%25 من البنوك العالمية تزيد إنفاقها %10 على «الفينتيك»
توقع الخبراء فى مجلة يوروبيان بيزنس ريفيو EBR الأوروبية التى تصدر كل شهرين ارتفاع إجمالى قيمة الخدمات المالية على مستوى العالم إلى 26.5 تريليون دولار خلال 2022 وإلى 22.5 تريليون دولار مع نهاية العام الجارى بالمقارنة مع 20.4 تريليون دولار فى عام الوباء بنسبة زيادة تقترب من %30 منذ ظهور فيروس كورونا بفضل التحول السريع للخدمات الديجيتال فى البنوك والمؤسسات المالية التى سجلت نموا سريعا واستهدفت عملاء أكثر وأكبر.
وجاء فى تقرير مجلة EBR فى عددها الأخير أن صناعة الخدمات المالية العالمية تحول معظمها إلى الاستخدام الديجيتال خلال العام الجارى بسبب كوفيد 19 الذى إدى إلى إغلاق العديد من الأنشطة الاقتصادية لمنع انتشار العدوى بالوباء وساعدت التكنولوجيا الجديدة البنوك على خدمة العملاء بدون الحاجة إلى حضورهم واستخدام الانترنت بفاعلية أكبر.
الإنفاق على الفينتيك يقفز %10
وتوقع أيضا خبراء المصارف فى مجلة «ذا بانكر» البريطانية الصادرة هذا الشهر أن 25 % من البنوك العالمية سيرفعون إنفاقهم على التكنولوجيا والفينتيك (التكنولوجية المالية) والمواهب البارعة فى ابتكار منتجات الكمبيوتر والانترنت، بنسبة %10 خلال العام المقبل بقيادة الولايات المتحدة والصين لإطلاق أدوات ديجيتال ومستدامة جديدة بعد تزايد الطلب على الخدمات المالية الإلكترونية منذ ظهور وباء كورونا.
وأكد أورولى لوهوستى كبير محللى البنوك فى مجلة ذا بانكر أن قطاع المصارف سيدخل العام المقبل بكفاءة وفاعلية أفضل من العام الماضى الذى انتشرت خلاله المخاوف من تزايد مخصصات القروض المعدومة وارتفاع تكاليف إدارة الأصول بسبب إغلاق العديد من الأنشطة الاقتصادية واختناقات الإمدادات فى حركة التجارة العالمية وتجميد إنتاج صناعات عديدة ولاسيما السيارات والأجهزة الإلكترونية.
جذب الموهوبين لابتكار «الديجيتال»
ويمكن للبنوك الآن أن تخفف من قواعدها المتشددة وتركز على التعجيل نحو الرقمنة الكاملة لجميع خدماتها المالية لتقدمها مباشرة إلى جميع العملاء غير أن المنافسة ستصبح أكثر حدة فيما بينها لاجتذاب الموهوبين فى صناعة الكمبيوتر والسوفتوير وسط ارتفاع الطلب على المهندسين والمبرمجين وعلماء تحليل البيانات والمعلومات كما أنه من المتوقع أن يتجه عدد أكبر من البنوك لتقليد بنك أوف أمريكا الذى كان الأول فى العالم فى اتجاهه لإعادة تدريب العاملين لديه على التقنيات الجديدة فى الفينتيك مع النفص الحاد فى المتخصصين فى التكنولوجيا والفينتيك.
وشهد العام الحالى ظهور العديد من المنتجات البنكية الجديدة منها أدوات الرهن الخضراء وحسابات الشيكات ذات المميزات المستدامة ولذلك من المتوقع أن تتضاعف منتجات التمويل المستدامة بحوالى ثلاث مرات خلال العام القادم.
المنتجات البنكية المستدامة
ولكن مع تزايد المنافسة بين البنوك على المنتجات المستدامة وبذلهم جهود للاستفادة من الحوافز المالية الحكومية ومنها الدعم وإعادة نسبة كبيرة الضرائب يتوقع المحللون ارتفاع الاتهامات بالتمويه الأخضر للأموال داخل المصارف من العملاء والمؤسسات على حد سواء كما سيكون هناك اتجاه للمشاركة أكثر فى البيانات والمعلومات بين المؤسسات المالية وغير المالية.
وأدى تزايد المخاوف من نقص الشفافية فى قطاع البنوك إلى قيام الهيئات الرقابية فى دول الاتحاد الأوروبى والصين بوضع تصنيفات ومعايير متشددة لتنفيذ الخدمات المالية التكنولوجية بينما نشطت المؤسسات المسئولة عن القواعد التنظيمية فى هونج كونج وسنغافورة لوضع أطر عمل خاصة بها.
