مؤتمر «cop 27».. اختبار جديد أمام العالم لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية

أكثر من %80 من حجم الانبعاثات الضارة تصدر عن دول مجموعة العشرين

مؤتمر «cop 27».. اختبار جديد أمام العالم لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية
جريدة المال

سمر السيد

عصام عميرة

6:57 ص, الأربعاء, 7 سبتمبر 22

«التغيرات المناخية باتت تهدد كل بيت فى العالم، وأكثر من %80 من حجم الانبعاثات الضارة تصدر عن دول مجموعة العشرين».. هكذا قالت وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد، محذرة من عدم التصدى والاتفاق الجماعى لمواجهة تلك القضايا خلال مؤتمر المناخ cop 27 بحضور وفود من 198 دولة.

وتتصاعد يوميًا آثار ونتائج تلك الظاهرة البيئية، التى تدق ناقوس الخطر بعد أن امتدت تداعياتها شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، واستكمالاً لسلسلة من الفعاليات الدولية التى تتعلق بهذا الإطار، والتى بدأت فى باريس 2016.

وتطال تقلبات درجة الحرارة كل الأنظمة البيولوجية فى الدول النامية، رغم أن أكثر الانبعاثات ناتجة عن الدول المتقدمة، إذ تهدد الأمن الغذائى وانتشار معدلات الجفاف والفقر، والعديد من الأنواع الحيوانية والنباتية فى جميع أنحاء العالم بالانقراض وتجفيف التربة وزيادة معدلات التبخر تسهم فى جفاف الأنهار.

«إذا رأيتمونى فابكوا».. عبارة وجدت منحوتة على حجارة تسمى «حجارة الجوع»، وتعود إلى 600 عام، تم العثور عليها على نهر إلبه الذى يجرى من التشيك إلى ألمانيا، وانخفض منسوبه نتيجة الجفاف، ما يعد أحد التداعيات الخطيرة لظاهرة التغيرات المناخية التى شهدها العالم فى الآونة الأخيرة.

ولم تنأى مصر عن التأثر بتلك الظاهرة، بل تعد من أكثر الدول حول العالم تأثرًا بها، رغم أنها من أقل دول العالم إسهامًا فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى عالميا بنسبة %0.6 من إجمالى الانبعاثات العالمية.

وأطلقت الحكومة المصرية الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 فى مايو الماضي، ‏للتصدى بفاعلية لآثار وتداعيات تغير المناخ، بما يسهم فى تحسين جودة الحياة للمواطن المصري، وتحقيق التنمية المستدامة، والنمو الاقتصادى المستدام، والحفاظ على الموارد الطبيعية والنظم البيئية، مع تعزيز زيادة مصر على الصعيد الدولى فى مجال تغير المناخ.

وتحتوى الاستراتيجية على برامج التكيف والتخفيف حتى عام 2050 فى كل القطاعات فى كل القطاعات، من أهمها الطاقة والنقل والزراعة والموارد المائية، إذ يقدر إجمالى تكلفة برامج التخفيف حوالى 211 مليار دولار، بينما يتراوح إجمالى تكلفة برامج التكيف 113 مليارًا حتى عام 2050.

منها القمح والذرة والأرز والزيتون

خبراء: انخفاض إنتاجية المحاصيل بنسبة %20 ..والدولة تعدل مواعيد الزراعة

أكد خبراء ومتخصصون بيئيون تأثر حجم إنتاجية مصر من المحاصيل الزراعية بنسب مرتفعة بسبب التغيرات المناخية، مشيرين إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعد من أكثر المناطق عرضة لتأثيرات المناخ، مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة نسبة الأملاح فى التربة.

وتعرضت المحاصيل الزراعية لانخفاض ملحوظ فى الإنتاجية، وشهدت بساتين الزيتون ومحصول المانجو والأرز والقمح، تراجعًا فى معدلات الإنتاجية بنسب متفاوتة على مدار الموسمين الماضيين.

