قفز مؤشر كلاركسون لتكاليف الشحن CISC إلى أعلى مستوى منذ حوالى 13 عاما مع انتعاش الطلب على السلع والمكونات اللازمة للتصنيع وتعطل سلاسل التوريدات العالية التى انهارت بسبب وباء كورونا ودفعت أسعار الشحن لأرقام قياسية جديدة هذا العام حتى الآن لتحقق شركات الشحن الدولية التى تنقل البترول إلى السيارات وحتى الحاويات أكبر أجر يومى منذ عام الأزمة المالية العالمية فى 2008.
ويرى بيتر ساند رئيس قسم تحليل الشحن بشركة بيمكو أن سفن شحن الحاويات هى النجم الساطع فى عصر كورونا حيث تبلغ تكاليف نقل الصندوق الحديدى الذى يبلغ طوله 40 قدما من الصين إلى أحد موانئ أوروبا حاليا أكثر من 14 ألف دولار بارتفاع يتجاوز 500 % عن تكاليفه خلال نفس الشهر من العام الماضى وترتفع تكاليف جميع المنتجات من اللعب إلى الدراجات وحتى البن والشاى.
وذكرت وكالة بلومبرج أن شركات شحن الحاويات الضخمة وناقلات السيارات والشاحنات الخفيفة وأساطيل نقل السلع الخام من البترول والفحم إلى الحديد والمعادن الأخرى والتى تنقل حوالى 80 % من حركة التجارة العالمية حققت جميعا مكاسب طائلة خلال شهور فيروس كوفيد 19.
موجة من الشاحنات العملاقة بعد الأزمة المالية العالمية
وكان الانتعاش القصير الذى أعقب الأزمة المالية فى عامى 2008 و 2009 جلب معه موجة ضخمة من طلبات شراء السفن العملاقة الجديدة ولكن هذه الموجة انحسرت عندما انهار الطلب بسبب أعمق ركود شهده العالم منذ عقود بسبب تلك الأزمة فى حين أن الانتعاش الذى جاء بعد فتح الإغلاقات التى شهدتها عدة أنشطة اقتصادية خلال العام الماضى ساعد على تزايد الطلب على السلع والمواد الخام.
ومع ذلك أدى الوباء هذا العام إلىصعوبات لسلاسل التوريدات العالمية وازدحام الموانئ وتأخير السفن والناقلات واستمرار إبحارها فى المحيطات وانتظارها لأسابيع طويلة حتى تجد رصيفا خاليا فى الموانئ التى تفرع فيها شحناتها مما أدى إلى ارتفاع مكاسبها.
وأعلنت شركة كلاركسون ريسيرش سيرفيسيز ليميتيد CRSL لبحوث الأسواق التجارية وصاحبة مؤشر CISC أن ناقلات السلع والمكونات والمنتجات حققت أعلى الأرباح خلال الشهور الماضية باستثناء ناقلات البترول والغاز الطبيعى التى تؤثر على أسعارها عوامل أخرى بسبب خفض إنتاج البترول وهبوط الطلب على الوقود من حين لآخر مما أدى إلى تقلبات حادة فى أسعار البترول من حوالى 50 دولار للبرميل فى نهاية العام الماضى وحتى أكثر من 72 دولار للبرميل حاليا.
«ميللر» تتوقع 5 مليارات دولار أرباحا
ويؤكد على ارتفاع أرباح سفن الشحن على مستوى العالم أن شركة موللر ميرسك الدانمركية أكبر شركة خطوط شحن فى العالم تتوقع صعود أرباحها إلى أكثر من 5 مليارات دولار مع نهاية العام الجارى علاوة على أن شركة CMA CGM SA ثالث أكبر ناقلة حاويات فى العالم أعلنت أنها جمدت الأسعار الفورية للشحن حتى تحافظ على علاقاتها طويلة الأجل مع العملاء بعد أن حققت أرباحا بأكثر من المتوقع منذ بداية العام وحتى الآن.
وإذا كان الطلب القوى على منتجات التجزئة ساعد على انتعاش أسواق شحن الحاويات فإن تعافى الاقتصاد العالمى ولاسيما فى الولايات المتحدة أدى أيضا إلى تزايد شحن المواد الخام لتزداد إيرادات الناقلات الضخمة التى تحمل السلع الصناعية إلى أعلى مستوى منذ أكثر من 11 عاما وتوقعها استمرار ارتفاع إير اداتها بقية شهور هذا العام على الأقل لأن الاستهلاك سيظل قويا فى معظم الدول مع التطعيمات التى بلغ عددها ما يقرب من 5.8 مليارات جرعة حتى الآن على مستوى العالم ليزداد التفاؤل بانحسار وباء كورونا.
ارتفاع أسعار الشحن بسبب كورونا
وأشار المحللون فى شركة CRSL إلى أن الطلب القوى على الموارد الطبيعية ونقص سلاسل توريدات اللوجستيات المرتبطة بأزمة كورونا دعما ارتفاع أسعار الشحن الفورية والآجلة كما قال تيد بيترون نائب رئيس شركة نافيوس ماريتايم هولدينجز التى تملك أسطولا من ناقلات الحاويات الضخمة إن أساسيات العرض والطلب القوية ستظل إيجابية للغاية لفترة طويلة قادمة.
واضطر أولريك أندرسون المدير التنفيذى لشركة جولدين أوشين جروب لنقل الحاويات الضخمة إلى إضافة صناديق كبيرة الحجم زيادة على سطح السفن لتزايد الطلب عليها بسبب الظروف الاستثنائية الناجمة عن تداعيات وباء كوفيد 19 الذى أدى إلى اضطراب حركة التجارة العالمية منذ العام الماضى وحتى الآن ولاسيما فى مجال السيارات و المنتجات الإلكترونية.
انتعاش التجارة الصينية
ومع ذلك انتعشت التجارة الصينية بعد أن استطاعت حكومة بكين احتواء الفيروس منذ مارس من العام الماضى لدرجة أن إجمالى الواردات والصادرات الصينية حققت نموا بنسبة 23.7 % خلال الثمانية شهور الماضية ليصل إلى 24.78 تريليون يوان (حوالى 3.84 تريليون دولار أمريكي) بالمقارنة بنفس الشهور من عام 2020 الذى ظهر فيه كورونا فى الصين أصلا وانتقل منها لبقية دول العالم وبزيادة 22.8 % عن المستوى المسجل خلال نفس الفترة من عام ما قبل الوباء.
وارتفع حجم الصادرات والواردات خلال الفترة من يناير إلى أغسطس من العام الجارى بحوالى %23.2 و%24.4 على التوالى مقارنة مع نفس شهور العام الماضى كما زاد الفائض التجارى بنسبة %17.8 على أساس سنوى خلال نفس الفترة ليبلغ 2.34 تريليون يوان علاوة على أن حكومة بكين حافظت على العلاقات التجارية قوية مع أكبر ثلاثة شركاء تجاريين لها وهى رابطة دول جنوب شرق آسيا والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة لتبلغ معدلات نموها 22.8 % و22.1 % و25.8 % على الترتيب وارتفعت أيضا حركة التجارة بين الصين والدول الواقعة على طول الحزام والطريق بأكثر من 24.6 % لتتجاوز 7.29 تريليون يوان خلال نفس الفترة التى انتعشت فيها أيضا التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة نمو 40.5 % لتصل إلى حوالى 150 مليار دولار أمريكى.