منتجات (ESG) البنكية
ويرى المحللون أنه مع محاولات البنوك الإسراع بتقديم منتجات الحوكمة والأدوات الاجتماعية والبيئية (ESG) فإنه من المحتمل جدا أن تطبق الهيئات التنظيمية قواعد أكثر تشددا لمنع حدوث التمويه الأخضر للأموال غير أن هذا قد يساعد على توفير فرص أكثر لظهور المزيد من الشركات التى تبدع فى تقديم الخدمات الجديدة والمنتجات المبتكرة.
ومن المتوقع أن تلعب التقنيات المبتكرة ومنها انترنت الأشياء والذكاء الاصطناعى والموازنات ودفاتر الحسابات اللامركزية دورا كبيرا فى تيسير الاقتراض على الشركات والأفراد الذين يريدون تقديم منتجات الحوكمة والأدوات الاجتماعية والبيئية (ESG) وهو ما يؤدى إلى المزيد من ابتكارات الفينتيك المرتبطة بالأدوات المستدامة.
وتسعى أعداد متزايدة من البنوك العالمية لاستكشاف الفرص البنكية المفتوحة وتعزيز العروض التمويلية المفتوحة التى تتجه إليها الآن دول الاتحاد الأوروبى وبريطانيا والولايات المتحدة لمشاركة البيانات الخاصة بالعملاء مع الشركات والمؤسسات غير المالية للوصول إلى أعداد أكبر من العملاء ودخول أسواق غير تقليدية كما فعل بنك سوسيتيه جنرال الفرنسى الذى ابتكر وحدة باسم ALD أوتوموتيف لبيع منتجات مالية من خلال منصة أونلاين بالتعاون مع أمازون الأمريكية أكبر شركة مبيعات تجزئة إلكترونية فى العالم.
التمويل المفتوح
وازداد أيضا عدد التطبيقات المبتكرة التى تستخدمها البنوك فى عروض التمويل المفتوح مع التركيز على مشاركة البيانات مع أطراف ثالثة لتقديم تطبيقات سوبر مشابهة لتطبيق SEA فى إندونيسيا وبايتم فى الهند وعلى باى ووى شات فى الصين كما جاء فى تقرير ذا بانكر.
وحتى البنوك فى أفريقيا باتت تركز على الاستثمار فى الفينتيك الذى تجاوز 1.35 مليار دولار فى عام الوباء ومن المتوقع ارتفاعه هذا العام إلى قرب مليارى دولار أو ما يعادل ضعفها فى عام ما قبل كورونا وإن كان هناك بعض العقبات تتمثل فى ضعف البنية التحتية المصرفية فى معظم دول القارة السمراء ولكن دخول البنوك الجديدة يتخطى مثل هذه العوائق.
كينيا تبتكر «نظام M-Pesa»
ومن أمثلة ذلك نظام «إم بيزا M-Pesa» لسداد المدفوعات البنكية بالموبايل الذى ابتكرته كينيا من خلال شبكة سافاريكوم لتشغيل الموبايلات والذى يستخدمه أيضا الأفراد فى التعاملات النقدية وتحويلات الأموال فيما بينهم وفى الشراء من المتاجر وتوفير المدخرات لدرجة أن عدد العملاء ارتفع إلى أكثر من 30 مليون كينى حتى الآن.
وتشهد الخدمات المالية والتحول الديجيتال نموا واضحا فى الأسواق الناشئة فى أفريقيا مع تزايد استخدام أجهزة الموبايل والكمبيوتر وتوفر وسائل الاتصالات الإلكترونية بتكاليف رخيصة والنمو السريع لقطاع الشباب الذى يستخدمها بكثافة.
%5 فقط فى أفريقيا
ومع ذلك فإن %5 فقط من التعاملات البنكية تتم بالخدمات المالية التكنولوجية فى أفريقيا التى تضم 54 دولة والتى يتباين فيها القواعد التنظيمية للمصارف ويعانى معظم شعوبها من دخول متدنية لا تسمح لهم بفتح حسابات بنكية ولذلك فيجب على البنوك أن توفر لهم تطبيقات تقدم حلولا للمشاكل المالية التى تواجههم فى الحياة اليومية.
ويوجد أكثر من %51 من خدمات الفينتيك الأفريقية فى أربع دول فقط هى مصر وجنوب أفريقيا وكينيا ونيجيريا والتى تعد أكبر اقتصادات فى القارة السمراء ولذلك فإن نجاحها ليس مفاجئا، ولكن كينيا تمثل حالة شيقة مع نجاح نظام إم بيزا فيها، حيث يمكن اجتذاب المزيد من الاستثمارات فى الخدمات المالية التكنولوجية.
