ماذا عن الانتخابات الرئاسية يونيو 2018؟

10:00 ص, الخميس, 19 أكتوبر 17

جريدة المال

المال - خاص

10:00 ص, الخميس, 19 أكتوبر 17

يحرص «الرئيس» قبل إعلان عزمه الترشح مجدداً للرئاسة.. أن يتلقى ما يؤكد تجاوب نبض جماهيرى يطالبه بالاستمرار لولاية ثانية، ليس عن عاطفة بقدر ما هى تعبير عن استشعارها محورية العامين المقبلين بالنسبة لمجالات تنموية وسياسية ومجتمعية حاسمة- بلا مبالغة- فى تقرير مصير الوطن ومستقبله لعقود تالية.. ستخلو وقتئذ من أجيالنا التى عليها قبل المغادرة أن تفعل ما وسعها لتسليم الراية عالية لمن بعدهم غير منكسة.

إلى ذلك، تكون البلاد بعد نحو ثمانية أشهر قد انتهت من إجراءات الانتخابات الرئاسية نهاية يونيو 2018، التى سوف تجرى فى ظل مشاعر مختلطة بين السأم والأمل.. جراء التصاعد جامح الكلفة- إنسانياً ومادياً- فى الحرب ضد الإرهاب.. ولتفاوت السرعات بين مساعى تخفيض نسبة التضخم (حوالى %30) من ناحية، وبين توقيتات تحصيل العوائد المبشرة من ناحية أخرى عن ناتج المشروعات والسياسات الجارية، كذا وبسبب الحملة الدعائية المضادة التى تركز فيما تتضمن من مبالغات على ما قد يُسمى أهلية العسكريين من عدمه لإدارة شئون البلاد، ذلك دونما تبصر أو تبصير بالحقائق التالية.. (1) أن الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة- والمصطفين فى صفوفها – لا يعملون بالسياسة، أما عن الهيئة الهندسية فهى للإشراف ومجرد مراقب لتسلم الأعمال التى تنفذها الشركات المدنية.. (إلخ).. (2) فيما تتشكل أعظم إدارة مدنية من المحترفين مهنياً ومن الشباب- لم يسبق أن عرف مثلها المصريون فى تاريخهم الحديث.. (3) ذلك بالتوازى مع إنشاء جهاز سيادى مدنى يستطيع أن يرتقى بمصر فى زمن السلم.. بالشكل الذى يستطيعه جيش فعال فى زمن الحرب.. (4) وأن «السيسى» (وبعض مساعديه من العسكريين) لم يعد رغم خلفيته العسكرية سوى سياسي بين العسكريين بنفس القدر عن كونه عسكرياً بين السياسيين، وهى معادلة تحرص على إحكام توازناتها معظم دول العالم الأول- حتى النظم الملكية منها – ما يحقق الانضباط والتنسيق وسرعة الإنجاز داخل البلاد، ولصالحها.. (5) ذلك فيما يتجاوز «الرئيس» عن تلبية مطالب شعبية تتطلع إلى حكومة تقودها إحدى الشخصيات من ذوى الخلفية العسكرية.. خاصة ممن سبق لهم العمل باقتدار فى هيئات تتصل أعمالها بالإلمام بالملفات البيروقراطية فى مختلف الوزارات والمصالح الحكومية.. ما يدفع عملية الإصلاح للتقدم إلى الأمام.. بين جزر تنموية غير منعزلة.. (6) كما أن «الرئيس» يتعامل وفق صلاحياته الدستورية مع وزراء السلطة التنفيذية، كما لو أنهم «هيئة أركان حرب»، الأمر الذى تفصح عنه فطنة مواجهة البلاد للتحديات المختلفة التى تواجهها.. كذا ما تتسم به مؤتمراته من شفافية ووضوح.. (7) ذلك دون استثناء حقيقة أن مصر مقبلة على مرحلة من الازدهار الاقتصادى (…) ربما غير مسبوقة منذ العهد الفرعونى.. (8) وليس آخراً عما تحققه البلاد منذ صيف 2013 من استقرار تدريجى إلى تماسك الجيش.. وصلابة مجتمعية.

على صعيد آخر، تخوض قوى المعارضة ما قد يسمى «معركة مؤخرة» تشحذ خلالها كل أسلحتها المشروعة وغير المشروعة- إلا أنها لا تمثل ما قد يكون مدعاة للقلق طالما يشعر المصريون- وإن لم يكونوا راضين تماماً- بالقدرة على الاستمرار فى المضى قدماً للأمام.. غير منشغلين بالبحث عن زعماء جدد، ذلك فى الوقت الذى يتصرف فيه «السيسى»- ليس كمرشح- بل كقائد مسيرة استثنائية واثقاً من فوزه بفترة ثانية.. مكرراً نفس سيناريو انتخابات عام 2014، إلا أن ذلك لا يحول دون معارضات غير متوقعة، ليس أقلها تهيئة المناخ لأن يكون عدد الناخبين منخفضاً أو اللجوء إلى مقاطعة ليست غير جزئية للانتخابات.. بما فى ذلك عدم التصويت لأى من المرشحين لها. أو ربما إلى التجمع حول مرشح واحد من كل القوى المعارضة.. يدفعون به ممثلاً لجيل من الناشطين السياسيين غير الأعضاء فى أى حزب (تجربة «ماكرون» فى فرنسا)، وكلها افتراضات ليست غير محتملة.. خاصة مع ما يمتلكه «الرئيس» من دعم شعبى يؤهله لاستقطاب الطبقة السياسية الحالية- كذلك السابقون عليها رغم تحمله إزعاجات بعضهم المتزايد.. ناهيك عن أنه لم ينته بعد من إعادة تركيب ظهيره السياسى المناسب.. سواء على المستوى البرلمانى أو الحزبى أو الجماهيرى، كثلاثية محورية للعمل السياسى خلال العام الحالى حتى يونيو 2018، ليس فقط من أجل التصدى لتحديات الداخل التى من المتوقع أن تركز اصطفافاتها فى هذا التوقيت الحاسم على زعزعة مداميك رئيسية للبلاد وللنيل منها.. بل أيضاً لضرورة هذه «الثلاثية» – البرلمانية والحزبية والجماهيرية- فى توجيه رسالة إلى الخارج تؤكد ليبرالية الدولة.. حيث المجمع المدنى المتطور وحده هو القادر على ضمان استقرار الحريات الديمقراطية.. وضمان النمو الاقتصادى، وازدهار الدولة.. التى عليها بدورها أن تستقبل الأساليب الإجرائية للانتخابات الرئاسية المقبلة، وما سوف تسفر عنها من نتائج، بثوب قشيب يليق بحقبة جديدة لمصر الحضارية التليدة.

جريدة المال

المال - خاص

10:00 ص, الخميس, 19 أكتوبر 17