ليس دفاعاً عن عملاء أو ملائكة.. لكن بحثاً عن الحقيقة

9:49 ص, الأحد, 2 سبتمبر 18

جريدة المال

المال - خاص

9:49 ص, الأحد, 2 سبتمبر 18

حسناً بادئ ذى بدء.. أن سارعت السينما المصرية- وإداراتها- فى الترخيص بالموافقة على إنتاج فيلم (مضاد) يحمل اسم «العميل».. لدحض ما جاء بفيلم إسرائيلى «الملاك» من اتهامات متضاربة ومتهافتة ومتناقضة، تمس وطنية السياسى الراحل «أشرف مروان»، صهر الرئيس «عبدالناصر».. الذى يبدو وكأنه هو المقصود بالتشويش على «مروان».. إذ لا يزال الرجل رغم مرور نصف قرن على غيابه.. عرضة لسهام خصومه لاغتيال شخصيته- جراء منهجه الاستقلالى الذى لم يكن من بنات أفكاره.. بقدر كونها سياسات ثابتة لمصر (..) قبل يوليو 1952، إحداها الحرب على «الصهيونية السياسية».. لم تحل تماماً عن استمرار العلاقات والاتصالات المصرية اليهودية، سواء قبل نشوب الحرب فى فلسطين 1948، أو أثناء الحرب- كأى حرب أخرى- خاصة فى فترات الهدنة بين المقاتلين (مع إيجال آلون الذى تقلد، فيما بعد، نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية)، أو عبر وساطات لشخصيات أوروبية وأميركية (..)، أو فى العام 1953 فى عهد «موشيه شاريت» رئيس الحكومة الإسرائيلية.. بين كل من الملحق العسكرى المصرى (عكاشة) والملحق الصحفى الإسرائيلى (فيتوريو سيجرى «بوديك») فى باريس.. والتى انقطعت عقب «حادث لافون».. وعودة «بن جوريون» إلى رئاسة الحكومة بهدف فرض السلام من مركز القوة، كما أرسل الرئيس «أيزنهاور» فى أوائل عام 1956 مبعوثه الخاص «روبرت أندرسون» لرعاية اتفاق يحاول من خلاله تهدئة الوضع المصرى- الإسرائيلى، إلا أن «عبدالناصر» لم يقبل شروطه، إلى آخر مثل هذه الاتصالات غير المجدية، سواء مع رئيس الوكالة اليهودية «ناحوم جولدمان» أو أطراف ثالثة- شارك فيها «حمروش»- «داوود» أو «التهامى».. بحضور «كمال حسن على مدير المخابرات المصرية 1977، مع الوزير الإسرائيلى «موسى ديان»، أى أن «مروان» لو كان قد عمل كضابط اتصال بين الجانبين- لو افترضنا صحته- لم يكن بدعا، إنما الغريب فى الأمر، ذلك الإصرار الإسرائيلى على (عمالته) لها، كسابقة لم تحدث فى أى جهاز مخابرات أن يكشف طوعاً عن (عملائه) السابقين، ذلك فيما لم تؤكد المصادر الرسمية الإسرائيلية أو تنفى مزاعم آحاد الإسرائيليين القائلين بعمالة «مروان».. التى يبدو أن وراءها مظنة تضليلهم من «مروان» يستحق- من وجهة نظرهم- عقابه، أو أن يكون الأمر متصلاً بأعمال تجارية (فى مجال السلاح أو غيره).. خلال أربعة عقود أعقبت خروج «مروان» من الوظائف العامة، أو أن تكون هذه الحملة ضد مسئول مصرى رفيع.. بهدف الترويج لجهاز «الموساد» الذى فقد بريقه فى السنوات الأخيرة، أو لكل هذه الأسباب مجتمعة الموشية برغبة إسرائيلية عارمة للانتقام من «مروان»، ما لا يستقيم حتى مع الكشف عن عميلهم لو كانوا صادقين، إلا لو كان الأمر ترهيباً بشكل من الأشكال لآخرين على غراره، ممن اختلط لديهم الجشع التجارى بالمناورات السياسية، فتبور تجارتهم أو أن يخسروا حياتهم.

إلى ذلك السياق، وأياً كانت الروايات الإسرائيلية حول سلوكيات مثل هؤلاء العملاء أو الملائكة، فإنها لا يمكن أن تقترب بالإساءة إلى «عبدالناصر» من قريب أو بعيد، مقارنة بمجمل أعماله التى لو اختلفتَ مع بعضها.. فسوف تبقى نصاعة مبدئيته الشخصية والوطنية التى دفع حياته ثمناً للدفاع عنها، وفليبحث إذن «الواقعيون الجدد» عن غيره.. يتخذونه سبيلاً من بعد اغتيال «السادات» و«رابين».. للإغراء نحو المضى إلى (سلام الشجعان) المحفوف بمخاطر الكذب والعنصرية لدى الإسرائيليين، ولمن فى معيتهم من عملاء كانوا أو ملائكة.

جريدة المال

المال - خاص

9:49 ص, الأحد, 2 سبتمبر 18