كما أظهرت أحدث الدراسات الصادرة عن الهيئة العامة للأرصاد الجوية، أن صيف العام الماضى هو الأشد حرارة منذ 5 سنوات، وارتفاع الدرجات بمعدل من 4-3 فوق المعدلات العادية.

عثمان: «القطن» المستفيد الوحيد من سخونة الطقس

بداية، استعرض الدكتور صابر محمد عثمان، خبير التغيرات المناخية، رئيس مجلس أمناء مؤسسة مناخ أرضنا للتنمية المستدامة، تأثير التغيرات المناخية على القطاع الزراعي، وحجم إنتاجية المحاصيل الأساسية.

وقال لـ«المال» إن الدراسات العلمية أكدت انخفاض إنتاجية أغلب المحاصيل إضافة إلى اختفاء بعضها بسبب ارتفاع درجات الحرارة على الأرض، فضلًا عن انخفاض ما بين 17 إلى %20 من محاصيل القمح والذرة والأرز.

ولفت «عثمان» إلى أن هناك محصولا واحدا فقط مستفيدا من ارتفاع درجات الحرارة وهو القطن، لكنه يتطلب مجهودا أكبر وعمالة، إضافة إلى كونه يستغرق فترة أطول فى الزراعة، مشيرًا إلى أن أفضل طرق التكيف مع التغيرات المناخية ومقاومتها هو منح الفرصة للباحثين وتوفير الدعم الفنى والمالى للخروج بأفضل التنبؤات والتوقعات على القطاع الزراعي.

وتابع قائلًا إن تأثير التغيرات المناخية على القطاع الزراعى لا يشمل المحاصيل الإنتاجية فقط، وإنما يتضمن الحيوانات والحشرات النافعة والإنتاج الزراعى والتصنيع أيضًا.

وأضاف “عثمان”، أن أحد الأشكال التى تزيد من تأثير التغيرات المناخية على القطاع الزراعى هو التركيز على المحاصيل الزراعية فقط وترك باقى مجالات القطاع الزراعي، مؤكداً الحاجة لتوفير موازنات مالية مخصصة للفرق البحثية لبحث كل تداعيات التغيرات المناخية ودراسة المحصول خلال فترة تواجده فى الأرض.

وأكد أن دور الدراسات والأبحاث العلمية يتمثل فى ظهور المحاصيل المعمرة والتنبؤ بأى خلل، لافتًا إلى أن ذلك الأمر يتطلب تنفيذه بصورة جيدة وتكنولوجيا متعددة، إضافة إلى دراسة نماذج التنبؤ المختلفة، من خلال البحث للتعرف على التوقع المستقبلى لحجم الإنتاجية.

وكشف “عثمان” أن سيناريوهات التنبؤ العالمية تشير إلى استمرار ارتفاع درجات حرارة الكوكب لتصل إلى %3.9 درجة مئوية لو لم يتم التصدى والتكاتف للحد من الانبعاثات الملوثة وتكاتف الدول المتقدمة لتدبير التمويلات للدول النامية.

وتابع، أن الحكومة المصرية تقوم بتنفيذ مشروع ضخم لتعديل أصناف القمح لخفض مدة تواجدها فى الأرض الزراعية من 180 يوما حتى وصلت الى 150 يوما فقط، إذ تستهدف الدراسات الوصول الى فترة تواجد 140 يوما فقط مع الحفاظ على إنتاجية مرتفعة.

وأشار إلى أن الحكومة تعمل على تنفيذ دراسات دقيقة على محاصيل القمح والأرز للحفاظ عليهم، نظرا لأهميتها فى تحقيق الأمن الغذائي، لافتا إلى أن مصر من أكثر الدول استهلاكا للقمح.

وأضاف أن هناك مشروعا ضخما يتم تنفيذه تحت مسمى خطة التكيف الوطنية مع تغير المناخ، والتى تهدف إلى تحول كامل فى قطاع الزراعة، بالتعاون مع منظمة الفاو بالأمم المتحدة والحكومة، إذ يشمل إطلاق منظومة إنذار مبكر لتوعية الفلاح بكل الأخطار الناتجة عن التغيرات المناخية.

