هوت أسعار البترول العالمية بإجمالى نسب هبوط تجاوزت %66 منذ مطلع العام الجارى حتى نهاية مارس الماضى، وبعد أن كانت تدور بين متوسط 65 دولارًا للبرميل قبل أزمة كورونا، أخذت فى التراجع تدريجيا بعدها إلى أن انهارت مقتربة من مستوى 20 دولارًا مارس الماضى .
هبطت الأسعار بهذا الشكل بسبب تراجع الطلب على مستوى العالم، عقب أزمة فيروس كورونا التى ضربت أكثر من 200 دولة، فضلا عن الصراع الدائر حاليا بين روسيا والسعودية، وتخليهما عن سياسة تحديد سقف للإنتاج، ما أحدث تخمة بالمعروض العالمى.
عاودت أسعار الخام العالمى الصعود قليلا فوق 30 دولارًا منذ مطلع الأسبوع، مع بدء التفاهمات الدولية مجددا، والاتفاق على مناقشة إمكانية خفض الإنتاج فى اجتماع لمنظمة «الأوبك» وحلفائها كان مقرراً عقده الخميس الماضى، لكن تم تأجيله إلى اليوم الخميس.
تباينت توقعات خبراء البترول والطاقة بشأن تحديد توقيت لبدء تعافى أسعار النفط مجددا، بين فريق يؤكد صعوبة التنبؤ بذلك فى ظل التوترات والتغيرات العالمية المتلاحقة جراء أزمة فيروس كورونا من جهة، والخلاف الدائر بين روسيا والسعودية من جهة أخرى.
كمال: سعر الخام العادل 60 دولارًا بخصم أو إضافة 5 دولارات ..والمعركة بين كبار المنتجين
أكد أسامة كمال، وزير البترول الأسبق أن أسعار خام برنت العادلة تساوى 60 دولارًا للبرميل مع إضافة أو خصم 5 دولارات فقط صعودًا وهبوطًا.
قال إن ما زاد عن ذلك السعر يحقق فوائد وأرباح لمنتجى البترول، وما انخفض عن ذلك يفيد المستوردين ومصر.
أضاف أن معركة النفط الدائرة حاليا أو حرب تكسير العظام مرجح أن يستمر فيها فقط كبار المنتجين القادرين على مواصلة الاستثمار والإنتاج حتى بعد هبوط أسعار برنت تحت أو قرب مستوى 30 دولارًا للبرميل.
أضاف أن دول الأوبك وروسيا والولايات المتحدة من أبرز الكيانات التى ستكمل فى تلك المعركة للنهاية، لحين تخارج صغار اللاعبين، متوقعا استمرار ذلك الوضع لشهر مايو المقبل.
قال إنه حينما يحدث ذلك ومع التقلص المأمول لأزمة كورونا فى تلك الفترة، يبدأ سوق النفط وحجم العرض والطلب فى استعادة التوازن التدريجي، ومن ثم عودة عمل الشركات بمعدلات إنتاجها السابقة والأسعار إلى مستوياتها الطبيعية.
يذكر أن تصريحات نسبت للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الجمعة الماضية، أثارت ردودا سعودية رسمية اعتبرتها «تزييف للحقائق»، وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، فى تصريحات له إن تصريح «بوتين» الذى يؤكد فيه أن من أسباب انخفاض أسعار النفط انسحاب المملكة من صفقة «أوبك +» وأن الرياض تخطط للتخلص من منتجى النفط الصخري.
أكد الأمير: «ما ذكره بوتين عار من الصحة جملة وتفصيلاً ولا يمت للحقيقة بصلة»، وأن روسيا هى التى خرجت من الاتفاق، بينما المملكة و22 دولة أخرى كانت تحاول إقناع روسيا بإجراء المزيد من التخفيضات وتمديد الاتفاق، إلا أن روسيا لم توافق على ذلك».
يوسف: التخزين عقبة فى طريق عودة السعر لطبيعته.. ويصعب تحديد توقيت ذلك
أكد مدحت يوسف، الاستشارى البترولى ،ورئيس شركتى موبكو وميدور الاسبق، أن تحديد أسعار النفط يرتبط بالتفاهمات الدولية بين الكبار.
وقال: «على ضوء سوء التفاهم بين السعودية وروسيا وتخليهم عن سياسة تحديد سقف إنتاج للدول المصدرة حدثت الهزة السعرية الأخيرة وتبعتها هزة أزمة كورونا فانهارت الأسعار بشكل أكبر».
تابع: «فى ظل أزمة كورونا وبحسب قانون العرض والطلب تهاوت الأسعار إلى مستوياتها الراهنة على ضوء الوفرة الكبيرة فى معروض النفط».
قال يوسف إنه منذ أيام قليلة عادت التفاهمات الدولية مرة أخرى بدخول أمريكا كوسيط بين روسيا والسعودية، وعلى إثرها ارتفعت أسعار النفط بشكل فجائى وصولا لمعدل 33 إلى 35 دولارا للبرميل من خام القياس برنت، بعد تراجع قارب مستوى -20 22 دولارا للبرميل.
يرى أن روسيا والولايات المتحدة مرجح أن يجبرا السعودية على خفض إنتاجها، ليستمرا فى إنتاج البترول الصخرى متوقعا حدوث ذلك السيناريو فى النهاية.
قال إنه يصعب تحديد توقيت عودة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية، مضيفا أن المؤشرات الحاكمة لعودة ارتفاع الأسعار تتبلور فى الأساس على ضوء التفاهمات الدولية بين كبار منتجى النفط.