«الجائحة» تعجل بالرقمنة
وأدى انتشار وباء كورونا فى أفريقيا والقيود المفروضة على الحركة وحركة الطيران إلى الإسراع فى التحول نحو الرقمنة وتطبيق خدمات الفينتيك خلال العامين الماضيين التى من المتوقع أن تجد فرصا عديدة للنمو السريع على الأجل القصير وإن كان 8 من الـ9 دول التى لها بنوك فى قائمة مجلة ذا بانكر لأكبر 1000 بنك فى العالم شهدت انخفاضا فى أرباح بنوكها خلال عام الوباء ومنها جنوب أفريقيا التى هوى إجمالى أرباح مصارفها قبل خصم الضرائب بأكثر من %56 لينزل إلى 4.4 مليار دولار فقط مسجلا أدنى مستوى منذ عام 2004 .
بنوك مصر الوحيدة
وكانت مصر الدولة الوحيدة فى أفريقيا التى شهدت بنوكها نموا بحوالى 3.2 % فى الأرباح قبل خصم الضرائب وإن كانت هذه النسبة ضئيلة بالمقارنة مع الزيادة التى قفزت إلى %56 فى عام ما قبل الوباء ولكنها تعد أيضا نسبة إيجابية وسط تداعيات مرض كوفيد 19.
مصر الدولة الوحيدة فى قارة أفريقيا التى حققت بنوكها نتائج ايجابية مع ارتفاع أرباحها قبل خصم الضرائب %3.2 فى عام الوباء
وحافظت مصر على النمو القوى فى معامل رأس المال الذى صعد بأكثر من %31.5 مقارنة مع 7.4 % كمتوسط للبنوك فى بقية الدول الأفريقية لتصبح البنوك المصرية هى التى تحقق معظم الزيادة فى هذا المعامل كما حققت جميع البنوك المصرية السبعة التى جاءت فى قائمة ذا بانكرز عن أكبر 1000 بنك عالمى تحسنا واضحا فى معامل رأس المال فيها كما تحسنت مراكزها بصفة عامة فى ترتيبها بهذه القائمة.
وإذا كانت التغيرات المبتكرة فى الخدمات المالية التكنولوجية فى قطاع البنوك تجعل الشركات والمؤسسات التى ما زالت تعمل بطريقة تقليدية فى أنحاء أفريقيا تبتعد عنها إلا هذا الابتعاد يساعد البنوك على وضع قواعدها الجديدة فى تطبيقات الموبايلات وتقنيات التحليل مثل الذكاء الصناعى لاجتذاب العملاء الجدد الذين يفضلون الاستفادة من الخدمات المتكاملة الملائمة التى توفرها مميزات الفينتيك التى تعزز مستقبل التكنولوجيا البنكية.
«الديجيتال» أسرع وأبسط
وباتت التعاملات البنكية الديجيتال أسرع وأبسط من الذهاب إلى البنك ولاسيما أن العملاء والشباب بصفة خاصة يفضلون التعاملات النقدية والمالية من خلال الموبايلات مما يجعل ابتكار تطبيقات بنكية على الموبايلات من الأولويات التى تحاول البنوك توفيرها فى معظم البلاد الأفريقية باستخدام الاستراتيجية التكنولوجية المناسبة والحلول المصرفية الملائمة لاهتمامات العملاء ومواجهة التقلبات فى الأسواق وتحديد نقاط الضعف للشركات والتى ستحقق لها أرباحا طائلة فى هذه السوق الوليدة وسريعة النمو فى القارة السمراء.
ويعتمد الاتجاه نحو التعاملات الديجيتال فى البنوك على توفير الأدوات والمنتجات المناسبة التى تحقق الانتعاش فى بيئة أسواق الفينتيك شديدة التنافس التى تدور فيها التطورات السريعة فى الخدمات المالية التكنولوجية حول معالجة البيانات بكفاءة وأمان لمصلحة البنوك والعملاء على حد سواء.
الذكاء الاصطناعى
ويرى الخبراء أن الذكاء الاصطناعى يمثل أفضل تكنولوجيا بنكية يمكن أن يتعلمها العاملون فى المصارف لتحقيق النمو المستدام فى المستقبل لأنهم يمكن أن يستغلوها لتحسين أى جزء فى أنشطتها وعملياتها مع مختلف العملاء فى أى قطاع.