كما يشمل المشروع القيام بخطوات المتابعة والتنظيم والتقييم للقطاع الزراعى إضافة إلى توعية المزارع وتوفير الأسمدة والطرق العلمية التى تتناسب مع مقاومة التغيرات المناخية.

وأكد “عثمان” أن هناك خطوة تهدف لتحقيق تحول حقيقى فى قطاع الزراعة، وهى إنشاء منظومة تأمينية متطورة ضد مخاطر الكوارث والجفاف وارتفاع درجات الحرارة، بهدف الحفاظ على الرقعة الزراعية وعدم هجرة المزارعين داخليا أو خارجيا.

وطالب بالتوجه نحو الزراعة التعاقدية لتحقيق طفرات فى القطاع، والاستفادة من تجربة المغرب الرائدة فى نمو معدلات الزراعة وجذب الاستثمارات الأوروبية ضخ تمويلات فى الزراعة هناك، أبرزها اسبانيا، وذلك بعد إطلاق حزمة حوافز تضمن حقوق المزارعين.

وأكد “عثمان” أن هناك تجارب ناجحة فى مصر فى قطاع الزراعة، منها نموذج محافظة بنى سويف والتى تتصدر المركز الرابع عالميا فى إنتاج الزيوت العطرية والتى تمثل نموذجا عالميا رائدا يستحق التكرار.

ولفت “عثمان” إلى أن مؤتمر المناخ cop 27 سيتناول مفاوضات جذب وتدبير التمويلات وتوفير الدعم الفنى من الدول المتقدمة المتسببة فى ارتفاع معدل الانبعاثات والتلوث إلى الدول النامية المتضررة.

وتابع أن المفاوضات التمويلية تشمل وضع شروط وآليات التمويل للتكيف مع آثار تغير المناخ، فيما تتناول المنطقة الخضراء عرض نماذج وتجارب التوعية وغير ملزمة للمؤتمر كونها منطقة عمل على هامش المؤتمر الرئيسي.

وأكد توحيد مطالب الدول النامية للمطالبة بتوفير التمويل السريع لمواجه تغيرات المناخ البالغة 100 مليار دولار فى الفترة من عام 2010 وحتى عام 2020، والتمويل طويل الأجل بقيمة 100 مليار كل عام بدا من 2020.

وأوضح أن الدراسات أظهرت حصول الدول النامية على 870 مليار دولار فقط من إجمالى المخصصات البالغة 300 مليار، فيما تؤكد الدول النامية حصولها على 40 مليارا فقط.

طنطاوى: مركز البحوث يعمل على استنباط أصناف تتحمل الإجهاد الحرارى

وفى نفس السياق، قال الدكتور سمير طنطاوي، استشارى التغيرات المناخية بالأمم المتحدة، عضو الهيئة الدولية لتغير المناخ، إن تداعيات التغيرات المناخية على القطاع الزراعى يتطلب تغيير الخريطة الزراعية من خلال النمذجة الرياضية لتحقيق نتائج إيجابية للحد من انخفاض المحاصيل بسبب المناخ.

وأضاف لـ«المال»، أن التأثيرات المناخية وصلت إلى مصر والشرق الأوسط الناجمة عن ممارسات الدول الصناعية الكبرى وعليها الالتزام بمسئوليتها تجاه العالم والحد من الانبعاثات وتوفير التمويلات للتكيف ومقاومة تغير المناخ.

وتابع أن تأثير تلك الظاهرة البيئة على الحاصلات الزراعية يتطلب تعديل مواعيد زراعة بعض المحاصيل، إضافة إلى تغير نمط الزراعة لتحقيق مرونة مناخية وزيادة معدلات الإنتاج الزراعي، لتعويض الانخفاضات المتوقعة بسبب التغيرات المناخية.

وأوضح «طنطاوى» أن مركز البحوث الزراعية يعكف على دراسة كل التداعيات على القطاع، والتى أكدت سلبية المعدلات الإنتاجية على أغلب المحاصيل، لافتًا الى أن المركز يعمل على تطبيق عمليات النمذجة الرياضية للخروج بأصناف هجينة تتحمل تغيرات المناخ.