لفت إلى أن ما تم تخزينه من النفط نتيجة أزمة كورونا يشكل عقبة فى ارتداد الأسعار لما كانت عليه قبل الأزمة حتى وإن تم الاتفاق الثلاثى «أمريكا وروسيا والسعودية»، وتبعهم فى الاتفاق أعضاء منظمة أوبك.
يذكر أن بنك باركليز خفض نهاية مارس الماضى توقعاته لسعر النفط لعام 2020، مشيرا إلى أن التراجع الحالى ناجم عن اضطراب الطلب بسبب فيروس كورونا.
قلص البنك توقعاته لسعر الخام فى 2020 لكل من برنت وغرب تكساس الوسيط الأميركى بواقع 12 دولارا إلى 31 دولارا و28 دولارا للبرميل على الترتيب.
كتب محللون لدى البنك فى مذكرة: «من المرجح أن تظل الأسعار متعرضة لضغوط لحين تحسن الوضع فيما يتعلق بأزمة فيروس كورونا».
كما يتوقع باركليز أن تبلغ قدرات التخزين العالمية المتاحة 1.5 مليار برميل، ويُقدر أن الفائض فى الإمدادات يزيد عن 5 ملايين برميل يوميا هذا العام، وأن يبلغ 10 ملايين برميل يوميا فى المتوسط فى الربع الثاني.
أبو العلا»: «الأوبك» لن تقدر على تحمل الخسائر.. والتحسن خلال 4 أسابيع
على الجانب الآخر أكد رمضان أبو العلا، نائب رئيس جامعة فاروس، وأستاذ هندسة البترول والتعدين، أن ما يدور حاليا هو معركة تكسير عظام بين روسيا والسعودية ظاهريا، لكنها فى الحقيقة تدور بين روسيا والولايات المتحدة، وأن «الأخيرة» تعتمد على السعودية ذراع لها فى تلك الحرب.
تابع: «روسيا تسعى إلى القضاء على استثمارات النفط الصخرى فى الولايات المتحدة، وخفض أسعار الخام بدرجة معينة حتى يتم وقف إنتاج النفط الصخرى فى أمريكا.
قال إن ما يحدث حاليا يضر روسيا، ويقلل من إيراداتها من بيع البترول الخام، لذلك هذا الوضع لن يستمر طويلا، ولن تقدر تلك الدول على تحمل خسائر ضخمة لفترات طويلة مقبلة.
تابع: «روسيا تصر على عدم خفض إنتاج الخام، لكن باقى دول منظمة الأوبك فى النهاية تتخذ قرار التخفيض ومتوقع أن ترضخ روسيا له فى النهاية وتعاود الأسعار الصعود مجددا».
قال: «متوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة هبوطًا جديدًا فى الأسعار حال عدم عقد اجتماع «الاوبك +» أو تأجيله مرة أخرى، ووارد تدنى الأسعار حتى 18 دولارًا للبرميل كما حدث عام 2002، لكن بمجرد الاتفاق على خفض الإنتاج وبدء التنفيذ، تعود الامور لطبيعتها تدريجيا».
صرح رئيس الصندوق السيادى الروسى الإثنين الماضى أن السعودية وروسيا قريبتان من اتفاق لتقليص إنتاج النفط، بينما حذر محللون عالميون من أن تخفيضات الإنتاج قد تأتى “ضئيلة جدا ومتأخرة”.
قال مصدر سعودى لرويترز منذ أيام إن المملكة أرجأت إعلان الأسعار حتى غدا الجمعة، انتظارا لما يسفر عنه الاجتماع بين أوبك وحلفائها بخصوص تخفيضات الإنتاج المحتملة.
قال خبراء فى القطاع فى مقابلات نشرها بنك جولدمان ساكس، إن أسعار النفط مرجح أن تواصل الهبوط بفعل تراجع الطلب فى ظل أزمة فيروس كورونا، التى يفاقمها صراع على الحصص السوقية بين اثنين من كبار المنتجين بينما تنفد قدرات التخزين فى العالم.
قال البنك فى مذكرة بتاريخ 31 مارس الماضى، إن التراجع يُفسح المجال “لصناعة عالمية أكثر متانة”، مع حدوث انتعاش فى ظل خفض الإنتاج.
قال الخبير النفطي، دانيال يرجين لجولدمان ساكس، إن الطلب متوقع أن ينخفض 20 مليون برميل يوميا فى أبريل، أو حتى أكثر من ذلك، مشيرا إلى أن ذلك يعد “أكبر تراجع فى الطلب فى العصر الحديث”، بينما تخوض السعودية وروسيا حرب أسعار.
قال جارى روس مؤسس مجموعة بايرا للطاقة، إن المدة التى يحتاجها التخلص من الفائض الحالى ومدة بقاء الأسعار منخفضة تعتمد أكثر على تطورات وباء فيروس كورونا.
أضاف روس: “حال تكللت جهود السيطرة على الوباء بالنجاح خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة، وبدأنا نشهد انتعاشة فى الصيف، فإننا ربما نرى ارتفاعا كبيرا فى نمو الطلب فى 2021”.
وقال جيف كوري، رئيس أبحاث السلع الأولية العالمية لدى جولدمان إن برنت سيبقى على الأرجح قرب 20 دولارا للبرميل لأنه من السهل على منتجى الخام التخزين فى المياه أكثر من منتجى خام غرب تكساس الوسيط الأمريكى القياسى الذى يواجه ضغطا شديدا على السعر.