة نتيجة الرغبة فى سرعة التحميل للإبحار بأسرع ما يمكن وتوصيل الشحنات للمستهلكين والشركات بعد أن تسبب فيروس كورونا فى إغلاقات طويلة فى معظم دول العالم.
90 مليون دولار من خسائرسقوط الشاحنات
وأكد جاى شارما الشريك المؤسس بشركة كلايد ان كو لقانون النقل البحرى بلندن أن شركة وان إيبوس خسرت العام الماضى حوالى 90 مليون دولار من سقوط الشاحنات باعتبار متوسط قيمة الحاوية الواحدة 50 ألف دولار، بينما تكبدت خلال الأربع شهور الماضية ما يقدر بحوالى 55 مليون دولار وفقا لبيانات وكالة بلومبرج.
و أشار جيكوب دامجارد مدير قسم الوقاية من الخسائر بشركة بريتانيا بى اند آى فى سنغافورة أن حوادث سقوط الحاويات من على سطح الناقلات الضخمة تسبب فى قطع سلاسل التوريدات لمئات من شركات التجزئة والمصانع الأمريكية لدرجة أن العديد منها أغلقت أبوابها وجمدت خطوط الإنتاج هذا العام ومنها جنرال موتورز وفورد موتور اللسيارات.
انتعاش التجارة الإلكترونية
ويرى خبراء الشحن أن هناك مجموعة من الأسباب وراء الارتفاع المفاجئ فى حوادث وقوع الحاويات ومنها ضخامة حجم السفن ورغبتها فى تحميل أكبر عدد ممكن من الحاويات ،لتصبح أكثر ارتفاعا بدرجة غير مسبوقة ،كما أعلن جاى شارما الذى يرى أيضا أن الحوادث تفاقمت أكثر مؤخرا بسبب انتعاش التجارة الإلكترونية ،بعد أن قفز طلب المستهلك على مختلف المنتجات نتيجة باء كورونا مما أدى إلى الضغط على شركات خطوط الشحن لتوصيل الطلبات بأسرع ما يمكن.
وفسر كلايف ريد مؤسس شركة ريد مارين ماريتم لاستشارات النقل البحرى أن تزايد حركة الحاويات يعنى أن تحميل الناقلات وصل إلى الحد الأقصى بدرجة لم تحدث فى الماضى ، بسبب الضغوط التجارية على السفن للوصول فى مواعيد محددة وبالتالى للقيام برحلات أخرى مطلوب تنفيذها لارتفاع الطلب على الشحن البحرى.
«ميرسك إيسين» تفقد 750 حاوية
ويرجع حوادث سقوط الحاويات أو غرق الناقلات إلى عدم دقة العمال فى تحميل وترتيب الصناديق فوق سطح الناقلة ،و عدم مهارة القبطان فى مراوغة العواصف ،وتحويل الدفة فى الوقت المناسب كما حدث عندما فقدت سفينة ميرسك إيسين فى يناير الماضى حوالى 750 حاوية عندما كانت تبحر من ميناء زيامين الصينى إلى لوس أنجلوس الأمريكى وبعد ذلك بشهر وقع 260 حاوية من على سفينة ميرسك إيندهوفين بعد أن فقدت السيطرة على قيادتها بسبب العواصف الهوجاء بحسب كلايف ريد .
المحيط الهادى.. والعواصف المدمرة
وتقع معظم الحوادث فى المحيط الهادى الذى يتميز بأجواء عاصفة خطيرة والذى يزدحم بحركة الناقلات من شركات فى آسيا للمستهلكين فى أمريكا الشمالية ،علاوة أن هذا الطريق حقق فى عام الوباء أرباحا طائلة لشركات الشحن وانتعشت الصادرات الصينية بدرجة غير مسبوقة لأن الوباء جعل طلب الأمريكيين يقفز على جميع المنتجات اللازمة للعمل والتعليم والتسلية والترفيه عندما اضطروا للبقاء فى البيت للحد من تفشى العدوى.
وقال تود كراوفورد رئيس قسم الأرصاد الجوية بشركة ويثير الأمريكية أنه تصادف مع ارتفاع حركة نقل الشاحنات البحرية من الصين للولايات المتحدة خلال الشتاء الماضى هبوب أقوى أعاصير على شمال المحيط الهادئ منذ عام 1948 مما أدى إلى تصاعد الموجات العنيفة من المياه الكاسحة التى أطاحت بالحاويات غير المثبتة جيدا من على سطح السفن الضخمة.