وتابع أن المركز يعمل على استنباط أنواع جديدة من المحاصيل تتحمل طبيعة الأرض وارتفاع الحرارة وزيادة ملوحة التربة وتغلل المياه المالحة، وخروج أصناف جديدة مهجنة تواكب تلك التغيرات.

وأوضح أن وزارة البيئة تقوم بدور المنسق والمرتب الفنى مع كل الجهات الأخرى، سواء الحكومية أو الخاصة للحد من مصادر الانبعاثات والتصدى للتغيرات المناخية، لافتًا إلى أن أبرز تلك المصادر هى الطاقة والنقل والصناعة والمخلفات.

وأكد أن قطاع الزراعة لا يصدر سوى انبعاثات ضئيلة جدا، مشيرًا إلى أهمية قطاع الزراعة فى سد الفجوة الغذائية فى مصر، وتمثل قضية أمن قومى لتوفير سلة غذاء تلبى احتياجات المواطنين.

ولفت إلى أن مصر لديها تحديات عديدة تواجه قطاع الزراعة، منها استيراد كميات كبيرة من القمح، ومحدودية الموارد المائية، والتوسع فى استصلاح الأراضي، وتغير مواعيد الزراعة وتعديل النمط الزراعى للمحاصيل حسب طبيعة التربة، وتغير الخريطة الزراعية بما يتوافق مع التغيرات المناخية.

وتابع أن الدولة المصرية أعدت استراتيجية لدراسة تداعيات التأقلم مع التحديات والتغيرات المناخية على قطاع الزراعة، والتأقلم مع طبيعة التربة من خلال المتخصصين والباحثين، بهدف الوصول إلى حالة من المرونة المناخية.

وقال إن تلك الخطوات تسهم فى الحفاظ على الإنتاج الزراعى واستغلال الموارد المائية المحدودة بشكل أمثل، إضافة إلى الحد من ارتفاع درجة الحرارة التى تسهم فى زيادة معدلات البخر للمسطحات المائية، الأمر الذى تم مواجهته مشروع تبطين الترع.

وشدد على أهمية التوجه نحو زيادة معدلات البحث عن المياه الجوفية، وإعادة تدوير المياه واستغلالها فى الأشجار الخشبية والنباتات غير المأكولة وأشجار الزينة، للوصول للتوائمات لتحمل تداعيات التغيرات المناخية.

تمويل وتكاتف دولى للتصدى لتداعيات تغير المناخ

الوكالة الفرنسية: توقيع 3 اتفاقيات مع 3 بنوك لتوفير 140 مليون يورو لتمويل مشروعات التنمية المستدامة

تدهور الأنظمة البيئية البحرية والساحلية، وارتفاع درجات الحرارة فى الصيف، وزحف التصحر، وشح المياه العذبة، وزيادة تلوث الهواء… تأثيرات متنوعة طالت كل قطاعات ومناحى الحياة، بدأت تستشعرها كل الدول حول العالم، خاصة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن بينها مصر من التغيرات المناخية، قدرها البنك الدولى بما يتجاوز مليار دولار فى المتوسط للمنطقة وحدها.

من هذا المنطلق وضعت مؤسسات التمويل الدولية المختلفة تلك الإشكالية على قائمة أولوياتها، فمثلاً أعلنت مؤسسة بنك الاستثمار – التابعة للاتحاد الأوروبي- نيتها عدم تمويل سوى المشروعات الخضراء، ويستهدف البنك الدولى استخدام ما يصل إلى 10 مليار دولار كمساعدة لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى مشروعات مراعية للمناخ وإصلاح السياسات، مع تعبئة مليارى دولار إضافيين من تمويل القطاع الخاص وذلك على مدى الخمس سنوات المقبلة.

قالت الوكالة الفرنسية للتنمية، إنها تستهدف توقيع 3 اتفاقيات مع بنوك «الأهلى» و«مصر» و«القاهرة» لتوفير 140 مليون يورو لتمويل مشروعات صديقة للبيئة ولتحقيق التنمية المستدامة.

