توقعت وحدة أبحاث شركة لتداول الأوراق المالية أن تخفض لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي أسعار الفائدة بما يترواح بين 0.5 و1%، خلال اجتماعها المقرر له غد الخميس.
ورجّحت “مباشر”، في ورقةٍ بحثية أعدّها محمد مجدي، محلل الاقتصاد الكلي، أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في نطاق يتراوح بين 2.4 و3.5% خلال العام المالي 2020/ 2021، موضحًا أن هذا المعدل متواضع إذا ما قُورن بمستويات ما قبل كورونا.
وأشارت إلى أن هناك مخاطر تحيط بآفاق النمو نتيجة انتشار الموجة الثانية لكورونا، والتي قد تلقي بآثارها السلبية على العديد من القطاعات، وخاصة السياحة.
تجدر الإشارة إلى أن معدل النمو 3.6% المسجل خلال العام المالي 2019/ 2020 يعود الفضل في تحقيقه بشكل كبير إلى النمو الذي سُجل خلال النصف الأول من 2019/ 2020 بقيمة 5.6% (قبل تفشي فيروس كورونا المستجد عالميًّا)، لذلك نرى أنه من الضروري تحفيز النمو الاقتصادي، قبل أن يشتد الوباء.
وذكرت مباشر أنه بناء على توقعات المستثمرين بشأن النمو، سيكون من المفيد استئناف عملية التيسير، وبناءً على ذلك نتوقع بأن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة بحوالي 50- 100 نقطة أساس.
وقال إنه ووفقًا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أمس حول التضخم في مصر، فإن المعدل السنوي للتضخم ارتفع إلى 4.5% في أكتوبر 2020، مقابل 3.7% في سبتمبر 2020.
لكنه لا يزال أقلّ من الحد الأدنى لمعدل التضخم المستهدف في الربع الأخير من 2020 عند 6- 12%.
ورغم توقع دول العالم أن اللقاح الذي أعدّته شركتا “فايزر” و”بيونتك” سوف يمكّن العالم من إنهاء إجراءات الإغلاق وتحقيق تعافي اقتصادي على شكل حرف V، فإن أغلب التوقعات تشير إلى أن المصل لن يكون متاحًا لكل دول العالم إلا بحلول الربع الثالث من 2021.
مؤخرًا قال وزير المالية محمد معيط إن موازنة مصر فقدت 220 مليار جنيه (14 مليار دولار) من إيراداتها في الربع الأخير من السنة المالية 2019- 2020 المنتهية في 30 يونيو الماضي بسبب تضرر البلاد من تداعيات جائحة فيروس كورونا.
وأشار تقرير مباشر إلى أنه تم إنفاق 65 مليار جنيه حتى نهاية يونيو الماضي من الحزمة البالغة 100 مليار جنيه المخصصة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد المصري.
وأكدت مباشر أن سعر الفائدة على أدوات الدين المصرية من أفضل الأسعار بالنسبة للمستثمرين، موضحًا أن حجم استثمارات الأجانب في أدوات الدين يبلغ 21 مليار دولار أمريكي في أدوات الدين المصرية حاليًّا.
مؤخرًا أشارت تقديرات في 2019 إلى أن أعباء خدمة الدين في مصر (مدفوعات الفائدة) مرشح لها أن تصل إلى 541.74 في 2019/ 2020.
بالاضافة إلى الأسباب السابقة سرد تقرير مباشر الذي صدر أمس بعض العوامل الأخرى التي تقود المركزي لخفض الفائدة كالتالي:
1. مخاوف الموجة الثانية من كورونا تلوح في الأفق:
- ضربت الموجة الثانية من فيروس كورونا في أوروبا، مخلفةً العديد من الإصابات مقارنةً بالموجة الأولى في مارس الماضي. وفي ضوء ارتفاع هذه الأرقام، اتخذت ألمانيا وفرنسا (وهما من أكبر اقتصادات أوروبا) تدابير الإغلاق بدرجات متفاوتة. وتهدد هذه التطورات بإعاقة قطاع السياحة في مصر (والذي تمثل إيراداته حوالي 4% من الناتج المحلي الإجمالي)، بالإضافة إلى ضعف الطلب على الصادرات المصرية.