ويوفر الذكاء الاصطناعى بالإضافة إلى أنه أداة تحليلية قوية ، توقعات دقيقة ومقترحات تعتمد على البيانات الموجودة للشركات مما يساعد على اتخاذ قرارات أفضل وتعزيز مستويات رضاء العملاء ومنع أى عمليات غش أو تزوير وتخفيف المخاطر وتقليص الخسائر.
الأمن السيبرانى
وتعتمد البنوك أيضا فى الفينتيك على تكنولوجيا الأمن السيبرانى الذى تحسن كثيرا مؤخرا ولاسيما فى عقود البلوكتشين الذكية وحلول تكنولوجيا المعلومات المتخصصة التى تساعد فى تحديد العملاء للشركات بكفاءة أكثر كما أن الذكاء الاصطناعى فى تأمين تكنولوجيا المعلومات البنكية يساعد فى التعرف على الوجوه خلال التعاملات الديجيتال وتقوية البيانات بصورة سرية وتحليل تدفقات المدفوعات لاكتشاف أى عمليات غش أو خداع أو قرصنة.
وتتجه البنوك أيضا إلى استخدام تكنولوجيا البلوكتشين فى تعزيز خدماتها المصرفية حيث ازداد شعور العملاء بالأمان أكثر عند استخدام العملات الديجيتال مثل البيتكوين لدرجة أنه يوجد حاليا أكثر من 80 مليون مالك لمحفظة البلوتشين حول العام حتى نهاية النصف الأول من العام الجارى.
هاكرز «البلوكتشين»
وتعتمد الخدمات المالية لبلوكتشين على نوع معين من نظام تخزين المعلومات والمصممة لاكتشاف هجمات الهاكرز وقرصنة امعلومات وسرقة الأموال الديجيتال والتغيرات غير الرسمية والتى بدون ترخيص ولذلك يمكن للبنوك التى تستخدم البلوكتشين أن تستفيد من ميكانيزمات التعاملات الأكثر أمانا والصفقات المضمونة والعمليات الأرخص بهذه العملات.
كما أن استخدام حجم ضخم من البيانات فى صناعة البنوك بات شائعا هذا العام لأن جميع المؤسسات التى تقدم خدمات الفينتيك ومنها البنوك تجمع كميات هائلة من البيانات التاريخية والحالية لمواجهة المنافسة من خلال تحليلها وتحقيق تصنيف أفضل للعملاء والأنشطة وزيادة إنتاجية العاملين وابتكار آليات أكثر أمانا وفاعلية لتخزين البيانات واستخدامها فى أى وقت بدون التعرض لمخاطر قرصنة المعلومات.
تحالف «جلاسكو» المالي
وجاء اهتمام البنوك بالخدمات المالية التكنولوجية مع تضخم الأصول المالية التى بلغت أكثر من 130 تريليون دولار بعد انضمام المصارف وشركات التأمين وصناديق التقاعد وغيرها من الشركات المالية الى تحالف جلاسكو المالى الذى يستهدف حل الأزمة المناخية من خلال توجيه الاقتصاد العالمى نحو كوكب يخلو تماما من الانبعاثات الكربونية.
وتعهدت أكثر من 450 شركة عالمية من الخدمات المالية إلى المنتجات الصناعية من 45 دولة بتحقيق أهداف اتفاقية باريس المناخية فى تحالف جلاسكو المالى من أجل صافى انبعاثات صفرى بحلول عام 2050 فى مؤتمر COP 26 التابع للأمم المتحدة والذى رأسه مارك كارنى، حاكم مصرف انكلترا السابق والمبعوث الخاص حاليا لمنظمة الأمم المتحدة للعمل المناخى والتمويل.
ويدير التحالف أكثر من %40 من الأصول المصرفية العالمية ويتوقع القائمون عليه أنه يستطيع تقديم تمويلات بنحو 100 تريليون دولار فى العقود الثلاثة المقبلة بما يتجاوز 3 تريليونات دولار سنوياً لتسريع الانتقال الى صافى الانبعاثات الصفري.
كما أعلنت المملكة المتحدة عن خطتها بأن تصبح أول مركز مالى فى العالم محايد للكربون برغم أن تمويل مشاريع النفط والغاز لا يزال مسألة خلاف رئيسية وإن كانت الوكالة الدولية للطاقة طالبت المستثمرين بوقف الاستثمارات فى الطاقة التقليدية ولكن بدون توقف مشاريع الوقود الأحفورى الحالية إذا أراد العالم الحد من ارتفاع حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية وتجنب أسوأ آثار من الأزمة المناخية.