البنك الأفريقى للتنمية

أكد البنك الأفريقى للتنمية فى تقرير حديث له أن مصر شديدة التأثر بتغير المناخ، نظراً لطبيعتها أرضها الصحراوية فى الغالب، علاوةً على ذلك يعتمد عدد سكان البلاد الكبير والمتزايد بشكل كبير على نهر النيل للحصول على المياه العذبة.

وتشير معظم توقعات المناخ إلى تفاقم قابلية التأثر من الاحتباس الحرارى خلال هذا القرن بسبب الزيادة المتوقعة فى مخاطر المناخ وآثاره مثل الطقس المتطرف (الحرارة والفيضانات)، وانخفاض متوسط سقوط الأمطار السنوي، وزيادة مستوى سطح البحر وتدخل المياه المالحة، بما فى ذلك فى أجزاء من دلتا النيل التى تعد سلة غذاء البلاد.

وأضاف البنك أن أكثر القطاعات حساسية وتأثراً بمسألة الاحترار العالمى تتمثل فى الصحة والمياه والزراعية، وهى التى يجب أن تتركز فيها جهود التكيف والتخفيف، وتابع أن الحكومة المصرية بذلت جهودًا وقامت بتقييم قابلية التأثر بتغير المناخ وآثاره على القطاعات الرئيسية وطرح نهجًا وتدابير لتعزيز مرونتها.

وتابع البنك أنه على سبيل المثال، يجرى حاليًا النظر فى تدابير تكيف محددة للحد من تأثيرات المناخ على موارد المياه مثل زيادة سعة تخزين المياه، وتحسين أنظمة الرى والصرف، وتغيير أنماط المحاصيل وأنظمة رى المزارع.

وقال إن قطاعات الطاقة والنقل والنفايات والصناعة أيضًا تعد فى صميم إجراءات التخفيف فى مصر والتزامها بالانتقال إلى مستقبل منخفض الكربون، مضيفًا أن القاهرة كانت قدمت مساهمتها المقررة المحددة وطنيًا فى عام 2017 كجزء من اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ تم تفعيلها فى عام 2020، وهى مشروطة بالحصول على تمويل دولى بقيمة 73 مليار دولار.

وقال إن الدولة تخطط للاستفادة من تنظيم الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف والشعور العام بالإلحاح فى المجتمع الدولى من حيث تسريع العمل المناخى لتعبئة الموارد اللازمة لبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ.

وأكد البنك الإفريقى أن الارتقاء بالمساهمات المحددة وطنيًا إلى المستوى التالى وتحديد تدابير أكثر تحديدًا وقياسًا فى القطاعات الرئيسية، جنبًا إلى جنب مع بيئة تمكينية محسنة للقطاع الخاص، يمكن أن يساعد بالتأكيد فى جذب المزيد من التمويل المتعلق بالمناخ.

ويرى البنك أن رؤية مصر 2030 تتضمن نهج إعادة البناء بشكل أفضل، مع الاعتراف بأهمية وإلحاح التعامل مع القضايا المناخية والبيئية فى أقرب وقت ممكن كجزء من جهود التعافى من جائحة كوفد -19.

علاوةً على ذلك، أكملت الحكومة المصرية للتو إطار عمل «إستراتيجية التعافى الأخضر»، وتشمل القطاعات ذات الأولوية للاستثمارات الصديقة للبيئة من قبل القطاع الخاص بما فى ذلك تحويل النفايات إلى طاقة، وإدارة النفايات وإعادة التدوير والسياحة البيئية والمناطق المحمية الطبيعية والطاقة المتجددة، والنقل المستدام وبدائل المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.

وقال البنك إنه سيدعم جهود الدولة فى معالجة قابليتها للتأثر بتغير المناخ، بجانب مكافحة الآثار السلبية لتغير المناخ والتخفيف من تأثيره من خلال المبادرات الشاملة التى يمكن تطبيقها فى السياق الأفريقي.