- ارتفعت أعداد الإصابات في مصر مرة أخرى، وتخطّت حاجز الـ200 إصابة يوميًّا، وقالت وزيرة الصحة المصرية إن أعداد الإصابات والوفيات مرشح لها الصعود خلال فصل الشتاء. وحذرت من اتخاذ إجراءات بالغلق لمدة 3 أيام كعقوبة للأماكن التي لا تلتزم بالإجراءات الاحترازية. وعلاوة على ذلك حذر رئيس الوزراء من اتخاذ “قرارات صعبة” لإعادة فرض بعض القيود التي كانت سارية في وقت سابق من الجائحة إذا استمر المواطنون في التخلي عن إجراءات التباعد الاجتماعي واتباع الإجراءات الاحترازية اللازمة. وبشكل عام، تشكل أزمة فيروس كورونا والإجراءات الاحتوائية المرتبطة به خطورة على آفاق النمو.
2. استمرار تقييد الأوضاع النقدية الحقيقية:
- بدأت الأوضاع النقدية الحقيقية التقييدية، والتى يعبر عنها مؤشر الأوضاع النقدية (انظر إلى الرسم التوضيحي)، في التراجع بحلول الربع الرابع من عام 2019 وحتى الربع الثاني من عام 2020. وفي الربع الثالث من عام 2020، سجل التضخم العام السنوي فى الحضر نسبة 3.7% في المتوسط، وهو أقل بكثير من مستهدف البنك المركزي للتضخم البالغ 9% (± 3%).
- علاوة على ذلك، ارتفعت قيمة الجنيه بنسبة 2.4% أمام الدولار فى نهاية سبتمبر وذلك مقارنةً بنهاية يونيو. ونتيجة لهذه التطورات، ازداد تقييد الأوضاع النقدية الحقيقية خلال الربع الثالث من عام 2020، كما هو واضح من ارتفاع مؤشر الأوضاع النقدية الإيجابي.
- ولإعادة مؤشر الأوضاع النقدية إلى مسار اتجاهه الهبوطي، خفضت لجنة السياسة النقدية بحذر شديد أسعار العائد الأساسية بمقدار 50 نقطة أساس خلال اجتماعها الأخير الذي استمر طويلًا. ونظرًا لأن قراءة مؤشر الأوضاع النقدية في الربع الثالث من عام 2020 تمثل التطورات في سعر الفائدة وسعر الصرف خلال الربع بأكمله، فإننا نرى أن لجنة السياسة النقدية ستعمل على خفض سعر الفائدة حتى تبدأ الأوضاع النقدية التقييدية في التراجع مرة أخرى.
- تركز لجنة السياسة النقدية بشكل أساسي، في اجتماعاتها لتحديد أسعار الفائدة، على احتواء الضغوط التضخمية وكذلك تحفيز النشاط الاقتصادي حتى تنخفض معدلات البطالة،. وتتطلب هذه العملية مفاضلة بين التضخم ونمو الناتج المحلي الإجمالي، خاصةً إذا كانا في الاتجاه المعاكس (أي يزيد أحدهما والآخر ينخفض). ونظرًا لنجاح البنك المركزي فى احتواء التضخم بشكل جيد وبسبب بطء معدل النمو عن وقت ما قبل الجائحة، فإننا نرى أن هذا هو الوقت المثالي لأن يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة لتحفيز معدلات النمو والتضخم معاً.
3. لا يزال هناك مجال لخفض الفائدة:
- لا يزال سعر الفائدة الحقيقي في مصر مرتفعاً مقارنةً بالأسواق الناشئة الأخرى والنظراء الإقليميين، وساعد ذلك في استقرار الجنيه المصري وإعادة بناء احتياطيات النقد الأجنبية. نظرًا لأننا نتوقع أن يسجل معدل التضخم السنوي في الحضر 5.7% في المتوسط خلال الربع الرابع من 2020 (والذي يقترب من الحد الأدنى لمستهدف التضخم)، فإننا نعتقد أن هناك مجالًا أمام البنك المركزي للتيسير على المدى القريب، وذلك دون المخاطرة بتجارة الفائدة.
4. عودة تدفقات الاستثمارات الأجنبية:
- خلال الفترة من شهر مارس إلى مايو 2020، تراجع احتياطي النقد الأجنبي بمقدار 9.5 مليار دولار أمريكي نتيجة تخارج تدفقات رءوس الأموال بسبب تفشي وباء فيروس كورونا عالميًّا، وتوقف السياحة، فضلًا عن إجراءات الإغلاق لاحتواء انتشار الفيروس.
