محمد سالم
فى مفاجأة كبيرة ، قرر البنك المركزى المصرى ، مساء اليوم الثلاثاء ، زيادة نسبة الإحتياطى الإلزامى على البنوك المحلية بنحو 4 نقاط مئوية دفعة واحدة ليصل الى 14% بدلا من 10% على أن يبدأ تطبيق القرار من 10 أكتوبر الجارى.
يذكر أن نسبة الإحتياطى الإلزامى كان قد تم خفضها تدريجيا عقب ثورة يناير 2011 لتصل الى 10% بعد ان ظلت مستقرة عند مستوى 14% طوال الفترة من 2001 وحتى 2012 .
فى التقرير التالى نجيب عن عدد من الاسئلة منها : ما هو الإحتياطى ؟ وكيف يتم حسابه ؟ وما تأثيره على البنوك وقطاعات الإقتصاد المختلفة ؟ وما أهداف البنك المركزى من القرار ؟
ما هو الإحتياطى الإلزامى ؟
الإحتياطى الإلزامى أو القانونى هو أحد أدوات السياسة النقدية التى يستخدمها البنك المركزى المصرى فى التأثير على عدد من المتغيرات الإقتصادية المهمة مثل نسبة السيولة بالبنوك ومعدل التضخم ومعدلات منح الائتمان وغيرها ، ومن خلال هذه الآلية تقوم البنوك بالتنازل عن 14% من ودائعها بالجنيه – باستثناء أرصدة الشهادات مدة 3 سنوات فأكثر – لصالح البنك المركزى بدون عائد.
لهذا السبب فان رفع هذه النسبه يمثل زيادة فى تكلفة البنوك نتيجة الفرصة الضائعة من عدم استخدام رصيد تلك النسبة ضمن السيولة المستثمرة
كيف تدفع البنوك نسبة الإحتياطى الإلزامى الى البنك المركزى ؟
تلتزم البنوك بحساب أرصدة متوسط ودائعها خلال 14 يوم عمل – بإستثناء أرصدة شهادات الإدخار مدة 3 سنوات فأكثر – وتقوم بحساب نسبة الإحتياطى وفقا للمعادلة التالى : متوسط رصيد الودائع بالجنيه بدون الشهادات مضروب فى 14 ومقسوم على 100
مثال ذلك لنفترض أن أحد البنوك لديه متوسط أرصدة ودائع 100 مليون جنيه خلال أسبوعين فان نسبة الإحتياطى الإلزامى تكون : 100,000,000 * 14 / 100 = 14.000.000 وبالتالى فعلى البنك أن يودع لدى المركزى 14مليون جنيه لمدة يوم واحد ، ولأن البنوك قد لايمكنها توفير هذا الرصيد دفعة واحدة فانها تلجأ لتوزيعه على مدى الـ 14 يوما وتقوم فى الغالب بايداع الجزء الأكبر منه فى الأيام الأولى حتى يتحقق لها فائض يمكنها توظيفه فى نهاية مدة الـ 14 يوم.
هل تدفع البنوك إحتياطى الزامى على الودائع بالدولار ؟
نعم .. وتبلغ نسبته 10% من الودائع الدولارية ، لكنها تسدده كل 3 شهور ويودع لدى البنك المركزى المصرى فى شكل وديعة لمدة 3 شهور أيضا بعائد يرتبط بسعر الليبور (العائد على الدولار فى سوق لندن).
لماذا اتخذ البنك المركزى قرار رفع الإحتياطى الإلزامى ؟
يرى البنك المركزى أن البنوك أصبحت تمتلك مؤشرات مالية قوية وربحية مرتفعة انعكس بشكل جيد على الاستقرار المالى والنقدى وبالتالى من المناسب إعادة نسبة الإحتياطى الإلزامى لمعدلاتها السابقة.
كيف يؤثر القرار على معدلات الفائدة والتضخم ؟
ارتفاع الاحتياطى الإلزامي قد يدفع البنوك الى خفض تدريجى لاسعار الفائدة الدائنة المدفوعة للعملاء على الودائع قصيرة الأجل ( حتى عام ) لضبط التكلفة ، الامر الذى قد يزيد فى المقابل من الطلب على الودائع الثلاثية ( الشهادات ) ذات العائد المرتفع وهو ما قد يؤدى لخفض الفائدة عليها أيضا
بعض البنوك قد تقرر الحفاظ على عوائدها وتحمل التكلفة السيولة المقتطعة من خلال القرار عبر أرباحها أو اللجوء لزيادة الفائدة على أصولها المختلفة مثل القروض والإستثمارات فى أدوات الدين الحكومية (الأذون والسندات) ، لكن الخيار الثانى له مخاطر منها تعرض عمليات منح القروض لمزيد من الإنكماش خاصة فى ظل الفائدة المرتفعة فى الوقت الحالى والذى يتجاوز 20% .
أما التأثير على التضخم فيحدث فى حالة قيام البنوك برفع الفائدة على القروض خاصة الإستهلاكية (التجزئة المصرفية) لتعويض تكلفة قرار الإحتياطى الإلزامى من ثم خفض السيولة التى قد تكون متاحة فى أيدى المستهلكين والتأثير فى الطلب على السلع.
يشار الى أن البنك المركزى ذكر فى تقرير الإستقرار النقدى قبل أسبوع أنه لن يتردد فى اتباع سياسة نقدية أكثر تشددا لتحقيق هدف خفض معدلات التضخم الى ما بين 10 و 16% بحلول الربع الأخير من 2018 مقارنة بمعدل فوق 30% فى نهاية أغسطس الماضى.
هل يؤثر الإحتياطى الإلزامى على اقراض المشروعات ؟
يحدث ذلك فى حالة ما اذا قررت البنوك رفع الفائدة على قروضها المقدمة للمشروعات لتعويض تكلفة القرار ، مما يؤثر سلبا فى طلب الشركات على الائتمان لتمويل توسعاتها الجديدة
بينما من المفترض أن يدفع القرار الجديد البنوك للتوسع فى اقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة نظرا لأن القروض الخاصة بها تحظى بإعفاء كامل من نسبة الإحتياطى الإلزامى ، طبقا للمبادرة التى أطلقها البنك المركزى عام 2016 لتمويل تلك المشروعات بعائد منخفض لا يتجاوز 5%
هل هناك علاقة بين الإحتياطى الإلزامى وسعر الجنيه أمام باقى العملات ؟
قد تكون علاقة ضعيفة لكنها واردة ، وتحدث اذا ما قررت البنوك تعويض السيولة المقتطعة عبر القرار من خلال العمل على جذب ودائع جديدة بتدشين فائدة مرتفعة على أوعيتها بالجنيه مما يعزز جاذبية العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية الأخرى ، لكن هناك عوامل أخرى تتحكم فى سعر الصرف أقوى من ذلك