ويستفيد البنك من قدرته على الدخول فى حوار مع صانعى السياسات فى جميع أنحاء القارة واستكمال الموارد المالية والتقنية اللازمة من الشركاء الدوليين الآخرين للسماح بتنفيذ المبادرات المذكورة سابقًا.

ويسعى البنك إلى تسهيل وصول مصر إلى الصناديق العالمية المتعلقة بالمناخ والبيئة، كجزء من الإطار الاستراتيجى الجديد لتغير المناخ والنمو الأخضر الذى سيتم اعتماده قريبًا – والذى يتكون من استراتيجية (2030-2021). وخطة عمل (2025-2021)، بحسب تقرير البنك.

وأكد البنك أنه سيقوم بدمج القضايا الشاملة الخاصة بالنوع الاجتماعى والبيئة وتغير المناخ والحوكمة الاقتصادية فى جميع العمليات الخاصة به.

الوكالة الفرنسية للتنمية

قال “أندرو عماد” مسئول لدى الوكالة الفرنسية للتنمية، لـ”المال”، إنه تم صرف أول دفعة للبنك الأهلى فى ديسمبر 2021 ليتم صرفها إلى مشروعات خضراء صديقة للبيئة.

وأشار إلى أنه فيما يخص قطاع البنوك تستهدف الوكالة إمضاء 3 اتفاقيات مع بنوك «الأهلى» و«مصر» و«القاهرة» لتوفير 140 مليون يورو لتمويل مشروعات صديقة للبيئة ولتحقيق التنمية المستدامة.

وأضاف أنه جار التناقش مع تلك المؤسسات للتوقيع هذا العام، وتابع أنه لم يتم الإعلان عن عدد تلك المشروعات ومواعيد صرفها بعد.

البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية

فى سياق متصل، تستهدف مؤسسات تمويلية أخرى كالبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية المشروعات المستدامة والصديقة للبيئة ضمن خطتها لتمويل المشروعات بمصر، واستثمرت أكثر من مليار يورو خلال العام الماضى فى 20 مشروعا فى البلاد %44 منها فى مجال الاقتصاد الأخضر، بحسب ما أكده خالد حمزة، رئيس البنك فى مصر.

وصرحت هايكة هارمجارت، المديرة الإقليمية لمنطقة جنوب وشرق المتوسط بالبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية «EBRD»، سابقًا حول بأن الصكوك الخضراء «Green Sukuk» التى أعلنت عنها وزارة المالية تثير اهتمام مصارفها، ويتابع المناقشات الخاصة بها عن قرب.

كما أكد البنك فى وقت سابق اهتمامه بالسندات الخضراء، وأنه ينظر فى عدد من الفرص فى هذا المجال، ويجرى تقييمها لبحث إمكانية الاستثمار فيها والتى تندرج كلها ضمن مجالات الاستثمار فى الطاقة.

البنك الدولي

وأعلنت مجموعة البنك الدولى يونيو الماضى عن خطة عمل بشأن تغير المناخ، تهدف لتحقيق مستويات قياسية من التمويل المتعلق بالأنشطة المناخية بالبلدان النامية، والحد من الانبعاثات، وتعزيز التكيف، وتعمل خطة العمل 2021-2025 على توسيع نطاق الجهود التى يبذلها البنك من الاستثمار فى المشروعات «الخضراء» لمساعدة البلدان المعنية على دمج الأهداف المناخية والإنمائية تماما.

وقال مصدر لدى البنك لـ«المال»، إنه أعلن عن مشروعين فى مصر الأول فى عام 2018 يتعلق باتفاق لتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى وإدارة المخلفات الصلبة فى البلديات، وبموجب هذا الاتفاق، تبيع الجهة المنوط بها تنفيذ المشروع، وهى الشركة المصرية لتدوير النفايات الصلبة إيكارو «ECARU» – لصندوق الكربون الأوروبى الذى يديره البنك الدولي.

وأضاف أن المشروع الآخر كان فى عام 2020 وهو مشروع مساندة جهود مصر لتقليص انبعاث ملوثات الهواء والمناخ من القطاعات الحيوية ومكافحة تلوث الهواء فى القاهرة الكبرى وتقليص انبعاث غازات الاحتباس الحرارى من المركبات، وتبلغ تكلفته 200 مليون دولار.