- وبالإضافة إلى ذلك تراجع صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك وسجل أرقامًا بالسالب وذلك بفعل تراجع استثمارات الأجانب في أذون الخزانة بشكل كبير إلى 7.1 مليار دولار خلال مايو 2020 مقابل 19.9 مليار دولار في فبراير 2020. وبعد ذلك، شهدت تدفقات رءوس الأموال عودة الى الأسواق الناشئة، ومن ضمنها مصر. وتحسن الوضع تدريجيًّا حتى وصل صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك 2.1 مليار دولار في سبتمبر 2020 مدعومًا بارتفاع أرصدة الأجانب فى أذون الخزانة والتي بلغت 21.1 مليار دولار أمريكي خلال أكتوبر 2020، وفقًا لما ذكره مسؤولون. وعلاوة على ذلك لاتزال الاحتياطات الأجنبية عند مستويات كافية وفقًا لمقياس صندوق النقد الدولي لتقييم كفاية الاحتياطي.
5. الاستفادة من رسائل منحنى العائد:
- لا يزال منحنى العائد في مصر في أوائل نوفمبر 2020 محدبًا طبيعيًّا في فترات الاستحقاق طويلة الأجل مقابل فترات الاستحقاق قصيرة الأجل، وذلك على العكس من المنحنى المقلوب خلال عام مضى. وفى نوفمبر 2020 أصبح منحنى العائد أكثر ميلاً عنه في أبريل 2020 حيث سجل انحدار بقيمة أكبر (1.33 مقابل 0.97). والتفسير الاقتصادي لذلك يعني أن حائزي السندات طويلة الأجل يتوقعون أن يتحسن الاقتصاد المصري بسرعة في المستقبل
تضخم تحت السيطرة ونمو متواضع
لقد أثرت جائحة فيروس كورونا على الاقتصاد المصري من نواحي عديدة. وللحد من هذه التداعيات السلبية، عقدت لجنة السياسة النقدية اجتماعاً طارئاً في منتصف شهر مارس 2020 وخفضت أسعار الفائدة الأساسية بواقع 300 نقطة أساس، وتبع ذلك تخفيض آخر بـ 50 نقطة أساس فى سبتمبر. ومع تصاعد حالة عدم اليقين مرة أخرى، نرى أن لجنة السياسة النقدية ستخفض أسعار الفائدة في اجتماعها المقرر يوم الخميس 12 نوفمبر 2020.
قبل أن نتناول الأسباب التي قد تدفع الاجتماع المرتقب للجنة السياسة النقدية لخفض أسعار الفائدة، نستعرض الإجراءات والسياسات المتخذة حتى الآن للحد من تأثير وباء فيروس كوفيد-19 على الاقتصاد والصحة العامة.
إجراءات السياسة النقدية:
- مع بدء أزمة فيروس كورونا، قام البنك المركزي المصري باتخاذ خطوات استباقية من خلال خفض أسعار الفائدة بواقع 300 نقطة أساس وتبع ذلك تخفيض إضافي بـ50 نقطة أساس. كما قام البنك المركزي باتخاذ إجراءات وإطلاق مبادرات لاحتواء انتشار فيروس كورونا، وتخفيف تأثيره على الاقتصاد، فضلًا عن مساعدة الأفراد والشركات في تخطي هذه الازمة.
- أمد البنك المركزي المصري العمل بمبادرة الـ 3 مليارات جنيه والتي تستهدف دعم قطاع السياحة لمدة 3 شهور أخرى وبذلك تستطيع الشركات تلقي تمويلات لدفع مستحقات العاملين لمدة ستة شهور. بالإضافة إلى ذلك، سيصبح على شركات السياحة تخصيص 40% من إجمالي القروض الممنوحة لدفع الرواتب، مقارنة بنسبة 85% سابقاً. وبإمكان الشركات استخدام النسبة المتبقية من التسهيلات الممنوحة لتمويل مصروفات الصيانة والتشغيل الأساسية.
- أقر البنك المركزي إجراءات جديدة تهدف إلى تشجيع المصريين على فتح حسابات بنكية من أجل تعزيز الشمول المالي، وهي خطوة على طريق التحول التدريجي نحو استخدام طرق الدفع الإلكترونية والتحول إلى مجتمع أقل اعتمادا على أوراق النقد.
- وافق مجلس الوزراء على مد العمل بالمبادرة الرئاسية لتحفيز الاستهلاك وتشجيع المنتج المحلي “مايغلاش عليك”، والتي كان من المفترض أن تنتهي في 26 أكتوبر 2020، لمدة شهر إضافي على الأقل.