لا ينكر إلا جاحد، الدور المحورى الذى تقوم به ، خاصة فى السنوات الأخيرة، فلم تقف الهيئة، بصفتها رقيبًا على الأنشطة المالية غير المصرفية، أمام القطاعات التى تراقب أداءها حينًا وتتدخل لضبط إيقاعها أحيانا، موقف المتفرج، لتتدخل فى الوقت المناسب بالإجراء المناسب، بإصدار قرارات تنظيمية مشفوعًة بصفة الإلزامية بحكم اختصاصاتها التى خولها لها القانون، بل تعدى ذلك إلى اتخاذ إجراءات تحوطية لترويض المخاطر التى تواجه أو حتى تعنّ له.
هذه المقدمة الاستهلالية ضرورة، قبل الولوج فى قراءة والسنوية التى تصدرها الرقابة المالية، والتى باتت سُنة حسنة بالطبع، ترصد خلالها اتجاهات السوق لتصبح نبراسًا للمحللين والباحثين والمهتمين والقائمين على صناعة التأمين والتى لا يمكن إغفال دورها فى ترويض الأخطار التى تواجه الحجر دون إغفال المخاطر التى تواجه البشر.
دور الإعلام في تحليل الخبر
ومن يعتقد أن الإشارة الى بعض الأخطاء المادية والتى ما كان يجب أن تكون، يمثل هدمًا لصناعة ، فهو إما مُغيب وإما متغافل عن دور الإعلام، فالإعلامى –على الأقل من يحترم قلمه وهم السواد الأعظم- ليس دوره التطبيل بلا سبب، أو النقد الهدام بدون داعِ، بل دوره إعلام الجمهور بما يدور من حوله، سواء بنقل الخبر أو تحليله، وفى ظل العولمة والفضاء الإلكترونى الفسيح، بات مجال التحليل أكثر رحابة وأفضل لأى صناعة ومجتمع، فالمعلومة المجردة باتت تتطاير دون جهد من صحفى هنا أو إعلامى هناك، ومن ثم كان تحليل ما وراء الخبر، هو الاحتياج المُلح للقارئ أو هكذا أظن وليس كل الظن إثم.
ودون إسهاب، وكما قلت، استنت سُنة حسنة، بإصدار تقارير شهرية ترصد اتجاهات القطاعات التى تراقب أداءها، ومنها قطاع التأمين، وناهيك عن بعض الأخطاء التى لا تقلل من أهمية اصدار التقارير- رغم خطورة تكرار هذه الأخطاء- إلا أن التقارير الشهرية والسنوية مع إيجابياتها ينقصها بعض المؤشرات لتكون مُعبرة أكثر عن أداء القطاع.
ومن بين الإيجابيات التى تتضمنها التقارير، إظهار التى حصلتها الشركات بتنوع أطيافها واختلاف أطرافها سواء العاملة فى نشاط تأمين الحياة أو فى الممتلكات، ورصد تلك الأقساط شهريا بصورة منفردة، ثم تجميعها خلال مدة التقرير سواء كل شهرين أو ثلاثة أو أكثر.
ما تحتاجه تقارير الرقابة المالية من إيضاحات ضرورية
لكن لا تزال تلك التقارير تحتاج المزيد من الإيضاحات الضرورية بالإضافة إلى الدقة فى أرقامها لكى تكون كاشفة بصورة أكبر، ومن بين تلك الإيضاحات، ضرورة إظهار خلال مُدد المقارنة، لمعرفة كفاءة التحصيل بشركات التأمين من جهة، ومعدلات النمو الحقيقية من جهة أخرى.
بالطبع من المهم إيضاح الأقساط المباشرة او ما يسمى، ومن الأهم إبراز الأقساط المحصلة، والأكثر أهمية إعلان الأقساط غير المحصلة، لمساعدة المستثمرين والمحللين على توضيح فرص نمو السوق، استنادًا على تلك الأرقام والإحصاءات، هذه نقطة.
فائض الإكتتاب ضرورة لقياس طبيعة الممارسات في التأمين
النقطة الثانية، لابد من إيضاح بمعزل عن فائض النشاط، لكن إغفال التقارير، خاصة السنوية، إظهار فائض الاكتتاب التأمينى، والاكتفاء بفائض النشاط- بالطبع بصورة غير متعمدة- لا يُظهر جمال الصورة، ولا يكشف عن مولدات نمو السوق، خاصة أن فائض النشاط يتضمن فائض الاكتتاب مضافًا إليه عوائد الاستثمار، أما فائض الاكتتاب فيكفى لقياس طبيعة الممارسات داخل سوق التأمين، على الأقل ما يتعلق منها بالمنافسة السعرية أو المضاربات السعرية كما يستسيغ البعض تسميتها.
الرقابة المالية اختلاف الارقام مرتبط بعدم التزام إحدى الشركات
النقطة الثالثة ، لها علاقة بضرورة تضمين التقارير الشهرية ملاحظات مختصرة، تتطرق خلالها الجهة الرقابية لأسباب تغير الأرقام خلال فترات الرصد، فلا يعيب ذكر أن اختلاف الأرقام مرتبط بعدم التزام إحدى الشركات بإرسال البيانات فى التوقيتات المحددة، أو وجود خطأ بشرى-غير متعمد بالطبع- فى تجميع الأرقام حين ورودها من الشركات، لكن يعيب الهيئة إصدار تقارير تتعارض أرقامها ما بين الحديث والقديم دون ذكر أسبابه، لأنه قد يعتقد البعض أنه مؤشر على عدم اهتمام المسؤول عن التأمين بهذا القطاع، وبمدى أهمية تقاريره فى توجيه المستثمرين إما بالدخول للسوق وإما تغيير بوصلتهم لأسواق أخرى.
النقطة الأخيرة- على الأقل حاليًا- لها علاقة بعدم تغيير مؤشر المقارنة لفترات متقاربة، فليس مستساغًا إصدار تقارير تتضمن ، وبعدها بشهور قليلة يتم إصدار تقارير متضمنة الأقساط المحصلة، لأن ثبات المؤشرات من أهم مبادئ التحليل والمقارنة والله من وراء القصد.