بنك الاستثمار الأوروبي

قال ألفريدو آباد، الممثل الإقليمى للبنك فى مصر، فى تصريحات سابقة لـ«المال»، إن مصرفه لديه التزام جدى تجاه المشروعات الخضراء من خلال عمله فى قطاعات البنية الأساسية مثل النقل والطاقة والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.

وأكد البنك فى خارطة عمل المناخ التابعة له «2021 – 2025» الصادرة عنه نوفمبر 2020، أنه سيوظف دعمه الاستشارى والتمويلى لدعم المشروعات الاستثمارية بالقارة الأوروبية التى تهدف للمساعدة فى التصدى للتحديات الاقتصادية والاجتماعية وذلك للانتقال لاقتصاد محايد للمناخ بحلول عام 2030 فى بعض المناطق هناك من خلال إزالة الكربون.

وستكون هذه المشروعات مدمجة فى خطط الانتقال الإقليمى العادل الإقليمية أو على مستوى البلد، ما يعنى ضماناً لاحتياجات التمويل المشترك الوطنية لتصل قيمتها إلى حوالى 10 مليارات يورو.

وستكون مجموعة بنك الاستثمار الأوروبى قادرة على دعم ذلك من خلال قروض البرامج الهيكلية، حيثما كان ذلك ممكنًا، بالاقتران مع عمليات التمويل المشترك.

وأكد البنك أن أحد الصناديق التابعة للبنك سيوفر 17.5 مليار يورو فى شكل منح من الاتحاد الأوروبى متاحة للمناطق الأكثر تضررًا.

الأونكتاد

وأكد تقرير صادر عن «الأونكتاد» فى شهر يونيو الماضى، أن هناك زيادة فى عدد المشروعات الخضراء الجديدة فى مصر بأكثر من ثلاثة أضعاف لتصل قيمتها إلى 5.6 مليار دولار، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال أعلنت شركة ريبورتاج العقارية الإماراتية عن مشروع عقارى بقيمة 1.5 مليار دولار.

وتوقع صندوق النقد الدولي، فى تقرير سابق ارتفاع متوسط درجات الحرارة فى جميع بلدان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بحلول عام 2050 حتى وإن أمكن تحقيق خفض كبير فى الانبعاثات العالمية، مشيراً إلى أن التراجع والتغيرات المتزايدة فى حركة الأمطار سيؤديان إلى تفاقم التحديات الناتجة عن ندرة المياه.

وأكد البنك الدولى أيضًأ سابقًا أن تغيّر المناخ يعتبر محركاً قوياً للهجرة الداخلية بسبب آثاره على سبل كسب عيش السكان وفقدان إمكانية العيش فى الأماكن شديدة التعرض للمخاطر، منوهاً بأنه بحلول عام 2050 قد تشهد منطقة أفريقيا جنوب الصحراء اضطرار ما يصل إلى 86 مليون شخص إلى الهجرة الداخلية بسبب تغيّر المناخ، ومنطقة شرق آسيا والمحيط الهادى 49 مليونًا، وجنوب آسيا 40 مليونًا، وشمال أفريقيا 19 مليونًا، وأمريكا اللاتينية 17 مليونًا، وشرق أوروبا وآسيا الوسطى 5 ملايين.

مجهودات حكومية لتفادى تبعات الظاهرة

وضمن الجهود التى تقوم بها الدولة للتحول للاقتصاد الأخضر وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050 ودعم رؤية الدولة التنموية 2030، أطلقت وزارة التعاون الدولى جولات مشاورات متنوعة مع مؤسسات التمويل الدولية وشركاء التنمية متعددى الأطراف والثنائيين لمناقشة برنامج «نُوَفِّى» للتمويل والاستثمار فى مشروعات المناخ وفقًا لمنهج متكامل بين قطاعات المياه والغذاء والطاقة والذى أطلقته الوزارة سابقًا، ويتضمن برنامج «نُوَفِّى» قائمة المشروعات التنموية الخضراء.